فصلت محكمة الأمور المستعجلة أسباب حكمها الصادر، أمس، والذي يقضي بانعدام حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تتضمن انتقال تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية. وقالت المحكمة في أسباب حكمها، إنه لما كانت سيادة الدولة تعلو على كافة السلطات بها وكانت الإرادة الشعبية هي التي تحدد اختصاصات سلطات الدولة والعلاقة بينها، فلا يجوز لإحدى السلطات أن تتجاوز ولايتها، بوصفها شخص اعتباري يعلو على كل السلطات في الدولة، مؤكدة أن منع المحاكم من النظر بطريق مباشر أو غير مباشر في أي عمل يتعلق بأعمال السيادة هو تعبير عن إرادة المُشرع في عدم جواز الالتفاف حول ما يُعد من أعمال السيادة بإدخاله قسرا في ولاية القضاء، الذي قد استقر من قبل على خروج أعمال السيادة من ولايته. وأشارت المحكمة إلى أن المحكمة الدستورية العليا قد استقرت على أن أعمال السيادة تخرج من تخصصها الولائي بالرغم من عدم وجود نص صريح على ذلك، مثلما جاء بقانون السلطة القضائية ومجلس الدولة، وذلك على اعتبار أن المُستقر عليه أن أعمال الدولة السيادية ذات الصبغة السياسية، وعلاقتها بالدول الأجنبية تخرج عن ولاية القضاء الداخلي. وتابعت المحكمة بقولها إن الإتفاقيات الدولية وما تتضمنه من أعمال السيادة تخرج عن ولاية القضاء فلا يجوز التعرض لإجرائتها الشكلية أو مضمون الاتفاقية. وأضافت المحكمة أنه لما كان الحكمين موضوع التداعي قد صدرا في منزاعة متعلقة بعمل من أعمال السيادة، كون الإتفاقية محلهما، تم إبرامها من قبل السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم، وفي نطاق أعمالها السياسية وعلاقتها بدولة أخرى أجنبية والمخولة لها قانونا بنص المادة 151 من دستور جمهورية مصر العربية، ومن ثم فهي من أعمال السيادة لا تخضع لأحكام القانون عموما، وذلك مهما كانت درجة مشروعيتها، لاتصالها اتصالا وثيقا بنظام الدولة السياسي. وقالت المحكمة إنه لا يفوتها أن تنوه أن ما ذُكر بالحكم الصادر الطعن رقم 74236 لسنة 62 ق ع، من مخالفة المحكمة الراهنة بهيئة أخرى لقواعد الاختصاص الولائي المقررة قانونا، متغافلة عن القواعد القانونية المنظمة لاختصاصها فذلك القول ظاهر للفساد ومردود عليه بأنه من المقرر إن إقامة الدعوى أمام جهة قضائية غير صاحبة ولاية يُعدم اتصال المحكمة بالدعوى قانونا، فلا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت كان حكمها وما بُني عليها معدوم الأصل. وأختتمت أسبابها بقولها إن "الحكم موضوع التداعي أشبه بالوليد الذي فقد أعضائه الجوهرية، اللازمة لتكوينه ويستحيل معه أن يولد حيا فلا يترتب أي أثر قانوني ولا يكتسب أي حصانة ولا يحوز حجية الأمر المقضي كونه معدوما لا يرأب صدعه". ولهذه الأسباب حكمت المحممة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعويين 43709 و43866 لسنة 70 ق، من محكمة القضاء الاداري، وكذا الحكم الصادر في الطعن 74236 لسنة 62 ق عليا، واعتبارهم "منعدمي الأثر".