وزير التعليم العالي يتفقد أعمال مشروعات جامعة كفر الشيخ بتكلفة 3 مليارات جنيه    خبير: تثبيت سعر الفائدة أدى لاستقرار أسعار الذهب    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات موقف المصريين في قضية غرق مركب هجرة غير شرعية باليونان    جامعة أسيوط: نشجع البحث العلمي في مجال التغيرات المناخية لخلق بيئة نظيفة    توريد 215 ألف طن قمح للشون والصوامع بالبحيرة    البرلمان العربي يطالب مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات «العدل الدولية»    قوات الاحتلال تقتحم عدة بلدات في الضفة الغربية    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    باحث: قرارات محكمة العدل الدولية ستواجه مشكلة الفيتو الأمريكي    عاجل.. كاف يحسم جدل الساعات الأخيرة قبل مباراة الأهلي والترجي «مستندات»    «مدينون بألف اعتذار».. رسالة نارية من شريف إكرامي بعد تصريحات محمد الشناوي    ضبط 10 عناصر إجرامية بتهمة الاتجار في المواد المخدرة ب4 محافظات    ضبط 11 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    ضبط 14 طن أقطان داخل محلجين في القليوبية قبل ترويجها بالأسواق    تأجيل محاكمة المتهم بتزوير محررات رسمية بقصر النيل    الاثنين.. "التعليم" تعلن أسماء الفائزين في "تحدي القراءة العربي"    طارق الشناوي يُعلق على فوز الفيلم السعودي «نورة» بتنويه خاص في «كان»    أحمد العوضي يتصدر ترند «إكس» ويحسم موقفه من ياسمين عبدالعزيز .. ماذا قال؟    جامعة عين شمس تبحث مع وفد «قوانغدونغ للدراسات» الصينية التعاون الأكاديمي والبحثي    5 نصائح من «القومي للتغذية» للتغلب على الطقس الحار بفصل الصيف    رئيس جهاز العبور يتابع سير العمل بمشروعات الطرق والمحاور    تفاصيل عطلة عيد الأضحى 1445ه في المملكة العربية السعودية    حبس سفاح التجمع لاتهامه بقتل 3 سيدات ورمي جثثهم على الطريق الصحراوي    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    هل من حق الشاب منع خطيبته من الذهاب للكوافير يوم الزفاف؟ أمين الفتوى يرد    «أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    الصحة: إصدار 290 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت 1.7 مليار جنيه    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    منافسة قوية بين الأهلي والترجي لتعزيز رقم تاريخي.. «غير اللقب»    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    محمد علي يوضح سنة مهجورة بعد الوتر    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    وزير الدفاع الأمريكي يستأنف عمله بعد خضوعه لإجراء طبي    4 صور جديدة تظهر رشاقة شيماء سيف بعد خسارة 50 كيلوجراما من وزنها    وزير الخارجية يقوم بزيارة الي بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تعلن قصف "هدف حيوي" بإيلات    للذكور والإناث.. بدء اختبارات القبول للدفعة العاشرة من معاوني الأمن (التفاصيل والشروط)    وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب يتوجه فى زيارة ميدانية لمحافظة البحر الأحمر    جامعة المنيا تنظم قافلة طبية لقرية دلجا    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    حبس سائق دهس شخصين في النزهة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 25 مايو 2024    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    إصابة 25 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق بنى سويف الفيوم    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    نصائح الدكتور شريف مختار للوقاية من أمراض القلب في مصر    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    Genesis Neolun| الكهربائية الفاخرة.. مفهوم يعبر عن الرفاهية    ليست الفضيحة الأولى.. «الشاباك» الإسرائيلي أخطأ مرتين في نشر صورة إعلامي مصري    إطلاق مئات الآلاف من البعوض المعدل وراثيا في الهواء    حظك اليوم| برج القوس 25 مايو.. تأثير في الحياة العاطفية والاجتماعية    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هبط نيل آرمسترونج على سطح القمر؟
نشر في الوطن يوم 09 - 01 - 2013


الحمد لله..
