ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الأحد 2 يونيو    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس شعبة المخابز يتحدث عن تطبيق قرار الخبز    أسعار الخضار في الموجة الحارة.. جولة بسوق العبور اليوم 2 يونيو    الصحة العالمية تُحذر من أزمة صحية جديدة: الجائحة التالية مسألة وقت    سيناتور أمريكي: نتنياهو مجرم حرب ولا ينبغي دعوته أمام الكونجرس    وسام أبو علي: كهربا يوجهني دائمًا    خلال ساعات.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الفيوم    مصرع سيدة وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    339 طالبًا بالثانوية الأزهرية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الفقه والإنشاء    الفنان أحمد جلال عبدالقوي يقدم استئناف على حكم حبسه بقضية المخدرات    عاجل.. هذه الدولة العربية هي الوحيدة التي تحتفل بعيد الأضحى يوم الإثنين.. تعرف عليها    عبير صبري: وثائقي «أم الدنيا» ممتع ومليء بالتفاصيل الساحرة    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    توقيف يوتيوبر عالمي شهير نشر مقاطع مع العصابات حول العالم (فيديو)    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيهان السادات تدافع عن الإسلام ضد خصومه فى كتابها الجديد أملى فى السلام
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 03 - 2009


الحلقة الأولى
يبدو كتاب جيهان السادات الذى تصدر ترجمته العربية عن دار الشروق قريبا، تكريسا للفكرة التى عاشا معا من أجلها: السلام، هذا ما يوحى به العنوان على الأقل «أملى فى السلام».
لكن الكتاب فى الجانب الأكبر منه هو دفاع عن الإسلام، الفكرة والعقيدة ومنهاج الحياة، وهى منذ البداية تؤكد التلازم بين الفكرتين، واشتراكهما فى الجذر اللغوى ذاته وفى نفس الحروف.
تبدو السيدة الأولى السابقة منشغلة عبر صفحات الكتاب وبين سطوره بتصحيح فكرة الغرب عن الإسلام وبيان زيفها، وتجيب بجهد أكاديمى وروح محبة عن الأسئلة التى كثيرا ما تثار فى العقلية الغربية: هل الإسلام دين صدامى يدعو إلى العنف والقتل وإقصاء الآخر؟.. ما هو وضع المرأة فى الإسلام؟.. هل هى مهانة ذليلة مهدرة الحقوق (أحد الصحفيين الأجانب سألها ذات مرة عن عدد المرات التى يضربها فيها زوجها الرئيس الراحل فى اليوم فأجابته ساخرة: 24 مرة، ثم شرحت له كما تبيّن فى كتابها خطأ فكرته عن مكانة المرأة فى الإسلام)، لماذا آثر الإسلام الرجل على المرأة فى الميراث؟.. هل يمنع الإسلام المرأة من العمل؟.. وإذا عملت فما نوعية الوظائف المسموح لها بها؟.. ولماذا لا يحق لها أن تصبح قاضية أو رئيسة حكومة؟.. وهل النساء فى الإسلام ناقصات عقل ودين؟.. ولماذا يسمح للرجل بتعدد الزوجات فيما لا تنال النساء الحق ذاته؟.. إلى آخر هذه النوعية من الأسئلة التى تمثل مطاعن متكررة للغرب فى الإسلام وحياة المسلمين.
وفى سعيها لرد هذه المطاعن، تظهر السيدة خديجة أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول، أول من صدقته وناصرته بمالها ونفوذها فى بداية الدعوة، والسيدة عائشة أحب نسائه إلى قلبه ورفيقته فى الرحلة حتى انتقاله إلى جوار ربه، وراوية مئات الأحاديث الصحيحة عنه، وإلى جانبهما تظهر رائدات النهضة النسوية: هدى شعراوى وسيزا نبراوى ونبوية موسى وأمينة السعيد وسهير القلماوى، تأكيدا لنضال المرأة ودورها منذ البعثة النبوية حتى اليوم، ولأنها ترى نفسها «جزءا من تقليد عماده نساء مسلمات عربيات مصريات قويات، نساء لسن شاذات عن القاعدة أو خائنات لصالح الغرب»، تظهر أيضا الملكة رانيا ملكة الأردن والشيخة موزة قرينة شيخ قطر وأسماء الأسد، وقبلهن صورة السيدة سوزان مبارك، وجميعهن يقدمن صورة مغايرة للصورة النمطية الشائعة فى الإعلام الغربى عن المرأة المسلمة.
