عيار 21 الآن يسجل تراجعًا جديدًا.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل بالمصنعية (التفاصيل)    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    متحدث الحكومة يرد على غضب المواطنين تجاه المقيمين غير المصريين: لدينا التزامات دولية    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    مستشارة أوباما السابقة: بلينكن لن يعود لأمريكا قبل الحصول على صفقة واضحة لوقف الحرب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي في الدوري المصري    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي في الدوري    حقيقة رحيل محمد صلاح عن ليفربول في الصيف    الإسماعيلي: نخشى من تعيين محمد عادل حكمًا لمباراة الأهلي    الأهلي يفعل تجديد عقد كولر بعد النهائي الإفريقي بزيادة 30٪    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    مصدر أمني يوضح حقيقة القبض على عاطل دون وجه حق في الإسكندرية    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    محافظة المنوفية تستعد لاستقبال أعياد الربيع.. حملات مكثفة للطب البيطرى على الأسواق    الغربية تعلن جاهزية المتنزهات والحدائق العامة لاستقبال المواطنين خلال احتفالات شم النسيم    حظك اليوم برج القوس الثلاثاء 30-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    شم النسيم 2024: موعد الاحتفال وحكمه الشرعي ومعانيه الثقافية للمصريين    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    مجدي بدران يفجر مفاجأة عن فيروس «X»: أخطر من كورونا 20 مرة    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    محافظ دمياط: حريصون على التعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تراجع مبيعات هواتف أيفون فى الولايات المتحدة ل33% من جميع الهواتف الذكية    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    محافظ كفر الشيخ يشهد الاحتفالات بعيد القيامة المجيد بكنيسة مارمينا والبابا كيرلس    7 معلومات عن تطوير مصانع شركة غزل شبين الكوم ضمن المشروع القومى للصناعة    محطة مترو جامعة القاهرة الجديدة تدخل الخدمة وتستقبل الجمهور خلال أيام    محامو أنجلينا جولي يصفون طلب براد بيت ب"المسيء".. اعرف القصة    برج الجدى.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: مفاجأة    فصول فى علم لغة النص.. كتاب جديد ل أيمن صابر سعيد عن بيت الحكمة    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    أخبار الفن| علا غانم تكشف تفاصيل تحريرها محضرا بسبب الفيلا.. تشييع جنازة خديجة العبد    حلمي النمنم: صلابة الموقف المصري منعت تصفية القضية الفلسطينية    "بيت الزكاة والصدقات" يطلق 115 شاحنة ضمن القافلة 7 بالتعاون مع صندوق تحيا مصر    يويفا: سان سيرو مرشح بقوة لاستضافة نهائي أبطال أوروبا 2026 أو 2027    شباب مصر يتصدون لمسيرة إسرائيلية فى إيطاليا دفاعا عن مظاهرة دعم القضية    هزة أرضية بقوة 4.2 درجات تضرب بحر إيجه    الكبد يحتاج للتخلص من السموم .. 10 علامات تحذيرية لا يجب أن تتجاهلها    أول تعليق من "أسترازينيكا" على جدل تسبب لقاح كورونا في وفيات    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    خاص | بعد توصيات الرئيس السيسي بشأن تخصصات المستقبل.. صدى البلد ينشر إستراتيجية التعليم العالي للتطبيق    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الإسباني الكبير »خوان مياس« من داخل بيته بمدريد في حوار خاص ل »أخبار الأدب«:
مزج الدين بالسياسة يؤدي إلي الدمار وعلي الشعوب العربية العمل علي نجاح ثوراتها
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 02 - 2013

يقع بيت الكاتب الإسباني الكبير خوان ميّاس(1945) بحي ألاميدا أوسونو بمدريد، بالقرب من محطة مترو تحمل نفس الاسم، في شارع هاديء تماماً اسمه أنطونيو سانتشا. البيت عبارة عن فيلا من ثلاثة طوابق بحديقة صغيرة، في كل أركانه كتب مبعثرة لكنها مرتبة. في الطابق الثالث يقع مكتبه ومكتبته، المكان ليس فاخراً لكنه أنيق ما يكفي للفت الانتباه.
يفتح لي الباب بنفسه الكاتب الإسباني الأهم، الذي بدأ مسيرة الكتابة منذ سبعينيات القرن الماضي. يبدو رشيقاً وهو يتسلق السلم، ويخبرني أنه يمارس رياضة المشي يومياً. يشبه البيت في بساطته عوالم ميّاس، الدافئة والحميمة والمثيرة للهواجس، أتابعه بفضول، وبنفس الفضول أميل لألتقط تفصيلة ما، ربما تعينني علي فهمه أو تسلمني إحدي مفاتيح أسراره. لميّاس عوالم مربكة، تبدو من خارجها معتادة غير أنها تحمل بداخلها فلسفة وأرقاً وجودياً. البيت والكتابة وميّاس صورة طبق الأصل، هو أحد الكُتّاب المتسقين مع أنفسهم. يبدو متواضعاً وبسيطاً، لكنه ما إن يتحدث حتي يظهر عمقه. في الدقائق الأولي أدركت أن شكل حياة هذا الكاتب يشبه ما يدافع عنه من أفكار.
يكتب ميّاس الرواية والقصة القصيرة والمقال والريبورتاج الصحفي، وتُرجمت أعماله لأكثر من 23 لغة، من بينها العربية، ومؤخراً كتب المسرح والسيناريو السينمائي. له باللغة العربية رواية «العالم» «هكذا كانت الوحدة» «لاورا وخوليو» ومجموعة «هي تتخيل وهلاوس أخري» وقريباً سيصدر له «ما أعرفه عن القرين». فاز ميّاس بعدد من الجوائز الإسبانية الهامة، من بينها جائزة بلانيتا وسيسامو وجائزة الدولة في الرواية، وفاز في الصحافة بجائزة ميجيل دليبيس وماريانو دي كابيا وفرنثيسكو ثرثيدو وجائزة الصحافة الثقافية مانويل باثكيث مونتالبان. وهو كاتب معروف عنه غزارة الإنتاج، فله كل عام كتاب جديد أو أكثر، كما أنه يتعاون مع العديد من الجرائد الإسبانية بكتابة عمود صحفي، أهم هذه الجرائد «الباييس».
داخل بيت ميّاس، وفي غرفة مكتبته، سألته كيف يقوم بكتابة كل ذلك؟ فأجابني بأن الصحافة أيضاً كتابة، لكنها شكل آخر منها. وواصلنا الحوار.
في البداية، أريد أن يأخذ الحوار شكل الثرثرة الأدبية والسياسية دون ترتيب.
