إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    منشآت مستثناة من تخفيف أحمال الكهرباء .. تعرف عليها    بايدن يثق بفوزه بولاية ثانية ويشكك في قبول ترامب نتائج الانتخابات    ملف يلا كورة.. حفل تأبين العامري فاروق.. غيابات الزمالك.. ومفاجأة لصالح جمعة    أحمد عيد: هنفرح جماهير المحلة في الدوري الممتاز.. وهذه كانت أصعب لحظة    احتفالات جنونية من لاعبي غزل المحلة مع الجماهير بعد الصعود للممتاز (فيديو وصور)    «الأرصاد» تُحذّر من حالة طقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    الفصائل الفلسطينية تشارك في مفاوضات القاهرة    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    سعر البصل والخيار والخضروات بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 9 مايو 2024    الأهلي يفاوض صفقة مغربية جديدة.. بديل علي معلول    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    خوان ماتا: كنت أتمنى مزاملة ميسي.. وهذا موقفي من الاعتزال    الأوبرا تحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة على المسرح الصغير    ماذا طلب كريم عبد العزيز بعد ساعات من وفاة والدته؟    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    ما الأفضل عمرة التطوع أم الإنفاق على الفقراء؟.. الإفتاء توضح    مواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين احذرها    حقيقة تعديل جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرفها    «المصريين الأحرار»: بيانات الأحزاب تفويض للدولة للحفاظ على الأمن القومي    شوبير يكشف مفاجأة بشأن تجديد عقد علي معلول في الأهلي.. خلاف حول الراتب.. عاجل    معلومات عن ريهام أيمن بعد تعرضها لأزمة صحية.. لماذا ابتعدت عن الفن؟    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    جريمة تهز العراق، أب يقتل 12 فردا من عائلته ثم يتخلص من حياته (صور)    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبطال الإسلام
نشر في أكتوبر يوم 14 - 07 - 2013

التاريخ الإنسانى لم يشهد فترة كتلك الحقبة التى عاش فيها الصحابة الكرام،فقد كانوا رجالا سباقين للخير، متآلفين إيمانا وتضحية وفداء، وجهاداً، فنفوسهم سامية وهممهم عالية وشمائلهم كاملة وخصالهم رفيعة وجهودهم لنصرة الدين وإعلاء كلمة الله عظيمة فى كل بقعة غزوة لالمال يأخذونه ولكن لنشر دين الله وتحرير الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
حاملين معهم إيمانهم بالله متوكلين عليه لايرهبهم كثرة عدد ولا اتساع إمبراطورية..نياتهم صادقة وعزيمتهم قوية.. ومن نماذج هؤلاء.
سيف الله خالد بن الوليد =========
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة، قرشى الأصل، مخزومي القبيلة. هو سيف الله وفارس الإسلام، وليث المشاهد، السيد الإمام، الأمير الكبير، قائد المجاهدين، أبو سليمان القرشى المخزومي المكَّى، وابن أخت ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله، وأمه عصماء بنت الحارث بن حرب وهى أخت أم الفضل زوجة العباس وأخت ميمونة.
قبل الإسلام، اشترك مع القرشيين فى التآمر على الرسول لإيذائه فى دار الندوة وشهد استهزاء أمية بن خلف وأبي جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمع القول القرآنى فى أبيه ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? من 11 إلى 25 من المدثر، وشهد مع أبيه تصديه للرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يدعو الحجاج من مختلف القبائل إلى عبادة الله والدخول فى الإسلام، وكانت لقبيلة مخزوم تجهيز الجيش وقيادة الفرسان فى الحروب.. فى هذا الجو المجتمعى نشأ خالد بن الوليد وترعرع، فقومه بنو ربع الكعبة وبقية قريش بنو الباقى.
فنشأ خالد نشأة نفوذ وسلطان ومال ولم يمنعه ذلك من الخروج إلى الصحراء والبادية فاشتد عوده وقوى ساعده وتعلم ركوب الخيل، لدرجة أن أباه كان يقول عنه إن هذا الفتى لا يريد أن ينزل من فوق صهوة الفرس.. فنشأ شغوفا بالخيل والفروسية والمبارزة بالسيف الخشبى ولعب مع إخوانه فى معارك وهمية فريقا ضد فريق فلابد أن ينتصر مما أثر فيه فيما بعد.
كان خالد سريع النمو، أكولًا، لدرجة أن خالته ميمونة زوج رسول الله دخل عندها يوما وقد قدّمت للرسول ضبًا، قدمته لها أختها حُفيدة بنت الحارث أتت به من نجد، وكان النبى لا يأكل الضب، فأهوى يده إلى الضب، فقالت له امرأة من النسوة هو الضب يارسول الله فرفع النبى يده، فسأله خالد أحرام هو يارسول الله؟، فقال لا ولكن لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه، فاحترزه خالد فأكله، ورسول الله ينظر إليه، وكان لخالد من القوة ما جعله يتصارع مع عمر بن الخطاب وهو أصغر من عمره فيمسك كل منها بالآخر يريد أن تكون له الغلبة، والصبيان والفتيان يقفون فريقين كلُ يشجع صاحبه، وانتهت المعركة بكسر رجل عمر وجثا خالد على ركبتيه يربطها.
واستمرت العلاقة بينهما حتى قال عمر يومًا «عجزت النساء أن يلدن مثل خالد».
وحضر خالد الخلاف حول من يضع الحجر الأسود في مكانه بعد بناء الكعبة، فيقترح عمه المخزومي أن أول من يدخل البيت هو الذى يحكم، وكان محمد أول من دخل وجاء الأمين فأمر بثوب ووضع الحجر الأسود ويأخذ أربعة منهم بأطرافه ليتنال الجميع ذلك الشرف، وكان أحد أعمام خالد أحد ممن شارك فى ذلك.