تبدأ جيهان السادات من الحدث الجلل الذى غيّر وجه العالم وقسم تاريخه نصفين: عالم ماقبل 11 سبتمبر 2001 وعالم ما بعد هذا التاريخ، وقتها كانت ببيتها فى شمال فرجينيا، ومثل الملايين حول العالم، شاهدت انهيار البرجين واصطدام طائرة بمبنى البنتاجون على شاشة التليفزيون، وإذا كانت الصورة قد عكست لدى البعض مواجهة من نوع ما بين أناس مستضعفين والدولة الأقوى فى العالم، وبدت لدى آخرين ردا على إهانات متكررة تجرعها أبناء ديانة وحضارة بعينها فى مواقف عديدة، وبدت لدى قطاع ثالث عمل إرهابى خسيس راح ضحيته أبرياء لا ناقة لهم فى سياسات بلدهم ولا جمل، فقد بدا الأمر بالنسبة لجيهان السادات مغايرا، استدعى المشهد حادث قتل الرئيس السادات فى السادس من أكتوبر 1981 «استحضرت يوما خريفيا آخر، فيه أزهق المتعصبون الأرواح وزرعوا الفوضى وأقحموا أمة فى الإضطرابات: 6 أكتوبر 1981، يوم اغتيال زوجى أنور السادات رئيس مصر».
يتبادر إلى الذهن فورا تساؤل مشروع عن وجه الشبه بين الحدثين، وتجيب جيهان السادات بأن من قام بالجريمة فى الحالتين متطرفون إسلاميون يحلمون باستبدال النظام بدولة إسلامية خالصة، لكن مخاوف جيهان مما جرى فى 11 سبتمبر تجاوزت حزنها الشخصى إلى خشيتها على عالم الإسلام والمسلمين «وغاص قلبى فى صدرى حين اكتشفت وجود مصريين بين المتآمرين».
هنا بالضبط يظهر أيمن الظواهرى، فقد كان أحد المدانين فى حادث مقتل الرئيس السادات، وتختصه جيهان السادات بسطور مطولة من سيرته تكذب فيها الادعاء بأن التطرف بالضرورة وليد حالة من الفقر والعوز، فالظواهرى من عائلة ميسورة وحاصل على تعليم جيد، لكنه اختار طريقا لا صلة له بما كان مؤهلا له عمليا، اختار أن يرافق أسامة بن لادن حتى النهاية، بعد ثلاث سنوات سجنا بتهمة الإتجار فى السلاح، وتستدعى سطورها عن الظواهرى تحليلا أعمق عن الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية فى مصر، وسنلاحظ أنها تميز بوضوح بين جماعة الإخوان المسلمين بوصفها الحركة الإسلامية الرئيسية وجماعة الجهاد التى انتمى إليها الظواهرى، وتؤكد نبذ الإخوان للعنف «وهو وعد وفّت به حتى الوقت الحالى»، فيما انغمست الجماعات الأخرى فى موجات من العنف كان أكبرها وأكثرها غدرا وخسة، حادث الأقصر الذى وقع فى عام 1997 وراح ضحيته 62 فردا بينهم 56 سائحا... «لقد كان أسوأ حادث إرهابى فى تاريخ مصر».
يصادفنا أيضا اسم الدكتور عمر عبدالرحمن المشهور فى الغرب بالشيخ الضرير، والذى يقضى حكما بالسجن مدى الحياة فى الولايات المتحدة الأمريكية لصلته بتفجيرات سبتمبر، وكان هو من منح شرعية لقتل السادات، إذ أفتى بأن من حق المسلمين قتل أى رئيس «مهرطق»، وبما أن السادات زار إسرائيل فقد اعتبره مهرطقا يستحق القتل.
وتتساءل فى نبرة عتاب عن الكيفية التى منحت بها الولايات المتحدة عمر عبدالرحمن إذنا بالإقامة فى أراضيها، برغم إدراجه على قائمة الإرهابيين المعروفين لدى وزارة الخارجية الأمريكية، وبرغم تنقله بين الولايات يجمع تبرعات لمخططاته الإرهابية، وتتساءل أيضا عن عدم ترحيله إلى مصر لمحاكمته على جرائمه.
