أكد اللواء عصام حافظ، مدير مباحث الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية، أن معظم الجرائم الإلكترونية التى تُرتكب فى مصر تتم عن طريق «الفيس بوك» بنسبة تقترب من 90%، والباقى يحدث عن طريق وسائل تواصل أخرى وتطبيقات مختلفة سواء كانت «واتس آب» أو «لاين» أو «سكايب» وغيرها، لافتاً إلى أن معدلات تلك الجرائم فى ارتفاع مستمر منذ 2011 بعد تضاعف استخدام الإنترنت وتحديداً شبكات التواصل الاجتماعى. وأوضح «حافظ»، فى حوار ل«الوطن»، أن مصر تحتاج إلى قانون خاص ب«الجرائم المعلوماتية»؛ لأنه حتى الآن لا يوجد قانون خاص بها، لافتاً إلى أنه تم الانتهاء من قانون جديد للجريمة المعلوماتية وتم إرساله إلى مجلس النواب لإقراره، مشيراً إلى أنه تم إعداده بالاشتراك مع وزارات «العدل، والدفاع، والاتصالات»، وهو ما سيساهم إلى حد بعيد فى تحجيم مختلف ظواهر الجريمة الإلكترونية. اللواء عصام حافظ ل«الوطن»: أغلقنا 4 آلاف «صفحة» تحرض على الإرهاب.. ورصدنا تورط «إخوان الخارج» فى نشر الفوضى وإلى نص الحوار: ■ فى البداية.. ما تعريف الجريمة الإلكترونية؟ - هى كل عمل إجرامى يضر بالغير من خلال «الإنترنت»، وتعتبر جريمة سواء ارتُكبت من جهاز الحاسب الآلى أو بواسطته، وهى من الجرائم المستحدثة، وتختلف عن الجرائم التقليدية مثل القتل والنصب والسرقة بالإكراه فى كونها تستخدم وسائط وأدوات لا تستخدم فى الجرائم العادية، وتحتاج إلى أساليب أخرى فى التتبع وملاحقة الجانى؛ فهى لا تلتزم بزمان أو مكان معين؛ لأنها تستخدم شبكة دولية غير محدودة؛ لذلك من الممكن أن يكون المتهم فى بلد والضحية فى بلد آخر. ■ وما نوعية تلك الجرائم؟ - أشهرها جرائم التسويق الشبكى (النصب الإلكترونى)، والاحتيال وغيرهما، كالقرصنة الإلكترونية واختراق الشبكات وسرقة أرقام البطاقات الائتمانية والتجسس الصناعى، وبث مواقع إباحية، وازدراء الأديان وإطلاق الشائعات، انتهاءً بالتحريض على القتل والحرق والدعارة والاستغلال الجنسى للأطفال. 90٪ من جرائم الإنترنت تجرى عبر «فيس بوك» وضبطنا مؤخراً 5 آلاف قضية سب وقذف وتشهير ■ كيف تقوم الإدارة بمكافحة هذه الجرائم؟ - مع إنشاء الإدارة، اهتمت الوزارة بالاعتماد على ضباط مهندسين متخصصين فى الكمبيوتر حصلوا على دورات داخل البلاد وخارجها فى بلدان مثل أمريكا واليابان والصين والهند ودول أوروبية عديدة فى كيفية القيام بعمليات تتبع المجرم عبر مواقع الإنترنت، وهى عملية فنية وتقنية معقدة ويجرى تحديث وسائلها باستمرار. ■ ما طبيعة عمل الإدارة إذاً؟ - مهمتنا مكافحة الجريمة الإلكترونية، وتبدأ مهمة العمل من تلقى بلاغات المواطنين أو من خلال عمليات الرصد التى يقوم بها الضباط للمواقع المخالفة والتحقيق فيها لحين تحديد المتهم؛ فهناك مليارات الصفحات على شبكة الإنترنت وملايين المواقع، ولا يمكن لأى إدارة فى العالم متابعة وتتبع هذه المواقع جميعها إلا إذا تم الإبلاغ عن موقع معين يقوم ببث شائعات أو يخرج عن الآداب العامة أو يمارس النصب والاحتيال أو أى جريمة أخرى، لكن فى النهاية نحن نتعامل مع واقع غير ملموس ونحوله إلى شىء ملموس، وعندما نتوصل إلى المتهم فإننا نلقى القبض عليه وفقاً للإجراءات القانونية المتبعة ونطبع المخالفات لتكون شيئاً مادياً، سواء كانت منشورات أو صوراً أو تحريضاً على العنف أو القتل، وعندما يحال المتهم للمحاكمة يكون ضباط الإدارة من شهود الإثبات. ■ وكيف تتلقون البلاغات؟ - نتلقى البلاغات من خلال حضور المواطنين بأنفسهم أو وكلائهم إلى مقر الإدارة والإبلاغ رسمياً أو من خلال الاتصال على رقم 108 عن أى مخالفات على الإنترنت أو على موقع الوزارة (www.moiegypt.gov.eg). 7 قضايا فقط فى 2002.. وأحذر من «الابتزاز الجنسى» للأطفال.. وأطالب الأسر بمراقبتهم وتشريع جديد يصدر قريباً لإحكام السيطرة.. ولا نستطيع إغلاق المواقع الإباحية ■ ومتى بدأ انتشار الجريمة الإلكترونية فى مصر؟ - منذ عام 2007 تقريباً بعد الاستخدام المتزايد للإنترنت، ثم تضاعف بشكل غير مسبوق منذ عام 2011. ■ لنتحدث تحديداً عن «فيس بوك». - قبل 25 يناير، كان مجرد موقع تواصل عادى جداً لكن بعدها تضاعف استخدامه بشكل كبير جداً بعد استخدامه فى تلك الأحداث وصار مؤثراً إلى حد كبير، بعد أن لاحظ الجميع أنه يوفر آلية سهلة جداً للتواصل وتبادل المعلومات، ثم حدث اختلاط ثقافى واجتماعى من خلاله وأدخل عادات غريبة علينا. ■ ما مدى مسئولية «فيس بوك» عن انتشار الجرائم الإلكترونية فى مصر؟ - معظم الجرائم الإلكترونية التى ترتكب أو ارتكبت تمت عن طريق «فيس بوك»، وأهمها جرائم النصب والابتزاز والسب والقذف وسرقة الحسابات والتشهير والنصب والاحتيال، بحيث يمكن القول أن نسبة حدوث تلك الجرائم من خلال «فيس بوك» وحده تتجاوز 90%. ■ كم عدد تلك القضايا.. وكم بلغت نسبة الضبط؟ - فى عام 2015 يوجد 5051 قضية تم الإبلاغ عنها، وشملت جرائم السب والقذف والتشهير والنصب والاحتيال، وتم ضبط نسبة لا تقل عن 40%، مع العلم أن أعلى نسبة ضبط مثلاً كانت لا تتجاوز بعد إنشاء الإدارة 5% لأن الأمور مرتبطة بمتغيرات عديدة أهمها طبيعة الجريمة ومعدلات ارتفاعها، ففى عام 2002، مثلاً، لم يكن لدينا سوى 7 قضايا فقط. ■ كيف يتم إثبات تلك الجرائم.. وما أدلتها؟ - من خلال وسائل تقنية حديثة يتم إثبات الواقعة لمرتكبها، ثم يتم إخطار النيابة العامة والقبض عليه، والأدلة تكون غير ملموسة لأنها «إلكترونية» على هاتف أو كمبيوتر المتهم، وما يحويه من مراسلات ووقائع تخص الجريمة التى ارتكبها. ■ كم تبلغ نسبة جرائم السب والقذف؟ - معظم استخدامات «فيس بوك» فيما يتعلق بالجريمة يشكل ما نسبته 60 إلى 65% يكون دافعها الانتقام، والنسبة الباقية بغرض الابتزاز بكافة صوره. ■ وماذا عن استخدامه فى الجرائم السياسية؟ - بعد ثورة 30 يونيو، حوّله «الإخوان» إلى منصة لمهاجمة الدولة، وارتكاب العمليات الإرهابية، وتم خلال الفترة الماضية ضبط 231 قضية وإغلاق 4071 صفحة تحريضية، وضبط 250 متهماً يقومون بإدارة هذه الصفحات وما بحوزتهم من أسلحة ومفرقعات، إضافة إلى مخططات لإسقاط الدولة، وتبين وجود تواطؤ أو اتفاق بين كوادر أو أعضاء الإخوان فى الداخل والتنظيم الدولى على استخدام الفيس بوك للتحريض. ■ هل سيكون القانون الجديد سيفاً على الرقاب ويتيح التجسس المقنن ضد المواطنين؟ - أبداً على الإطلاق، ونحن لا نتجسس على أحد أو حتى نراقب أى صفحات خاصة، إلا تلك التى تحرض على العنف أو الإرهاب أو الصفحات المشبوهة، ولا يتم تتبعها إلا بقرار من النيابة العامة وببلاغات رسمية موثقة، أو أن يكون أحد الأشخاص قام بمخالفة قانونية صارخة تهدد الأمن القومى، ساعتها نقوم بتتبع هذا الشخص وإذا وجدنا إخلاله بالنظام العام نقوم باتخاذ الإجراءات القانونية فوراً حفاظاً على الأمن القومى، فلم يثبت على الإطلاق أن «الداخلية» قامت بالتجسس على أى صفحات خاصة، أما المواقع الإلكترونية فهى متاحة للجميع، والقانون الجديد هو عملية تنظيمية بحتة، ونحن نقدر حرية الرأى المكفولة للجميع طبقاً للدستور والقانون. ■ بشكل مباشر هل تراقبون شبكة الإنترنت أو مواقع التواصل؟ - هذا كلام ساذج، لا أحد يستطيع مراقبة الإنترنت لأنه مثل الشوارع، فهل هناك من يستطيع مراقبة الشوارع والحارات؟ لكن هناك متابعة لما ينشر علانية، وما يمثل جريمة نتخذ الإجراءات القانونية حياله، أما المواقع الخاصة فلا نراقبها إلا إذا ورد بلاغ أو توافرت معلومات عن استخدامها فى ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون، إذاً فالشرطة لا تتجسس على أحد، ولا نقوم بأى عمل من أعمال المراقبة لمستخدمى الإنترنت، وزارة الداخلية لا تستخدم أى برامج لمراقبة المواطنين. ■ حتى يصدر هذا القانون كيف تتم معاقبة المتهمين؟ - بمواد من قوانين مختلفة مثل قوانين تنظيم الاتصالات وحماية الطفل، أما جرائم التحريض على الإرهاب فيتم المعاقبة فيها بقانون الإرهاب. ■ ما أهم بنود القانون الجديد؟ - القانون الجديد سيكافح الفوضى، ويتضمن وحدة ترخيص داخل الإدارة للمواقع الإلكترونية، وتتضمن عقوباته الخاصة بجنح السب والقذف ونشر الرذائل وخلافه. ■ ماذا عن الأجهزة الحديثة التى وصلت الإدارة لتعقب الإرهاب الإلكترونى؟ - بالفعل تم تطوير الإدارة بتكنولوجيا حديثة وأجهزة وصلت بالفعل، وهناك معمل جديد تم إنشاؤه بالوزارة الجديدة بأكاديمية الشرطة، تتيح عمليات الفحص والتتبع وسرعة التوصل والرصد لكافة الصفحات والوصول إلى المجرمين فى أسرع وقت ممكن. ■ لماذا لم تتخذ إجراءات تجاه العديد من المواقع الإباحية المنتشرة على شبكة المعلومات؟ - هذه المواقع لا نستطيع القيام بإغلاقها لأنها تبث من العديد من الدول خارج مصر، وبالتالى فإن تلك الدول هى صاحبة الاختصاص فى إغلاقها فقط، وهنا يبرز دور الأسر لمراقبة أبنائها حتى لا يقعوا ضحايا لهذه المواقع، خاصة أنها ليست بعيدة عن الحرب التى تستهدف مصر وأمنها القومى وطاقة شبابها، ولذلك فإنه على الجميع دور فى مواجهة تلك المواقع لحماية الشباب المصرى، فالإدارة تبذل جهوداً مضنية من خلال العديد من الوسائل للضغط على الشركات حتى تقوم بغلق هذه المواقع. ■ قلت إن هناك ابتزازاً جنسياً للأطفال من خلال الإنترنت. - نعم، وأحذر من ذلك وأطالب الأسرة بالرقابة على أطفالهم لأن جرائم ابتزاز الأطفال فى جرائم جنسية انتشرت وبشكل كبير جداً بحيث تصل إلى مئات القضايا، فضلاً عن أن هناك قضايا عديدة لا يتم الإبلاغ عنها حفاظاً على السمعة.