خالد وغزوة أحد
ولم تمض سنوات قليلة حتى تولى خالد منصبًا عسكريًا رفيعًا فى قبيلته، إذ تولى إعداد الجيش وتجهيزه وقيادة الفرسان، وكانت تحسب قوة القبيلة بكثرة فرسانها.. ولذلك كان لخالد دور فى هزيمة المسلمين فى غزوة أحد.. ولما نزل الرماة من أعلى جبل أحد - عندما انتصر المسلمون - لجمع الغنائم، نظر خالد فوجد قلة من الرماة فقتلهم، واستطاع خالد أن يضرب جيش رسول الله ولكن ثبت المسلمون حتى أجبروا خالد ورجاله على الانسحاب.. هكذا كانت قيادة خالد فى أول منصب عسكرى قيادى له.
بعد هزيمة «أحد»، ينادى أبو سفيان: أفى القوم محمد؟، يقول النبى لا تجيبه مرتين ثم يسأل عن أبى قحافة وعمر، والنبى يقول لا تجيبوه، ثم يظن أن أبا بكر وعمر ماتا، فلم يملك عمر إلا أن قال كذبت يا عدو الله قد أبقى الله لك ما يخزيك، فقال أبو سفيان أعل هبل، فقال رسول الله أجيبوه، قولوا: الله أعلى وأجل، قال أبو سفيان ألا إن لنا العزة ولا عزة لكم، فقال أجيبوه، قال رسول الله: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم، قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال، إن موعدكم بدر للعام المقبل، فقال النبي لرجل من أصحابه قل «نعم هى بيننا وبينك موعد».
وكان يوم الأحزاب «الخندق» اللقاء والموعد، عندما ذهب نفر من يهود المدينة إلى مكة يدعون قريشًا لحرب النبى، وقصدوا قبائل مثل غطفان، فاجتمع لقتال رسول الله عشرة آلاف مقاتل منهم أربعة آلاف من قريش وأحابيشهم، وقاد خالد بن الوليد كتيبة من كتائب الجيش الجرار، وفوجئ القرشيون بالخندق الذى لم يعتادوه، وحاول خالد اختراق الخندق، وناوش المسلمين فرماهم بالسهام، وقالوا عن الخندق: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها، وهاجم خالد المسلمين حتى شغلهم نهارًا كاملاً حتى أنهم أخروا الظهر والعصر والمغرب والعشاء عن مواعيدها ولما لم يستطيعوا اقتحام الخندق حاصروا المدينة حتى شتتهم الله ورجعوا إلى مكة بالرياح، وشارك خالد فى غزوة الحديبية وحاول مهاجمة المسلمين وقت الصلاة فلم يفلح، ولما رجع الرسول حسب الاتفاق على أن يرجع العام القادم وفى عمرة القضاء خرج خالد من مكة مثل أهلها حين دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه للعمرة.
إسلام خالد
لما أسلم الوليد بن الوليد أخو خالد عندما وقع أسيرًا فى موقعة «بدر» فافتداه أخواه خالد وهشام بأربعة آلاف درهم. فيسأله خالد: هلا أسلمت قبل أن تفتدى، فقال له: كرهت أن تظنوا بى أنى جذعت من الأسر، وحبس الوليد حتى كانت شروط الحديبية حينذاك نافذة المفعول وفيها لا يقبل المسلمون أحدًا من قريش يلتجئ إليهم، لكن الوليد فر من السجن الذى سجنه فيه أشقاؤه ومضى إلى المدينة ولحق برسول الله ثم كتب الوليد إلى أخيه خالد، فوقع الإسلام فى قلبه وسافر إلى المدينة مهاجرًا مسلمًا.
لما خرج خالد إلى رسول الله اصطحب معه عثمان بن طلحة، وفى الطريق لقيا عمرو بن العاص لنفس الجهة ونفس الغرض، المدينة ومقابلة رسول الله. فلاقى خالد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه بالنبوة فرد النبى السلام فرحًا به، وأسلم خالد ونطق الشهادتين، وبايع رسول الله، وسأل النبى أن يستغفر له كل ما فعله صدّا عن الإسلام فيستغفر النبى له ويبشره بأن الإسلام يجبُّ ما قبله، وأراد القرشيون أن يثنوه فها هو عكرمة يذكره بما ذكره القرآن فى أبيه وأبو سفيان يشككه أنه لو كان يعلم أن ما جاء به محمد حق لسبقتك إليه، وكان إسلام خالد ضربة زلزلت قريشًا وشككتهم فى وثنيتهم.
سيف الله المسلول
مثلما كان خالد فى الجاهلية فارسًا وقائدًا فعندما أسلم أخذ مكانه بين كوكبة الصحابة والمجاهدين ولم يكن جنديًا عاديًا، بل أصبح قائدًا عسكريًا إسلاميًا، اندفع إلى الصفوف حاملًا راية الإسلام ممسكًا بسيفه وهو القائد العالم بفنون الكر والفر وكل فنون الحرب.
فى العام الثامن الهجرى، أوفد النبى الحارث بن عمير الأزدى إلى أمير بصرى قريبًا من دمشق، وإذا بشرحبيل بن عمرو الغسانى فسأله إلى أين تريد؟، فقال الحارث: إلى الشام، فلما علم أنه رسول محمد أمسك به شرحبيل بن عمرو وأوثقه وقتله فى «مؤتة» وهو الرسول الوحيد الذى قتل من رسل رسول الله، ولما علم رسول الله بذلك أمر الناس فتجهزوا وتهيأوا للخروج، وجعل زيد بن حارثة قائدًا لهم.. ورتب القادة زيدًا إن أصيب فجعفر بن أبى طالب وإن أصيب فعبد الله بن رواحة فإن قتل فليرتض المسلمون بعضهم رجلًا، انطلق زيد بن حارثة على رأس جيشه حتى وصولوا مؤتة فلقيهم جموع هرقل من الروم وكانوا مائة ألف.. ولم يكن أمام الجيش إلا القتال وتدور المعارك.. والنبى في المدينة يحدث من لم يخرج فى القتال.. وأثناء حديثه صمت وأسبل جفنيه ثم لاحت فى عينه علامات أسى، وقال لهم «أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم».
