أصدرت محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية حكما تاريخيا يخص خمسة ملايين مواطن من عائلات الموظفين من ساكني المساكن الوظيفية في الوزرات والهيئات والمصالح الحكومية التي قضوا فيها حياتهم لمدة تقارب الثلاثين عاما مع اسرهم طوال مدة خدمتهم بما يؤكد حق المواطنة فى تفعيل الدستور الجديد الذى يلزم الدولة بفلسفة المسكن الآمن الملائم عن طريق خطة تنفذها الحكومة . وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطاني واحمد درويش وعبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس بالغاء قراري وزيري الرى والموارد المائية والنقل فيما تضمنه من طرد عائلات العاملين بالمساكن الوظيفية التى يقيمون فيها بمنطقتى محطة طلمبات المكس قسم الدخيلة و وبمنطقة المعمورة البلد التابعة للسكك حديد مصر بالاسكندرية قسم المنتزة وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام رئيس الجمهورية باعادة تنظيم القرار الجمهورى رقم 2095 الصادار عام 1969 فى ضوء احكام الدستور الجديد والزمت المحكمة الحكومة بعدم التعرض لاسرهم حتى يتم توفير مسكن ملاءم لهم على النحو المبين بالاسباب والزمت الحكومة بالمصروفات. وقال اهالي العاملين في الدعاوى المقامة ان بعضهم خرج على المعاش والبعض الاخر توفى وانهم يعيشون فى تلك المساكن منذ اكثر من ثلاثين عاما وليس لديهم اى امكانيات لمساكن اخرى ونعت على تصرف الحكومة بتشريدهم وبناتهم واطفالهم واصبحوا بلا مأوى يحافظ على آدميتهم. واوضحت المحكمة في حيثيات حكمها ولئن كانت المحكمة الادارية العليا قد استقرت في احكامها السابقة علي ان التعليمات الصادرة من رئيس مجلس الوزراء فى ظل النظام السابق بعدم اخلاء العاملين الذين انتهت خدمتهم من المساكن التى يشغلونها من الجهات الادارية قبل ان توفر لهم مسكنا اخر هى تعليمات صادرة من جهات ادنى مرتبة من السلطة التى نظمت شغل هذه المساكن المتمثلة فى القرار الجمهورى رقم 2095 لسنة 1969 وهى مجرد توجيهات سياسية صادرة من سلطة سياسية لا ترقى الى مستوى القرار الجمهورى الذى الزم العاملين باخلاء تلك المساكن عند بلوغهم سن المعاش فانه من الاولى والاجدر تسايرا مع هذا الفكر القانونى السديد الا يكون القرار الجمهورى مخالفا للقانون الاسمى فى البلاد وهو الدستور الجديد الصادر فى دسيمبر عام 2012 الذى انشأ ولأول مرة فى تاريخ الدساتير المصرية التزاما على عاتق الدولة بان توفر لكل مواطن المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحى . واعتبر الدستور كل اولئك حقوقا مكفولة لكافة المواطنين بل الزم الدولة بان تتبنى خطة وطنية للاسكان تقوم على العدالة الاجتماعية وتنظيم استخدام اراضيها للعمرا ن بما يحقق الصالح العام ويحافظ على حقوق الاجيال ،مما يتعين معه على رئيس الجمهورية سرعة التدخل التشريعى الحاسم لاعادة تنظيم القرار الجمهورى رقم 2095 الصادر عام 1969 الخاص بالمساكن المصلحية بحسبان ان الاداة التشريعية التى اصدرته هو رئيس الجمهورية وذلك فى ضوء حكم المادة 67 من الدستور الجديد لصالح المواطنين البسطاء من ابناء هذا الوطن لتكون تلك الحقوق الدستورية للمواطنين مواكبة لذلك الدستور وبما يحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ للاسرة المصرية كرامتها فى ايجاد المسكن البديل الملائم . وقالت المحكمة ان هؤلاء الاسر عاشت منذ مايقرب من ثلاثين عاما في تلك المساكن تربت اطفالها وتشكل كيانها الحياتي على نحو تعتمد فيه على هذا المسكن ودون ان تتوافر لتلك الاسر المستضعفة القدرة على شراء مسكن بديل فى ظل ازمة الاسكان الطاحنة وارتفاع الاسعار مما يتوجب معه على النظام الحاكم الجديد اعلاء للحقوق الدستورية للمواطنين طبقا لنصوص هذا الدستور وحتى لا تسير نصوص الدستور فى واد ، وتسير نصوص القوانين فى واد اخر ،فتنعدم الفائدة التى استهدفها احكام ذلك الدستور ،ومازال الشعب يئن املا وحزنا يريد ان يجنى ثمار هذا الدستور بالتطبيق له على ارض الواقع حتى لا يكون مجرد حق نظرى مما يؤدى الى انصراف الشعب عن الثقة المشروعة في الدولة المصرية فى ثوبها الجديد بعد الثورة . ولفتت المحكمة بان القرار الجمهوري المذكور صدر عام 1969 اي منذ 44 عاما وقت ان كانت مصر لم تواجه المشكلة السكانية التى تواجهها اليوم وكان عدد سكانها نصف سكانها الان او اقل لذا كان طبيعيا ان يتفتق ذهن المشرع حينذاك الى فكرة المساكن المصلحية حرصا على سير المرافق العامة التى يتطلب انتظام العمل فيها لبعدها عن العمران وبهذه المثابة وبعد مرور 44 عاما على القرار الجمهورى المذكور عام 1969لم يعد مناسبا للبيئة المصرية التى شهدت تزايدا هائلا فى عدد السكان وصل الى ما يزيد عن التسعين مليونا من المواطنين بما يرتبه ذلك من مجافاته لواقع المصريين الان عام 2012 فالكادحين من الشعب يعانون ازمة الاسكان الطاحنة وكان طبيعيا ان يرتقى الدستور الجديد بالمسكن الملائم ويجعله حقا دستوريا والتزاما على الدولة بعد ان صارت مصر تزيد عن التسعين مليونا بما يعانيه الشعب فى البحث عن المسكن الذى يجد فيه الانسان سكينته ويحفظ عليه ادميته والذى اضحى حلما ورديا للشباب والفقراء ومحدودى الدخل من الكادحين لهذا الشعب مما يكون معه كل من القرارين المطعون فيهما بطرد هؤلاء الاسر من مساكنهم المصلحية مخالفا لمبدأ العدالة الاجتماعية فضلا عن مخالفته لالتزام الدولة بتوفير المسكن الملائم للمواطنين وهما من الحقوق الدستورية الان ومجافيا لروح التطور ومتجاهلا للواقع المرير الذى يعيشه معظم البسطاء من ابناء الوطن اخذا فى الاعتبار ان مثل هذا القرار يؤدى الى تشريد الاف الاسر المصرية باطفالها ونسائها بما يناقض الاهداف التى سعت مناجلها ثورة الشعب فى 25 يناير 2011.