تعانى الغالبية العظمى من الطرق السريعة فى بلدنا من الإهمال، حيث تدهورت حالتها بشكل كبير وأصبحت تشكو الإهمال دون أن تجد حلولاً عملية، وبمجرد أن تفكر فى أن تسلك أحد الطرق السريعة يمثل ذلك بالنسبة لك كارثة سواء فى عدم الإنارة، أو تعرضك للسطو المسلح لغياب الوجود الأمنى على مثل هذه الطرق، أو تعرض سيارتك للهلاك والضياع نتيجة تدهور حالة الطريق من المنحنيات الخطرة خاصة الفواصل الحديدية التى تتسبب فى تهتك إطارات السيارات، وأحياناً كثيرة انفجارها، مما يتسبب فى حوادث الطرق التى يروح ضحيتها العشرات يومياً دون أدنى تفكير من المسئولين فى صيانة وإصلاح تلك الطرق. وبخلاف ذلك انتشرت فى الآونة الأخيرة المواقف العشوائية للميكروباصات، بل وتحولت ل«مقاهى وغرز» على طول الطريق لسائقى النقل، وأيضاً أكشاك لضبط هواء الإطارات وذلك دون رقابة، بل أنها أصبحت مقلباً لمخلفات البناء، وتتناثر على طول الطرق السريعة أكوام من الزبالة ومخلفات البناء والركش والحجارة التى تعوق حركة السيارات وتتسبب فى الحوادث.. كل ذلك يحدث أمام أعين جميع مسئولى وزارة النقل والطرق والكبارى وأيضاً الشرطة ورجال المرور الذين يركزون اهتمامهم فى الآونة الأخيرة على تحرير المخالفات المرورية فقط ونصْب الرادار على الطرق وفى أحيان كثيرة يكونون مجرد ديكور لا نفع منهم ولا ضرر.. كما انتشر فى الآونة الأخيرة مع ثورة 25 يناير قيام الأهالى بإنشاء مطالع ومخارج على الطرق السريعة فى الأماكن التى يختارونها وبطريقة بدائية أو عشوائية مستخدمين أكوام الزبالة والركش فى تلك المخارج غير عابئين بمدى قانونية ذلك من عدمه، وتجد أيضاً سائقين يسيرون عكس الاتجاه عند مخارج ومطالع الطرق وخاصة سائقى الميكروباص، مما يجعلك تشعر أنك فى بلد لا يوجد فيه قانون أو احترام من أساسه. والأخطاء الجسيمة التى تتعرض لها الطرق السريعة يرجعها بعض الخبراء إلى غياب الوجود الأمنى والمرورى على تلك الطرق فضلاً عن غياب ثقافة الصيانة، فالدولة تقوم بإنفاق المليارات على إنشاء الطرق والكبارى فى حين أنها لا تضع ميزانيات مناسبة لعمليات الصيانة.. وذلك بالرغم من أن الصيانة تحتاج من 5 إلى 10% من التكلفة الإجمالية لإنشاء الطريق، ولكن ميزانية الصيانة ضعيفة جداً. وتشير العديد من الدراسات إلى أنه إذا تأخرت الصيانة تصبح الخسائر والتدهور فى حالة الطرق والكبارى كبيرة وتحتاج صيانتها إلى أضعاف قيمتها.. فالدولار الذى يُصرف فى الصيانة الوقائية على الطرق والكبارى يوفر 10 دولارات من الصيانة اللاحقة ويتم صرف عشرة أضعافه على الصيانة. وأكد الدكتور رجب موسى، مساعد وزير النقل للطرق وأستاذ كلية الهندسة، أن الطرق فى مصر تخضع إلى الكود المصرى طبقاً للمواصفات العالمية، ومع ذلك فإن الطرق فى مصر سيئة، وهذا يرجع إلى عدم الرقابة والإشراف من المحليات أثناء عملية التنفيذ، وأيضاً إلى غياب الضمير لدى مقاول الإنشاء، ويجب أن يخضع الطريق إلى اختبارات جودة قبل تسلمه، وأضاف أن المخالفات التى تجرى على الطرق والتى تسبب الكثير من الحوادث تعود إلى أسباب عديدة منها الغياب الأمنى وسلوكيات السائقين وأيضاً الأماكن التى دائماً تحدث عندها الحوادث والتى تسمى النقاط السوداء، وأشار موسى إلى أنه يوجد لجنة من أساتذة الجامعات بالتعاون مع هيئة الطرق والكبارى لعمل خطة عاجلة لغلق بعض الفتحات فى الطرق بهدف تقليل الحوادث، وأكد أن الطريقين الوحيدين الأفضل فى مصر هما طريق العين السخنة وطريق الكريمات ومصر الإسكندرية الصحراوى بعد الانتهاء من تنفيذه. ويرى بعض الخبراء أن شبكة الطرق فى مصر ليست سيئة كما يعتقد البعض ولكنها تحتاج إلى الصيانة الدورية والتأمين ضد الحوادث، خاصة أن الطرق تُعتبر أولى خطوات تنمية الاقتصاد وأهم وسائل محاربة الفقر فى أى دولة، ومصر فى حاجة ماسّة إلى شبكة طرق محلية ودولية للربط بين الشرق والغرب ومع الدول المجاورة لزيادة النمو الاقتصادى والتنمية.