وإذا بثابت بن عقرم الصحابى الجليل الذى شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله، وأشار على الجند أن يتفقوا على رجل منهم فقالوا أنت فقدم خالد بن الوليد للقيادة، وبين رفض وقبول وافق خالد بن الوليد واعتلى جواده، ونظر نظرة سريعة على جند الروم ووجد ثغرة فى الحصار المفروض عليه فاندفع من خلالها منسحبًا ومعه جيشه سليمًا معافى عائدًا إلى المدينة، ومع ذلك فقد اندق فى يده تسعة أسياف، وقابله الصبيان يقولون: يا فرار فررتم من سبيل الله، فيرد النبى ليسوا فرارًا بل الكرار، وقد خسر خالد 13 شهيدًا ومنذ ذلك أصبح خالد سيف الله المسلول.
يوم فتح مكة عندما أرجع القرشيون النبى إلى المدينة يوم الحديبية ويرجع بعد عام ولا يساعد من أسلم من قريش.. وكان شرط النبى عدم القتال إلا من يقاتلكم ولكن تجمع أناس من قريش ليصدوهم عن الفتح فقاتلهم، وقتل خالد منهم ثمانية وعشرين رجلا ثم فروا منهزمين، واستشهد من المسلمين يوم «الخندمة» رجلان.. ويعتبر هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذى قاتل فيه خالد تحت راية رسول الله.
خطأ خالد
لما خرج خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة فى هذه المهمة داعيًا إلى الإسلام بأمر من رسول الله فدعاهم خالد إلى الإيمان فقالوا صبأنا فظن عدم إسلامهم فأسرهم وجعل مع كل أسير رجلاً وأمر بقتل الأسرى، فقتل بعض المسلمين أسراهم فلما علم النبى قال «اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد».
كان خالد بن الوليد على رأس مائة فارس فى يوم حنين، وعلى الناحية الأخرى كان مالك بن عوف قائد المشركين، ونجح فى مباغتة جيش المسلمين، عندما هاجمهم ورجاله فانكشفت الحيل فهرب من هرب ووقف رسول الله ثابتًا ومعه نفر قليل من أصحابه وأهل بيته وقاتلوا قتالا شديدا، مناديًا «أنا النبى لا كذب أنا ابن عبدالمطلب»، وكان خالد بن الوليد إلى جوار رسول الله وممن دافعوا عن رسول الله حتى جُرح خالد، وعاده رسول الله.
خالد وأبو بكر الصديق
ما أن فرغ المسلمون من دفن الرسول فى مثواه حتى ارتدّ كثير من العرب وظهر النفاق وتحفز اليهود وأعداء الإسلام واتجهت قوى الشر إلى المدينة تريد الانقضاض عليها والقضاء على الإسلام، لذلك أصرّ أبو بكر على إنفاذ جيش أسامة بن زيد كي يعلم الذين فى قلوبهم مرض أن المسلمين قوة لا تهزم، وما أن عاد أسامة حتى أعلن أبوبكر الرد على المرتدين والمنافقين بجيوش لترد على من أراد بالإسلام سوءًا، وتوالت أنباء المرتدين فخرج أبو بكر الصديق على رأس الجيوش إلا أن عمر بن الخطاب وعلى وأصحاب الرسول وقفوا ضد رغبة الصديق فنزل على رغبة أصحابه، وعقد اللواء لعدد من أبطال المسلمين من بينهم خالد بن الوليد الذى أمره بالتوجه إلى طلحة بن خويلد الأسدى الذى ارتدّ فأدبه ومضى إلى مالك بن نويره، واستطاع أن يبث الرعب فى قلب كل مرتد أو منافق حتى كان يوم الفصل «يوم اليمامة».
لما أتى وفد بنى حنيفة على النبى مسلمين، وجعل النبى لهم بجوائز قالوا خلفنا صاحبًا يحفظ لنا متاعنا، فأمر له الرسول بمثل ما أمر لهم، وقال: «ليس بشركم مكان لحفظه ركابكم ورحالكم»، هذا الرجل هو مسيلمة بن حبيب الكذاب الذى ادعى النبوة وما أن وصل إلى اليمامة حتى كتب إلى رسول الله كتابا يفيد بأنه شريك رسول الله في الأمر، وقدم على النبى بهذا الكتاب رجلان، فسألهما عن ذلك فقالوا: نقول مثل ما يقول، فقال النبى: «لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما»، ورغم كذب مسيلمة إلا أن خالد بن الوليد استطاع القضاء على مسيلمة الكذاب بعد قتال عنيف فى مواجهة جيش قوامه أربعون ألف رجل، وقد قتل من الصحابة الكثير مما جعل أبوبكر يفكر فى جمع القرآن.
خالد وصراع مع الفرس
كانت جبهة الفرس من أشق الجهات التى تعادى المسلمين، فرأت القيادة تكليف قيادة ذات خبرة فى الحرب، وكان خالد بن الوليد الذى أرسله لتوه إلى هناك، وبعد حرب اليمامة أرسل أبو بكر الصديق عياض ابن غنم أيضا ليلتقى بخالد بن الوليد وكانت معركة عظيمة سميت ب»ذات السلاسل»؛ لأن الفرس قرنوا جنودهم فى السلاسل حتى لا يفروا، وطلب عياض بن غنم مددًا فكان القعقاع بن عمرو.
فكان المثنى بن حارثة يناوش أهل فارس فيما بين الكوفة والبصرة وفى أسفل الفرات، وخالد كان من ناحية أعظم ثغور فارس شأنا وقائدها هرمز أشد كرهًا للعرب.. لم ينتظر خالد رد الرسالة التى أرسلها إلى هرمز بل نظم ضده ثلاث فرق، ولم يدفع بهم فى طريق واحد، ولا فى زمن واحد، وإنما مضى يخطط للحرب وجعل الفرقة الأولى بقيادة المثنى بن حارثة ويتحرك قبل يومين، والفرقة الثانية بقيادة عدى بن حاتم وعاصم بن عمرو ودليلاهما مالك بن عباد وسالم بن نصر، وجعل أحدهما يمضى قبل صاحبه بيوم على أن يتلاقوا جميعا باللقاء فى موضع بين مكة والبصرة.
