الفصل الذى درست فيه سنة أولى ثانوى من أكثر الفصول شغباً فى التاريخ، كنا بنغنى فى وسط الحصص، بنرمى بعض بالديسكات، ورغم أن الباب مفتوح طول الوقت، فإننا كنا بنستحلى النط من فوق السور وإحنا داخلين وإحنا خارجين، ده غير حاجات كتير مش هقولها حفاظاً على برستيجى، للأسف كنا فاقدين ومحدش قادر يلمنا، لحد ما جابولنا أستاذ عاطف. دخل علينا أستاذ «عاطف» أول مرة زى الونش اللى بيهد عمارة، فى لحظة كان مطوح فينا الضرب يمين وشمال، ماسك فى دراعه الحديدى عصاية مقشة حاططها فى خرطوم كهرباء برتقالى علشان توجع وتلسوع، بعد ما خلص على نص الفصل وقف ينهج وعرقه نازل على دقنه المشعننة اللى واصلة لحد وسطه، «أنا عاطف، مدرس العربى الجديد، ومش عايز أسمع صوت، سامعين؟». سامعين طبعاً يا باشا، ولا حد فتح بقه، وبالذات زميلى «باسم» أكل ضرب رهيب فى العلقة الافتتاحية، «باسم» كان كابتن فريق الكورة بتاع الفصل، لاعب لولبى، بيلبس تى شيرت فريق اليوفنتوس طول النهار، لكن «باسم» ضئيل الحجم كان فريسة «أ. عاطف» المفضلة، كل يوم ضرب وشتيمة، وإحنا بنسخن «باسم» وهو ساكت. لحد ما جه يوم وأ. عاطف ضرب «باسم» بالقلم على وشه، وقلم تانى، وتالت، وفى لحظة انفجر باسم، خد «أ. عاطف» نص حرامية من بتوع منطقة الجزاء وقعد فوقيه وفين يوجعك، بعد خمس دقايق من الفرجة شيلناه من فوق دقن الراجل، وجرى أ. عاطف برة الفصل. تانى يوم دخل علينا «أ. عاطف» فى ميعاده، حاول يضرب زميلنا لكن الولد مسك العصاية أم خرطوم وطوحها من الشباك، ودى كانت آخر حصة ل«أ. عاطف» فى المدرسة كلها. طبعا ضرب الأساتذة فى المدرسة غلط، وإحنا مكناش فاهمين، لكن طرد الأساتذة رؤساء الجمهورية مش غلط، وإحنا عملناه وإحنا فاهمين. د. مرسى جه بعد ثورة على الرئيس مبارك، الناس خرجت ضد مبارك ترفض القهر والإهانة والتعذيب، خرجت ضد مبارك تقوله كفاية إحنا بشر رأينا لازم يتسمع، البلد مش بلدك بس، دى بلدنا إحنا قبل منك. لكن الرسالة موصلتش لمرسى، أو وصلت وطنش، افتكر إن الناس مش هتقوم قبل تلاتين سنة تانية، وساعتها يحلها الحلال، مرسى كان بيقول: «أعمل دستور على مزاجى، أسجن الشباب المزعج، أعزل القضاة وأقفل الفضائيات، وأجيب الإخوان فى كل حتة، وطول ما أنا بقول قال الله وقال الرسول المصريين هيفضلوا ساكتين». لكن المصريين ماسكتوش يا مرسى. بعد ما كسر المصريون طوق السيطرة بالتعذيب مع مبارك، دمروا طوق السيطرة باستغلال الدين مع مرسى، المصريون بنوا ثقتهم بنفسهم، ويا حبة عينى على الرئيس الجاى، هيحكم الناس دى إزاى؟ مش مهم يحكمهم، المهم يخدمهم. الخروج ضد الرئيس مش حق، ده واجب، واجب علينا كلنا ولازم نعلم ولادنا إن الحق والواجب أهم من القانون، لأن الحق واضح والواجب تجاه البلد برضه واضح، لكن القانون ممكن يكون فيه قصور، ولو الرئيس خالف القانون مينفعش يستنى باسم القانون، لو الرئيس اعتدى على الحرية مينفعش يفضل باسم الحرية الانتخابية، المواطن أقوى من الرئيس، والشعب أقوى من القانون. عندهم فى الدول الديمقراطية دستور يسمح بعزل الرئيس لو تعدى على القانون أو الحريات، وده مكنش عندنا، علشان كده هنصلح الدستور وهنكتبه صح المرة دى، هنكتب دستور يدى الحرية للناس.