سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» تشارك أهالى «ميت العامل» ليلة الرعب فى انتظار الموت ثأراً الأطفال يصرخون طوال الليل «الناس جايين يقتلونا».. وسيدة تقبّل يد «مسلح» ليرحمها وأولادها
بات أطفال قرية ميت العامل، فى مركز أجا بمحافظة الدقهلية، ليلتين من الرعب. إحدى الفتيات الصغيرات لم تنم ليلتها الأولى بعد الاعتداء على سيارة والدها، وملأت المنزل بصيحاتها، متوقعة أن تقتل، تقول «الناس جايين البيت هيقتلونى، الناس معاهم سلاح»، وظلت على هذه الحال، حتى قرر والدها نقلها لإحدى القرى المجاورة، فيما حمل مئات الشباب، من داخل القرية وخارجها، السلاح متجهين إلى منازل عائلتى عوف والأشقر، للثأر من قاتل عبودة السيد المرزوقى، سائق التوك توك، المنتمى لعائلة مرزوق، وأسفرت اعتداءاتهم عن إضرام النيران فى 10 منازل، مملوكة لعائلتى عوف والأشقر، وثلاثة مصابين بإصابات خطيرة. وتعانى قرية ميت العامل، كغيرها الكثير من القرى الجانبية، من انتشار السلاح بيد المدنيين فى القرية، ما يسبب التراخى الأمنى الذى تعانى منه القرية. هيثم عبدالعظيم، يشرح كيفية دخول الأسلحة إلى القرية قائلاً: «هناك مكان بجانب القرية اسمه (منشية الإخوان)، هذا المكان ينعدم فيه الأمن، ويدخل السلاح منه، ومن هناك، يشترى الناس السلاح الذى يدخل القرية»، موضحاً أن منشية الإخوان من أكثر الأماكن التى تحدث فيها سرقات بالإكراه: «من كام يوم لسه واخدين من واحد هناك 12 ألف جنيه، وقبلها بكام يوم أخدوا بهيمة من واحد، وقبلها أخدوا ماكينة رى». يقول محمد الصباحى عوف: «البعض فى القرية لديهم علاقات مع بدو من المناطق الصحراوية يبيعون لهم السلاح، وكتير من أهالى القرية دلوقتى بيشيلوا سلاح بداعى وبدون داعى، ومحتاجين فلوس كتير علشان السلاح.. أنا ممكن أشترى 100 رشاش بفلوسى لكن إحنا ملناش فى المشاكل، هعمل إيه بالسلاح؟». ويروى المهندس محمد عوف، نائب مجلس الشعب عن حزب «غد الثورة» وأحد المعتدى على ممتلكاتهم بالقرية، بداية المشكلة قائلاً: «قبل أسبوعين تم سرقة ماكينة رىّ زراعية بقيمة 10 آلاف جنيه، من عمى على أبوعوف، وقتها أبلغ معاطى الأشقر نسيب عمى عن شخص من عائلة مرزوق، بعدها تم عقد جلسة عرفية ودفعت عائلة مرزوق مبلغ عشرة آلاف جنيه». المشكلة لم تنته عند الغرامة الودية التى دفعتها عائلة مرزوق، يقول نائب مجلس الشعب: «عائلة مرزوق سعت للانتقام من اتهامها بسرقة ماكينة الرىّ، وتغريمها عشرة آلاف جنيه، فقام أحد أفراد عائلة مرزوق بتجميع 18 بلطجيا فى سيارة وتوجهوا إلى منزل (معاطى) الذى وشى ودل على السارقين، وقاموا بتهشيم وتكسير محتويات المنزل، وقاموا بالاعتداء على والد معاطى المسن، وأشعلوا البيت بزجاجات المولوتوف». «الشرطة متراخية بشدة»، هكذا وصف المهندس محمد عوف، عضو مجلس الشعب، موقف مسئولى الأمن حيث قام بتبليغهم أكثر من مرة عن حالات الاعتداء، والتى من الممكن أن تتطور فى ظل الإصرار لدى كل طرف بالمشكلة على الانتقام من الطرف الآخر. فى مساء يوم الجمعة الماضى، حاول بعض أهالى القرية عقد جلسة صلح بين الأطراف، لكن صلحاً لم يتم، وأرجئ الصلح لوقت لاحق، ولكن وقع حادث قتل صباح اليوم التالى (السبت) حيث قام معاطى الأشقر الذى دلّ على سارقى الماكينة الزراعية، والذى تعرض بيته للتخريب، بقتل عبودة السيد مرزوق من عائلة المرازقة، ولم تمر ساعتان حتى جاء الرد الشديد من عائلة مرزوق للأخذ بالثأر لقتل قريبهم عبودة سائق التوك توك. ويقول أحد أبناء عائلة عوف -رفض ذكر اسمه «يوم الجمعة صباحاً تواترت الأخبار عن مقتل أحد أبناء عائلة مرزوق، وبعدها عندما وصل الخبر إلى المرازقة وصلنا الخبر أن عائلة مرزوق تحشد عدداً كبيراً من أبنائها للرد على حادث القتل، فجأة قام عشرات الشباب بالتعدى على منزل على أبوعوف الموجود خارج القرية على الطرف الثانى من الترعة المجاورة لقرية ميت العامل». ويقول على