عندما وصلت رسالة خالد إلى هرمز جمع جموعه ومضى إلى كاظمة القريبة من البصرة ونزل خالد «الحفير»، والتقى جيش الإسلام وجيش الفرس، وتبارز خالد مع هرمز، واختلفا فى ضربتين فاحتضنه خالد، فهمّ رجاله بقتل خالد إلا أن القعقاع بن عمرو لم يمهلهم وحمل عليهم ودارت معركة عنيفة بين الفرس والمسلمين، فانهزم الفرس فطاردهم المسلمون وتابعوهم حتى المساء، وجمع خالد فى هذه المعركة غنائم كثيرة حتى بلغ نصيب الفارس فى هذا اليوم ألفى درهم عدا السلاح، وما بقى من الغنائم أرسله خالد إلى أبى بكر الصديق.
ومن أطرف ما غنم المسلمون فى ذات السلاسل فيل ضخم أرسله خالد إلى المدينة ولم يكن أهل المدينة رأوا فيلاً من قبل، بل لم تر بلاد العرب فيلا إلا فيل أبرهة، فلما طاف قائد الفيل به المدينة عجب أهلها من منظره، وقالت إحدى النساء سبحان الله أمن خلق الله هذا!!، ورأى أبو بكر عجب الناس وافتتانهم به مع عدم منفعته فرده إلى العراق، وطارد خالد الفرس إلى موضع الفرس لكى يطهر البلاد من وثنيتهم وجاهليتهم.
كتب هرمز إلى ملكة أردشير من شيرى بن كسرى بأمر خالد وما حدث من هزيمة الفرس فأرسل له مددًا بقيادة قارن بن فريانس الذى خرج من المدائن وفى الطريق بلغته هزيمة ذات السلاسل وتأكد من مقابلة الفارين فى طريقه فاستوقفهم وطمأنهم وضمهم إلى جيشه، مؤكدًا عليهم إن تفرقوا اليوم فلا اجتماع بعد ذلك ومضوا إلى مكان يسمى الثنى، فلما رآهم المثنى بن حارثة وأخوه المعنى رجعا إلى خالد وقالا إن القوم قد اجتمعوا ب»الثنى» الفارين والزاحفين من المدائن، فخرج لهم خالد وجيشه لملاقاتهم والتقى الجيشان، خرج قارن يدعو إلى المبارزة فبرز له خالد وقتله هو وأحد قواده، وهزمهم المسلمون هزيمة منكرة وقسّم خالد الغنائم وأرسل الأخماس عملا بقول الله تعالى: ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? . وأقام خالد بن الوليد ببلد شمال البصرة تسمى «المذار» وقريبة من واسط فجمع الخراج من الفلاحين وأقرهم على أرضهم وولى العمال على جباية الخراج، منتظرًا أخبار الفرس استعدادا لقتال آخر وقد كان بعد أن استعانوا على خالد ببعض قبائل العرب الموالين للفرس، مثل قبائل بكر، وإذا بأردشير بعد هزيمة يوم الثنى يرسل «بهمن بن جاذوية» قائدًا فى إثر جيش بني بكر بن وائل الذى يقوده واحد منهم، والتقى جيش الفرس وجيش بكر فى «الولجة»، وخرج خالد مع رجاله للقاء جيش بهمن ومن معه، وحذر جنده من الاغترار بما حققوه من نصر فى السابق.. وأمر بعض رجاله أن يتأخروا ويكمنوا للعدو ويأخذوه على غرة.. والتقى جنود المسلمين بجنود الفرس والعجم وجهًا لوجه فى معركة أشد ما تكون ولا يعرف أحد من المنتصر حتى هجم الكمين الذى تركه خالد من خلف العدو وخالد من أمامه حتى قضوا عليهم.
توفيق الله وذكاء خالد ساعداه على النصر، جمع الفرس لخالد جمعًا فى أُلَّيْس قرية قريبة من الأنبار بين الحرة والأُبُلَّة، وانتصر خالد عليهم ومضى إلى الحيرة، بعض أن غنم من أميفيشيا وأُلَّيْس غنائم وفيرة.
علم الفرس بقدوم خالد وأنه سيركب السفن لعبور النهر فأمر قائد الفرس بسد قناطر الفرات ليعوق سير السفن وعسكر خارج الحيرة وقد ارتطمت سفن المسلمين، وفاجأ خالد وجنده الفرس وهُزم الفرس إثر ذلك، وعاد الماء يجرى في النهر، وسارت السفن المسلمة حتى وصلت إلى النجف.. فوجد أهل الحيرة قد تحصنوا فى قصورهم فعيّن لكل قصر رجلا من قواده، وأمرهم أن يدعو المحصنين إلى الإسلام، فإن أبو أجلوهم يومًا ثم قاتلوهم.
وقد بدأ القتال ضرار بن الأزور قائد المسلمين لحصار القصر الأبيض بعد أن رفض الفرس دعوة المسلمين وأمر ضرار بن الأزور جنده الاحتياط من قطع الخزف.. وأن يرشق المسلمون الفرس بالنبال فاستسلموا، وعاهدهم خالد نقباء أهل الحيرة على مائة وتسعين ألف درهم كل سنة، واستسثنى الفقراء واستقر خالد على الحيرة.
أما «صلوب بن نسطون» الذى كان يحكم «قس الناطف وباتفيا ولسما» حول الحيرة خرج إلى خالد يصالحه على ما تحت يده على عشرة آلاف درهم فأمن خالد الحيرة ومن حولها.
