في الوقت الذي تدرس في الحكومة العروض المقدمة من رجال الأعمال القابعين حاليا في السجون المصرية، والتصالح معهم مقابل رد جزء من ثرواتهم، تكشف جريدة " الوادي" عن الصفقات الخفية التي أبرمتها الحكومة ولم يتم الإفصاح عنها حتى الآن. تعود التفاصيل وفقا للأوراق التي لدينا إلي الاجتماع الذي دعا إليه المشير حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة، في 14/8/2011 لمساندة رجال الأعمال الشرفاء، بعد أن تأكد المجلس من وجود نوايا لدى البعض من رجال الأعمال بتحويل استثماراتهم خارج مصر، وحضر الاجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية، وعدد من الوزراء ومحافظ البنك المركزي و40 عضوا من رجال الأعمال يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية بالدولة. وبناءا على هذا الاجتماع أرسل المشير حسين طنطاوى توصيات الاجتماع للمهندس عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، لإعداد خطة زمنية لتنفيذ المقترحات، حيث أن معظمها تعتبر عاجلة لدفع الاقتصاد المصري خلال الفترة الانتقالية، ولا تتطلب تعديلات تشريعية قائمة أو جديدة. وفي 5/9/2011 أرسل المجلس الأعلى خطابا لوزير السياحة منير فخري عبد النور، بكافة المقترحات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ التوصيات القابلة للتنفيذ الفوري وتقع في نطاق اختصاص الوزارة، وعقد مؤتمر متابعة لتنفيذها خلال أسبوعين من تاريخه. وكشف الخطاب عن خارطة المصالحات وفض المنازعات على المدى القريب والبعيد مع عدد من رجال الأعمال، والتي سعت حكومة الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء إلي تنفيذها مؤخرا، رغم إقرار هذه التوجيهات في عهد حكومة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق. وجاء في الخطاب أن كل ما أثير بعد ثورة 25 يناير عن فساد رجال الأعمال لم يفرق بين النماذج الناجحة والنماذج التي لم تنجح أو لم تنفذ مشروعات في المجال السياحي، فالنماذج التي تم تخصيص ملايين الأمتار لها مثل محمد أبو العينين وأحمد عز وفريد خميس وشركة "داماك" الإماراتية، لم تحقق التنمية السياحية المتكاملة مثلما نجح نموذج الخرافي وسميح ساويرس الذي يمتلك مدن سياحية ويمتلك فيها نحو 7 أو 8 آلاف غرفة فندقية، وحامد الشيتي رئيس شركة "ترافكو" للسياحة يمتلك نحو 50 فندقا بالإضافة إلي 10 فنادق تحت الإنشاء بما يتجاوز 15 ألف غرفة في البحر الأحمر والساحل الشمالي، وان النماذج الغير ناجحة كانت تهدف إلي تسقيع الأراضي والاحتفاظ بها لسنوات وبيعها بأسعار المناطق المحيطة بها لجني ملايين الجنيهات. وكشف عن أن قيام هيئة التنمية السياحية بسحب الأراضي من 360 مستثمر أحدث شبه توقف لحركة التنمية السياحية في مصر، خاصة بعد ما نشر عن الشيتي وساويرس ورجل الأعمال السعودي عبد الرحمن الشربتلي رئيس شركة "جولدن بيراميدز بلازا" والذي أوقف مشروعه الضخم في شرم الشيخ رغم شراؤه متر الأرض ب 10 دولارات، وشركات "الفطيم" و"داماك" و"إعمار" والتي لم تحصل علي تصاريح ببناء الفنادق حتي الآن رغم شرائها متر الأرض بمنطقة سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي بمزايدة علنية بواقع 160 جنية للمتر، ولكنها تواجه مشاكل مع محافظة مطروح ولا تستطيع البناء رغم ارتفاع تكلفة متر الأرض إلي 3 آلاف جنيه بعد إمداد الشركة بجميع المرافق، ورغم أن الشركة ستضخ نحو 12 مليار جنيه في هذا المشروع، إلا أن المحافظة أوقفت عمليات البناء وتطالبها بالتبرع ب300 مليون جنيه فوق سعر الأرض للمحافظة. كما كشف عن قيام الدولة من خلال المجلس العسكري أو مجلس الوزراء أو هيئة الاستثمار بالتحقيق الفوري في المنازعات والقيام بحل مشاكل كبار المستثمرين، خاصة حامد الشيتي وسميح ساويرس دون تجاوز القضاء في حالة إذا كانت هناك أحكام قضائية، وضرورة دراسة المنازعات وتقييمها قبل تحويلها للجهات القضائية حفاظا علي صورة مصر كمقصد للمستثمرين، بالإضافة إلي حل مشاكل رجل الاعمال