أبوعوف (77 سنة)، صاحب أول وأكبر المنازل التى تعرضت للاعتداء: «بيتى كان من أغنى بيوت القرية، ومن أكثرها خيراً»، ويضيف «وجدنا شباباً مسلحين من البدو يدخلون علينا، وسرقوا 12 أردب برسيم، و12 أردب قمح، و10 أردبات ذرة، وأخدوا نصف الغنم (50 خروفا) وحرقوا البيت بشققه ال8، وسرقوا ذهب بناتى وزوجات أولادى، وأخدوا 14 ألفا من ابنتى». الهجوم على منزل على أبوعوف كان مباغتاً، ولم يستطع أهل البيت إخلاءه قبل وصول المعتدين تحاشياً لشرهم، إحدى بنات على أبوعوف حاولت الهرب فمنعها أحد المعتدين من عائلة المرازقة، وصرخ بوجهها وسبها مهدداً إياها وأولادها بالقتل، فقامت بتقبيل قدميه مستعطفة إياه أن يأخذ ما شاء من المال والذهب، ليتركها وأطفالها الصغار.. باكية، تقول ابنة على أبوعوف «إن كل شقة كان بها أنبوبة غاز، وكل شقة كانوا بيفتحوا فيها الأنبوبة ويشعلوا النار بها»، وتضيف: «أول ما وصل البلطجية حبسونا فى البيت، وفتحوا علينا الغاز، علشان يولعوا فى الشقق واحنا فيها، قمت وطيت على جزمة واحد فيهم وقلت له أرجوك سيبنا علشان عيالنا، وقتها خرجنا وسرقوا هما اللى سرقوه، وولعوا فى الشقق فبقت زى ما انتم شايفين». وفور انتهائهم من منزل على أبوعوف، والمنزل المجاور له، تحول جيش المرازقة إلى القرية مستهدفين بقية منازل عائلة عوف، وأولها منزل نائب مجلس الشعب محمد عوف، ولم تكن الدقائق المعدودات التى تفصل المرازقة عن منزل عضو مجلس الشعب كافية بحيث يتمكن من إخلاء المنزل، غير أنه قام فى صباح ذلك اليوم بإرسال صغاره، ووالدته إلى مكان أكثر أماناً خارج القرية. يقول أبوعوف: «فوجئت بعشرات من عائلة المرازقة، وناس من عائلات أخرى شاركوهم على سبيل المجاملة والمحاباة، قادمين إلى بيتى فأحكمت إغلاق بوابات المنزل الحديدية، وتواريت أنا وزوجتى وأربعة من إخوتى فى (حمام) المنزل، وقتها هاتفت مدير الأمن، وطلبت منه سرعة إرسال قوات الأمن، نجدة لى ولعائلتى ومنعاً لسقوط مزيد من الضحايا». يقع «كتاب تحفيظ القرآن» بالقرية على مقربة من منزل عضو مجلس الشعب محمد عوف، لذا حاول القائمون على الكتّاب تهريب الأطفال إلى مكان آمن بين طلقات الرصاص، وسباب المحتشدين المسلحين بالأسلحة النارية أسفل منزل النائب البرلمانى. ولم يتمكن محمد عوف المحتجز هو وعائلته داخل منزله من الهرب من شباك المرحاض الذى اختبأ فيه بالبداية، وعندما أشعل المرازقة النيران فى المنزل لم يكن أمام محمد عوف إلا الخروج من الباب الجانبى للمنزل والجرى سريعاً إلى منزل ضابط الشرطة «الكابتن هشام»، فى حين لجأت زوجته إلى جيرانها المجاورين لمنزلها، بينما قفز إخوة النائب البرلمانى من فوق سطح المنزل إلى أسطح المنازل المجاورة حيث لاذوا كلهم بالفرار من موت محقق. قصت زوجة محمد أحمد جويلى، الساكنة بالمنزل المجاور لمنزل محمد عوف، ما حدث قائلة: «بعد ما ولعوا فى بيت المهندس محمد، ولعوا فى عربية ابن عمه اللى موجودة قدام بيتنا، والنار فى البيت والعربية كانت شديدة، لدرجة إنها وصلت لبيتنا، ودخلت على العيال الصغيرة وهما نايمين فى الدور التانى، وشبطت فى لحاف منشور». ساعة من الرصاص وزجاجات المولوتوف، وعندما وصلت قوات أمنية متواضعة بصحبة سيارات الإطفاء منعها المعتدون من الوصول إلى المنازل التى نشب فيها الحريق. وأمر راضى الشافعى، رئيس نيابة مركز أجا، بضبط وإحضار 13 من عائلة مرزوق، بعدما ألقت التعزيزات الأمنية التى وصلت القرية القبض على فرد من عائلة مرزوق كان قد شارك فى أعمال التخريب. نائب مجلس الشعب المهندس محمد عوف، ينهى كلامه قائلاً: «كنت من أكثر الرافضين لقانون الطوارئ ومن أكثر المدافعين عن الحريات المدنية، إلا أن تفشى حالة الانفلات الأمنى، ومعايشتى وأفراد أسرتى لها، أكدا لى أن قانون الطوارئ يعتبر (لعب عيال) بالنسبة لهؤلاء، لا نريد تعدياً على الحريات، لكن لا بد من إصدار قانون صارم لردع من تسول له نفسه بترويع الآمنين».