من دومة الجندل إلى اليرموك، مضى خالد بن الوليد إلى الأنبار مارًا بكربلاء فوجد أهلها قد حفروا خندقًا حولها، فأمر جنده أن يرموا عيونهم بالنبال، فأصيبت عيونهم وذهبت عيون أهل الأنبار، وبعدها عرضوا الصلح ووضعوا شروطًا صعبة له، لم تعجب قيادة المسلمين فاقتحم خالد الخندق بعد أن أقام جسرًا واستسلم أهل الأنبار فى يوم سمي ب«ذات العيون» وعلى الطريق لقى خالد عربًا يقاتلونه من بنى تغلب وإياد، وكانوا حلفاء الفرس لذلك قالوا لهم اتركونا نقاتل العرب القادمين فالعرب أعلم بقتال العرب.
قاد العرب حلفاء الفرس رجل يسمى «عقة بن عقة» فهزمهم هزيمة منكرة، وتحصن من هرب منهم بحصن عين التمر وأسر عقة، وجاء به أمام أسوار الحصن وأمر بقتله حتى يعطى درسا للخائنين والمنافقين فكان ضرب عنق «عُقَّة» نهاية لهؤلاء الذين اندسوا تحت لواء الفرس وجوسيتهم.
الحج والذهاب إلى اليرموك
بعد يوم عين التمر واستقراء الحيرة، ذهب خالد إلى مكة ليؤدى فريضة الحج ملهوفًا للاستئناس ببيت الله، متخفيا عن عيون الناس أدى الفريضة وعلم أبوبكر بحج خالد دون إذنه فعاتبه عندما كتب له كتابًا وأرسله إليه بالحيرة فيه «أن سر حتى تأتى جموع المسلمين باليرموك» وأمره أن ينفذ الآتى: أن يخلف على الشطر الباقى المثنى بن حارثة، ويأخذ شطرًا إلى اليرموك، وإذا فتح الله عليه أن يردهم إلى العراق وخالد معهم وعلى عمله كما كان أراد خالد أن يستأثر بالصحابة ومن شهد بدر معه إلا أن المثنى رفض مصممًا على إنفاذ أمر أبى بكر، وتم تنفيذ أمر أبى بكر وأخذ خالد شطر الجيش متجها إلى اليرموك.. ولكن أراد أن يغير الفكر العسكرى السائد فى ذلك الوقت، فاختار طريقًا غير مألوف يقصر المدة ولكنه غير ممهد لا أمنيا ولا طريقا إلا أن خالد استشار أصحابه فقالوا: أنت رجل قد جمع الله لك الخير فشأنك، فاتخذ خالد دليلا اسمه رافع بن عميرة الطائى ونصح الناس بأن يستكثروا من الماء، والدليل أمر بأن يأتوا بعشرين جملاً فعطشهم عطشا شديدا ثم رواها شربة أولى ثم ثانية ثم قطع مشافرها حتى لا تجتر ليستخدموا الماء التى فى بطونها لشرب الخيل والماء الذى مع الناس لشرب الناس.
ونفد الماء وخشى خالد على أصحابه الهلاك إلا أن رافعًا جاء إلى مكان وقال: احفروا فحفروا حتى نبع الماء، فكبر المسلمون ونظر رافع إلى خالد، قائلا والله ما وردت هذا الماء منذ ثلاثين سنة، وما وردته إلا وأنا غلام مع أبى، شعرت القيادة فى المدينة خطر هذه المغامرة ووصل الجيش إلى اليرموك فى خمسة أو ستة أيام لم تقطع فى الطريق العادى إلا فى فترة أطول من ذلك.
ما أن اقترب خالد من اليرموك حتى لقيه رجل ممن بثهم الروم فى الطرقات حتى يثبطهم إلا أن حيتلهم لم تفلح، واصل خالد طريقه حتى وصل إلى اليرموك فوجد جند المسلمين متجاورة.. فعسكر بعيدًا عنهم ووجد جند المسلمين فى شدة وعندما وصل الروم مدد أقلق المسلمين ودارت المعارك حامية، وأخرجهم المسلمون من خنادقهم بعد إثارتهم، وحدد خالد القيادة وأشار عليهم أن يصبح كل قائد قائدا على الجيش يوما ويبدأ هو بالقيادة.. وبدأت المعارك بميمنة وميسرة الجيش بقيادة عكرمة بن أبى جهل والقعقاع بن عمرو ودارت المعارك بصورة لم يسبق لها مثيل، وجاء خبر وفاة أبى بكر وتولى عمر رضى الله عنهما عن طريق - محمية بن زنيم - وقد أذاع بعض الأخبار ولم يذع الأخرى ومنها تأمير أبى عبيدة.. فلما لقبه أبو عبيدة استحسن ذلك منه ووضع الكتاب فى كنانته ولم يذعه.
خالد وجرجرة قائد الروم
فى أثناء المعركة خرج قائد الروم جرجرة ونادى ليخرج له خالد بن الوليد، ومشى حتى تلاقت أعناق دابتيهما، وقد أمن كل منهما الآخر، فسأل جرحرة قائد الروم خالدًا. يا خالد أصدقنى ولا تكذبنى بالله هل أنزل الله علي نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه فلا تسله على قوم إلا هزمتهم، قال خالد: لا فقال لم سميت سيف الله المسلول؟ قال لما دخل الإسلام قلبى قال لى رسول الله: أنت سيف من سيوف الله، سله الله على المشركين. فقال جرجرة صدقتنى فقال إلم تدعوني يا خالد قال إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله، فإن لم يعطها تؤذن بحرب ثم نقاتله، فقال جرحرة فما منزلة من يدخل دينكم ويجيبكم؟ قال منزلتنا واحدة، حتى اقترن شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا، وله من الأجر مثل ما لنا، وسأله كيف يساويكم وقد سبقتموه، قال: نحن دخلنا هذا الأمر وبايعنا نبينا وهو حى بين أظهرنا يأتيه الوحي وسمعناه ورأيناه فمن دخل فى هذا الأمر تحقيقا فهو أفضل منا.