- فليكن بهذه الطريقة( يضحك)
احك لي ماذا تكتب هذه الأيام وماذا يشغلك؟
- أعمل الآن في رواية، لكنها ستستغرق بعض الوقت. وهذه الأيام يُعرض علي علي المسرح القومي مسرحية قمت بكتابتها ويمثلها أحد أشهر الممثلين الإسبان. وأنا سعيد بها لأنها تحقق نجاحاً يومياً. هي عبارة عن ميلودراما، مونولوج طويل يحمل ما أظنه فناً. أقول إنها عودة من جديد لكتابة المسرح، فقد كتبته منذ سنوات بعيدة ثم توقفت، وكنت أتمني العودة إليه، وعدت. أتعرف؟ الحياة قصيرة جداً لعمل كل ما تحب، لذلك فنحن في حاجة إلي حيوات كثيرة لتحقيق كل ما نرغب.
وواصل ميّاس: «المسرح فن مثير للشغف، بالإضافة لذلك هو عمل جماعي، علي عكس الرواية التي هي عمل فردي. يمكنني أن أقارن دائماً بين المسرح والسينما، فكل ممثل سينمائي يحب أن يعمل بالمسرح ولو لعمل واحد كعودة إلي الأصل. المسرح ايضاً موح جداً، إنه احتكاك مباشر بالكلمة. المسرح مثل اللعبة التي تتبادلها مع الممثل والجمهور.
وبالنسبة للسيناريو؟
- كتبت أيضا سيناريو منذ فترة طويلة، والآن أعمل في آخر. ميزة السينما هذا التعاون لإنتاج العمل، وبالتالي تبادل الأفكار.
تقول إن الرواية عمل فردي، أعتقد أن هذه إحدي مزاياها الكبري، لأنها في النهاية تعكس رؤية الكاتب دون مؤثرات خارجية.
- في الدول الأنجلوساكسونية يقوم المحرر باقتراح أفكار علي المؤلف، بذلك يتم التعاون بين الكاتب ودار النشر لإنتاج عمل أدبي. لكن هذه العادة غير موجودة في العالم الإسباني، بل إن الكتاب يرفضون حتي تغيير محل الفاصلة، مع أني أعتقد أن الفاصلة من الممكن أن تغير مكانها دون أدني مشكلة(يبتسم). الكاتب المغرور يرفض دائماً أي اقتراح خاص بعمله، رغم أن ذلك، كما قلت، يحدث في العالم الانجلوسكسوني مع كبار الكتاب. بالنسبة لي لا مشكلة في ذلك، فنفس الأمر يحدث في المسرح والسينما، والعمل الجماعي يؤدي لتطوير الأفكار وهو ما يفيد العمل.
بهذه الطريقة أنت مع الورش السردية؟
- لقد أعطيت خلال سبع سنوات ورشاً سردية، والآن، من آن لآخر، أترأس ورشة.
لكن هل تعتقد أن ورش السرد تصنع كاتباً؟
- الكتابة يمكن تعلمها بطريقة أو بأخري، ما من كاتب يولد كاتباً، والتعلم يأتي سواء عن طريق الورشة أو بمجهود فردي. الورشة تستطيع أن تساعد وتقصر الطرق أحياناً، فعندما تسير في الطريق بمفردك تستغرق سنوات لتنتبه لأشياء ممكن أن تتعلمها من الورشة، لكن هناك من لديهم استعداد للتعلم ومن لا. ومن اللافت بالنسبة لي أن يبدو طبيعياً أن يذهب أحدنا ليتعلم الموسيقي في الكونسرفاتوار، أو لتعلم الرسم في كلية الفنون الجميلة، وفي المقابل لا نقبل أن يذهب كاتب لورشة سرد. أعتقد أن السبب في ذلك أن الكتابة تبدو شيئاً رومانسياً حد أن أحداً لا يمكن أن يتعلمها. وهذا غير صحيح.
يواصل مياس: أنا مع الورش السردية إن جاءت من مبدع لا من أكاديمي. بهذه الطريقة يمكن دخول مطبخ الكاتب، هذه المنطقة المحظورة بالنسبة للجميع. لقد أعجبني دائما قراءة ما يحيط بمطبخ الكُتّاب وأستفدتُ كثيراً من هذه القراءة، خاصةً أن قليلين من يكتبون عن كواليسهم. فيما يخص ورش السرد، انظر إلي أمريكا، فمن الممكن أن نري كُتّاباً يتخرجون من ورش أدبية ويصبحون أساتذة لورش قادمة.
مطبخك الأدبي يثير فضولي علي الدوام، وكثيراً ما أتساءل عند قراءتك عن كيف تتم هذه الطبخة الفاتحة للشهية والمشبعة في نفس الوقت. حدثني عن هذا.
- كتبت أشياءً مبعثرة في الصحافة عن مطبخي، وأود أن أكتب عنه بشكل مرتب. في رواية «العالم» كشفتُ الكثير من تفاصيله، لأن تكنيك الرواية كان كيفية كتابة رواية، كما أنها كانت رواية ذاتية.. لقد كتبت كيف أكتب الرواية بشكل واضح.
يصمت ميّاس لثوان ويواصل: «لقد فكرت دائماً في أن أكتب بجانب الرواية يوميات كتابة الرواية، مثل القبطان الذي يبحر وبينما يبحر يكتب يوميات الإبحار. لم أفعل ذلك أبداً لكنني أحب أن أفعله في يوم ما، وحينها ستكون اليوميات أهم من الرواية نفسها. أعتقد أن «العالم» رواية تضم ما كنت أفكر فيه أثناء الكتابة، لقد ضمت الخطوات والأرق، كما ضمت التفاصيل بشكل ما. طموحي أن أكتب رواية تضم بداخلها يومياتها.
أتقصد بذلك الاتجاه نحو الميتا-سرد؟
- لا أهتم كثيراً بالمسميات، ربما يكون المسمي ميتا رواية أو ميتا سرد، لكنه في النهاية هذا العمل الذي يفتح نفسه بنفسه. أنا أحب أن تفتح الرواية نفسها.
يواصل ميّاس: كل هذه الخطابات تُستخدم عندما تفكر في الراوي، لا في الكاتب، بل الراوي، فكل رواية تضم بداخلها روايتين، واحدة هي التي تشتريها من المكتبة لتقرأها، والثانية حكاية عن الراوي الذي يعطي معلومات عن نفسه دون أن يقصد ذلك بشكل مباشر. فالكاتب بالضمير الثالث عندما يقول إن البطل في مكان ما، هذا يعني أنه بالضرورة يعرف هذا المكان وأنه يراه. أحاول قراءة الرواية من منطقة الراوي لا ما يحكيه ويبدو هذا شيقا جداً. أعتقد أن الراوي هو المنطقة التي يمكن أن يلعب فيها الروائي الآن، خاصة أن فن الرواية فن قديم تم اللعب في مناطق كثيرة خاصة به.
