جلسة ودية، جمعت كلاهما، تناقلتها وسائل الإعلام بمعلومات ناقصة، بعضها وصفها بأنها لقاء عاصف، وآخرون اعتبروها اجتماعاً ناسفاً، لكنها فى الحقيقة لقاء ودى، ينفرد «المشاكس» هنا بنشر تفاصيله.. حيث اجتمع الرئيس مرسى والفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع على مائدة غداء واحدة، تخلى فيه كلاهما عن الرسميات، فلم يرتد السيسى بدلته العسكرية، وفضل مرسى استقبال السيسى بالزى الأقرب إلى نفسه جلباب أبيض فضفاض، ليذكره بحلمه الطفولى الأول؛ «عارف يا سيسى طول عمرى نفسى أبقى خطيب جمعة.. وأهو ربنا نولهالى بعد سنين». تخلى السيسى أيضاً عن بروتوكول الحوار مع الرئيس «الأحمدى»، حسب وصفه، وقرر أن يرفع التكليف ولا يخاطبه باللقب الذى اعتاده «يا دكتور»، وقرر أن يناديه متخففاً: «يا ريس»، على غير العادة، ما أحدث فرحة فى نفس مرسى: «أخيراً قلتها يا سيسى.. كان نفسى أسمعها منك من زمان».. ابتسم السيسى وقال فى نفسه: «لأ، ماتخدش عليها، ده إحنا عشان قاعدين قعدة صحوبية»، وأعقبها بصوت مسمع: «إنت عارف كلمة يا ريس دى ممكن تتقال لسواق التاكسى أو العتال أو حتى الصياد.. يعنى ماتفرحش بيها قوى كده، أنا بس بدلعك». تبادل كلاهما الضحكات العالية، جاء الطعام، فأقسم كل منهما على الثانى أن يتناوله أولا، ضحك السيسى: «عيب يا ريس، الحركات دى ماتتعملش معايا، والنبى ما امد إيدى غير بعد إيدك».. فتبعه مرسى: «إنت فى بيتى.. قصدى يعنى بيت الشعب، مد إيدك بقلب جامد وماتخافش».. وظلا على هذا المنوال «كل الأول.. لأ كل انت الأول»، إلى أن قررا اقتسام لقمة واحدة فى آن واحد؛ «يا نعيش عيشة فل يا نموت إحنا الكل». اللقاء طال لما بعد الغذاء بساعتين، حرص مرسى على دعوة السيسى على شاى، وقرر السيسى أن يفاتح مرسى فى عدد من الأسئلة: «بقولك يا ريس.. بالصلاة على النبى كده، قل لى إنت ليه مش عايز تعمل زى مبارك، تتشجع وتستقيل أو تتنحى أو تتخلى أو تفوض؟ أى حاجة تيجى منك، وصدقنى الشعب هيفرح بأقل حاجة تعملها فى هذا السياق». اعتدل مرسى فى جلسته، وتنهد تنهيدة ألم، قال للسيسى: «جيت على الوجيعة.. أقولّك على السر وما تفضحنيش، إحنا أكلنا مع بعض عيش وملح وبقت فيه عشرة؟ احلف يا شيخ ما تقولش لحد».. أقسم السيسى على كتمان السر، فهم مرسى بالحديث وقد بدا أن الأكل كبس على نفسه، فطلب زجاجة مياه غازية له ولضيفه، واسترسل قائلا: «بص يا سيدى، أول سبب يمنعنى من التنحى والتخلى والتفويض والانسحاب وكل المفردات اللى شبه بعضها دى، إن ما اضمنش حد فى البلد دى، ده مبارك بجبروته وهيلمانه وعشرته اللى طالت 30 سنة وعمره اللى انفنى فى البلد، راح فطيس ومرمى فى السجن، أبقى بقى هتعملوا فيا إيه؟».. هب السيسى رافضا حديثه: «إنت هتعايرنا يا ريس.. لا، نحن نختلف عن الآخرين، وإن كان طنطاوى عملها مع مبارك، أنا عمرى ما اعملها معاك يا دكترة، إنوى انت بس وانا هسيبك تهرب بره مصر.. وانتو بقى تنظيم دولى، ومش هتغلب تلاقيلك مطرح». لم يطمئن مرسى لحديث السيسى، فأضاف: «لأ، ما هو مش ده وبس، قل لى طيب مين يمسك بعدى، أنا خايف على البلد من بعدى، المرة دى فعلا أنا الفوضى، قصدى أنا أو الفوضى».. فقاطعه السيسى: «ماتشيلش هم، إنت انوى، الرجالة كتير والمصريين اللى ينفعوا للكرسى أكتر، إنت بصراحة هونت الموضوع وخليت كل من هب ودب ممكن بكره يبقى ريس». سأله مرسى: «كتير!.. فين الكتير دول؟». فرد السيسى: «عندك مثلا عمرو موسى». ضحك مرسى: «عمرو ده لو كمل السيجار اللى بيشربه يبقى كرم من عند ربنا.. يا راجل ده نفسه مقطوع مش فالح غير فى البرفان والسيجار والبدلة الجامدة، ما أكلش طعمية ولا شرب من الطلمبة.. ولا دخل سجون ولا هرب منها». رد السيسى: «يعنى كنا عملنا إيه بالهربانين من السجون؟ يلّا مش مشكلة.. عندك مثلا محمد البرادعى». عاد مرسى للقهقهة: «إنت بتقول برادعى؟ يبقى انت اللى دخلت النووى.. يا راجل ده ضيع العراق، ومن ساعة ما جه مصر ماقلش كلمتين على بعض، كله تهتهة وكلام نصه إنجليزى ونصه التانى إنجليزى برضه، محدش فاهم منه حاجة.. ده غير إنه لو فرضنا كسب هيحلف اليمين على تويتر.. وهيكلم المصريين من بره عبر الفايبر، ولو زهق من المصريين هيعمل ثورة على الشعب ويطالب بتغييره». هنا ثار السيسى: «لا، حوش يا ريس، إنت اللى بتقول كلام مفهوم! طب على الأقل ده مش فاهمينه عشان الإنجليزى، لكن انت إنجليزى وعربى مش مفهوم.. بلاها سوسو خد حمدين صباحى». مرتبكاً يرد مرسى: «صباحى راجل جميل فعلا، بس ماينفعش حاكم، يا راجل ده آخره يشتغل ممثل فى أفلام خالد يوسف مع الصاروخ حورية فرغلى، كلام فى كلام من يومه، ما يعرفش حاجة غير الكلام، والمصريين ما بيخلش عليهم الكلامنجية دول». هب السيسى مغادراً: «لأ، كده كتير يا ريس، ما احنا برضه مشفناش منك غير كلام.. بص هتقول كلام يتصدق هسمعك مش هتقول أمشى أحسن.. طب إيه رأيك فى عمرو حمزاوى؟»، مرسى مبتسماً: «يا عم ما تهزرش، عمرو كيوت يبقى رئيس؟! عيب والله، ساعتها بقى بسمة هيطلع يلقى خطبة على الشعب وهو ماسك إيدين بسمة، وكل ما البلد تعوزه نلاقيه بره مصر بيفسحها، يا راجل إحنا عايزين واحد اتنيل شرب من نيلها وجرب يغنيلها». وعلم «المشاكس» أن الحوار تحول إلى شجار بين الطرفين، بعدما دخل الطباخ حاملاً الحلو، وقدمه إلى السيسى قائلا: «اتفضل يا ريس».. ورماه أمام مرسى قائلاً: «اطفح وانت ساكت».