وإلى جانب الظواهرى وعمر عبدالرحمن، يظهر الشيخ حسن البنا فى مناسبة الحديث عن الإسلام السياسى والدور الذى لعبته جماعة الإخوان المسلمين فى تاريخ مصر الحديث، وعلى عكس المرارة التى تتحدث بها عن الجهاد والجماعة الإسلامية، فإننا لا نجد ظلا لهذه المرارة عند الحديث عن الإخوان المسلمين، بل يحظى توجه الجماعة نحو الأنشطة الاجتماعية التى كان يحتاجها المصريون مثل إقامتهم عيادات طبية ومدارس مجانية وغيرها من الخدمات بتقدير حقيقى، وبحسب جيهان السادات فقد كانت الجماعة «على النقيض الصارخ من حكم الملك فاروق الفاسق وإدارة بريطانية استعمارية لم تتجرد من الأنانية».
لكنها من ناحية أخرى، تنتقد الجهاز السرى للجماعة الذى قام بعمليات اغتيال عدة لخصومه ردت عليها الحكومة بعنف مماثل، انتهى بمقتل مؤسسها حسن البنا ردا على اغتيال رئيس الحكومة.. «على الرغم من أننى عارضت بشدة أنا وأنور حكم الاستعمار البريطانى ورغبنا فى خروج بريطانيا من مصر، لم نعتقد أن الجناح السرى لجماعة الإخوان المسلمين بمفرده قادر على تحقيق هذا الهدف، فلم يخف على أحد أن هذه الدائرة من العنف والانتقام تخدم مصلحة مصر فى شىء (....) واتفقت معه فى ضرورة فرض التغيير من خلال المؤسسات الشرعية للجيش المصرى».
وقد عاشا معا السادات وجيهان أياما من الرعب القاسى حين كان السادات واحدا من ثلاثة قضاة حاكموا المتهمين فى حادث المنشية، الذى اتهم فيه الإخوان بمحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية، حيث انهالت عليهما التهديدات بالقتل.
ثمة ظهور لافت أيضا للسيد قطب، وإشارة إلى تأثير كتابه الانقلابى «معالم فى الطريق» فى الجيل الثانى من الراديكاليين الإسلاميين الذى ينتمى إليه عمر عبدالرحمن وأيمن الظواهرى، وتشير إلى الصفقة التى رفضها سيد قطب حين عرض عليه عبدالناصر فى عام 1966 تخفيف حكم الإعدام إلى المؤبد بشرط أن يتراجع عن أفكاره الواردة فى الكتاب، وقد أراد سيد قطب برفضه أن يكون إعدامه ملهما للجيل التالى من الإسلاميين السياسيين، ويبدو أن فكرته لاقت نجاحا بدرجة ما فى مرحلة لاحقة، وهو استنتاج تشهد عليه حوادث تالية راح ضحيتها سياسيون وسياح أجانب ومعارضون لتوجه الجماعة، غير أن الأهم هو ما تشير إليه جيهان السادات من أن زوجها كان الوسيط فى هذه الصفقة.
تقترب جيهان فى صفحات تالية من خطأ السادات وخطيئته، وهى الإشكالية التى مازالت مجالا للأخذ والرد حتى اليوم، وأعنى بها تشجيع السادات للجماعات الإسلامية ودفعهم للمشاركة فى الحياة السياسية خصوصا فى الجامعات، ففى وقت يرى خصومه أنه إنما فعل ذلك ليقضى على الجيوب الناصرية فى الجامعة ويمحو أى أثر لخلفه، ويعيد صياغة الحياة السياسية بطريقته، وأنه أراد أن يحارب بهذه الجماعات أندية الفكر الاشتراكى والناصرى فى الجامعة، ترى جيهان أن هزيمة يونيو 67 كانت بداية لانتشار هذه الجماعات وظهورها الطاغى من جديد على السطح بعد ضربتين كبيرتين تعرضت لهما فى العهد الناصرى، إذ بحسب هؤلاء فإن «تأسيس دولة إسلامية سوف يعيد للأمة العربية مكانتها المزدهرة».
لا ترى جيهان هذا التصور مقبولا وتقدم بديلا عنه رؤية تنحو إلى توجهات الرئيس السادات الديمقراطية، فقد أراد الرجل أن يسير بمصر فى هذا الطريق فسمح للإخوان المسلمين والجماعات الدينية بالتعبير عن نفسها وأذن لهم بنشر جرائدهم وتأليف اتحادات طلابية فى الجامعة، ولم يواجه هذا النهج من التسامح مشكلة إلا حين أعلن السادات عن زيارته التاريخية للقدس فى 1977، وما تلى ذلك معروف، وقد كانت نهايته مأساوية للغاية، بدأت بخريف الغضب الذى «لم» فيه السادات كل خصومه ومعارضيه فى ضربة واحدة وألقى بهم فى السجون، وصولا إلى حادث المنصة.