سمعت فى طفولتى كبار السن يتداولون خبراً عن فتوى نُسبت إلى أحد المفتين فى الجزيرة العربية بعدم كروية الأرض وعدم دورانها، وأن ما نقلته وسائل الإعلام آنذاك عن هبوط نيل آرمسترونج على سطح القمر مجرد كذبة أمريكية، وأن الصور المنقولة كانت مزيفة وأنه لم يكن إلا هبوطاً فى صحراء على الأرض، وكان الحديث محل تندر وتفكّه.
وأصبح ذكرُ هذه الفتوى فى السنة التى توفى فيها نيل آرمسترونج محلَّ غضبٍ لفريق وسُخْطٍ لآخر؛ إذ لم يتحمّل الفريق الغاضب من الذين عُرفوا بتبجيلهم لذلك المفتى تصوّرَ انتقاده ولم يخطر ببالهم تقبُّل نسبة الخطأ إليه.. وذلك على الرغم من اعتقادهم أنه غير معصوم وانتقادهم اللاذع لمخالفيهم بأنهم «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ».
وقد اشتد غضبهم مِن تطاول «السفهاء» على أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ والدعاة، وتكررت نماذج تشويه المشايخ كالتى فى فيلم «الزوجة الثانية»، لكن بصورة أشد ضراوة وأكثر نكاية وأخفّ ظلاً.
وقد أرعد إعلامهم وأبرق، ثم أمطر سباباً ولعناً وقذفاً وتكفيراً وتخويناً على الإعلام الفاسد المُنحل الذى ينشر المجون والفساد والرذيلة، ويتطاول على أهل الدين وعلماء الشرع وأصحاب الفضيلة.
وقد فاض كيلهم من تظاهر الفاسدين بالفسق والفجور، وبلغ سيلهم الزبى من جرأة الجهلة بدين الله..
ثم قرأت لمن ينفى صحة نسبة الفتوى إلى ذلك المفتى، رحمه الله، ويستشهد بفتوى له تؤكد كروية الأرض..
وبعد بحث تبين أنه بالفعل لم ينفِ كروية الأرض، لكنه نفى أنها تدور، وقال باستحالة هبوط الإنسان على سطح القمر، مستشهداً بما توهمه أدلة من القرآن الكريم!
وبالطبع رفض كبار العلماء هذه الفتوى ورد عليها الإمام الشعراوى ردّاً جميلاً ونسبها د. مصطفى محمود إلى العقل المُتحجّر، واعتبرها الشيخ محمد الغزالى من الفقه المُتصحّر.
وعندما انتشرت شائعة إعلامية تشكك فى وصول نيل آرمسترونج إلى القمر هلّل هذا الفريق وكبّر وصرخ فى وجوه المنتقدين: ألم يقل لكم الشيخ إن هذا الأمر مستحيل؟ ألم يستشهد بآيات من القرآن فلم تصدقوه؟
وهمس بعضهم قائلاً: لن يصدق هؤلاء أن الأرض لا تدور إلا عندما تأتيهم وكالة أنباء كافرة باكتشاف يؤكد ثباتها!
إنّ تذكُّر هذه الفتوى اليوم صار محل سُخطٍ عند الفريق الآخر، وهو فئة متسعة من الشباب لم تعد تحتمل تكرر عقلية محاكم التفتيش التى أسسها البابا جرينوار التاسع.. فأحرقَتْ برونو وجان هوس وحاكمت جاليليو واضطرت كوبرنيكوس إلى أن يُخفى نظريته عن دوران الأرض حول الشمس إلى يوم وفاته، وكل ذلك ارتُكب باسم الدين..
وقد ملّت هذه الفئة من السكوت عن تخلف الأمة عن ركب الحضارة الإنسانية وبقاء دولنا تحت وطأة التبعية والعيلة، وإهدار طاقات الشباب فى نقاشات لا تغنى ولا تُسمن من جوع.
ولم تعد تحتمل أن يُسلَّط على الرقاب سيف الدين أو يلهِب الظهورَ سوطُه فى كل تحرك يتحركونه وفى كل مجال يخوضونه من المجالات العلمية التجريبية أو الاقتصادية أو السياسية.. فغدت رافضة لتسلّط الآخرين باسم الدين على حياتهم وتقييدهم لتحركاتهم وعدّهم لأنفاسهم ومحاسبتهم على أحلامهم..