يصمت ميّاس لثوان وينظر لي مفكراً، ثم يقول: في منطقة رؤية الراوي هناك بعض الامكانيات لاكتشاف أشياء جديدة.
أفكر في المقولة، وأطرح عليه سؤالاً حول مطبخه ولكن بشكل مختلف. حدثني قليلاً عن طقوس الكتابة التي تتبعها.
- (يبتسم) عادة ما ينكر الكُتّاب أن لهم طقوسا كتابة، لكني أعتقد أن هناك طقوساً حتي ولو بشكل غير مدرك، حتي لو أنكرنا ذلك. يومي يسير كالتالي: عادةً أستيقظ في الخامسة والنصف أو السادسة، وأول ما أفعله قراءة الشعر، سواء الجديد أو الكلاسيكي، فالشعر يضعك في منطقة حميمية ويغذي العقل. بعدها أحب الكتابة في الساعات الأولي من الصباح، ثم أتمشي لمدة ساعة ونصف وهذا جزء من عملي لأن المشي يغذي الخيال، وأعود للإفطار مع الجرائد. بعدها أكتب للصحافة وأتناول الغداء ثم أبدأ في القراءة لمدة ساعتين أو ثلاث.
وهل تضع برنامجاً للقراءة أيضاً؟
- في الحقيقة أنا أقرأ لكل الكُتّاب لكن بطريقة فوضوية، وأحيانا أبدأ في قراءة أعمال لا أكملها، لكنني أعتبر نفسي قارئاً فوضوياً.
وأي نوع من الكتب تقرأ؟
- أقرأ في كل المجالات، لكنني أفضل قراءة الكتب العلمية، خاصة أنها تحتوي علي مواد أدبية.
وكتابك المفضلون ومن أثروا فيك ككاتب؟
- ليس من السهل عمل قائمة، فالصحافة تريد أربعة أسماء ليكون كل شيء علي ما يرام، لكنك تعلم أن المفضلين كثيرون، وعمل قائمة مجرد كذبة. من الصعب أن أقول من أكثر الكتاب الذين أثروا في، لكن يمكن أن أقدم لك خريطة: الرواية الفرنسية، ومنها فلوبير، الرواية الروسية، ومنها تولستوي، ومن القرن العشرين كُتّاب الثلث الأول، كما أنني أحب الأدب الأمريكي الجديد لأنه ملتصق بالصحافة. وهناك الكثيرون. لكن من الصعب أن أقول لك من أحب ومن يهمني، فهناك من أحب ومن يثير اهتمامي.
مع ذلك أعتقد أن لكل كاتب عائلة ينتسب إليها.
- حسناً، من الممكن أن ينتسب إلي عائلات كثيرة أيضاً. أنا بشكل عام أحب الأدب الفانتازي، لكنني في الحقيقة لا أحب تصنيفات التيارات الأدبية، ولا أري أن التصنيف عمل الكاتب، فهناك النقاد والأكاديميون والمهتمون بهذا الشأن.
بالنسبة للأدب الفانتازي، هناك صورة ما أنه الأدب المنفلت عن الواقع.. ما رأيك؟ وهل تري أن مجموعتك القصصية «هي تتخيل وهلاوس أخري» عمل فانتازي؟
- أعتقد أن كثيراً من أعمالي تضم الفانتازي مع اليومي في انصهار تام، وأعتقد أن كتاب أمريكا اللاتينية حلوا هذا المعضلة بطريقة الواقعية السحرية. في رأيي، بين الأدب والفانتازيا علاقة وثيقة، وأن هذا الحاجز بين الواقع والخيال حاجز وهمي. انظر للكوميديا الإلهية مثلاً، وهي عمل فانتازي.
عودة للواقع، في أي منطقة تحب أن تقف من الواقع، داخله أم خارجه؟
- الحقيقة أنني ملتصق بالواقع بسبب العمل الصحفي، وهذا يجعلني مربوطا به، لكن ما أكتبه هو الواقع الأكثر فانتازية، وأعتقد أن الواقع أحياناً أكثر فانتازية من الخيال.
هل أكون محقاً إن قلت إن العالم الذي تتحرك فيه عالم خاص وشخصي ويبدو أنه جزء من حياتك؟
- أعتقد أن كل عمل يحتوي علي جزء ذاتي، ما يحدث أننا نحوّله، نمنحه صبغة سردية. فعندما يسألونني إن كان عملي يحتوي علي سيرة، أقول لا، لكن الحقيقة أنه لابد أن يضم شيئاً مني، من سيرتي.
في روايتك الأخيرة «ما أعرفه عن القرين» يبدو العالم غريباً ومسلياً حد الرعب، أريد أن أعرف ما أهم ما سمعته عنها؟
- أكثر ما سمعته وأدهشني أنها «رواية غريبة»، وأنا سئلت ألا يدهشني أن يكتب أحد رواية عادية؟ وكانت إجابتي أن الرواية يجب أن تكون غريبة. ثم كيف تكون الرواية عادية؟ غرابة العمل جزء من هدفه. وكلما كانت غريبة كانت أكثر أصالة. عندما تبدأ في الكتابة تبحث عن صوتك الخاص، وتحقيق ذلك صعب جداً.
عندما فاز مويان بنوبل قال إنه يكتب عن حياته وحياة المحيطين به.. وميّاس، عمّن يكتب؟
- الكتابة عن حياتنا وحياة المحيطين، بالنسبة لي، تحدث بطريقة غير واعية، فعندما نكتب في الحقيقة نكتب عن أنفسنا والمحيطين بنا، وما من طريقة أخري للكتابة. أعتقد أنه ليس هناك حاجز بيني وبين الآخرين. لا أعرف، هل تسأل عن أشخاص حقيقيين وآخرين غير حقيقيين؟
نعم، أسأل إن كانت شخصياتك موجودة بالفعل في الحياة أم تبتكرها من العدم؟
- أظن أننا نحمل بداخلنا أشخاصاً حقيقيين وغير حقيقيين في الوقت نفسه. لا أفهم ما معني شخص من لحم ودم، كلنا نحمل هذا الجزء الغريب والخيالي ولا أري أي حدود بين الواقع والخيال. الأحلام واقع أم خيال؟ إنها واقع لكنه الواقع الخفي. وما هو غير حقيقي يشغل مكاناً أكثر من الحقيقي. أين الإله؟ مع ذلك يحرك العالم. ما نسميه واقعاً كان قبل ذلك مجرد طيف في رأس أحد. الأول تأتي الفكرة ثم تتحقق، الإنسان يعيش بطريقة لا يمكن فيها فصل الواقع عن الخيال. في ثقافتنا عندنا بابا في روما يعتقد أنه يمثل الرب في الأرض، وبهذه الفكرة غير الحقيقية يحرك العالم. هذا مستحيل ومع ذلك واقع.