وفيما يتعلق بحادث المنصة تعيد جيهان ما سبق أن قالته فى مناسبات عديدة من أن الرئيس كان سيفرج عن جميع المعتقلين فور عودة الأراضى المصرىة كاملة، وأنه لم يكن يريد أن يعطى للإسرائيليين ذريعة للتلكؤ أو التراجع عما تم الاتفاق عليه.
ثمة «وصفة» تقدمها السيدة الأولى السابقة لمواجهة الإرهاب على المستوى العالمى، وبرأيها فإن المواجهة تحتاج إلى تكاتف جهود جميع دول العالم، جهود متعددة القوميات، وتؤكد أن الوسائل العسكرية وحدها ليست كفيلة بمواجهة الإرهاب، الأمر يحتاج إلى مواجهات أكثر شجاعة على صعيد التنمية ومواجهة الفقر وتوفير فرص العمل والتخفيف من حدة الإحباط واليأس، أما إرهاب الجماعات الغاضبة فى الغرب وأمريكا، فإنه يحتاج إلى قدر أكبر من العدالة كى لا يشعر المهاجرون المسلمون والأقليات الأخرى أنهم محرومون من حقوقهم، وقد صار الاحتياج إلى هذا النوع من التعامل مع الظاهرة أكثر إلحاحا من أى وقت مضى، وتروى جيهان السادات بعض ما لاحظته فى مطارات الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وكيف عومل أناس محترمون بازدراء ووقاحة لمجرد أنهم مسلمون، وتقول: لو أن هذا هو الوجه الجديد لأمريكا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، فإن علينا إذن أن نتفجع على ما هو أكثر من الأرواح الضائعة فى ذلك اليوم.
«أن أكون مسلمة»، «أن أكون امرأة مسلمة»، «إيمانى»، عناوين لثلاثة فصول تبرر ما ذهبت إليه فى بداية الحديث عن هذا الكتاب المهم من أن المؤلفة أرادت أن تدافع عن الإسلام الفكرة والعقيدة والمنهج، الإسلام الوسطى كما نعرفه فى مصر، وكما هى حقيقته فى ينابيعه الأصلية النقية، قبل أن تمتد إليه العقول القاصرة الآثمة، وظنى أن ما تقدمه جيهان السادات هنا يستحق الإشادة، فقد سعت قدر طاقتها إلى تبديد الأفكار الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، مستندة إلى مراجع أصلية وكتابات معمقة، وأتصور أن ما ستقوله هى بوصفها زوجة رئيس راحل وسيدة أولى وناشطة نسوية ومحاضرة أكاديمية وداعية سلام بين العرب والإسرائيليين، سيبقى أكثر تأثيرا فى الذهنية الغربية مما يمكن أن يقوله داعية أزهرى يمارس مهام وظيفته، خصوصا أنها تتوجه برسالتها إلى قارئ غربى تدرك كيفية مخاطبته، بحكم إقامتها وعملها بالتدريس وإلقاء المحاضرات فى عدة جامعات أمريكية وأوروبية.
تقول مخاطبة قارئها الغربى: ثمة طريقة بسيطة رائعة، تتمثل فى رفض نظرية صراع الحضارات الذائعة فى كل الأرجاء، أن نفطن إلى تعددية المسلمين، ألا نراهم كأعداء (...) لأن الإسلام جزء كبير من الغرب، يعيش 5 ملايين مسلم فى الولايات المتحدة و15 مليونا فى أوروبا، لابد أن يدمج هذا القطاع المتزايد من السكان فى الحياة السياسية والمدنية للدول الغربية، فالعزلة والاندماج التام ليسا خيارين قابلين للتطبيق».
وتشير إلى أن أحداث العنف التى شهدتها فرنسا فى أعوام 2005 و2007 و2008 والتى قام بها شبان من عرب شمال أفريقيا، كانت تعبيرا عن الفوارق الطبقية لا تعبيرا عن الدين، ومن قام بها يقطنون فى أحياء فقيرة منعزلة تستوطن فيها البطالة.