السعودي عبد الرحمن الشربتلي وشركة "إعمار" و"الفطيم"، علي أن تترك مشكلة شركة" داماك" لتعقد مشكلتها أمام القضاء حاليا. كما طالب المجلس في خطته العاجلة هيئة التنمية السياحية بالتراجع عن سحب الأراضي ودراسة إعطاء مهلة للمستثمرين الجادين للبدء في تنفيذ مشروعاتهم، والإعلان عن التخطيط العمراني للتنمية السياحية في الساحل الشمالي، والتأكيد علي أن سعر متر الأرض ليس المشكلة الحقيقة بل العبرة بما سيتم إنفاقه على الأرض وإحداث التنمية المتكاملة بها، والتنسيق مع المحافظات بخصوص سعر متر الأرض الذي تخصصه، وأسعار الهيئة، ودراسة إمكانية قيام جهة واحدة بتخصيص جميع مشروعات التنمية السياحية وتراقب تنفيذها، ودعوة البنوك للمساهمة في حل مشكلة المشروعات المتوقفة لأسباب تمويلية، والتنسيق مع القوات المسلحة أو هيئة العمليات بخصوص الموافقات الأمنية، لإعطاء دفعة لمشروعات التنمية السياحية المتوقفة في المرحلة المقبلة. أما الحلول التي وضعها المجلس الأعلى على المدى البعيد فكانت توحيد الجهة المسئولة عن إنشاء الشركات الاستثمارية من خلال أسلوب "الشباك الواحد" من خلال هيئة الاستثمار، وتوحيد جهة التقييم للأصول المطروحة لأوجه الاستثمار المختلفة، وتحديد سلطة الاعتماد النهائي حتي لا يتم الطعن علي قرارات اللجان. وطالب بضرورة تكوين مجموعة عمل أو مكتب تحت مظلة هيئة الاستثمار يمثل فيها مندوبين من جميع الجهات المطلوب الحصول علي موافقتها لبدء النشاط بحيث لا يستغرق هذا الإجراء أكثر من عدة أيام، أما بالنسبة للأراضي المملوكة للمحافظات فيقترح إنشاء جهاز متكامل بداخلها ويكون له سلطة الحصول على جميع الموافقات وإصدار التراخيص في الوقت المحدد، وأن تكون لكل محافظة استقلاليتها تدعيما لمبدأ اللامركزية. وفي حالة إبرام العقود يتم تشكيل لجنة أو مجموعة قانونية تتبع هيئة الاستثمار ينضم إليها ممثل عن المستثمر لمراجعة كافة العقود قبل سريانها ويكون تصديق هذه الجهة نهائيا، واحترام العقود المبرمة مع المستثمرين بما لهم وما عليهم بكل صرامة مع تجنب أي احتمالات للخلافات التي تؤدي إلي التحكيم الدولي، وضرورة إعادة النظر في القوانين واللوائح المنظمة لعمليات الاستثمار مما يسهل اتخاذ الإجراءات، وحل جميع مشكلات المستثمرين مع أجهزة الدولة المختلفة من خلال لجنة اقتصادية وقانونية تتبع مباشرة رئيس مجلس الوزراء وتكون قراراتها سريعة ونافذة ودون اللجوء للقضاء العادي، وضرورة الاشتراط علي المستثمرين في التراخيص الممنوحة لإنشاء مشروعات سياحية خمس نجوم علي التعاقد مع شركات إدارة فندقية متخصصة، بالإضافة إلي تكوين مجلس اعلي للمستثمرين يضم اكبر عشر مستثمرين أفراد وشركات مع المسئولين لمتابعة المشاكل وحلها بصفة دورية. وبمواجهة اللواء طارق سعد الدين رئيس هيئة التنمية السياحية، عن حقيقة التصالح مع رجال الأعمال، أكد أن الهيئة تقوم بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء، مشيرا إلي أن التوصيات التي وضعها المجلس العسكري في شهر سبتمبر الماضي، بعضها قابل للتنفيذ وكانت عبارة عن توجيهات وليست تعليمات أو قرارات واجبة التنفيذ. كما رفض الإفصاح عن أسماء رجال الأعمال التي تم التصالح معهم، مؤكدا أن الإفصاح أن أية معلومات في الوقت الحالي سيؤثر علي مجريات التحقيق التي تجريها نيابة الأموال العامة. وكشفت مصادر مطلعة علي تحقيقات نيابة الأموال العامة، أنه تم تسوية مخالفات رجل الأعمال حامد الشيتي رئيس شركة "ترافكو"، عن طريق عودة شرائه للأراضي التي كان قد حصل عليها في الغردقة والساحل الشمالي بسعر دولار للمتر بأسعار جديدة تراوحت بين 5و7و10 دولارات للمتر، وبلغت قيمتها 300 مليون دولار للأراضي التي حصل عليها في الساحل الشمالي والتي تبلغ مساحتها 5 ملايين و100 ألف متر بالإضافة إلي قيامه بسداد 36 مليون جنيه تعويضات لواضعي اليد من البدو علي هذه الأراضي حصلوا علي 50% منها، كما قام بدفع 150 مليون جنيه للأراضي التي حصل عليها في الغردقة.