حازت أديرة وادى النطرون الأربعة، اهتماماً بالغاً من الدولة بمجرد توقيع وثيقة مسار العائلة المقدسة داخل مصر، الذى يعنى قدوم وفود الحجاج المسيحيين من مختلف دول العالم لزيارة هذه الأديرة، ويعد دير السيدة العذراء «السريان»، أحد أهم الأديرة الموجودة فى مصر، وتحديداً فى مدينة وادى النطرون، حيث يقع فى المنطقة بين دير «البراموس» ودير «الأنبا مقار» ويبعد عن دير «الأنبا بيشوى» 500 متر تقريباً، وتبلغ مساحته نحو فدان و16 قيراطاً. جميانة ميخائيل، المهتمة بالتاريخ القبطى المصرى، قالت ل«الوطن»، إن نشأة دير السريان ترجع إلى أوائل القرن الخامس الميلادى، وكان مكان الدير بورك بزيارة العائلة المقدسة فى القرن الأول الميلادى، وأطلق عليه اسم السيدة العذراء منذ إنشائه، ويرجع اسم «السريان» لما كان يضمه الدير من الرهبان المقبلين من سوريا وبلاد المشرق، فى الفترة من القرن الثامن حتى القرن الثامن عشر الميلادى، وكان الوافدون إلى الدير يهتمون بتعاليم الدين المسيحى والتلمذة على أيدى آباء الدير الأوائل، وأطلق عليه بعدها اسم «دير السريان العامر». وتضيف «جميانة» أن الدير لم يخل من الرهبان منذ إنشائه، ولم يتهدم بسبب العدوان أو الهجمات التى كانت تقصد أديرة وادى النطرون على مر العصور، وتوجد داخل الدير عدة أنشطة منها «التطريز، الناردين، الزراعة، الإنشاءات، الثروة الحيوانية، الثروة السمكية».. وغيرها من الأنشطة التى تخدم سكان الدير وتكفيهم، ولهذا أُطلق عليه اسم «دير السريان العامر»، وذاع صيت الدير عن الأديرة الأخرى منذ بداية النصف الثانى فى القرن العشرين، بعد أن أصبح قائداً وبادئاً للنهضة الرهبانية والعمرانية، فى عهد نيافة الأنبا ثاؤفيلس بعد توليه رئاسة الدير عام 1948م. وتابعت أنه منذ ذلك الحين بدأ مجموعة من المثقفين، دخول الدير للرهبنة وعكفوا على العمل بكل طاقتهم للنهوض بالدير، وخرّج الدير مجموعة الرهبان الذين عمروا أديرة «أبومقار، الأنبا بولا، مارمينا، مارجرجس، الرزيقات»، وعلى رأسهم قداسة البابا شنودة الرئيس الأعلى للأديرة، وكل هؤلاء تمت رهبنتهم فى دير السريان، وكان للدير أثر كبير فى نهضة الكنيسة، لأن غالبية أعضاء المجمع المقدس من الرهبان الجامعيين الذين كانوا قبل الرهبنة يعملون فى حقل الخدمة. وأضافت «جميانة» أن شهرة دير السريان فى الغالب ترجع إلى وجود القلاية الأصلية، التى كان يعتكف فيها الأنبا بيشوى، وبجوارها شجرة «الأنبا أفرام السريانى»، وكانت عبارة عن عصا ثم تأصلت فى التربة ونبتت ثم أورقت وما زالت موجودة وهى من المعجزات التى شهدها الدير منذ إنشائه. وعن دير «البراموس» يقول رامى سمير، أحد خدام الدير، إن دير السيدة العذراء «براموس»، يقع فى أقصى شمال وادى النطرون، وتبلغ مساحته فدانين و13 قيراطاً، ويُعرف بدير «الروم» نظراً لوجود مغارة أولاد الملوك التى عاش بها الأميران مكسيموس ودماديوس، ابنا الإمبراطور فالنتينان الأول، الذى حكم فى الفترة من (364-375م)، وأطلق عليه بعض المؤرخين دير أبى موسى الأسود، لأن الأنبا موسى كان رئيساً للدير ودفن به. وأضاف «سمير» أن تاريخ تأسيس دير البراموس، يرجع إلى القرن السادس عشر الميلادى، حيث كان عبارة عن كنيسة، وترجع شهرته إلى وجود رفات القديسين مكسيموس ودماديوس، كما يضم الدير بين أسواره الكنيسة الأثرية، التى يرجع تاريخ أقدم مبانيها إلى القرن السابع الميلادى، وتتكون من ثلاثة أقسام؛ الصحن والخورس والهياكل، وتوجد بالدير حجرة المطعمة لإطعام الزوار دون فتح باب الدير، وأُنشئ حول الدير المبانى الحديثة للرهبان والخلوة والضيوف.