مع مرور عجلة الزمان، تعود بالأذهان إلى ذكريات تئن من ثقلها السنين فكثير من هذه الأحداث غيرت مجرى التاريخ، فكم من ملوك تملك أمور البلاد، وكم من أخرين سقطوا، وتتوالى الأحداث باختلافاتها، إلا أن بعض الحقب الزمنية تحمل أحداث مؤثرة في تاريخ البشرية، وتغير مجرى الأمور، ومنها ما حدث فى مثل هذا اليوم من عام633 حيث وقعت معركة الولجة بين الفرس والمسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وقد وقعت أحداثها فى مكان يسمى الولجة فى العراق ولذا سميت المعركة باسم المكان، وقد انتهت بانتصار المسلمين. سيف الله المسلول فيما عن القائد خالد بن الوليد، فهو صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول صلى الله عليه وسلم، بسيف الله المسلول، اشتهر بحسن تخطيطه العسكري، وبراعته في قيادة جيوش المسلمين، فضلاص عن كونه أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ، الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة. حياته قبل إسلامه لعب خالد بن الوليد قبل إسلامه، دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين، في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق، وكان شديد العداوة للمسلمين، إلى أن دخل خالد في الإسلام بعد صلح الحديبية وحقق العديد من الانتصارات للجيوش الاسلامية. غزوة مؤته في عام 8 ه / 629م وجّه الرسول جيشًا لقتال الغساسنة، بسبب قتل الصحابي الحارث بن عمير الأزدي رسول النبي محمد إلى ملك بصرى على يد شرحبيل بن عمرو بن جبلة الغساني والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية. انضم خالد إلى ذلك الجيش ذي ثلاثة آلاف مقاتل، وعند وصول الجيش إلى مؤتة، فوجئ المسلمون أنفسهم أمام جيش مائتي ألف مقاتل، إلا أن ابن رواحه أقنعهم بالقتال، ليبدأ الموقف العصيب، ويموت الثلاثة قواد الذين اختارهم النبي، فيختار الجيش خالد بن الوليد ليكون القائد. خطة الانسحاب وصمد الجيش بقية اليوم، وفي الليل نقل خالد ميمنة جيشه إلى الميسرة، والميسرة إلى الميمنة، وجعل مقدمته موضع الساقة، والساقة موضع المقدمة، ثم أمر طائفة، بأن تثير الغبار ويكثروا الجلبة خلف الجيش حتى الصباح، وفي الصباح، فوجئ جيش الروم والغساسنة، بتغيّر الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس، إضافة إلى الجلبة، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين، عندئذ أمر بالانسحاب، وخشي الروم أن يلاحقوهم، خوفًا من أن يكون الانسحاب مكيدة، وبذلك، نجح خالد في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملة، وعندما عاد لقبه الرسول بسيف الله المسلول، وحتى الآن تدرس تلك الخطة بدول أوروبا كاعظم خطط للانسحاب من المعارك دون تكبد الخسائر. فتح مكه و توجه الرسول في جيش من عشرة آلاف مقاتل إلى مكة، بعد نقضها لأحد شروط الصلح بينهم، وقسم النبي الجيش إلى أربعة أقسام، تولى بنفسه قيادة أحدها، وأمّر الزبير بن العوام وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد على الثلاثة الأخرى، ولم يلق أحدهم قتالاً إلا كتيبة خالد، واستطاع خالد أن يظفر بهم. حرب الرده بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فيما بين عاملي 11، 12 هجرياً /632، 633م، أَمَّره الخليفة أبو بكر رضي الله عنه بقتال المرتدين، فواجه خالد بن الوليد بجيشه المرأة سجاح مُدَّعِيَة النبوَّة، كما واجه مسيلمة الكذَّاب، الذي كان من أشدِّ أولئك المتنبِّئين خطرًا ومن أكثرهم أعواناً وجنداً، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين انتهت بهزيمة بني حنيفة ومقتل مسيلمة، كما قاتل مالك بن نُوَيْرَة الذي اتُّهِمَ بالردَّة. فتح على بلاد فارس كما كان له دور كبير في انتصار الجيوش الإسلامية في الحروب التي أرسلها أبي بكر الصديق على بلاد فارس 633م، فبعد أن قضى فتنة الردة -التي كادت تُمَزِّق الأُمَّة وتقضي على الإسلام- توجَّه الصديق ببصره إلى العراق؛ يُريد تأمين حدود الدولة الإسلامية. استطاع ابن الوليد تحقيق عدداً من الانتصارات على الفرس، واستمرَّ خالد في تقدُّمه وفتوحاته حتى فتح جزءًا كبيرًا من العراق، وواجه الأنبار التي تحصن أهلها بها، فكان حولها خندق عظيم يصعب اجتيازه؛ وما لبث سيف الله المسلول إلا أن أمر جنوده برمي الجنود المتحصِّنين بالسهام في عيونهم؛ حتى أصابوا نحو ألف عين منهم، ونحر الإبل الضعاف ليلقى بها في أضيق جانب من الخندق؛ حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين، وعندما رأى قائد الفرس ما صنع خالد وجنوده طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين. فتح بلاد الشام كان خالد قائد أبي بكر الصديق الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: «والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد، فأمره بالذهاب إلى بلاد الشام، والتي وقعت بين سنتي 12ه، 13هجرياً، و633 640 ميلادياً، وأعاد خالدٌ تنظيم الجيش؛ فقسَّمه إلى كتائب ليكثروا في عين عدوِّهم فيهابهم، وكُتب للمسلمين النصر في النهاية. وقُبيل المعركة تُوُفِّي أبو بكر –رضي الله عنه- وتولَّى الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أرسل كتابًا إلى أبي عبيدة بن الجراح يأمره بإمارة الجيش وعزل خالد؛ لأن الناس فُتنوا بخالد؛ حتى ظنُّوا أن لا نصر بدون قيادته، ولكنَّ أبا عبيدة آثر أن يُخفي الكتاب حتى انتهاء المعركة وتبيّن النصر تحت قيادة خالد. عزلi من قيادة الجيش ووفاته ولم ينتهِ دور خالد بن الوليد رضي الله عنه في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر رضي الله عنه له وتولية أبي عبيدة أميرًا للجيش؛ وإنما ظلَّ يُقاتل في صفوف المسلمين فارسًا من فرسان الحرب، وبطلاً من أبطال المعارك المعدودين، إلى أن توفي 21 ه / 642م.