قصة معاناة المواطنين المستفيدين من دعم وزارة التموين تبدأ من المكاتب الفرعية والرئيسية المنتشرة فى كافة أحياء ومدن الجمهورية، عندما يلجأ إليها الأهالى لتحديث البطاقات أو إعادة تشغيلها أو تقديم شكاوى متعلقة ببطاقات التموين، لكن بعد جولة طويلة من «اللف كعب داير» على المكاتب الحكومية، ينتهى بهم المطاف أخيراً بمكتب شكاوى وزارة التموين، الكائن بشارع قصر العينى وسط القاهرة، ورغم وجود المكتب بديوان الوزارة إلا أن مستوى الخدمة به ليس أفضل من المكاتب الفرعية الأخرى، حيث يشهد زحاماً كبيراً ومشادات كثيرة بين الجمهور والموظفين، بسبب كثرة الأعطال وعدم تقديم إجابات وحلول مقنعة للأهالى الذين أتعبهم طول الانتظار، واعتاد المواطنون سماع عبارة «السيستم واقع» من الموظفين المختصين بإنهاء مشكلاتهم اليومية بمكتب شكاوى المواطنين بالوزارة، لتزيد هذه الجملة من همومهم ومعاناتهم التى عاشوها فى المكاتب الفرعية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع. يطلب موظف استقبال الشكاوى بمقر الوزارة من المواطنين، صورة البطاقة الشخصية، وصورة بطاقة التموين، وشهادات ميلاد الأطفال، وبعد إحضار المواطنين كل تلك الأوراق التى يقومون بتصويرها خارج المكتب، يفاجئ الموظف المواطنين بعد عودتهم بعبارة «السيستم مش شغال، روحوا وتعالوا تانى بعد يومين»، ما يؤدى إلى حدوث مشادات ومشاجرات بين المواطنين أنفسهم تارة وبين الموظفين تارة أخرى. «أحمد»: «بقالى 3 شهور مابصرفش تموين بسبب السيستم».. و«منى»: «بصرف لفرد واحد وأنا بطاقتى 6 أفراد» «احنا 5 أفراد وبقالى 3 شهور مابصرفش تموين عشان «السيسستم واقع»، جملة يقولها أحمد إبراهيم، أحد سكان منطقة المرج، بنبرة مرتفعة ممزوجة بالغضب أثناء حديثه عن مشكلة صرف المواد التموينية، ويضيف «السيستم بقاله 3 شهور واقع، ليه يعنى، مفيش صيانة، ولا أى حد يشوف السيستم واقع ليه، كل ما أروح مكتب التموين اللى بصرف منه فى المرج يقولى السيستم واقع، روح مديرية التموين الموجودة عند حديقة الفسطاط، رحت هناك قالوا لى السيستم مش شغال، روح وزارة التموين، ولما رحت الوزارة ما عملوش أى حاجه لحد دلوقتى». وتقول حمدية السيد، 33 سنة، مقيمة بمنطقة حدائق القبة «كنت بصرف التموين بتاعنا من البحيرة لأنى كنت مقيمة هناك، ومن سنتين عملت جواب تحويل بطاقة التموين للقاهرة عشان أصرف من هنا، وحولت البطاقة فعلاً، وباصرف من مكتب تموين بحدائق القبة بقالى سنتين، لكن من 3 شهور بطاقتى وقفت، لفيت عشان أنشطها، وكل لما أروح مكان يقولوا لى السيستم واقع، روحى مكتب تموين تانى، مش عارفة أعمل إيه»، لافتة إلى أن بطاقتها تضم 4 أفراد، وتتابع بنبرة منخفضة ممزوجة بالحزن «مش هقدر أشترى العيش والسكر والزيت من بره، سعرهم كل يوم بيزيد، والعيش لو جبته من بره ما بيكفيش اليوم». طابور السيدات المزدحم بمكتب شكاوى المواطنين كانت تقف به السيدة منى حسنى، 45 سنة، مقيمة بالجيزة، تقول بصوت متعب «حرام عليهم اللى بيعملوه فينا ده، بقالى سنة باصرف لفرد واحد، وأنا بطاقتى 6 أفراد، أعمل إيه يا ربى فى الغلا اللى احنا فيه ده، رحت كذا مرة مكتب الشكاوى فى وزارة التموين، لكن مفيش حاجة بتحصل، كل لما آجى يقولوا لى السيستم مش شغال»، وتختتم كلامها قائلة «نفسى ألاقى نتيجة والسيستم