كتب - ربيع السعدني وهاني عبدالراضى "لماذا نرفض الاقتراض من صندوق النقد الدولى؟".. هكذا جاء بيان حزب مصر القوية - تحت التاسيس- في صورة تساؤل عام يؤكد من خلاله كيف أن الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي كانت كارثية على كثير من الدول التي خضعت لها، وأوصلتها إلى درجة الإفلاس، مشيرا إلي أن مصر تقترض من صندوق النقد الدولي وتتعامل معه وتخضع لسياساته وبرامجه الاقتصادية منذ عام 1990؛ والتي أدت إلى زيادة نسب الفقر بصورة كبيرة. واضاف البيان أن "القروض هي الحل الكسول والمريح لحل مشاكل الاقتصاد على المدى القصير، فضلا عن غياب البرلمان عن مناقشة القرض، وشروطه نتيجة حل مجلسي الشعب والشوري بالتزامن مع حالة اللاشفافية الجارية بما يعني غياب الشعب عن مناقشة قراراته المصيرية". وكان الحزب قد اقترح في بيان سابق له سبعة بدائل لهذا القرض الدولي المجحف بداية من إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى ليتحول إلى اقتصاد منتج ومرورا بتخفيض دعم الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وصولا لإعادة تقييم عقود تصدير الغاز الطبيعي والتي وقعت في عهد النظام السابق الاستبدادي والفاسد. وأكد الحزب أنهم حين أعلنوا عن رفضهم التام للاقتراض من صندوق النقد الدولي كان ذلك بناء على انحيازات الحزب وقادته الواضحة الرافضة لهيمنة القوى الكبرى على القرار المصري واستقلاليته، إيمانا بوجود بدائل عديدة لمشاكل الاقتصاد المصري نابعة من الإرادة المصرية المستقلة. وقبل أن نستطرد في تلك البدائل المقترحة أكد البيان الصادر علي عدة نقاط تتلخص في أن مؤسسات النقد الدولية خاضعة بحكم تكوينها، وقوة القرار فيها للدول الكبرى وخصوصاً للولايات المتحدةالأمريكية، وبالتالي فإنها تتعامل وفقاً لمصالح تلك الدول الكبرى التي تتعارض بالضرورة مع مصالح الدول النامية. هذا فضلا عن أن الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي كانت كارثية على كثير من الدول التي خضعت لها، فوصلت إلى الإفلاس، كما حدث من قبل في الأرجنتين والبرازيل، مع العلم أن بلداً مثل ماليزيا استطاع تجاوز الأزمة الاقتصادية التي أثرت على بلاد شرق آسيا في نهاية القرن الماضي برفض شروط صندوق النقد الدولي، بل والقيام بمعكوسها. بالإضافة إلي أن مصر تقترض من صندوق النقد الدولي وتتعامل معه وتخضع لسياساته وبرامجه الاقتصادية منذ عام 1990؛ والتي أدت إلى زيادة نسب الفقر، وتدهور الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين مع زيادة أسعارها، بسبب الالتزام بوصفة العلاج التي قدمها خبراء الصندوق، وصولا إلي برامج "التكييف الهيكلي" أو "إعادة الهيكلة" الاقتصادية التي يتبناها خبراء صندوق النقد الدولي، والتي يفرضها على الدول النامية المقترضة منه تؤدي إلى مزيد من التدهور في الأحوال المعيشية للفقراء ومحدودي الدخل (أكثر من نصف الشعب المصري). وهذا كله بإعتراف منظمة اليونيسيف في تقرير لها عام 1987، لأنها لا تراعي البعد الاجتماعي في شكل الهيكلة الاقتصادية المرجوة، والتي تعتمد على خفض قيمة العملة المحلية بما يؤدي إلى زيادة الأسعار، فضلا عن زيادة أسعار الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين مثل الكهرباء والماء والوقود والاتصالات والخدمات الصحية والتعليمية مع خفض النفقات الحكومية من خلال بيع شركات القطاع العام، والاستغناء عن نسبة كبيرة من العمال والموظفين الحكوميين، وتقليل دعم السلع