هذا هو الموعد اليومى الذى يتصل بى فيه أصدقائى من الجريدة ليؤكدوا أن المقال تأخر كثيراً. أكتب دائماً فى آخر وقت، إما لأن الفكرة تراوغنى، ولا أستطيع الإمساك بها، أو لأن الأفكار كثيرة جداً وتجرى فى كل اتجاه مثل قوافل النمل التى أسأل أمى عنها فتقول: ده حسد على فكرة!!! وفى أوقات القرف والوجع والملل لا أجد الفكرة أصلاً. لا أشعر بأدنى رغبة فى الكتابة، ولا فى القراءة، ولعلك تعرف حالة (القريفة) التى تجتاحك لتشعر أنك لا تريد أن تفعل أى شىء، سوى الجلوس وحيداً والتحديق فى سقف غرفتك والتفكير فى اللاشىء بعيداً عن الصراعات والخلافات والخناقات والحسابات والأقساط!!! أنا الآن فى حالة مختلفة أشعر من خلالها أن (الوضع) الراهن يفرض عليك ككاتب أن تكتب فى نفس الموضوعات، وأن تعيد وتزيد فى نفس الأفكار، وأن تتحدث عن نفس الأشخاص. واقع يفرض عليك نفسه فيضطرك للحديث فيما لا تحب، وكتابة ما لا تريد كتابته الآن، لكن ها هو التليفون يؤكد أن المقال قد تأخر للمرة المليون، وأنا تقريباً الوحيد الذى أنال سباب ولعنات زملائى فى الجريدة لأننى أكثر من يعطلهم. لا حاجة لى اليوم فى كتابة ما تريد أنت قراءته، وما يفرضه الواقع. أنا اليوم فى حاجة إلى جرعة تفاؤل. تأمل. حلم. سعادة. بهجة. فى مزيج يؤلمك إدمانه لأنك ستبحث عنه ولن تجده، سوى بالصدفة حين يرضى عنك أطفالك فيبتسمون لك لأ، هم يريدون أن يبتسموا وليس لأنهم يريدون اللعب على الآيباد أو مشاهدة قناة براعم، وتربت عليك زوجتك لأنها تشعر بتعبك وليس لأنها تذكرك بأنك لا تساعدها فى مهام المنزل بينما كان الرسول يساعد أهل بيته، ويتصل بك أصدقاؤك ليطمئنوا عليك لا ليطلبوا منك مصلحة. سأكتب عن التفاؤل، عشرون سبباً للتفاؤل لم أعرفها حين كتبت العنوان، ولا أعرف لماذا اخترت هذا الرقم لكن أعرف أنك ستساعدنى حين تفكر فى الأشياء الجميلة التى تدعوك للتفاؤل، وتساعدنى على إنهاء المقال. هذه أسبابى العشرون للتفاؤل: 1) ربنا موجود.. ألا يكفى ذلك لتتفاءل.. يمكنك أصلاً ألا تكمل القراءة بعد هذا السبب الكافى. 2) أنت إنسان يملك عقلاً.. حتى لو ألغيته وأعطيته إجازة، يظل موجوداً ويميزك عن آخرين. 3) أنت الآن أفضل من أعوام مضت. كبرت.. اكتسبت خبرة حتى لو كانت تؤلمك. تعلمت حتماً شيئاً جديداً. 4) صرت أكثر قبولاً لكل الاحتمالات، لأنك تعلم أن كل الخيارات مفتوحة، وبالتالى لن يزعجك أن يتحقق الأسوأ؛ لأنك توقعته من قبل!! 5) أنت تقرأنى الآن.. أنت تقرأ أصلاً.. هذا سبب أدعى للتفاؤل. 6) صرت تنظر أمامك فى أمل، وخلفك فى غضب وسخط.. تهانىّ.. أنت تريد التغيير، وهذا شىء يجعلك متفائلاً. 7) لم تعد تخاف من الموت كما كنت فى السابق.. صار صديقك الذى يمكن مقابلته فى أى مظاهرة أو شارع!! 8) ما زلت قادراً على الحب.. تبحث دوماً عمن تحب سواء كان حبيباً أو صديقاً أو كائناً حياً!! 9) أنت قادر على اتخاذ قراراتك بنفسك وتحملها.. مهما أثر عليك الآخرون. 10) تريد مساعدة الناس، وتريد تقدم بلدك أياً كانت الطريقة. والآن سامحنى.. جاء دورك فى كتابة ما تريد فى قلب المقال لو كنت تقرأه فى الجريدة واشتريتها من البائع، أو فى تعليقات القراء لو كنت من هواة أبوبلاش وتقرأها على بوابة «الوطن» الإلكترونية.. فهل تساعدنى فى كتابة باقى الأسباب لأننى تأخرت كثيراً فى إرسال المقال؟ 11) 12) 13) 14) 15) 16) 17) 18) 19) 20) أخيراً.. الحياة مستمرة.. وكل ليل من بعده نهار جميل.. تفاءلوا بالخير تجدوه.