حينما أتصفح الجرائد اليومية وما فيها أتعجب فعلا من عدم إدراك جماعة الإخوان المسلمين واقع الحياة المصرية، بالرغم من أنهم مصريون حتى النخاع.. بالرغم من أننى رشحت تيار الإسلام السياسى لأننى قريب من التيار السلفى من حيث المرجعية إلى القرن الأول من تاريخ الإسلام، أى فهم الصحابة والتابعين للقرآن والسنة، لكننى لا أنتمى إلى السلفيين أو الإخوان، لكننى كنت أتمنى أن يحكم التيار الإسلامى بشكل عام.. لماذا لا أنتمى إلى السلفيين بالرغم من أنهم الأقرب فعلا إلى صحيح الدين؟ ببساطة تركنا النبى، صلى الله عليه وسلم، دون هذه الأسماء تماما.. فقط مسلمون.. لا شيعة ولا إخوان ولا سلفيون ولا صوفيون ولا أى أسماء أبدا.. لكن الاختلاف بين المسلمين عبر العصور هو الذى أدى إلى هذه الفرقة بيننا، وهذا من أكبر أسباب ضعف المسلمين الآن.. فإذا أردت أن تضعف أمة قوية مثل الأمة الإسلامية فما عليك إلا أن تثير النعرات الطائفية بينهم وتقسمهم إلى فرق ومذاهب وجماعات متناحرة، وذلك ليدمروا أنفسهم دون أن يبذل العدو أدنى مجهود.. للأسف حينما يسمى السلفيون أنفسهم بذلك فهم يقولون ضمنيا إن من لا ينتمى إلى هذا الفكر فهو ليس سلفيا، أى لا يتبع صحيح الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وهذا ليس بصحيح تماما؛ لأن الأصل فى كل المسلمين أنهم يتبعون صحيح الكتاب والسنة ويتبعون سلف الأمة بدرجات مختلفة من الفهم والتطبيق؛ لذلك كل المسلمين هم سلفيو الاعتقاد لو تكلمنا عن العقيدة، وهم سلفيون فى العبادات وكذلك المعاملات، لكن هل يتبع فعلا السلفيون نهج رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ مجرد تسمية مجموعة من المسلمين باسم غير مسلمين، هذا فى حد ذاته بدعة وهو مصيبة يقع فيها الناس.. إنه حينما يحرص أحد على ألا يقع فى البدع الموجودة فى الصوفية أو عند الشيعة يقع فى بدعة فى مجرد تسمية جماعة أو مذهب أو اعتقاد باسم غير المسلمين.. كذلك الحال عند الإخوان المسلمين؛ من ينتمى إليهم فهو من الإخوان ومن لا ينتمى إليهم فهو ليس منهم.. أين ذلك فى الدين؟ هل حثنا الله، سبحانه وتعالى، على أن نتفرق إلى فرق وجماعات أم أن نتوحد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا»، وقال أيضا: «وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».. أين السلفيون والإخوان من مثل هذه الآيات التى تؤكد ضرورة التوحد على اسم واحد فقط وهو «مسلمون».. انظروا إلى عهد الصحابة حينما وصلت الفتوحات الإسلامية إلى جنوبفرنسا وإلى الصين وشرق آسيا.. هل يظن عاقل أن ماليزيا وإندونيسيا أسلمتا حديثا، أم أن المسلمين فى الفلبين والهند وباكستان وبنجلاديش دخلوا فى الإسلام حديثا؟ هذا صنيع الصحابة والتابعين الذين خرجوا لتوصيل الدعوة الإسلامية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا حتى نرى إقليما كاملا فى بلاد تعبد صنماً بوذياً (الصين).. فيه أكثر من 20 مليون مسلم.. الإسلام وصل إلى هناك بمجهود الصحابة الذين حافظوا على الدين ونشروه غضا طريا كما نزل عليهم من الله بلا زيادة أو نقصان.. نريد وقفة مع النفس لكى ينصرنا الله.. هذا هو الإسلام.. دين واحد لا فرق فيه ولا جماعات؛ لأنه ببساطة رب واحد وإله واحد وكتاب واحد ورسول واحد، صلى الله عليه وسلم.