الأساسية. وكذلك تحرير الأسعار وعدم التدخل في سوق العرض والطلب؛ بما يزيد من عمليات احتكار الشركات الكبيرة للسوق، وزيادة ثروات رجال الأعمال والتجار على حساب الشركات الصغيرة وعموم المواطنين وتحرير التجارة والتوسع في نشاطاتها على حساب دعم الصناعة والزراعة؛ بما يؤدي إلى زيادة الواردات من السلع الأساسية والاستهلاكية، وخسارة المزيد من العملات الأجنبية، ووقف كثير من الصناعات المحلية، وزراعات المحاصيل الأساسية. وأكد الحزب في بيانه علي استحالة وجود وصفة اقتصادية ناجحة قابلة للتطبيق في دول العالم المختلفة لحل مشاكلها الاقتصادية؛ لأن الاقتصاد هو نتاج لتفاعلات سياسية واجتماعية محلية، لذا فإن الحلول الاقتصادية الناجحة لا بد أن تنبع من البيئة المحلية وأن تكون مراعية لظروفها وواقعها الاجتماعي. كما أن العجز في العملات الأجنبية لم يبدأ بعد الثورة، بل إنه قد حقق عجزا متزايدا تطور من 1.4 مليار دولار فى 2008، ليصل إلى 3.3 مليار دولار فى 2009، ثم إلى 4.5 مليار دولار فى 2010, وفقا لبيانات البنك الدولي، وهو ما يدل على أن الأزمة هيكلية وبعيدة المدى، وكان حريا بالحكومة عدم قصر رؤيتها فحسب على المسائل قصيرة المدى من عينة سد العجز في الموازنة أو تدارك نزيف الاحتياطي-على أهمية هذه المسائل- بل العمل على تقييم كل السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة في عهد مبارك. أما بالنسبة للبدائل المقترحة التي يطرحها الحزب والنابعة من التجارب السابقة، والخبرات المصرية، والمراعية للواقع المصري فتتلخص في "إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى ليتحول إلى اقتصاد منتج"، ولن تبدأ إعادة الهيكلة إلا بالتخلى عن المفاهيم الاقتصادية التى أبقت الاقتصاد المصرى فى هذا الوهن طوال العقود السابقة من خلال التخلى عن ثقافة "الاقتراض هو الحل" مع أهمية ترتيب أولوياتنا الإقتصادية والتنموية وتقليل اعتمادنا على الاستيراد بالإضافة إلي وجود موازنة تخدم غالبية المصريين وتستثمر فى مشاريع سريعة الأجل تحفز النشاط الاقتصادي. وطالب الحزب بفرض ضريبة على التوزيعات النقدية مماثلة لتلك المفروضة على الدخل لزيادة الإيرادات الضريبية الحكومية وتفعيل الضريبة العقارية على الأغنياء مما يخدم ترشيد الاسكان الترفي وأسعار العقارات وفي نفس الوقت يضخ مابين 3 إلى 4 مليارات جنيه سنويا للموازنة يدفع معظمها قاطنوا الإسكان المترف في المجمعات السكنية الفاخرة على أطراف القاهرة وملاك المنتجعات السياحية في الساحل الشمالي. ناهيك عن الدعم السياسي للعمل الدبلوماسي والشعبي الهادف لإسقاط الديون، والاستفادة من العروض المقدمة من بعض الدول لوقف سداد أقساط الدين وفوائدها تقديراً للثورة المصرية، وهو ما فعلته دول مثل الإكوادور سابقاً و تونس حاليا وسبق ان طرحت الحمله الشعبيه لاسقاط ديون مصر تصور متكامل حول هذا الملف. إن هذه الإجراءات من شأنها أن توفر بدائل على المدى المباشر لمشكلة العجز في الموازنة عن الاقتراض الخارجي، ولكن النظر في هذه البدائل يتطلب إرادة سياسية وخطى جريئة تتصل بتنفيذ مطالب الثورة فيما يخص العدالة الاجتماعية. كما أن الصراحة، والشفافية، وروح التعاون المشترك التي طالبت القوي السياسية، الرئيس محمد مرسي بها، لكفيلة بالوصول إلى حلول وطنية خالصة لمشاكل الاقتصاد المصري بعيدة عن سياسة القروض، والخضوع لإملاءات مؤسسات النقد الدولية الخاضعة لهيمنة الدول الكبرى والملية لمصالحها على حساب مصالح الشعوب.