في أعمالك يتضح تماماً هذا اللبس بين الواقعي والخيالي، في وسط بحر من التفاصيل اليومية البسيطة، وربما هذا ما يدفعني لسؤالك عن مدرستك الأدبية الذي تظن أنك تنتمي إليها.
- لا أعرف في الحقيقة، كل ما أعرفه أنني اكتب تصوري للعالم وأقدمه بالشكل التي اختاره لنفسي، ما عدا ذلك عمل الأكاديميين والنقاد، هم يهتمون بذلك وأنا لا أهتم به. حسناً، هم يريدون تسهيل الأمور بالتصنيف، لكن ما أفهمه أنني لا أريد أن أكون داخل تصنيف أدبي.
لكن البعض يصنفك ضمن الواقعية السحرية؟
- حسناً، الواقعية السحرية عالم كبير وملتبس ونسبي. عندما تذهب إلي كولومبيا ستجد أن واقعية ماركيز السحرية محض واقعية صرف، فهناك مثلاً الصراصير الصفراء. أعتقد أن من يهتم بذلك سيسهل عليه وضع التعريفات والتصنيفات.
بعيداً عن التصنيفات، أكثر ما يلفت الانتباه في أعمالك القضايا الصغيرة وتجنب القضايا الكبيرة. متي قررت ذلك؟
- لست متأكدا أنه قرار، ما يحدث أنني انتبهت أن المعني ليس في المركز بل في الهامش، ليس في القضية بل في فروعها، في الأشياء الصغيرة. إنها عملية البحث عن المعني من وجهة نظر أخري وبعيدة، وأنت تختار من أين تحكي حكايتك. أحب مقارنة ذلك بالسينما، فالمخرج يقرر عندما يصل للبلاتوه من أي زاوية سيصنع فيلمه، فمكان حكاية الحكاية لها مغزي أخلاقي. أعتقد أن الكاميرا تجد المعني في الهامش والصغير وليس في المركز. من هنا أهتم بالمحيط القريب، بالعائلة. أعتقد أن الكاتب ينطلق من صراعه مع الواقع، وما يحاوله هو فض هذا الاشتباك. ليس هناك أدب بلا صراع، وهذا نفس الصراع الذي نحمله دائماً.
وفي وسط هذا الصراع تلعب الذاكرة دوراً هاماً، وكذلك الخيال، بالنسبة للكاتب.. كيف تري دور الذاكرة والخيال في صنع عمل عظيم؟
- أعتقد أنه لا أدب بلا ذاكرة، ولا أدب بلا خيال، فكلاهما لا يمكن فصله عن الآخر. الذاكرة تعمل بشكل لا يمكن السيطرة عليه، إنها تغرق في الواقع حيث البدروم وحيث الصراصير والأشياء القديمة والروائح، أثناء ذلك علينا الهبوط إليها بخيال يساعد علي الاكتشاف.
في وسط هذا الصراع مع الواقع، متي قررت أو اخترت أن تكون كاتباً؟
- ليس اختياراً ولا قراراً، بل هي لحظة تسأل نفسك فيها إن كنت تستطيع أن تكون كاتباً، هي لحظة تجد نفسك فيها تكتب وترسل عملك لدار نشر دون أي يقين في أن ما تكتبه ذو قيمة. أعتقد أنه ما من كاتب يستيقظ صباحاً ليقول: سأكون كاتباً! ولدتُ في عام 46 وظللتُ أعمل بشركة إيبيريا( الطيران الإسباني) حتي 93، وكنت وقتها أكتب بالليل. بدأت أولاً كتابة الشعر وأنا في السادسة عشرة، وفي الخامسة والعشرين كتبت روايتي الأولي التي لم تنشر أبداً لحسن الحظ، لأنها كانت ساذجة. بعدها كتبت الثانية وأنا في الثامنة والعشرين، ونشرت وأنا في التاسعة والعشرين. هكذا كانت الكتابة عملية مستمرة، حتي قررت في النهاية التفرغ لها.
تقول إن روايتك الأولي لم تنشر، من قرر ذلك؟
- أنا نفسي، لأنني اكتشفت فيها أخطاءً كبيرة، وقررت أن أعتبرها محاولة فاشلة يجب أن أتخطاها لأكتب بطريقتي وليس بطريقة آخرين.
وما الذي دفعك أصلاً للكتابة؟
-أكتب لأنني تعيس، لو كنت سعيداً ما كتبت.
التعاسة فقط ما تدفعك للكتابة؟
- بشكل أساسي، نعم. لكن هناك أيضاً الصراع مع الحياة والواقع والعالم، وهو صراع لا يتوقف.
وكيف تري العلاقة بين الكاتب والسلطة التي تشكل هذا الواقع؟
- عادة علاقة سيئة، ويمكن أن تري ما دونته كتب التاريخ، فالكُتّاب كانوا دائماً معاقبين، لكن علينا أن نفرق بين كاتب عاش في فترة ستالين وآخر يعيش في أوروبا الديمقراطية. بشكل عام الكتاب لا يتفقون مع الساسة، بهذه الطريقة يمكن قراءة رواية «المسخ» لكافكا علي أنها رواية سياسية، وأنا أعتبرها أفضل رواية تعبر عن القرن العشرين.
ككاتب يساري، كيف تبدو لك السياسة الاسبانية الآن؟
- علينا أن نفكر قليلاً في فكرة اليسار واليمين، فالفرق بين الأول والآخر اعتقاد كل منهم في حجم الدولة، اتساع سلطاتها أو انكماشها، فاليساري يريد أن تتسع الدولة لتقدم خدمات أكبر للمواطن، بينما اليمين يريد أن تنكمش فتفتح مجالاً للقطاعات الخاصة. هكذا مع الرئيس الاسباني اليميني تتسع رقعة الخاص. أعتقد دائما أن الصحة والتعليم والمواصلات يجب أن تكون عامة.
بحكم عملك الصحفي واهتمامك الإنساني كروائي، هل تتابع ما يحدث في العالم العربي؟
- أتابعه بالطبع، ليس بما ينبغي لكن أتابعه. ضع في اعتبارك أيضاً أن الأمور لا يجب أن تصل إلينا بكل شفافية، حتي مع انتشار المعلومات هناك احتمالية للتزييف. ما يحدث في الواقع العربي، في رأيي، مؤسف، والربيع العربي لم يصل لما كان يطمح إليه بل ضل الطريق. أنا مشغول بالواقع العربي، لقد عشنا ذلك في إسبانيا أيام فرانكو، حيث العملة كانت تحمل عبارة «فرانكو زعيم إسبانيا باختيار الرب» وهو أمر خطير، فيجب دائماً فصل الدين عن الدولة حتي تتقدم الشعوب. ومزج الدين بالسياسة يؤدي إلي الدمار.