دخل الإيمان قلب جرجرة وأسلم، وأخذه خالد إلى خيمته وصب عليه الماء وصلى ركعتين عندئذ هجم الروم هجومًا شديدًا على المسلمين حتى تراجعوا إلى الخلف فخرج خالد وجرجرة وحملوا المسلمين على الروم فتراجعوا وزحف خالد ورجاله عليهم ودار قتال شديد حتى غروب الشمس وجرح جرحرة، ووقف عكرمة بن أبى جهل يقول من يبايع على الشهادة فبايعه 400 من وجوه المسلمين منهم قادة الجيوش واشتد القتال وانهزم الروم وتفرقوا وأصيب عكرمة بجراح واشترك النساء فى التمريض والقتال ومداواة الجرحى وانهزم الروم شر هزيمة وقسمت الغنائم فكان سهم الفارس يزيد على الألف وسلم خالد بعد ذلك الإمارة إلى عبيدة على أمر عمر بن الخطاب حتى وصلوا مرج صفر وقام أبو عبيدة قائلا: لا أبرح حتى يأتى أمر عمر أى للقتال.
وداعًا خالد بن الوليد
أثير حول عزل خالد نقاش طويل هذا السيف الذى لم يهزم والقائد الفذ الذى خرج بالمسلمين من أحلك الظروف إلى النجاة: يبين عمر بن الخطاب عندما سئل عنه:- خفت أن يفتن الناس به ويظنوا أن الإسلام قد انتصر به وليس بإذن الله. هذا كله وخالد يجاهد جنديا فى جيش أبى عبيدة وهو يقول نسمع ونطيع لولاتنا يقصد عمر بن الخطاب، ونخدم موالينا ويقصد بلالا ويمضى ويقدم ماله إلى بيت المال بعد أن صادره عمر. ويحين وقت لقاء الله ويردد كلمته الخالدة:- لقد شهدت مواقع كثيرة، وقاتلت فى مائة مرة وما من جسدى موضع إلا ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم، ثم ها أنا ذا أموت على فراشى حتف أنفى كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء، ولقد طلبت القتل فى مكاني فلم يقدر لى إلا أن أموت على فراشى وما من شىء أرضى عندى بعد لا إله إلا الله بعد ليلة شديدة الجليد فى سرية من المهاجرين بتها وأنا مفترس، والسماء تنهل علىَّ، وأنا أنتظر حتى أغير على الكفار فعليكم بالجهاد ومضت روحه الطاهرة إلى بارئها وبكاه الناس وصمت سيف الله المسلول وصهل جواده الأشقر صهيل الوداع.
القعقاع بن عمرو
==========================
القعقاع بن عمرو بن مالك التميمى لم يرد فى كتب التاريخ شىء عن مولده ولانشأته وهو من الصحابة وأسلم متأخراً بعد غزوة تبوك وذلك فى العام التاسع الهجرى فلم يصحب الرسول إلاسنة واحدة لأنه اسلم مع وفد تميم. أخلص بنو?تميم لدينهم وأحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نعى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعوا لوفاته وقالوا بأبينا وأمنا يارسول الله. عاش بنو تميم فى نعمة الإسلام واطمأنوا به فلما دعا داعى الجهاد كان القعقاع واخوه عاصم من فرسان الإسلام وأبطاله.
وأقدم القعقاع على الجهاد دون تردد وانتقل من الجندية إلى القيادة، كما أثبت جدارة فى ذلك فكان من أشجع الفرسان هو وأخوه عاصم بن عمرو وكان من قادة الإسلام قال أبو بكر فى حقه «لصوت القعقاع فى الجيش خير من ألف رجل» وكان القعقاع مؤمناً شديد الإيمان فلما ارتد بعض من قومه من بنى تميم ثبت على دينه وقاتل المرتدين قتالا عنيفاً غيرة على إسلامه.
قتال المرتدين
كانت المهمة الأولى التى كلفه بها أبوبكر هى قتال مرتد ظالم هو علقمة بن علاثة الكلبى عندما ارتد فى حياه الرسول وفر إلى الشام فلما مات النبى عاد مسرعاً ومكث فى قومه، فبعث إليه القعقاع بن عمرو وأمره بأن يغير عليه ليأسره أو يقتله فلما علم علقمة بذلك فر إلى أبى بكر تائبًا فقبلت توبته.
ما أعددت للجهاد؟
فى صحبة الرسول سنة كان للقعقاع موقف مع رسول الله عندما قال له الرسول «ماذا أعددت للجهاد» قال القعقاع: طاعة الله ورسوله والخيل فقال النبى صلى الله عليه وسلم تلك الغاية، وذلك ماحدث فى ذات السلاسل التى كانت فى المحرم سنه12 هجرية عندما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة، وأمره أبوبكر بأن يتجه إلى العراق حتى يعين عياض بن غنم من أعلاها وخالد من حدود الشام، فطلب خالد مدداً من أبى بكر الصديق فأمده بالقعقاع بن عمرو فجاء من يقول أتمده برجل واحد فقال أبوبكر:لايهزم جيش فيهم مثل هذا.. وفى المقابل كان يقف هرمز أشد الفرس عداوة للمسلمين فى ذلك الوقت. ودار قتال عنيف شارك فيه القعقاع تحت قيادة خالد بن الوليد وشقيقه عاصم بن عمرو.
فلما استفز هرمز المسلمين استشاط القعقاع غضبًا ولما رأى عددا من جنود الفرس يريدون قتل خالد اخذ القعقاع بعنان فرسه وانطلق يسابق الريح حتى لاقاهم خربات يميناً وشمالا حتى تراجعوا وسقط منهم من سقط.