يشتغل، عشان أرجع أصرف تموين كل أفراد البطاقة تانى». «حمدية»: «مش عارفة أصرف بقالى 3 شهور ومش قادرة على شراء العيش والزيت والسكر من بره» غضب المواطنين العارم من سوء الخدمة، لا يقابله الموظفون بالحكمة أو الكلمة الحسنة، حيث قام أحد الموظفين بمكتب شكاوى المواطنين بالرد على محمد زكى، 34 سنة، ابن حى روض الفرج، قائلاً «احمد ربنا إنك بتصرف لفردين، أهو أحسن من مفيش»، بطاقة محمد تضم 4 أفراد، لكن تم تعطيلها تماماً منذ 7 شهور، قبل أن يتم إعادة تشغيلها ليتم صرف مواد تموينية لفردين فقط، ويتابع: «رحت أصرف التموين من 7 شهور ل4 أفراد زى العادة، لقيتهم بيقولوا فى مكتب التموين إن السيستم واقع، وهتصرف لفردين بس الشهر ده، وشهر جر شهر، ولسه لحد دلوقتى بصرف لفردين، وموظف مكتب الشكاوى بدل مايشوف لى حل فى البطاقة، قالى احمد ربنا على الفردين، أحسن ما يبقاش فيه صرف خالص. وفى المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين، لم يختلف الوضع كثيراً عن منظمات وزارة التموين، حيث يتعطل نظام التشغيل فى أغلب الأحيان، وفقاً لما يؤكده عدد من المواطنين الذين يداومون على صرف حصصهم التموينية شهرياً، حيث اشتكى البعض من وقوع السيستم فى أول يوم صرف التموين بالزيادة الجديدة التى أعلنت عنها الحكومة مؤخراً وهى 50 جنيهاً لكل فرد بالبطاقة التموينية. مصطفى سيد، 44 سنة، أحد سكان منطقة بولاق الدكرور، يقول بنبرة واضحة «ذهبت إلى أحد مكاتب التموين بمنطقة الدقى لصرف التموين، لكن الموظف المختص أجابنى فيه مشكلة فى السيستم، كذا مرة أروح أصرف التموين أول الشهر يقولولى السيستم مش شغال روح مكتب تانى، ويدوخونى لحد ما أستلم التموين بتاعى». سيدة ثلاثينية، تقيم بمنطقة الدقى، طلبت عدم ذكر اسمها، أكدت أن السيستم فى المجمع الاستهلاكى الذى تصرف منه السلع التموينية الخاصة بها يكون متعطلاً بشكل مستمر، مؤكدة أنه يتسبب فى تأخير تسلمها للتموين «كذا شهر كنت باستلم التموين فى نص الشهر بسبب السيستم المتعطل فى المجمع الاستهلاكى». وتقول منى محمود، 36 سنة، من بولاق الدكرور، «أحياناً كثيرة السيستم بيكون شغال، بس هما بيكونوا مالهومش مزاج يشتغلوا، بيعطلونا وبيوقفوا حالنا عشان مش قادرين يشتغلوا»، مضيفة «لو مش قادرين على الشغل ما يشتغلوش، بس ما يعطلوناش ويتعبونا معاهم، طالما بيقبضوا مرتبات آخر الشهر يعنى يحللوا المرتبات اللى بيقبضوها من لحم الحى». تعطل السيستم لم يقتصر على المجمعات الاستهلاكية أو المكاتب الرئيسية فقط لكنه يمتد إلى المكاتب الفرعية لخدمة المواطنين، «مكاتب التموين دايماً زحمة بسبب السيستم اللى مش شغال معظم الوقت» قالتها امرأة خمسينية، طلبت عدم ذكر اسمها، تقيم بمنطقة شبرا مصر، حيث أضافت بنبرة غاضبة: «دايماً المكتب بيبقى زحمة، وبتبقى فيه مشاجرات كتير بين الناس، واليوم اللى بانزل أجيب فيه التموين بيكون يوم مأساوى، المفروض يعملوا حساب الناس الكبيرة فى السن، لأنها ما بتقدرش تروح وتيجى أكتر من مرة». فيما يؤكد السيد إبراهيم، 48 سنة، أحد سكان منطقة الدقى، معاناته مع مكاتب التموين فى صرف مقرراته التموينية، فيقول: «اليوم اللى بروح فيه مكتب التموين عشان أصرف التموين، بقضى اليوم كله هناك من كتر الزحمة اللى بتحصل وتعطل السيستم لساعات طويلة».