عودة إلي الأدب، يبدو لي أن مياس يجرب في القصة اكثر من الرواية؟
-لا أعرف، أنا أجرب كثيرا حتي في الصحافة. ربما معك حق، فعلي مستوي الخيال ربما تكون القصة اسهل في التجريب، فالقصة مثل القصيدة، بينما الرواية شيء في حاجة إلي عناية.
في السنوات الأخيرة اكتسحت الرواية عالم الأدب، حتي اصبحنا في عصر الرواية.. كيف تبدو لك المقولة؟
-أعتقد أننا في عصر الرواية منذ بداية القرن 20، وربما لذلك لم يحظ بورخس وكورتاثر بما يستحقان. في امريكا مثلا لا يحتفي أصلا بالقصة القصيرة. الرواية هي نوع النجوم.
هل تتفق مع اختيارات جائزة نوبل؟
- الحقيقة انني لا أفكر كثيرا في هذا الأمر.. لكن نوبل ارتكبت أخطاءً وأصابت أحياناً. لكن نوبل ليست الحكم النهائي علي العمل الأدبي، فهناك أعمال قد تبدو رائعة الآن، وبعد 20 عاماً تفقد أهميتها. الكتاب المقدس لم يكتب ليكون كتاباً أدبياً، مع ذلك هو كتاب أدبي بامتياز. كتاب «أصل الأنواع» كتاب أدبي في حقيقته. ما يخص نوبل يخص لجنة تحكيم ليس إلا ذلك.
يقع بيت الكاتب الإسباني الكبير خوان ميّاس(1945) بحي ألاميدا أوسونو بمدريد، بالقرب من محطة مترو تحمل نفس الاسم، في شارع هاديء تماماً اسمه أنطونيو سانتشا. البيت عبارة عن فيلا من ثلاثة طوابق بحديقة صغيرة، في كل أركانه كتب مبعثرة لكنها مرتبة. في الطابق الثالث يقع مكتبه ومكتبته، المكان ليس فاخراً لكنه أنيق ما يكفي للفت الانتباه.
يفتح لي الباب بنفسه الكاتب الإسباني الأهم، الذي بدأ مسيرة الكتابة منذ سبعينيات القرن الماضي. يبدو رشيقاً وهو يتسلق السلم، ويخبرني أنه يمارس رياضة المشي يومياً. يشبه البيت في بساطته عوالم ميّاس، الدافئة والحميمة والمثيرة للهواجس، أتابعه بفضول، وبنفس الفضول أميل لألتقط تفصيلة ما، ربما تعينني علي فهمه أو تسلمني إحدي مفاتيح أسراره. لميّاس عوالم مربكة، تبدو من خارجها معتادة غير أنها تحمل بداخلها فلسفة وأرقاً وجودياً. البيت والكتابة وميّاس صورة طبق الأصل، هو أحد الكُتّاب المتسقين مع أنفسهم. يبدو متواضعاً وبسيطاً، لكنه ما إن يتحدث حتي يظهر عمقه. في الدقائق الأولي أدركت أن شكل حياة هذا الكاتب يشبه ما يدافع عنه من أفكار.
يكتب ميّاس الرواية والقصة القصيرة والمقال والريبورتاج الصحفي، وتُرجمت أعماله لأكثر من 23 لغة، من بينها العربية، ومؤخراً كتب المسرح والسيناريو السينمائي. له باللغة العربية رواية «العالم» «هكذا كانت الوحدة» «لاورا وخوليو» ومجموعة «هي تتخيل وهلاوس أخري» وقريباً سيصدر له «ما أعرفه عن القرين». فاز ميّاس بعدد من الجوائز الإسبانية الهامة، من بينها جائزة بلانيتا وسيسامو وجائزة الدولة في الرواية، وفاز في الصحافة بجائزة ميجيل دليبيس وماريانو دي كابيا وفرنثيسكو ثرثيدو وجائزة الصحافة الثقافية مانويل باثكيث مونتالبان. وهو كاتب معروف عنه غزارة الإنتاج، فله كل عام كتاب جديد أو أكثر، كما أنه يتعاون مع العديد من الجرائد الإسبانية بكتابة عمود صحفي، أهم هذه الجرائد «الباييس».
داخل بيت ميّاس، وفي غرفة مكتبته، سألته كيف يقوم بكتابة كل ذلك؟ فأجابني بأن الصحافة أيضاً كتابة، لكنها شكل آخر منها. وواصلنا الحوار.
في البداية، أريد أن يأخذ الحوار شكل الثرثرة الأدبية والسياسية دون ترتيب.
- فليكن بهذه الطريقة( يضحك)
احك لي ماذا تكتب هذه الأيام وماذا يشغلك؟
- أعمل الآن في رواية، لكنها ستستغرق بعض الوقت. وهذه الأيام يُعرض علي علي المسرح القومي مسرحية قمت بكتابتها ويمثلها أحد أشهر الممثلين الإسبان. وأنا سعيد بها لأنها تحقق نجاحاً يومياً. هي عبارة عن ميلودراما، مونولوج طويل يحمل ما أظنه فناً. أقول إنها عودة من جديد لكتابة المسرح، فقد كتبته منذ سنوات بعيدة ثم توقفت، وكنت أتمني العودة إليه، وعدت. أتعرف؟ الحياة قصيرة جداً لعمل كل ما تحب، لذلك فنحن في حاجة إلي حيوات كثيرة لتحقيق كل ما نرغب.
وواصل ميّاس: «المسرح فن مثير للشغف، بالإضافة لذلك هو عمل جماعي، علي عكس الرواية التي هي عمل فردي. يمكنني أن أقارن دائماً بين المسرح والسينما، فكل ممثل سينمائي يحب أن يعمل بالمسرح ولو لعمل واحد كعودة إلي الأصل. المسرح ايضاً موح جداً، إنه احتكاك مباشر بالكلمة. المسرح مثل اللعبة التي تتبادلها مع الممثل والجمهور.
وبالنسبة للسيناريو؟
- كتبت أيضا سيناريو منذ فترة طويلة، والآن أعمل في آخر. ميزة السينما هذا التعاون لإنتاج العمل، وبالتالي تبادل الأفكار.
تقول إن الرواية عمل فردي، أعتقد أن هذه إحدي مزاياها الكبري، لأنها في النهاية تعكس رؤية الكاتب دون مؤثرات خارجية.
