خالى البال.. صافى الذهن، اهتماماته وإدراكه محدود، فى قلب شقته يقبع ليل نهار.. لا يبرحها إلا لمقصد معروف مسبقاً، يقضى وقته بين صفحات كتبه وسطور دروسه.. مداعباً والدته بكلمات «شقاوة» شبابية، بينما تحتدم الاحتجاجات ضد النظام السابق.. كان «محمد عبدالله» متابعاً من نافذة القنوات الفضائية عبر «الريموت كنترول» باحثاً عن قنواته المفضلة ليصطدم بالمحطات الإخبارية بالصدفة العابرة، يوم 25 يناير 2011 شاهد محمد أخباره من التليفزيون.. وسماعياً من الروايات والحكى بين جيرانه وهو يستنشق جرعة هواء نقية من شرفة بيته بحى شبرا. حصل الطالب محمد على صكّ المشاركة رسمياً فى مظاهرات وفعاليات الثورة يقول معاقباً نفسه: «يوم التنحى فى 11 فبراير حسيت إن البلد هتتغير تانى يوم على طول»، إحساس لم يدم طويلاً.. تجاوزات المجلس العسكرى وبعده هيمنة جماعة الإخوان المسلمين وتكويشهم أفسدت عليه تفاؤله. فى صفوف المسيرات المنطلقة من شبرا.. حجز «محمد» لنفسه موقعاً ثابتاً، فالمسيرات أيام الجمعة والأحد والثلاثاء (حسب الحدث)، مقراً ومعترفاً بتعلمه فنون و«خبايا» التظاهر والاحتجاج من المشاركات المتكررة «الأول كانت خبرتى كانت مفيش دلوقتى حفظتها»، لم يدع الشاب العشرينى حدثاً احتجاجياً دون ترك بصمته.. فبعد ترحابه بالعسكرى تحول موقفه عند فض الاعتصام بالقوة فى 19 مارس وبدأ فى الخروج عليه، ولأن أجمل «صحبة» تظهر فى المواقف العصيبة.. كوّن محمد صداقة ثورية من المظاهرات أهمهم عنده «أحمد على» الذى يصفه بصديق المسيرة. «كتر الحزن يعلم البكاء» فالشاب الجامعى يعرف بموعد الفعالية من «الفيس بوك» أو التليفون ويحضر قبلها بساعة تقريباً لتجهيز الانطلاق من أمام جامع «الخازندار» بدوران شبرا- حسب شرحه، قائلاً «المسيرة دى روح تانية جميلة خالص»، بتعبيرات انفعالية غاضبة: «كنا بنتشتم ويهجموا علينا فى خطبة كل جمعة وإحنا قاعدين ويتهمونا والتمويل وتخريب البلد ومرة ضربونا لأن عددنا كان قليلاً». طالب كلية الحقوق من معارضى الرئيس محمد مرسى من البداية.. بلهجة فقيه قانونى يتحدث.. بعقلية محلل سياسى يقرأ الأحداث.. وبلسان شاب ثورى يعدد مطالبه: «أنا ضد الإخوان والدولة الدينية طول الخط والثورة لسه مستمرة»، أبطل صوته فى استفتاء الدستور وصوت للثورة مستمرة فى البرلمان، فى 4 ديسمبر الماضى شارك طالب جامعة القاهرة كعادته فى مسيرة متجهة من شبرا إلى التحرير.. على رأسها كان الدكتور محمد البرادعى -رئيس حزب الدستور- يعتبرها «محمد»: «كانت من أعظم المسيرات فى مصر كلها». نزل «طالب القانون» ضد مرسى بعد انتهاء ال100 يوم الأولى لأن «الإخوان المسلمين خانوا الثورة. واصفاً سياستهم أنها «ديموصندوقية»، باكياً حال الجمعية التأسيسية التى اغتصبت والثورة التى اختزلت فى الجماعة «باطلة قانونياً وساقطة سياسياً ونتاجها مشوه دستورياً». «يسقط حكم المرشد.. الثورة مستمرة.. عيش حرية عدالة اجتماعية» هتافات معدة مسبقاً ينادى بها الشاب الجامعى فى مسيرة شبرا يوم 25 يناير 2013، معتبراً هذا اليوم «نقطة استكمال الثورة مش احتفال ولا ذكرى». الأخبار المتعلقة: «إمبابة والمطرية وشبرا».. تضع حجر أساس «الثورة الثانية» المطرية.. دولة الشهداء التى أنجبت «إبراهيم» يوم 25 يناير إمبابة.. ثورة «وليد فرغلى» تستمر على «3 أرغفة عيش و5 لتر بنزين» الاستقامة.. من هنا أقسم «عمرو»: «مش هنخاف مش هنطاطى»