داخل الفصل الدراسى تجدهم يحدقون فى هواتفهم، وعلى مائدة الطعام يقلبون فى صفحات «الفيس بوك»، وكأن الحياة وقفت عندهم على متابعة مواقع التواصل.. «الوطن» تحدثت مع عدد من الأطفال فى أعمار مختلفة عن أسباب انجذابهم إلى العالم الافتراضى وهروبهم من الواقع. «أحمد»: «كل معلوماتى باخدها من صفحتى».. و«رنا»: «حياتى كلها عليه».. و«خالد»: «بحبه عشان نفسى أبقى مشهور».. و«عصام»: «أنا مدمن فيس» أحمد حاتم، طالب بالصف الأول الإعدادى، يستخدم مواقع التواصل منذ 3 سنوات، فهو يراها مُنقذاً له ولزملائه، ووسيلة بينهم لتبادل المعلومات والدروس التى يتلقونها، إضافة إلى شرح الأجزاء غير الواضحة: «الفيس بوك بقى عليه كل حاجة إحنا عاوزينها، ألعاب كتير وأصحاب المدرسة والجيران، وكمان أهلى اللى مابعرفش أزورهم بنتقابل فى الدردشة.. أنا تقريباً كل معلوماتى باخدها منه». حرص «أحمد» على تكوين صداقات جديدة سواء من نفس العمر أو أكبر، جعله يفتش بين الصفحات، ليجمع أكبر عدد من الأفراد على صفحته الشخصية، لتبادل الثقافات والخبرات للبيئات المختلفة: «إحنا مواقع التواصل كبرتنا قبل الأوان بأوان، بقينا نعرف كل حاجة عن كل شىء، بنعرف أخبار الانفجارات فى كل مكان فى العالم وأخبار الطيارات اللى بتتخطف، بقينا بنبلغ أهالينا بالأخبار قبل هما ما يعرفوها.. إحنا جيل مايتخافش عليه لكن يتخاف منه». «أنا نفسى الناس تعرفنى وأبقى مشهور والفيس بوك بيحقق ليا الحلم ده كل الناس فى منطقتى يعرفونى وكل لحظة فى حياتى بوثقها بصورة وأرفعها على الأكونت»، حسب خالد عمرو، ابن ال9 سنوات، الذى حرص على وجود والديه على حسابه الشخصى، ليتواصلا من خلاله، فهو يرى أن مواقع التواصل أتاحت كل شىء، ولم يعد هناك عائق فى الحصول على معلومة أو التحدث إلى شخص ما على مستوى العالم: «على فكرة الفيس بوك مش كله دردشة، فيه صفحات بتعرض معلومات مفيدة وكمان عليه ألعاب كتير، واللى يقول إنه بيضيع وقتنا غلطان، ده إحنا بنستفيد منه أكتر من المدرسة». استخدام مواقع التواصل الاجتماعى فى حياة رنا عادل، ضرورة من ضرورات الحياة، حتى باتت تتنفسه كالماء والهواء، فهى تحرص على اصطحاب تليفونها المحمول فى جميع خروجاتها العائلية، للهروب من الأحاديث التى لا تعنيها فى شىء والتحدث مع أصدقائها الافتراضيين: «بقعد على الفيس بوك 8 ساعات فى اليوم، فى المدرسة وكمان وأنا نايمة تحت البطانية قاعدة ألعب وأطمن على أصحابى». قرارات شراء الملابس لم تعد ترجع «رنا» لأسرتها لمساعدتها فيها، بل صفحات التواصل خدمتها، فهى تستعين بها، لتصفح كل ما هو جديد على صفحات المحلات الشهيرة، ومن ثم تتجه بصحبة زملائها بالصف الأول الإعدادى لشراء الملابس التى شاهدوها واختاروها من مواقع التواصل: «أنا عندى فيس بوك وإنستجرام وتويتر كل واحد عندى ليه استخدام، الفيس بكلم أصحابى عليه وإنستجرام بشوف صور المشاهير وبتعلم منهم اللبس، وتويتر بقى معقد بس بتابع الأخبار الأجنبية عليه، ماما دايماً بتتخانق معايا عشان بقوم وأنام على الموبايل والكمبيوتر بس أنا حياتى كلها بقيت على مواقع التواصل». على عكس من سبقوه لم تمثل موقع التواصل الاجتماعى مساحة للتعلم والبحث لدى الطفل أحمد عصام، الطالب بالصف الثالث الإعدادى، الذى لا يعرف عنها سوى المحادثات مع الآخرين سواء كانوا يعرفونه معرفة شخصية أو أصدقاء افتراضيين: «أنا بذاكر شوية وأقعد أتكلم مع أصحابى شوية، ماشى بمبدأ حبة لعقلك وحبة لأصحابك وفيسك». ويستكمل: «لما بزهق من أصحابى والرغى فى أى حاجة تافهة بروح أتفرج على فيديوهات وأغانى شعبى، أنا بعرف كل أخبار المنطقة من الفيس بوك، مين اتجوز ومين طلق وحتى اللى بيموتوا.. على فكرة أنا مدمن فيس بوك».