- في الدول الأنجلوساكسونية يقوم المحرر باقتراح أفكار علي المؤلف، بذلك يتم التعاون بين الكاتب ودار النشر لإنتاج عمل أدبي. لكن هذه العادة غير موجودة في العالم الإسباني، بل إن الكتاب يرفضون حتي تغيير محل الفاصلة، مع أني أعتقد أن الفاصلة من الممكن أن تغير مكانها دون أدني مشكلة(يبتسم). الكاتب المغرور يرفض دائماً أي اقتراح خاص بعمله، رغم أن ذلك، كما قلت، يحدث في العالم الانجلوسكسوني مع كبار الكتاب. بالنسبة لي لا مشكلة في ذلك، فنفس الأمر يحدث في المسرح والسينما، والعمل الجماعي يؤدي لتطوير الأفكار وهو ما يفيد العمل.
بهذه الطريقة أنت مع الورش السردية؟
- لقد أعطيت خلال سبع سنوات ورشاً سردية، والآن، من آن لآخر، أترأس ورشة.
لكن هل تعتقد أن ورش السرد تصنع كاتباً؟
- الكتابة يمكن تعلمها بطريقة أو بأخري، ما من كاتب يولد كاتباً، والتعلم يأتي سواء عن طريق الورشة أو بمجهود فردي. الورشة تستطيع أن تساعد وتقصر الطرق أحياناً، فعندما تسير في الطريق بمفردك تستغرق سنوات لتنتبه لأشياء ممكن أن تتعلمها من الورشة، لكن هناك من لديهم استعداد للتعلم ومن لا. ومن اللافت بالنسبة لي أن يبدو طبيعياً أن يذهب أحدنا ليتعلم الموسيقي في الكونسرفاتوار، أو لتعلم الرسم في كلية الفنون الجميلة، وفي المقابل لا نقبل أن يذهب كاتب لورشة سرد. أعتقد أن السبب في ذلك أن الكتابة تبدو شيئاً رومانسياً حد أن أحداً لا يمكن أن يتعلمها. وهذا غير صحيح.
يواصل مياس: أنا مع الورش السردية إن جاءت من مبدع لا من أكاديمي. بهذه الطريقة يمكن دخول مطبخ الكاتب، هذه المنطقة المحظورة بالنسبة للجميع. لقد أعجبني دائما قراءة ما يحيط بمطبخ الكُتّاب وأستفدتُ كثيراً من هذه القراءة، خاصةً أن قليلين من يكتبون عن كواليسهم. فيما يخص ورش السرد، انظر إلي أمريكا، فمن الممكن أن نري كُتّاباً يتخرجون من ورش أدبية ويصبحون أساتذة لورش قادمة.
مطبخك الأدبي يثير فضولي علي الدوام، وكثيراً ما أتساءل عند قراءتك عن كيف تتم هذه الطبخة الفاتحة للشهية والمشبعة في نفس الوقت. حدثني عن هذا.
- كتبت أشياءً مبعثرة في الصحافة عن مطبخي، وأود أن أكتب عنه بشكل مرتب. في رواية «العالم» كشفتُ الكثير من تفاصيله، لأن تكنيك الرواية كان كيفية كتابة رواية، كما أنها كانت رواية ذاتية.. لقد كتبت كيف أكتب الرواية بشكل واضح.
يصمت ميّاس لثوان ويواصل: «لقد فكرت دائماً في أن أكتب بجانب الرواية يوميات كتابة الرواية، مثل القبطان الذي يبحر وبينما يبحر يكتب يوميات الإبحار. لم أفعل ذلك أبداً لكنني أحب أن أفعله في يوم ما، وحينها ستكون اليوميات أهم من الرواية نفسها. أعتقد أن «العالم» رواية تضم ما كنت أفكر فيه أثناء الكتابة، لقد ضمت الخطوات والأرق، كما ضمت التفاصيل بشكل ما. طموحي أن أكتب رواية تضم بداخلها يومياتها.
أتقصد بذلك الاتجاه نحو الميتا-سرد؟
- لا أهتم كثيراً بالمسميات، ربما يكون المسمي ميتا رواية أو ميتا سرد، لكنه في النهاية هذا العمل الذي يفتح نفسه بنفسه. أنا أحب أن تفتح الرواية نفسها.
يواصل ميّاس: كل هذه الخطابات تُستخدم عندما تفكر في الراوي، لا في الكاتب، بل الراوي، فكل رواية تضم بداخلها روايتين، واحدة هي التي تشتريها من المكتبة لتقرأها، والثانية حكاية عن الراوي الذي يعطي معلومات عن نفسه دون أن يقصد ذلك بشكل مباشر. فالكاتب بالضمير الثالث عندما يقول إن البطل في مكان ما، هذا يعني أنه بالضرورة يعرف هذا المكان وأنه يراه. أحاول قراءة الرواية من منطقة الراوي لا ما يحكيه ويبدو هذا شيقا جداً. أعتقد أن الراوي هو المنطقة التي يمكن أن يلعب فيها الروائي الآن، خاصة أن فن الرواية فن قديم تم اللعب في مناطق كثيرة خاصة به.
يصمت ميّاس لثوان وينظر لي مفكراً، ثم يقول: في منطقة رؤية الراوي هناك بعض الامكانيات لاكتشاف أشياء جديدة.
أفكر في المقولة، وأطرح عليه سؤالاً حول مطبخه ولكن بشكل مختلف. حدثني قليلاً عن طقوس الكتابة التي تتبعها.
- (يبتسم) عادة ما ينكر الكُتّاب أن لهم طقوسا كتابة، لكني أعتقد أن هناك طقوساً حتي ولو بشكل غير مدرك، حتي لو أنكرنا ذلك. يومي يسير كالتالي: عادةً أستيقظ في الخامسة والنصف أو السادسة، وأول ما أفعله قراءة الشعر، سواء الجديد أو الكلاسيكي، فالشعر يضعك في منطقة حميمية ويغذي العقل. بعدها أحب الكتابة في الساعات الأولي من الصباح، ثم أتمشي لمدة ساعة ونصف وهذا جزء من عملي لأن المشي يغذي الخيال، وأعود للإفطار مع الجرائد. بعدها أكتب للصحافة وأتناول الغداء ثم أبدأ في القراءة لمدة ساعتين أو ثلاث.
وهل تضع برنامجاً للقراءة أيضاً؟
- في الحقيقة أنا أقرأ لكل الكُتّاب لكن بطريقة فوضوية، وأحيانا أبدأ في قراءة أعمال لا أكملها، لكنني أعتبر نفسي قارئاً فوضوياً.
وأي نوع من الكتب تقرأ؟
- أقرأ في كل المجالات، لكنني أفضل قراءة الكتب العلمية، خاصة أنها تحتوي علي مواد أدبية.
