انطلاق المؤتمر الختامى لنادي المناظرات والسياسات بجامعة أسيوط    رئيس مركز الفرافرة يواصل لقاءاته الدورية مع المواطنين ويبحث مطالبهم    بلينكن: العمليات الإسرائيلية قرب معبر رفح صعبت إدخال المساعدات لغزة    برلماني: مصر تمارس أقصى درجات ضبط النفس مع إسرائيل    إعلام إسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات شمالي الأراضي المحتلة    أشرف صبحي يلتقي مجلس إدارة اتحاد الكيانات الشبابية    الكشف عن ملعب نهائي دوري أبطال أوروبا 2026    طعنه بالصدر فأودى بحياته، مصرع شاب علي يد آخر بالقليوبية    مجلس أمناء جوائز الصحافة المصرية يرشح جلال عارف للجائزة التقديرية    أسباب التعرق الشديد عند الأطفال وطرق التعامل معه    انتبه- 8 أعراض للسكري تظهر على الأظافر    تقارير| بوتشتينو يدخل اهتمامات اتحاد جدة    اتحاد الكرة يكرم حسن وسامي بعد ظهورهما المشرف في كأس الأمم لكرة الصالات    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    مراقبة بدرجة أم.. معلمة بكفر الشيخ "تهوي" للطالبات في لجنة الامتحان "فيديو"    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    قيادى بحماس: حملات إسرائيل استهدفت قطر بالأمس القريب واليوم تبدأ على مصر    محمد درويش يكتب : « نقطة فى بحر »    رئيس البريد: لدينا 30 مليون عميل وحسابات التوفير حصيلتها 300 مليار جنيه    سام مرسي يفوز بجائزة أفضل لاعب في دوري القسم الثاني بتصويت الجماهير    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    إقبال متوسط على انتخابات الغرف السياحية.. والقوائم تشعل الخلافات بين أعضاء الجمعية العمومية    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    البنك المركزي يكشف عن وصول قيمة أرصدة الذهب لديه ل448.4 مليار جنيه بنهاية أبريل    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    التصريحات المثيرة للجدل لدونالد ترامب حول "الرايخ الموحد"    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    واشنطن بوست: خطة البنتاجون لتقديم مساعدات لغزة عبر الرصيف العائم تواجه انتكاسات    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    مصر والأردن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    إنبي: من الصعب الكشف عن أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال إلى الزمالك    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس محمد مرسى والتصديق على العدم
نشر في الوطن يوم 17 - 07 - 2012

إلى متى سنظل فى هذه الدوامة الدستورية والقانونية التى لا يبدو أنها ستنتهى على خير، وإلى متى سيظل الوطن فى صراع قانونى ودستورى وارتباك سياسى بسبب فتاوى قانونية تصدر بالهوى السياسى وبأغراض لا تهدف إلا للسيطرة والهيمنة على الواقع السياسى وعلى مفاصل الدولة بل وعلى دستور البلاد الذى سيحكمها لعدة أجيال؟
وقد كنا نعيب على النظام السابق استخدامه ترزية القوانين من أجل ترسيخ دعائم نظام الحكم واستخدام نصوص القانون بل والدستور أحياناً بإدخال تعديلات فيه لا تتوخى مصلحة الشعب بقدر ما كانت تهدف لأغراض سياسية كتدعيم سلطات رئيس الجمهورية أو التمهيد للتوريث أو حتى لتقنين الفساد، بيد أن هؤلاء الترزية -ترزية قوانين النظام السابق- كانوا حريصين على استيفاء الشكل والاحترام الظاهرى لنصوص دستورية وتشريعية حتى ولو كان الغرض خبيثاً، وبانتهاء صلاحية هؤلاء الترزية بعد الثورة ظهر نوع جديد من ترزية القوانين، ولكن للأسف هم من الهواة الذين لا ترقى إمكانياتهم القانونية إلى إمكانيات الترزية الأوائل الذين أنتجوا عدة قوانين سيئة السمعة؛ بداية من قانون العيب، ثم إطلاق مدة انتخاب رئيس الجمهورية ليحكم مدى الحياة، وتوسيع سلطاته فى الدستور والقوانين، مروراً بالتعديلات الدستورية الفضيحة فى مايو 2007 وخاصة المادة 76 من دستور سنة 1971 وإلغاء الإشراف القضائى على الانتخابات البرلمانية، مما أدى إلى مجموعة من الكوارث كان آخرها ذلك البرلمان الفاضح الذى تم تشكيله بمعرفة عصابة من الحزب الوطنى المنحل والذى كان أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير.
والآن ما أشبه الليلة بالبارحة، فبعد الثورة تولى الأمر ترزية القوانين الجدد والهواة من غير المتمكنين من صنعة صياغة القوانين ومن غير المدركين لأهمية التشريع وخطوات صناعته وخطورته على الحياة السياسية والاقتصادية بل وغير المدركين لأفعالهم، فرأينا إصدار قانون عُرف إعلامياً بقانون العزل الذى تم تفصيله على أشخاص محددين بالاسم، وأعيتنا كثرة التحذير من عدم دستورية هذا القانون ومخالفته لأبسط قواعد التشريع ولبديهيات صحة القانون وهو أن يكون عاماً ومجرداً، ولم يستمع أحد لما نقوله وننصح به حتى قضت المحكمة الدستورية العليا -بحق- بعدم دستورية هذا القانون ولكن بعد أن أُغرقت البلاد بسبب هذا القانون فى جدل دستورى وقانونى كنا فى غنى عنه.
