جلست بالقرب من نافذة حجرتها تتابع غروب الشمس كما اعتادت.. نظرت إلى نافذة الجيران المقابلة لنافذتها فتتذكر يوم ودعت حبيبها المسافر إلى بلاد الغرب حيث الحسناوات الشقراوات وهى تخشى أن ينسيه حسن بنات الغرب بلاده ولا يعود مرة أخرى بعد أن فقد الأمل وضاقت عليه بلده.. قرر السفر إلى النمسا باحثاً عن عمل ومستقبل أفضل.. تذكرت حينما كانا صغيرين يلعبان بالفوانيس فى رمضان وعندما كان يشترى الحلوى ويقتسمها معها يوم ودعته بقلبها من خلف نافذتها وهى تكتم حبها له معتقدة أنه يشعر بحبها له وأنه لن يستطيع البقاء طويلاً بعيداً عن بلده.. سافر ابن الجيران والحبيب، ولم تنقطع أخباره التى كانت تصلها من أحاديث أخته الصغيرة.. كان يحكى لها عن صعوبات الحياة فى بلاد الغرب.. ظلت تنتظر عودته وتحلم بها، لامت نفسها كثيراً؛ فلماذا لم تصارحه بحبها؟ لماذا تركته يسافر دون أن تبوح له بما تكنه من مشاعر؟ ظلت ترفض كل من تقدم لخطبتها أملا فى أن يعود الحبيب المنتظر لتصارحه بحبها الذى ظلت تكتمه بداخلها ولم تستطع البوح به ولا تعرف له عنواناً تراسله عليه، فما كان منها إلا الانتظار.. تنتظره كل ليلة لترسل رسائلها مع النجوم وترى وجهه فى ضوء القمر وشعره فى سواد الليل.. ثم يرحل الليل ويأتى نهار يوم جديد وما زال يطاردها طيفه فتمشى فى الشوارع والطرقات التى كانا يلعبان بها فى الصغر ويزداد اشتياقها إليه. تقدم بها العمر حتى بلغت الثلاثين ولم يعد الحبيب وانقطعت أخباره.. بعد أن انتقلت عائلته إلى حى آخر.. التقت رجلاً يرغب بالزواج منها، وافقت كى تحقق حلم الأمومة قبل أن يمضى قطار العمر وبعد أن فقدت الأمل فى عودة الحبيب. بعد عام من زواجها، وفى إحدى الحدائق العامة التقت الحبيب المنتظر العائد من بلاد الغرب ومعه أمواله التى جمعها ويرغب فى الاستقرار فى بلده. رأته يمسك بطفلة صغيرة شقراء قبل أن تسأله جاوبها بأنها ابنته.. فقد تزوج فتاة نمساوية وأنجب منها هذه الطفلة حتى يحصل على الجنسية والإقامة.. غادرت الحديقة وهى تسأل نفسها: هل أنا المخطئة بأننى لم أصارحه بحبى، أم خطأ المجتمع الذى يعيب على الفتاة أن تصارح من تحب بحبها ويتركها فريسة للانتظار؟ فما الذى جنته من صمتها وكتمانها؟!