سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محللون صينيون: مصر تمر بساعات حاسمة تتطلب معالجة سريعة ودقيقة محللون صينيون: إذا ما واصل أنصار الإخوان مظاهراتهم التي تشوبها أعمال عنف سيفوتون على أنفسهم فرصة اغتنام دعوة الانضمام إلى الصف الوطني
يرى المحللون الصينيون أن انقشاع حالة الضبابية السياسية التي تعيشها مصر الآن قد يحتاج لبعض الوقت، قائلين إنه إذا ما واصل أنصار جماعة الإخوان المسلمين مظاهراتهم التي تشوبها أعمال عنف، سيفوتون على أنفسهم فرصة اغتنام دعوة الانضمام إلى الصف الوطني استعدادا للانطلاق للمستقبل التي أطلقها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري. تعالت الدعوات في مصر إلى الحوار للخروج من الأزمة السياسية المستحكمة في البلاد التي شهدت يوم الجمعة اشتباكات دامية تواصلت حتى الساعات الأولى من صباح السبت وبلغ ضحاياها حتى الآن عشرات القتلي ومئات المصابين، فيما ردت جماعة الإخوان المسلمين بأنها لن تبدى رأيها فيما هو مطروح على الساحة إلا بعد التشاور مع أطراف "التحالف الوطني لدعم الشرعية". وقال لي قوه فو، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، إنه في الوقت الذي مدت فيه الحكومة المؤقتة "غصن الزيتون" لإجراء حوار المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان المسلمين، أصدر الجيش "مهلة 48 ساعة" للإسلاميين لوقف أعمال العنف والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يعني أن السلطات المصرية مصممة على وضع حد للعنف في أقصر وقت معربا عن اعتقاده بأن سياسة "العصا والجزرة" التي تتبعها السلطات المصرية سيكون لها تأثير حاسم على العملية السياسية المستقبلية في مصر، قائلا إنه "إذا اختارت جماعة الإخوان المسلمين حوار المصالحة الوطنية، فسوف يصب ذلك دون أدنى شك في صالح مصر وشعبها، ولكن إذا ما واصلت مظاهراتها التي تشوبها أعمال العنف، فسوف تواجه البلاد معضلة ستؤثر بدورها على المنطقة بأسرها". وأشار إلى ان إن جماعة الإخوان المسلمين تأسست منذ وقت طويل في مصر ولديها عدد كبير من الأنصار ولها تواصل مباشر مع متطرفين إقليميين، وإذا ما أصرت على المواجهة العنيفة مع الجيش والشرطة فسوف تدفع ثمنا باهظا لأن الجيش المصري سينتصر في نهاية المطاف.وذكر الخبير الصيني في شؤون الشرق الأوسط هوانغ لينغ أنه الوضع المصري الآن يتطلب معالجة سريعة ودقيقة للغاية، قائلا إنه إذا ما وُصف "التحالف الوطني لدعم الشرعية" بقيادة الإخوان المسلمين بأنه منظمة إرهابية، فقد تضعف فرصة إجراء حوار المصالحة الوطنية الذي ينشده المصريون. وشرح هوانغ وجهة نظره قائلا إن جماعة الإخوان المسلمين مازالت تميل في الوقت الراهن إلى إتباع طريق المواجهة بدلا من الحوار والمصالحة والمشاركة في العملية السياسية، وتواصل اعتصامها في الميدان، ما يؤدى حتما إلى وقوع اشتباكات وأحداث شغب تزيد من حدة الصراع بين مؤيدي مرسي ومعارضيه. وفي سياق متصل، أشار تانغ تشيه تشاو، الباحث في شؤون غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكشف عن استعدادها تقديم تنازلات حتى الآن ويعتقد تانغ أن السبب الرئيسي وراء محاولة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية الأخرى استعادة السلطة من خلال احتجاجات الشوارع ورفض المشاركة في حوار المصالحة الوطنية يكمن في انعدام الثقة بين التيارين الإسلامي والليبرالي، موضحا إن الأحزاب الإسلامية تخشى من أن يكون الهدف الرئيسي من مطالبة الحكومة الانتقالية لها بالمشاركة في الحوار هو وقف المظاهرات والحيلولة دون خروجها عن السيطرة، موضحا أن الجماعة لا تخاف فقط من فقدان سلاحها ألا وهو احتجاجات الشوارع، وإنما تخشى أيضا أن تعني موافقتها على الحوار اعترافا ضمنيا منها بأن عزل مرسي عملية مشروعة، ما قد يضعفها ويفضي إلى تهميشها تماما على الساحة السياسية. وأكد تانج على أن التيار الإسلامي بدا أكثر ترددا في الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعدما تقرر حبس مرسي 15 يوما بتهمة التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية حماس وشرح تانغ، قائلا إن السبب الأعمق وراء حالة التناقض القائمة منذ فترة طويلة بين التيارين الإسلامي والليبرالي يتمثل في اختلاف وجهات نظرهما حول كيفية توجيه قطار التنمية في مصر، موضحا أن القوى الإسلامية تحاول "أسلمة مصر"، بيد أنه بعد ثلاثة عقود من حكم مبارك، يبدو أن الميل إلى التيار الليبرالي راسخ تماما في البلاد. وفي ضوء المبادرات السياسية التي طرحتها أحزاب وقدمها سياسيون في مصر مؤخرا سعيا لحل الأزمة ، ذكر تانغ أن انضمام التيار الإسلامي إلى حوار المصالحة الوطنية لا يزال في الوقت الراهن احتمال ضئيل. ويشير لي وي جيان، مدير مركز دراسات السياسات الخارجية التابع لمعهد شانغهاي للدراسات الدولية، إلى أن مصر تمر بساعات حاسمة ومفصلية، وإن الإسراع بمعالجة الوضع الأمني الداخلي خلال فترة الانتقال السياسي، فضلا عن حل قضايا الإخوان المسلمين الجديدة والقديمة، بات خيارا لا مفر منه بعد عزل مرسي، مشيرا إلى أن السلطات المصرية الحالية لا تستخدم القوة في تعاملها مع فض اعتصام جماعة الإخوان المسلمين في ضوء النظام السياسي المصري الديمقراطي الحالي والمناخ الدولي الداعم للتحول الديمقراطي في مصر، حيث أكد الجيش مرارا أنه يستخدم "أقصى درجات ضبط النفس والحذر" في التعامل مع المظاهرات.وقال لي إنه إذا ما إزدادت حدة الخلاف بين التيارين الليبرالي والإسلامي في الشارع المصري، فمن غير المستبعد أن تعمد جماعة الإخوان المسلمين إلى اللجوء لمواجهات على غرار "حرب العصابات"، ما سيعرض أمن مصر لخطر جسيم وقد يتسبب في تسلل عناصر من تنظيم القاعدة في العراق وسوريا إلى داخل مصر. واتفق المحللون في أن عودة الأنشطة السياسية والاقتصادية إلى طبيعتها مرهون بأن تبدأ مختلف الأطراف في مصر حوار المصالحة الوطنية بدون شروط مسبقة في أسرع وقت ممكن، وأن تعمل معا في إطار منظومة حديثة الولادة حتى تخرج مصر بسلام من مأزقها الحالي بسواعد أبنائها وتنطلق نحو غد مشرق.