وفى فتح الحيرة انصرف خالد ومعه القعقاع أميرا على الحيرة فشن القعقاع غره غارات منها غاره فى موضع يسمى حصيد فأصاب الفرس فى مقتل وقتل قائدهم..واستعان خالد بالقعقاع فى قتال الروم فى غزوة اليرموك فجعل القعقاع بن عمرو فى الميسرة وعكرمة بن أبى جهل فى الميمنة وعبيدة بن الجراح فى القلب وبدأ جنبا الجيش الميمنة والميسرة القتال فكان انتصار المسلمين وانتهت اليرموك بنصر مؤزر.
جاءت قوات جديدة من الروم ودخلت دمشق لتحميها وتمنع المسلمين منها.
وكان أبو عبيدة بن الجراح قائدا وكان القعقاع جنديا من جنوده وخالد بن الوليد القائد أصبح جنديا التزاما بأمر الخليفة الجديد عمر بن الخطاب بعد وفاه أبى بكر.
فذهب جيش الإسلام إلى دمشق وحاصرها حصارا قوياً استمر 70يوما.. فقرر الجنديان خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو تسلق السور المرتفع لمدينة دمشق وأعدا حبالا على هيئة سلالم وقالا إذا كبرنا فاصعدوا إلينا واهدموا الباب تقدم القعقاع نحو سور المدينة ومعه خالد بن الوليد وصعد القعقاع وصاحبه أقوى جزء من حصن دمشق وألقيا الحبال وثبتا الحبال فى شرفة فى الحصن فصعد المسلمون وهاجموا حماة الحصن من أعلى السور وكبروا فهاجم الجنود أبواب الحصن ودخل المسلمون دمشق بعض حصار شديد طويل.
القادسية والقعقاع
تحت قيادة سعد بن أبى وقاص كان عاصم بن عمرو من ذوى الرأى فاستشارهم سعد أن يهيئوا الناس فهيئوهم بسورة الجهاد، وكبّر سعد4 تكبيرات حسب الاتفاق الأولى للاستعداد يكبر ويكبرون، والثانية لتمام الاستعداد والثالثة للفرسان للمطاردة والظهور، والرابعة للزحف وقدكان وبدأ الزحف.. الفيلة من جانب الفرس والإبل والخيول من جانب المسلمين.. فاستشاربنى تميم فى التصرف فى الفيلة.. فجمع عاصم بنى تميم فقطعوا ذيولها وقطعوا سيور الصناديق التى عليها فوقعت الصناديق التى تحمل الرماه فسقطوا جميعا وقتلوا بسيوف بنى تميم قوم القعقاع.
أمر عمر بن الخطاب أبا عبيدة أن يرد الجند الذين ذهبوا من العراق إلى الشام مرة أخرى إلى العراق وجعل أبو عبيده هاشم بن عتيبة بن أبى وقاص أميرا على الجيش الراجع إلى العراق والقعقاع على المقدمة، فتعجل القعقاع السير خوفا على إخوانه فى القادسية. وماحدث لهم من نزال بينهم وبين الفيلة التى كانت تدهسهم قبل حيلة بنى تميم بقطع ذيولهم وارتدادهم على الفرس وقتلهم.
فقسم القعقاع المقدمة أعشارًا كل عشرة فى مجموعة.. تقدم القعقاع ونادى من يبارز؟ فبرز له رجل من الفرس يسمى بهمن ابن جاذويه فتبارزا وضربه القعقاع ضربة هائله فقتله دخلت خيول القعقاع جماعات فبدت كثيرة مما أثار الاطمئنان فى نفوس المقاتلين المسلمين ..ورفع الروح المعنوية لديهم أن نادى مرة أخرى من يبارز فتقدم فارسان من خيرة فرسان الفرس وهما البيرزان والبندوان فانضم الحارث بن ظبيان للقعقاع فبارز القعقاع البيران فقتله بعد ضربة اطاحت برأسه ونادى القعقاع بأعلى صوته باشروهم بالسيف فإنما يحصد الناس بها.
فلما استخدم الفرس خيولاً كثيرة استخدم بنو تميم أهل القعقاع الإبل وعليها الجلاجل التى ترن والبراقع على وجوهها فخافت خيول الفرس وفرت .. ومن هذا اليوم قتل القعقاع ثلاثين رجلا.. حيلة أخرى فعلها القعقاع فسرب أصحابه إلى مكان متفق عليه على أن يرجعوا مائة بعد مائه وفى الصبح بدأ تنفيذ الخطة فحضرالمدد الفرسان المسلمون مائة وكبر القعقاع وكبر المسلمون وجاء مدد هشام بن عتبة متتابعا متواصلاً ورجعت الفيلة إلى فتكها بالمسلمين، فاستشار سعد بن أبى وقاص الفرس ممن اسلموا عن مقاتل الفيلة أى كيف يفنيها قالوا المشافر الزلومة والعيون فاسعد القعقاع وأخاه عاصماً أن يكفياه قائد الفيلة وهو الفيل الأبيض فاحتالوا بخيل ومترجلين حيروا الفيل وأخد القعقاع وعاصم رمحين لم يستعملا من قبل فوضعا رمحيهما فى عينى الفيل فتراجع وطرح سائسه أرضا وارخى مشفره فضربه القعقاع بالسيف فقطعة فأخذ المقاتلون يطعنون أعين الفيله ويقطعون المشافر حتى فرت الفيلة وهاجت وقطعت صفوف الفرس والقت ما عليها وفرت حتى وصلت المدائن فلم يعلم سعد قائد القادسية ولارستم قائد الفرس لمن الدائرة.
لم ينتظر سعد بدء القتال بل ارسل من يفاجئ الفرس، لما رأى القعقاع زحف الفرس نحو المسلمين وقال سعد اللهم اغفرها له وانصره فقد أذنت له إذ لم يستأذنى فتبع الناس القعقاع ضرورة القتال وجلجل القعقاع عند منتصف الليل.