وليس بعيداً عن الأذهان ما كنا نقوله فى مقالات مكتوبة وعلى شاشات التلفاز فى جميع القنوات الحكومية والخاصة من عدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب، وذلك بمجرد صدوره وقبل إجراء الانتخابات، ولم يستمع إلينا أحد، فماذا كانت النتيجة؟ أُجريت الانتخابات بقانون معيب وغير دستورى كبّد الدولة وكبّد المرشحين أموالاً طائلة، وأجهد الشعب مرشحين وناخبين، وانتهى الأمر بحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض نصوص قانون انتخابات مجلس الشعب والشورى، فتم حل مجلس الشعب وسيلحق به -بلا جدال- مجلس الشورى مع ما استتبع ذلك من ارتباك أدى إلى صدور الإعلان الدستورى المكمل لعلاج مشكلتى التشريع وحلف الرئيس المنتخب اليمين مع تحفظى على باقى بنوده.
وبعد ذلك صُدمنا بقرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب المنحل -بالمخالفة لحكم المحكمة الدستورية العليا- وما نجم عن هذا القرار من نتائج صادمة أبرزها انقسام الشعب المصرى واتهام الرئيس الجديد بخرق الدستور وإهدار الأحكام القضائية وغير ذلك من آثار ذكرناها فى مقال سابق لنا، واستتبع هذا القرار عقد مجلس الشعب لجلسة وُصفت بأنها إجرائية، وأحال المجلس بعدها -فى خطيئة دستورية- حكم المحكمة الدستورية إلى محكمة النقض على الرغم من أنها غير مختصة، حيث إن هذا القرار الدستورى كان بمثابة عقبة مادية فى سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فقضت المحكمة بوقف القرار وتبعتها محكمة النقض بالحكم بعدم اختصاصها بنظر ما أحاله إليها مجلس الشعب، مما كان له الأثر الكبير فى إحراج الرئيس واهتزاز صورته أمام الشعب.
كل هذا الارتباك أوقعنا فيه ترزية القوانين الجدد والهواة ثم كانت آخر الفتاوى الكارثية بإصدار وتصديق رئيس الجمهورية على ما سُمى القانون رقم 79 لسنة 2012 بمعايير انتخاب الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد.
وهذا القانون كان قد قرره مجلس الشعب المنحل قبل حله بيوم واحد ولم يصادق عليه أو يصدره من بيده سلطة التصديق والإصدار فى ذلك الوقت، وهو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبدون هذه الخطوة الدستورية لا يصبح القانون نافذاً بل لا يصبح قانوناً من أصله، فمسألة التصديق هذه قد يمر فيها القانون ويتم التصديق عليه دون تحفظ وبالتالى يتم نشره فى الجريدة الرسمية فتكتب بذلك شهادة ميلاد القانون وقد تتعثر هذه الخطوة فيعاد القانون ثانية للسلطة التشريعية خلال فترة معينة لإعادة النظر فيه وقد يتم الاعتراض عليه كلياً فلا يصدر القانون إلا بعد اتباع إجراءات معينة كأن يصدر -وفقاً لدستور 1971- بأغلبية الثلثين فيصدر القانون بقوة الدستور، أما وقد خلا الإعلان الدستورى من مثل هذا الإجراء فإننا لا نكون أمام قانون وإنما أمام مشروع قد يولد أو يموت، وبحل مجلس الشعب قبل التصديق وإصدار القانون، يكون ما قرره المجلس المنحل من مشروع لم تكتب له الحياة مجرد حبر على ورق لا كيان له ولا قوام ولا حتى شبهة قانون.
والعجيب أن يُصدر رئيس الجمهورية ما أُطلق عليه «قانون» بالرغم من عدم وجوده أصلاً، ونقع بذلك فى خطأ جسيم آخر لا يعلم أحد نتائجه لأن رئيس الجمهورية أصدر عدماً وصادق على إحياء مشروع قانون غير موجود، وهذا كله نتيجة لاستشارة ترزية القوانين الجدد من الهواة وعديمى الخبرة والذين لا يقدرون خطورة ما أقدموا عليه على الواقع السياسى والقانونى، ولكن المسئولية النهائية لا تقع إلا على الرئيس محمد مرسى.
وأخيراً فإن إصدار هذا القانون -بفرض أنه قانون- ليس من شأنه تحصين الجمعية التأسيسية من خطأ تشكيلها الذى تم بإجراءات مخالفة لأحكام قضائية سابقة حيث يتقرر البطلان بوقت نشأة القرار ولا يصححه إجراء لاحق، وكيف غاب عن هؤلاء الجهابذة أن القانون لا يمكن تطبيقه بأثر رجعى على وقائع تمت فى الماضى، وهذا سوف يستتبعه إبطال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بالرغم من هذا الذى أصدره الرئيس الذى يتحمل وحده نتيجة اختياره لمستشاريه وعلى الله الثواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.