بعد أسابيع من التفاف المشاهدين حول شاشات القنوات الفضائية لمتابعة حوارات مرشحي رئاسة الجمهورية بكل تركيز، جاء دور كرة القدم، لتتربع على عرش الشاشات من جديد، لتستفيد من حالة الملل التي أصابت الكثيرين من السياسة و"لعبها". المقاهي الشعبية وكافيهات الأحياء الراقية، جمع بينها الاستعداد لأجواء ما قبل بدء مباراة افتتاح بطولة كأس الأمم الأوروبية "اليورو"، بشاشات عرض كبيرة، والحرص على تنظيف وتنسيق الكراسي وترتيب ال"ترابيزات"، تمهيدا لاستقبال "الزبائن". فيما يشارك آلاف غيرهم فى مليونية "الإصرار" بميدان التحرير، لتفعيل قانون العزل السياسي على الفريق أحمد شفيق وإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه. مليونية في ميدان التحرير، ومليونية أمام الشاشات، مواطنون يصنعون أحداثا سياسية فارقة، وآخرون يقنعون بمقاعد المتفرجين.. إنها "يورو 2012". "العدة بتاعة المكان تكفي، إلا إذا زاد العدد زاد، وقتها لابد من توفير كراسي إضافية وبسرعة"، قالها محمود علاء، مشرف شيفت، بإحدى الكافيهات، مؤكدا أن محاسبة الزبائن على المشاريب تختلف من مكان لآخر، حيث قال إنه اعتاد على بقاء أسعار المشاريب كما هى في أوقات "الماتشات"، للمحافظة على الزبون و"تسييط" المكان، بحسب تعبيره، في حين أن هناك أماكن أخرى تستغل بطولة "اليورو" لزيادة مكسبها. علاء، يرى أن بعض الأماكن تعمل بنظام "المينيمم تشارج"، بمتوسط 15 جنيها للفرد. لكن محمد، عامل في مقهى أهلاوي، يقول عن الأسعار "كل قهوة ولها نظامها"، وإن قهوته تحاسب الناس بالسعر العادي في وقت المباريات أو غيرها، لأنها قهوة سوق، بحسب وصفه، "كل زبائن القهوة دي ولاد بلد ومن أولاد الحتة". المواطنون في بيوتهم، محتارون بين متابعة "الماتش" ومراقبة تطور أحداث ميدان التحرير، بينما الاهتمامات في شارع فيصل مادية بحتة، المقاهى والكافيهات تخصص "تعريفة" موحدة فى توقيت مشاهدة المباراة لكل زبائنها، فالحاج سيد يشترط توزيع "كانز" بيبسى لكل متفرج.. ثمنه خمسة جنيهات، بجانب المشاريب العادية، وفى كافيه "بيرل" بالدقى، يقدم المكان عرض خاص بمناسبة "الماتش"، "بيبسى" مجانا مع كل واحدة بيتزا. الكافيه علق أعلام أوربية، استعدادا لاستقبال مباريات بطولة "اليورو". ماهر ممدوح، مسؤول الوردية، يقول "القصة كلها فى تشكيلة القعدة، وتخصيص أماكن الناس الحاجزين مقدما وأماكن الناس التانية"، وهو لا يتوقع الازدحام مع المباريات الأولى، مؤكدا رواد المكان أغلبهم من الشباب والموظفين، لكن الكافيه لديه كراسى "استبن" تكفى أى إقبال غير متوقع. زميله مصطفى حسنى، قال إن الذروة تبدأ قبل المباراة بنصف ساعة، لكن الزحمة الحقيقية تكون فى مباريات الدور ال16 وال 18، ووقتها الاستعدادات تزداد بالتأكيد، مضيفا "نتمنى أن أحداث البلد والانتخابات ما تضرش برغبة الناس فى متابعة البطولة".