وهذه الفئة هى التى لم تعد تستسيغ الحديث عن الإعجاز العلمى للقرآن بعد اكتشاف أخطاء كثيرة لعدد ممن تسابقوا فى مضمار بطولة من يأتى بإعجاز جديد ولو باعتصار حروف كلمات آية كريمة من القرآن ولَىّ عنقها ليستخرج «إعجازاً علمياً» منها.. والتى اشمأزت من فوائد مرابحة البنوك الإسلامية التى صارت أكثر إيغالاً فى امتصاص محدودى الدخل من البنوك الربوية، وأسوأ حيلاً فى تعاملاتها.. والتى لم تعد تحترم الحديث عن أسلمة المعرفة بعد نماذج الإدارة الإسلامية، والقيادة الإسلامية، التى لم تختلف كثيراً عن الإدارة الرأسمالية والقيادة الانتهازية سوى بإقحام نصوص الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة عليها لإعطائها ختم الأسلمة على غرار «حلال فود» دون أى جهد يُذكر فى مراجعة منطلقات تعاملها المنبثقة من رحم مرحلة ما بعد الحداثة..
وتأملت هذه الحالة من الانقسام والتفرق بين أصحاب الوطن الواحد بل أبناء الأب الواحد أحياناً.. فوجدت أن «الدين» هو قطب رحاها «الظاهر» للأعين..
فتساءلت متعجباً: كيف يكون أساس هذا التنافر هو الدين؟
الدين الذى جاء ليجمع أشتاتهم المتفرقة ويفتح عين بصائرهم المغلقة ويطلق عقال عقولهم العالقة وينتشل سفينة نفوسهم التى أصبحت فى أوحال المطامع غارقة!
وهل جاء الدين مناهضاً لعقل الإنسان وانتصاره لحريته؟
وهل ينتصر الإنسان لعقله بزعم حريته فى إيذاء إنسان آخر بإهانة مقدساته، وانتهاك عِفّة سمعه وبصره؟
وعبثاً حاولت أن أجد ما يبرر هذا التضاد المُتوهم بين نصرة الدين وتعظيم العقل والحرية..
وبحثت فى النصوص الحاكمة لقواعد هذا الدين فوجدت أن مناط التكليف الشرعى يقوم على العقل والحرية؛ فالمجنون يسقط عنه التكليف، والمُكرَه تسقط عنه المؤاخذة!
فكيف أصبحت «العقلانية» تُهمة من وجهة نظر من ينتسب للدين؟
وكيف أمسى التحرر «سُبَّة» عند من ينتسب إلى الدعوة؟
وكذلك الأمر مع العقل والحرية؛ فقد حاولت مراراً أن أفك شيفرة ضرورة معاداته لمعتقدات الآخرين ومفاهيم العفاف لديهم، وقرأت لأساطين الديمقراطية وفلاسفة الليبرالية فوجدتهم يطالبون باحترام رأى الأغلبية والانصياع لرغبتها وينشطون لحفظ حقوق الأقلية وعدم جرح مشاعرها..
فكيف أصبحت مراعاة الآداب العامة تخلفاً عند من ينتسب للديمقراطية؟
وكيف أمسى احترام المقدسات نقيصة لدى من ينتسب إلى الليبرالية؟
لعلها سكرة المطامح النفسية والأهواء التسلطية هى ما تُفسر مثل هذه التناقضات..
ولعله التكاثر بالأتباع هو الذى ألهى العقول وغيّب الموضوعية عن كثير من هذه السلوكيات..
ربما، وربما اختلط الأمر على فهمى القاصر..
لا أريد الحكم ولا الجزم؛ لأن النيات والمقاصد غيب لا يجوز لمثلى أن يقتحم هيبته؛ ففيه ظلمة التألى على الله تعالى وظلامة التعدى على خلقه..
ولا أريد الانصياع لهوى النفس وميلها نحو سوء الظن وهو السلوك الذى نفرتُ بسببه من تصرفات الفريقين..
ولكن السؤال يبقى مطروحاً بين يدى القارئ الكريم: «يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ»؟
غرّنى كرمُك.. فسامحنى يا كريماً لا يُخيّب من رجاه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.