.. سر من أسرار العديد من الثورات التى شهدتها مصر المحروسة. فشرط أساسى لخروج المصريين لإسقاط أى نظام -بالإضافة إلى عوامل أخرى بالطبع- أن يظهر ذلك الأحمق الذى يتخذ مجموعة من القرارات التى تتناسب مع حمقه، فتحتقن القلوب وتلتهب النفوس، فينسال الناس إلى الشوارع، ولا يعودون إلى بيوتهم إلا بعد أن يصبح الحاكم فى الشارع. ثورة 1805 تسبب فيها الأحمق «خسرو» باشا الذى أرهق المصريين بالضرائب ورفع الأسعار، فثاروا ضده وخلعوه ونصّبوا محمد على باشا والياً مكانه. وقامت ثورة 1919 لأسباب عديدة أبرزها حمق «واطسون» قائد القوات الإنجليزية بمصر، عندما قرر نفى «سعد زغلول» إلى مالطة، بسبب تحريض المصريين على المناداة بزوال الاحتلال، تكرر الأمر نفسه بعد ما يقرب من مائة عام عندما سيطر الحمق على رأس المخلوع فسلم زمام الأمور فى مصر إلى ابنه جمال «الأشد حمقاً»، حين حلم بوراثة ملك مصر، فأطاح الشعب بالاثنين وجنودهما فى «خبطة واحدة». وقبل ساعات من الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، يؤكد الشباب الثورى أنه قد عقد العزم على القيام بثورة ثانية لإسقاط حكم المرشد، ويتساءل الكثيرون: هل من الممكن أن يحدث ذلك فعلا؟ لا يستطيع أحد أن يراهن -مستريحاً- على اكتمال شروط قيام ثورة ثانية تؤدى إلى الإطاحة بحكم الإخوان، لكن من المؤكد أن شرط الحمق متوافر بدرجة كبيرة، وأن ذلك «الأحمق» الذى سوف يسير بالنظام نحو الهاوية قد بات معروفاً للكثيرين؟! والدليل على ذلك الطريقة التى يدير بها الرئيس والحكومة والجماعة الأمور فى البلاد حالياً. دعنى أضرب لك مثالين على أفعال ذلك الأحمق: أولهما سياسى ويتمثل فى إفشال جهود لجنة «لم الشمل» التى قادها الشيخ «محمد حسان»، وركل مقترحات المعارضة الخاصة بتعديل قانون الانتخابات البرلمانية وتمريره بالصورة التى ارتضاها حزب الحرية والعدالة، وقد فعل ذلك قبل أيام قليلة من وعيد القوى الثورية بإسقاط حكم الإخوان! المثال الثانى اقتصادى، ويرتبط بقرار منع خروج أو دخول أى شخص من أو إلى مصر بأكثر من عشرة آلاف دولار. قد يكون مفهوماً أن تمنع خروج العملة الصعبة من البلاد فى مثل هذه الظروف، لكن ما الحكمة فى أن تمنع دخولها؟ واقع الحال يشير إلى أن النظام الإخوانى يحاول أن يحمى نفسه من أى تمويل خارجى لعناصر المعارضة التى تقف ضده، وفى سبيل ذلك لا يتوانى عن تخريب الاقتصاد فى ظرف يعانى فيه الاقتصاد من نقص العملة الصعبة. لعلك فهمت معنى الحمق، وأنه يعنى العمى عن رؤية صورة الواقع بدقة.. أما الأحمق الحالى الذى سيكون سبباً فى الثورة التى تؤدى إلى سقوط حكم الإخوان.. فسوف تكون «شاطر» إذا عرفت من هو؟!