وكذلك فإن أحداث العنف التى شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية فى تسعينيات القرن العشرين، فى لوس انجلوس وديترويت ونيويورك «لم تنتج عن كونهم أمريكيين من أصل أفريقى بل عن الحرمان الاقتصادى والاجتماعى وشعور متأصل بالظلم ومحدودية الالتجاء إلى وسائل أكثر شرعية للتعبير عن شكواهم وإنصافها، وكذلك موقف الأتراك فى ألمانيا الذين يعانون صعوبات كثيرة فى الحصول على الجنسية، ومشكلات القادمين من شمال أفريقيا إلى إسبانيا والتى تتمحور حول الوظائف».
وتلقى باللوم على الإعلام الأمريكى الذى يقدم صورة شديدة السلبية عن الإسلام والمسلمين، والتى تركز فى معظمها على مشاهد القتل والعنف وتكرس لفكرة الصراع الحتمى بين الحضارتين الإسلامية والغربية، وتكشف استنادا إلى بحوث رأى عام أمريكية ما يحيط بالإسلام من أوهام فى الذهنية الأمريكية، حتى إنه وفقا لمسح أجرته مؤسسة كير فإن 10% من الأمريكيين يعتقدون أن المسلمين يعبدون القمر!
من جانبها تعمد جيهان السادات إلى تقديم الصورة الصحيحة، موضحة أن المسلم لا يكتمل إيمانه إلا إذا آمن بكل الرسل، عيسى وموسى وإبراهيم وإسحق ويعقوب وغيرهم، وهى تشير إلى ما يميز الإسلام عن غيره من الديانات السماوية، فهو «يزود المؤمن بمخطط للحياة يشمل مجموع وجود المرء، ويحكم ويوجه كل جانب من جوانب حياة المسلم بهدف تفسير القواعد والقيم الأخلاقية والروحية والجسدية (....) الأساس فى الإسلام أن المفيد حلال والضار حرام».
وفى موضع آخر، تقدم مقاربة للفروق بين السنة والشيعة، وتشير فى المحصلة إلى أن التوتر البادى فى العلاقات بين أصحاب الديانتين، لا يعكس اختلافات مذهبية بقدر ما يعكس اختلافات سياسية، وتعرج إلى الصوفية وأثرهم فى الإسلام خصوصا مولانا جلال الدين الرومى وحركته «المولوية» ولها أتباع بالملايين فى تركيا وحول العالم، وتشير فيما يتعلق بفكرة الجهاد إلى أن الإسلام حرّم قتل النفس التى حرم الله، وأن من قتلها بنص القرآن كمن قتل الناس جميعا، كما تؤكد أن الإسلام دافع دوما عن فكرة التعددية وقبول الآخر، وأبدى أقصى قدر من التسامح مع المسيحيين واليهود فى إسبانيا فى العصور الوسطى، حتى إن علماء أوروبيين عديدين اعتبروا قرطبة «نموذجا متألقا لدولة قائمة على العدل والتسامح».
ونكتشف فى الفصل المعنون «إيمانى» كيف واكب الإيمان مسيرة جيهان السادات منذ البداية، هى التى ولدت لأم إنجليزية مسيحية وأب مسلم، وكيف تعانقت بداخلها شجرة عيد الميلاد بمشهد المئذنة، وأما ما تكتبه عن اشتياقها لصوت الأذان فى القاهرة كلما غابت عنها، فهو أبيات من الشعر الخالص أو النثر الرائق، الذى لا تغيب عنه أبدا اللمحة الصوفية، وهو ما نلحظه أيضا حين تحدثنا عن رحلتها إلى مكة لأداء فريضة الحج.
لا مجال هنا للحديث تفصيلا عما ترد به على هجوم بعض الأقلام الغربية على الإسلام خصوصا من زوايا باتت مكررة ومعروفة، تعدد الزوجات وعدم الاكتراث بالمرأة وحجبها داخل البيوت... الخ، لكن يبدو لى أن هذه الفقرة تلخص رأى جيهان السادات فى المسألة، تقول: ينتهك الأفراد وليس الإسلام حقوق النساء، وقد سارع المسلمون وغير المسلمين على حد سواء فى استخدام ديننا كمبرر لتخليد عادات تبتعد ابتعادا كليا عن القرآن وقدوة النبى الكريم، لقد اجتمع العصر والتقاليد والقوانين المعتادة وتواطؤ الرجال العازفين عن الاعتراض على سلطتهم لكى تشوه صورة المرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.