تتزايد نبرة الحديث بين الفلسطينيين العاديين، فضلاً عن المسئولين الإسرائيليين والدبلوماسيين الأجانب والعرب، بشأن مَن يخلف الرئيس محمود عباس لتولى منصبه؟ الجميع يترقب رئيس السلطة الفلسطينية المنتظر الذى سيأتى بعد إسدال الستار على سنوات طويلة من حكم «أبومازن» عام 2005 خلفاً للراحل ياسر عرفات، لكن تلك المرحلة لن تكون سهلة أو تمر مرور الكرام، بل ربما تشهد صراعاً حاداً بمجرد رحيل «عباس»، وترددت أسماء فى الآونة الأخيرة لتقلد المنصب فى سباق الترشح لرئاسة السلطة منها (محمد دحلان، النائب فى المجلس التشريعى والمفصول من حركة فتح وهو المرشح الذى تفضله الرباعية العربية والمختلف عليه فلسطينياً، وجبريل الرجوب، رئيس جهاز الأمن الوقائى فى الضفة الغربية سابقاً ووزير الشباب والرياضة الحالى، وماجد فرج، رئيس الاستخبارات الحالى) والثلاثة رجال أمن سابقون تحظى أسماؤهم بارتياح إسرائيلى أكثر، وهو ما تتفاعل معه الدول المانحة فى الغرب أيضاً، فضلاً عن إسماعيل هنية، رئيس حكومة غزة المقالة سابقاً والقيادى فى حركة حماس، وتتطلع «حماس» للفوز بالرئاسة رغم وجودها الضعيف فى الضفة الغربية مقارنة بقطاع غزة وتنوى ترشيح خالد مشعل التى ترى فيه الرجل المناسب لهذا المنصب حسب ما جاء فى صحيفة «إسرائيل هايوم» العبرية، وناصر القدوة، وزير الخارجية السابق، وممثل لدى الأممالمتحدة، وكان مقرباً من الزعيم أبوعمار ومروان البرغوثى، أمين سر حركة فتح فى الضفة الغربية، قبل أن يصبح معتقلاً فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، وهو الأوفر حظاً فى بورصة الترشيحات على الإطلاق باعتباره شخصية مؤثرة فلسطينياً ويقود جهوداً تهدف إلى إنهاء حالة الانقسام مع «حماس» من داخل محبسه ويمثل صوت العقل داخل حركة فتح ومن قادة تنظيمها أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وبالنظر إلى جميع القادة من الحركتين فإن «البرغوثى» يمكنه الفوز على «عباس» و«هنية»، إذ يحظى «البرغوثى» بدعم واسع النطاق فى غزة والضفة الغربية. يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مفاجئة وصراعات خفية وعلنية ربما تحسم جدلاً بات يؤرق المشهد السياسى الفلسطينى بعد تهاوى شعبية الرئيس محمود عباس إلى أدنى مستوياتها مخلفاً إرثاً ثقيلاً من الخلافات الداخلية والأزمات المتفاقمة والفشل السياسى، فالسياسة الفلسطينية تواجه وضعاً حرجاً للغاية وانقسامات حادة وحالة من الشلل والعجز، والتجاهل من المجتمع الدولى والإقليمى. حركة فتح تمنّى نفسها بالفوز بأن يكون مرشح السلطة شخصية من داخلها لأنها تعتبر نفسها الرديف الأساسى للفلسطينيين بكافة أطيافهم السياسية والثقافية، وتسعى من خلال انعقاد مؤتمرها الحكرى السابع استحداث منصب نائب لرئيس السلطة ليقطع الطريق أمام أى شخصية أخرى تحظى بدعم عربى أو إقليمى، ويجُب كل التكهنات المطروحة ويوئد الشائعات والفتن ويخمد لهيب الصراعات المحتملة ويتجنب الفوضى، وفى حال تم اختيار نائب للرئيس يكون «أبومازن» قد وجه ضربة قوية ل«دحلان» وأفشل كل جهود عودته للحركة من جديد فى مرحلة ما بعد الرئيس عباس، ومع ذلك فإن حالة الغليان وعدم الرضا التى تمور بها الأراضى الفلسطينية والرفض الشعبى لسياسات «أبومازن» الأخيرة قد تفرز وضعاً مفاجئاً لا يتوقعه أحد، خصوصاً فى ضوء الاشتباكات الأخيرة التى حدثت فى بعض مخيمات الضفة الغربية بين كوادر فى حركة فتح والشرطة الفلسطينية طالبت الجماهير الغاضبة على أثرها برحيل «عباس». مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس ينتظرها الكثيرون ويبدو أنها دنت كثيراً ولم يعد بالإمكان استمرار الوضع القائم، لكن السؤال الأكبر والأهم: مَن هو خليفة «عباس»؟ وما الذى سيقدمه من تنازلات جديدة لصالح دولة الاحتلال والدول الغربية للقبول به رئيساً للفلسطينيين؟!