لم يكتف الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي بالدفاع عن الأبطال المهمشين الذين سقطوا سهوا أو عمدا من سجلا ت التاريخ، بل انضم إلى صفوف المدافعين عن حرية الفكر والإبداع، فكان هذا الحوار عن حرية الفكر والإبداع في تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر. * ما سر اهتمامك بقضية حرية الفكر والإبداع؟ بداية مصر طوال تاريخها قوى عظمى ثقافية، وتمتلك الكثير والكثير من القوى الناعمة التي تتمثل في الفكر والثقافة والفنون التي جعلت منها قوى عظمى على مستوى العالم، ونتج هذا التنوع الفكري والإبداعي من مساحات الحرية التي استطاع المبدعون أن يقتنصوها طوال الوقت، ولكن كل هذا أصبح مهددا أمام المنظومة الفكرية التي يعتنقها تيار الإسلام السياسي، تلك الدعاوى التي تستند وترتكز على بعض المقولات الدينية التي لا تستند على صحيح الكتاب والسنة، فالإسلام هو الدين الوحيد بين كل الأديان السماوية والأرضية الذي أعطى الإنسان حرية الكفر، وهو الدين الذي يمتلئ كتابه المقدس (القرآن) بعشرات الآيات التي تحض على التفكر التعقلي التدبري والعلم، ولذلك عندما يأتي فصيل أو تيار يحاول أن يستنطق الإسلام بما ليس فيه، فهذا يستوجب استنفار جماعة المثقفين والمبدعين للدفاع عن حرياتهم، وعن إبداعاتهم، خاصة وأن الثقافة والفكر هي رأس الأمة أو عقلها، وأن الفنون هي قلبها، فهل من العقل أن يأتي من يحاول قطع رأس الأمة أو ينتزع قلبها من دون أن نقف في وجهه ونقاومه؟ * هل أنت قلق على حرية الفكر والإبداع؟ لقلق بالطبع لأن هذا التيار أقصد طبعا التيار الإسلامي يتحدث عن الخلافة التي تذوب فيها الأوطان، وأنا مهموم بشكل شخصي وعلى مدى سنوات عمري بالكتابة عن تاريخ مصر، هذا يعني أن هذه النوعية من الكتابة لن تروق أبدا لمن يدعوا إلى إحياء الخلافة، وبشكل عام بعيدا عن هذا التخصص الدقيق فإن حرية الفكر والإبداع فريضة إنسانية، بل لا نغالي إذا قلنا أنها فريضة إسلامية، ومن الواحب علينا أن نتصدى لكل من يحاول أن ينتقص من هذه الحريات. * اعتقد إن قضية الحرية أخذتك من قضيتك الأساسية وهي التأريخ لأبطال المقاومة؟ هذه القضية يدافع عنها كل المفكرين والمبدعين والمثقفين والأدباء، وكل واحد منهم له إبداعه الخاص، فهذا يكتب الرواية وذاك يكتب الشعر، وهذا يمثل وذاك يغني بما يعني أن الإبداع الخاص بكل مبدع يجب ألا يشغله إطلاقا عن الوقوف في وجه كل من يحاول الانتقاص من مساحات الحريات التي يجب أن يتمتع بها الإبداع والمبدعون. * إذا كانت قضية الحرية هي قضية يدافع عنها كل المفكرين والمبدعين والمثقفين فما تفسيرك لانصراف رموز الثقافة عن حضور مؤتمر حرية الفكر والإبداع الذي أقيم مؤخرا؟ المؤتمر الذي تتحدثين عنه نظمته اللجنة الوطنية للدفاع عن حريات الفكر والإبداع، وهي لجنة لا تتبع أي مؤسسة رسمية في الدولة، فقد دعا إليها وأسسها مجموعة من رموز الفكر والإبداع، وعندما تم الإعداد لهذا المؤتمر كانت الدعوة عامة لكل المصريين، فمن حضر شارك في هذه الفعاليات شديدة الحيوية، والمناقشات الثرية التي وصلت إلى درجة الحدة في بعض الأحيان، ومن لم يحضرقد يكون له عذره. * حدثت حالة من الفوضى أثناء المؤتمر، فهل ترى أنه كانت هناك محاولات متعمدة لإفشاله؟ أرى أنها ليست محاولات متعمدة لإفشال المؤتمر، لكن أرى أن التيار الإسلامي السياسي بدأ ينشط ويوجه بعض أعضاؤه لحضور المنتديات والأمسيات والندوات الثقافية، والمشاركة فيها للدفاع عن هذا التيار والتعبير عن وجهة نظره، ولكن للأسف الشديد من رأيناهم حتى الآن أساءوا إلى هذا التيار بأكثر مما أحسنوا إليه لأن آرائهم ورؤاهم تتسم بالعصبية وضيق الأفق. * ماذا عن مشروعاتك الإبداعية الجديدة؟ صدر لي منذ أيام كتاب (رأس العش) وهو عن المعركة التي فتحت بوابة الأمل على مصراعيها بعد هزيمة عام 1967م، حيث دارت رحاها بعد 25 يوم فقط من نكسة 67، أي في 1 يوليو1967م، حيث استطاع عدد قليل لا يتعدى الثلاثين جندي مصري، ضرب قوة كبيرة جدا من جنود العدو الصهيوني تحوي دبابات وعربيات وعربيات مجنزرة ومشاة، وكبدوها خسائر فادحة وبعدها انطلق الجيش المصري بقوة كبيرة في حرب الاستنزاف العظمة.