أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، بإلغاء قراري وزيري الري والموارد المائية، والنقل، بطرد عائلات العاملين بالمساكن الوظيفية التب يقيمون فيها بمنطقتي محطة طلمبات المكس، والمعمورة البلد التابعة للسكك حديد مصر بالمحافظة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام رئيس الجمهورية بإعادة تنظيم القرار الجمهوري رقم 2095 الصادر عام 1969، والحكومة بعدم التعرض لأسرهم حتى يتم توفير مساكن ملاءمة لهم. وكانت الدعوى أكدت أن بعض الأهالي خرجوا على المعاش والبعض الآخر توفى، وأنهم يعيشون في تلك المساكن منذ أكثر من ثلاثين عاما وليس لديهم أي إمكانيات لشراء مساكن أخرى، رافضة ما وصفته بتشريد الحكومة لأطفالهم بلا مأوى يحفظ عليهم آدميتهم. وقال الحكم، الذي حصلت "الوطن" على نسخة منه، إن المحكمة الإدارية العليا استقرت في أحكامها السابقة على أن التعليمات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء في ظل النظام السابق بعدم إخلاء العاملين الذين انتهت خدمتهم من المساكن التي يشغلونها من الجهات الإدارية قبل ان توفر لهم مسكنا اخر هي تعليمات صادرة من جهات أدنى مرتبة من السلطة التي نظمت شغل هذه المساكن المتمثلة في القرار الجمهوري رقم 2095 لسنة 1969 وهى مجرد توجيهات صادرة من سلطة سياسية لا ترقى الى مستوى القرار الجمهوري الذى الزم العاملين بإخلاء تلك المساكن عند بلوغهم سن المعاش. وأضاف، أنه من الأولى والأجدر تسايرًا مع هذا الفكر القانوني السديد، ألا يكون القرار الجمهوري مخالفا للقانون الأسمى في البلاد وهو الدستور الجديد الصادر في ديسمبر عام 2012 الذى انشأ ولأول مرة في تاريخ الدساتير المصرية التزاما على عاتق الدولة بان توفر لكل مواطن المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحي، واعتبرها حقوقا مكفولة لكافة المواطنين. وطالب الحكومة بان تتبنى خطة وطنية للإسكان تقوم على العدالة الاجتماعية وتنظيم استخدام أراضيها للعمران بما يحقق الصالح العام ويحافظ على حقوق الاجيال، مضيفًا: "مما يتعين معه على رئيس الجمهورية سرعة التدخل التشريعي الحاسم لإعادة تنظيم القرار الجمهوري رقم 2095 الصادر عام 1969 الخاص بالمساكن المصلحية، بحسبان ان الاداة التشريعية التي اصدرته هو رئيس الجمهورية وذلك في ضوء حكم المادة 67 من الدستور الجديد لصالح المواطنين البسطاء من ابناء هذا الوطن، لتكون تلك الحقوق الدستورية للمواطنين مواكبة لذلك الدستور، وبما يحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ للأسرة المصرية كرامتها في ايجاد المسكن البديل الملائم. وأشارت المحكمة في حكمها إلى أن تلك الأسر عاشت منذ ما يقرب من ثلاثين عاما في تلك المساكن، وتربت وتشكلت أطفالها وكيانها الحياتي على نحو تعتمد فيه على هذا المسكن ودون أن تتوافر لتلك الأسر المستضعفة القدرة على شراء مسكن بديل في ظل أزمة الإسكان الطاحنة وارتفاع الأسعار، مما يتوجب معه على النظام الحاكم الجديد إعلاء الحقوق الدستورية للمواطنين طبقا لنصوص هذا الدستور الذى الزمها بتوفير المسكن الملائم للمواطنين، وحتى لا تسير نصوص الدستور في واد والقوانين في واد آخر. واعتبر الحكم، أنه في تلك الحالة تنعدم الفائدة التي استهدفها احكام ذلك الدستور، في الوقت الذي مازال الشعب يئن آملا وحزنا يريد ان يجنى ثمار هذا الدستور بالتطبيق له على ارض الواقع، حتى لا يكون مجرد حق نظري مما يؤدى الى انصراف الشعب عن الثقة المشروعة في الدولة المصرية في ثوبها الجديد بعد الثورة. واختتمت المحكمة حكمها، بقولها أن القرار الجمهوري المذكور صدر عام 1969 أي منذ 44 عاما، وقت أن كانت مصر لا تواجه مشكلة سكانية كالتي تواجهها اليوم، وكان سكانها نصف العدد الحالي، لذا كان طبيعيا ان يتفتق ذهن المشرع حينذاك إلى فكرة المساكن المصلحية حرصا على سير المرافق العامة التي يتطلب انتظام العمل فيها لبعدها عن العمران وبهذه المثابة وبعد مرور 44 عاما على القرار الجمهوري المذكور عام 1969 لم يعد مناسبا للبيئة المصرية التي شهدت تزايدا هائلا في عدد السكان وصل الى ما يزيد عن التسعين مليونا من المواطنين بما يرتبه ذلك من مجافاته لواقع المصريين الآن عام 2012. وتابع، إن الكادحين من الشعب يعانون أزمة الإسكان الطاحنة وكان طبيعيا ان يرتقى الدستور الجديد بالمسكن الملائم ويجعله حقا دستوريا والتزاما على الدولة بعد أن صارت مصر تزيد عن التسعين مليونا بما يعانيه الشعب في البحث عن المسكن الذى يجد فيه الإنسان سكينته ويحفظ عليه ادميته والذى اضحى حلما ورديا للشباب والفقراء ومحدودي الدخل من الكادحين لهذا الشعب. وواصل: "مما يكون معه كل من القرارين المطعون فيهما بطرد هذه الأسر من مساكنهم المصلحية مخالفا لمبدأ العدالة الاجتماعية فضلا عن مخالفته لالتزام الدولة بتوفير المسكن الملائم للمواطنين وهما من الحقوق الدستورية الان، ومجافيا لروح التطور ومتجاهلا للواقع المرير الذى يعيشه معظم البسطاء من أبناء الوطن أخذا في الاعتبار ان مثل هذا القرار يؤدى الى تشريد الاف الأسر المصرية بأطفالها ونسائها بما يناقض الاهداف التي سعت من اجلها ثورة الشعب في 25 يناير 2011". وجاء الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عوض الملهطاني، وأحمد درويش وعبد الوهاب السيد، نواب رئيس المجلس.