وكتابك المفضلون ومن أثروا فيك ككاتب؟
- ليس من السهل عمل قائمة، فالصحافة تريد أربعة أسماء ليكون كل شيء علي ما يرام، لكنك تعلم أن المفضلين كثيرون، وعمل قائمة مجرد كذبة. من الصعب أن أقول من أكثر الكتاب الذين أثروا في، لكن يمكن أن أقدم لك خريطة: الرواية الفرنسية، ومنها فلوبير، الرواية الروسية، ومنها تولستوي، ومن القرن العشرين كُتّاب الثلث الأول، كما أنني أحب الأدب الأمريكي الجديد لأنه ملتصق بالصحافة. وهناك الكثيرون. لكن من الصعب أن أقول لك من أحب ومن يهمني، فهناك من أحب ومن يثير اهتمامي.
مع ذلك أعتقد أن لكل كاتب عائلة ينتسب إليها.
- حسناً، من الممكن أن ينتسب إلي عائلات كثيرة أيضاً. أنا بشكل عام أحب الأدب الفانتازي، لكنني في الحقيقة لا أحب تصنيفات التيارات الأدبية، ولا أري أن التصنيف عمل الكاتب، فهناك النقاد والأكاديميون والمهتمون بهذا الشأن.
بالنسبة للأدب الفانتازي، هناك صورة ما أنه الأدب المنفلت عن الواقع.. ما رأيك؟ وهل تري أن مجموعتك القصصية «هي تتخيل وهلاوس أخري» عمل فانتازي؟
- أعتقد أن كثيراً من أعمالي تضم الفانتازي مع اليومي في انصهار تام، وأعتقد أن كتاب أمريكا اللاتينية حلوا هذا المعضلة بطريقة الواقعية السحرية. في رأيي، بين الأدب والفانتازيا علاقة وثيقة، وأن هذا الحاجز بين الواقع والخيال حاجز وهمي. انظر للكوميديا الإلهية مثلاً، وهي عمل فانتازي.
عودة للواقع، في أي منطقة تحب أن تقف من الواقع، داخله أم خارجه؟
- الحقيقة أنني ملتصق بالواقع بسبب العمل الصحفي، وهذا يجعلني مربوطا به، لكن ما أكتبه هو الواقع الأكثر فانتازية، وأعتقد أن الواقع أحياناً أكثر فانتازية من الخيال.
هل أكون محقاً إن قلت إن العالم الذي تتحرك فيه عالم خاص وشخصي ويبدو أنه جزء من حياتك؟
- أعتقد أن كل عمل يحتوي علي جزء ذاتي، ما يحدث أننا نحوّله، نمنحه صبغة سردية. فعندما يسألونني إن كان عملي يحتوي علي سيرة، أقول لا، لكن الحقيقة أنه لابد أن يضم شيئاً مني، من سيرتي.
في روايتك الأخيرة «ما أعرفه عن القرين» يبدو العالم غريباً ومسلياً حد الرعب، أريد أن أعرف ما أهم ما سمعته عنها؟
- أكثر ما سمعته وأدهشني أنها «رواية غريبة»، وأنا سئلت ألا يدهشني أن يكتب أحد رواية عادية؟ وكانت إجابتي أن الرواية يجب أن تكون غريبة. ثم كيف تكون الرواية عادية؟ غرابة العمل جزء من هدفه. وكلما كانت غريبة كانت أكثر أصالة. عندما تبدأ في الكتابة تبحث عن صوتك الخاص، وتحقيق ذلك صعب جداً.
عندما فاز مويان بنوبل قال إنه يكتب عن حياته وحياة المحيطين به.. وميّاس، عمّن يكتب؟
- الكتابة عن حياتنا وحياة المحيطين، بالنسبة لي، تحدث بطريقة غير واعية، فعندما نكتب في الحقيقة نكتب عن أنفسنا والمحيطين بنا، وما من طريقة أخري للكتابة. أعتقد أنه ليس هناك حاجز بيني وبين الآخرين. لا أعرف، هل تسأل عن أشخاص حقيقيين وآخرين غير حقيقيين؟
نعم، أسأل إن كانت شخصياتك موجودة بالفعل في الحياة أم تبتكرها من العدم؟
- أظن أننا نحمل بداخلنا أشخاصاً حقيقيين وغير حقيقيين في الوقت نفسه. لا أفهم ما معني شخص من لحم ودم، كلنا نحمل هذا الجزء الغريب والخيالي ولا أري أي حدود بين الواقع والخيال. الأحلام واقع أم خيال؟ إنها واقع لكنه الواقع الخفي. وما هو غير حقيقي يشغل مكاناً أكثر من الحقيقي. أين الإله؟ مع ذلك يحرك العالم. ما نسميه واقعاً كان قبل ذلك مجرد طيف في رأس أحد. الأول تأتي الفكرة ثم تتحقق، الإنسان يعيش بطريقة لا يمكن فيها فصل الواقع عن الخيال. في ثقافتنا عندنا بابا في روما يعتقد أنه يمثل الرب في الأرض، وبهذه الفكرة غير الحقيقية يحرك العالم. هذا مستحيل ومع ذلك واقع.
في أعمالك يتضح تماماً هذا اللبس بين الواقعي والخيالي، في وسط بحر من التفاصيل اليومية البسيطة، وربما هذا ما يدفعني لسؤالك عن مدرستك الأدبية الذي تظن أنك تنتمي إليها.
- لا أعرف في الحقيقة، كل ما أعرفه أنني اكتب تصوري للعالم وأقدمه بالشكل التي اختاره لنفسي، ما عدا ذلك عمل الأكاديميين والنقاد، هم يهتمون بذلك وأنا لا أهتم به. حسناً، هم يريدون تسهيل الأمور بالتصنيف، لكن ما أفهمه أنني لا أريد أن أكون داخل تصنيف أدبي.
لكن البعض يصنفك ضمن الواقعية السحرية؟
- حسناً، الواقعية السحرية عالم كبير وملتبس ونسبي. عندما تذهب إلي كولومبيا ستجد أن واقعية ماركيز السحرية محض واقعية صرف، فهناك مثلاً الصراصير الصفراء. أعتقد أن من يهتم بذلك سيسهل عليه وضع التعريفات والتصنيفات.
