من خلف نظارة سميكة ينظر، محدقاً فى الأفق حالماً بإشراقة تمحو ظلمات الماضى، فما زال الحلم قابلاً للتحقيق بعد ثورة أطاحت بنظامٍ دأب على قمعه وأقرانه من المعارضين، ونَصب جماعة بات «يكرهها» على عرش البلاد، ليبدأ فى تسطير صفحة جديدة من صفحات المعارضة ضد نُظم تفرض فرحاً بالإكراه، وموتاً بالإكراه، تسعى ليكون كلام الحاكم قدسياً ككلام الله. عُرف «السعيد» بمعارضته الدائمة لجميع نُظم الحكم فى مصر، لكنه أيضاً اتهم بالمهادنة فى عهد نظام مبارك ولاحقته الاتهامات. السياسى المثير للجدل دفع على مدار سنوات من عمره خلف قضبان الحاكم، كان أشدها ظلمة تلك التى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد أن سُجن على أثر مقال موجه لجيهان السادات حمل عنوان «يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن»، زج به فى «غياهب الجب» ليقضى فترة كانت الأكثر جذرية فى تاريخه النضالى. اعتاد الضرب على أيدى المتأسلمين، كاشفاً أفكاراً مشوهة آمنوا بها، أو تاريخاً مظلماً ظل يطاردهم، أو أخطاء ارتكبها شيوخهم فى الماضى وما زالت تلقى بظلالها على الحاضر وتهدد بحرق المستقبل، فلجأ لتوثيق أفكاره عبر العديد من الملفات، معلناً الحرب خلالها على جماعة الإخوان المسلمين، بدءاً من الإمام حسن البنا من خلال كتابه «حسن البنا: متى؟ كيف؟ لماذا؟»، وصولاً إلى تلخيص حالة الإخوان فى تلك الفترة عبر ثلاثية «ضد التأسلم»، وبين هذا وذاك سعى جاهداً للترويج لفكر جديد بات يؤمن به لخصه فى كتاب «عمائم ليبرالية.. فى ساحة العقل والحرية». لم يكتفِ «السعيد» بمعاصرة تاريخ الجماعة، بل حرص على دراسة أدبيات الإخوان وقواعد الإمام البنا، والبحث عن علاقة التنظيم الإخوانى بمكونات المجتمع، سواء فى الداخل أو الخارج، فاكتشف مبادئ «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت»، التى تتيح للجماعة انتقاد النظام الحاكم فى العلن وعقد صفقات لتحقيق مصالح ضيقة فى السر، واتهم «البنا» بتلقى تمويل من الديكتاتور النازى «أدولف هتلر» إبان الحرب العالمية الثانية لمساعدة الأخير فى غزو مصر، مستنداً إلى إحدى الوثائق الموجودة بإحدى كبريات مكتبات لندن. بالرغم من انتهاء عقد «السعيد» فى رئاسة «التجمع»، فإن تاريخه سيظل مثار أسئلة، سواء من كارهيه أو مؤيديه، ويبقى فى النهاية منبر التجمع التاريخى الذى يشهد على الدعوة للحق والحرية والعدل.