بعيداً عن التصنيفات، أكثر ما يلفت الانتباه في أعمالك القضايا الصغيرة وتجنب القضايا الكبيرة. متي قررت ذلك؟
- لست متأكدا أنه قرار، ما يحدث أنني انتبهت أن المعني ليس في المركز بل في الهامش، ليس في القضية بل في فروعها، في الأشياء الصغيرة. إنها عملية البحث عن المعني من وجهة نظر أخري وبعيدة، وأنت تختار من أين تحكي حكايتك. أحب مقارنة ذلك بالسينما، فالمخرج يقرر عندما يصل للبلاتوه من أي زاوية سيصنع فيلمه، فمكان حكاية الحكاية لها مغزي أخلاقي. أعتقد أن الكاميرا تجد المعني في الهامش والصغير وليس في المركز. من هنا أهتم بالمحيط القريب، بالعائلة. أعتقد أن الكاتب ينطلق من صراعه مع الواقع، وما يحاوله هو فض هذا الاشتباك. ليس هناك أدب بلا صراع، وهذا نفس الصراع الذي نحمله دائماً.
وفي وسط هذا الصراع تلعب الذاكرة دوراً هاماً، وكذلك الخيال، بالنسبة للكاتب.. كيف تري دور الذاكرة والخيال في صنع عمل عظيم؟
- أعتقد أنه لا أدب بلا ذاكرة، ولا أدب بلا خيال، فكلاهما لا يمكن فصله عن الآخر. الذاكرة تعمل بشكل لا يمكن السيطرة عليه، إنها تغرق في الواقع حيث البدروم وحيث الصراصير والأشياء القديمة والروائح، أثناء ذلك علينا الهبوط إليها بخيال يساعد علي الاكتشاف.
في وسط هذا الصراع مع الواقع، متي قررت أو اخترت أن تكون كاتباً؟
- ليس اختياراً ولا قراراً، بل هي لحظة تسأل نفسك فيها إن كنت تستطيع أن تكون كاتباً، هي لحظة تجد نفسك فيها تكتب وترسل عملك لدار نشر دون أي يقين في أن ما تكتبه ذو قيمة. أعتقد أنه ما من كاتب يستيقظ صباحاً ليقول: سأكون كاتباً! ولدتُ في عام 46 وظللتُ أعمل بشركة إيبيريا( الطيران الإسباني) حتي 93، وكنت وقتها أكتب بالليل. بدأت أولاً كتابة الشعر وأنا في السادسة عشرة، وفي الخامسة والعشرين كتبت روايتي الأولي التي لم تنشر أبداً لحسن الحظ، لأنها كانت ساذجة. بعدها كتبت الثانية وأنا في الثامنة والعشرين، ونشرت وأنا في التاسعة والعشرين. هكذا كانت الكتابة عملية مستمرة، حتي قررت في النهاية التفرغ لها.
تقول إن روايتك الأولي لم تنشر، من قرر ذلك؟
- أنا نفسي، لأنني اكتشفت فيها أخطاءً كبيرة، وقررت أن أعتبرها محاولة فاشلة يجب أن أتخطاها لأكتب بطريقتي وليس بطريقة آخرين.
وما الذي دفعك أصلاً للكتابة؟
-أكتب لأنني تعيس، لو كنت سعيداً ما كتبت.
التعاسة فقط ما تدفعك للكتابة؟
- بشكل أساسي، نعم. لكن هناك أيضاً الصراع مع الحياة والواقع والعالم، وهو صراع لا يتوقف.
وكيف تري العلاقة بين الكاتب والسلطة التي تشكل هذا الواقع؟
- عادة علاقة سيئة، ويمكن أن تري ما دونته كتب التاريخ، فالكُتّاب كانوا دائماً معاقبين، لكن علينا أن نفرق بين كاتب عاش في فترة ستالين وآخر يعيش في أوروبا الديمقراطية. بشكل عام الكتاب لا يتفقون مع الساسة، بهذه الطريقة يمكن قراءة رواية «المسخ» لكافكا علي أنها رواية سياسية، وأنا أعتبرها أفضل رواية تعبر عن القرن العشرين.
ككاتب يساري، كيف تبدو لك السياسة الاسبانية الآن؟
- علينا أن نفكر قليلاً في فكرة اليسار واليمين، فالفرق بين الأول والآخر اعتقاد كل منهم في حجم الدولة، اتساع سلطاتها أو انكماشها، فاليساري يريد أن تتسع الدولة لتقدم خدمات أكبر للمواطن، بينما اليمين يريد أن تنكمش فتفتح مجالاً للقطاعات الخاصة. هكذا مع الرئيس الاسباني اليميني تتسع رقعة الخاص. أعتقد دائما أن الصحة والتعليم والمواصلات يجب أن تكون عامة.
بحكم عملك الصحفي واهتمامك الإنساني كروائي، هل تتابع ما يحدث في العالم العربي؟
- أتابعه بالطبع، ليس بما ينبغي لكن أتابعه. ضع في اعتبارك أيضاً أن الأمور لا يجب أن تصل إلينا بكل شفافية، حتي مع انتشار المعلومات هناك احتمالية للتزييف. ما يحدث في الواقع العربي، في رأيي، مؤسف، والربيع العربي لم يصل لما كان يطمح إليه بل ضل الطريق. أنا مشغول بالواقع العربي، لقد عشنا ذلك في إسبانيا أيام فرانكو، حيث العملة كانت تحمل عبارة «فرانكو زعيم إسبانيا باختيار الرب» وهو أمر خطير، فيجب دائماً فصل الدين عن الدولة حتي تتقدم الشعوب. ومزج الدين بالسياسة يؤدي إلي الدمار.
عودة إلي الأدب، يبدو لي أن مياس يجرب في القصة اكثر من الرواية؟
-لا أعرف، أنا أجرب كثيرا حتي في الصحافة. ربما معك حق، فعلي مستوي الخيال ربما تكون القصة اسهل في التجريب، فالقصة مثل القصيدة، بينما الرواية شيء في حاجة إلي عناية.
في السنوات الأخيرة اكتسحت الرواية عالم الأدب، حتي اصبحنا في عصر الرواية.. كيف تبدو لك المقولة؟
-أعتقد أننا في عصر الرواية منذ بداية القرن 20، وربما لذلك لم يحظ بورخس وكورتاثر بما يستحقان. في امريكا مثلا لا يحتفي أصلا بالقصة القصيرة. الرواية هي نوع النجوم.
هل تتفق مع اختيارات جائزة نوبل؟
- الحقيقة انني لا أفكر كثيرا في هذا الأمر.. لكن نوبل ارتكبت أخطاءً وأصابت أحياناً. لكن نوبل ليست الحكم النهائي علي العمل الأدبي، فهناك أعمال قد تبدو رائعة الآن، وبعد 20 عاماً تفقد أهميتها. الكتاب المقدس لم يكتب ليكون كتاباً أدبياً، مع ذلك هو كتاب أدبي بامتياز. كتاب «أصل الأنواع» كتاب أدبي في حقيقته. ما يخص نوبل يخص لجنة تحكيم ليس إلا ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.