دلالة على الفتح والنصر،وأخذ القعقاع يقول لأصحابه إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم فاصبروا ساعة واحملوا فإن النصر مع الصبر وزحف القعقاع إلى عريش هرمز ملك الفرس ووصل أصحابه فلم يجدوه ورأى هلال بن علقة رستم فقتله عند النهر وصاح مناديا قتلت لستم ورب الكعبة وكانت هزيمة الفرس الكبرى فطاردهم القعقاع وأوقع بهم خسائر فادحة. وبعد النصر طلب عمر بن الخطاب تقريراً عن أفرس الفرسان فى القادسية فكتب له إنى لم أر مثل القعقاع بن عمرو حمل فىيوم ثلاثين حملة قتل فى كل حملة رجلا.
مشاركا فى الانتصارات
المدائن: نادى سعد بن أبى وقاص فى رجاله من يقوم بتأمين قواته وحمايتهم فى العبور إلى المدائن فسمع صوت عاصم بن عمرو يسبقه صوت أخيه القعقاع فامرهما بقيادة كتيبة الاهوال عاصم أمير القوات الخاصة فى جيش المسلمين فكان القعقاع قائد الخرساء لصمت رجالها الكثير وفعلهم الكبير..
وضعت الكتيبتان رأس جسر على الجانب الآخر كأنه عبور 73 فى مصر وفى اثناء العبور سقط فارس من المسلمين عن فرسه فى النهر فرجع القعقاع وأخذه بيمينه وسحبه إلى البر الثانى فشكر الجندى قائده.
جلولاء: لما هرب الفرس من المدائن إلى جلولاء فى طريق خراسان ليتمركزوا فى الطرق. المؤديه إلى بلاد فارس فجعلها موقعا استراتيجيا فقام يزدجرد فى حصن من حصونه وأرسل مهران فى جيش كبير وأمر بحضر خندق حول الحصن فلما وصل ذلك إلى عمر بن الخطاب أمر سعدبن أبى وقاص أن يرسل هاشم بن عتبة فجعل القعقاع على مقدمة جيشه فحاصر القعقاع جلولاء وتحصن أهل فارس بالمدينة فلايخرجون إليهم إلا إذا أرادوا فحث هاشم بن عتبة المسلمين على القتال فسمع القعقاع الأمر فاندفع واندفع الناس معه وكانوا مثالا شديدا حتى انهزم الفرس وسقطت حصونهم.
نهاوند وقيادة الخيل
فر الفرس إلى نهاوند وأقاموا خنادقهم زمنا طويلا والمسلمون يحصارونهم ولما طال الأمر جمع القائد النعمان بن مقرن قادته وشاررهم. فاشاروا عليه أن يستفزوا الفرس يخرجوا للقتال فكان القعقاع بن عمرو لها وكان على الخيل فلما برزوا فر القعقاع أمامهم بخيوله من المقدمة وبقيت الميمنه والميسره ولم يقاتلوا وتمهل النعمان حتى تململ المسلمون وقتا طويلا ثم أمر بالقتال فدار قتال شيد استمر وقتا طويلا وقد كان الفتح والناصر من عند الله وفر الفيرزان قائد الفرس وتتبعهم القعقاع ومن معه فصعد الفيرزان جبلاً وصعد وراءه حتى أدركه وقتله ومضى حتى تم فتح همذان ولما كان زمن الفتنة الكبرى اعتزل القعقاع القتال بل كان سفيرا بين على ومعاوية.
وداعا أيها القعقاع
وبعد زمن حافل وحياة مليئة بالجهاد وغيرة على دين الله انتهت حياه قائد من قادة الإسلام ومضت رحلة طويله حمل فيها أحد أبطال الإسلام واحد قادة النبى سيفه فى سبيل نشر الحق والقضاء على الشر والباطل على وجه الأرض رضى الله عن القعقاع القائد بطل المهمات والمدد فى عسرة المسلمين..
المثنى بن حارثة الشيبانى
======================
هو المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضمة ابن سعد بن مرة بن ذهل بن سنان الربعى الشيبانى من بنى شيبان من أعز قبائل العرب عاش على العزة والفروسية وتربى فى أرض قبيلتة على أطراف أرض اليمامة بين البحر بين وسواد العراق، وقد كانت هذه المنطقة تحت نفوذ الساسانيين الفارسيين.
إسلام المثنى
بدأت علاقته بالإسلام عندما عرض النبى ? على قبائل الوفود إلى المدينة المنورة وكان من ضمن هذه الوفود بنو شيبان وكانت البوابة أن تلا رسول الله ? «قل تعالوا اتل ماحرم ربكم عليكم» وكان ضمن بنى شيبان المثنى بن حارثة الشيبانى دار حوار بين الرسول وبنى شيبان وتم فيه تقديم المثنى شيخ بنى شيبان وصاحب حربهم فبين أنهم تابعون لفارس وأنهم لا يحدثون أمرًا إلى بالرجوع إليهم ولعلهم يكرهون ما تدعونا إليه.. فانصرفوا راجعين بعدما وعدهم النبى أن يمنحهم الله ارضهم وبلدهم ويزوجهم بناتهم. وبين لهم أن الله أرسلنى شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ولا يعتبر هذا اللقاء بداية إسلام المثنى بن حارثة ذلك لأنه كان قبل هجرة الرسول، ولكن لعلها بشارة لبنى شيبان لكى يكونوا مسلمين. ولم يلتق المثنى برسول الله ? منذ اللقاء الأول قبل الهجرة إلا فى العام التاسع ولم تذكر كتب التاريخ هل التاسع من البعثة أم من الهجرة. وإن كان بعض المؤرخين يؤكدون إسلامه فى اللقاء الأول. وكانت له صحبه مع رسول الله ?
المثنى وأبو بكر الصديق
لما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وارتد بعض العرب من القبائل فأرسل أبو بكر قواده إلى المرتدين آمرًا إياهم ألا يقاتلوهن حتى يدعوهم إلى العودة للإسلام ارتدت قبيلة ربيعة مع من ارتد بين قبائل البحر وثبت المثنى مع من ثبت من قومه بنى شيبان فأرسل إليه العلاء بن الحضرمى قائد الجيش إلى المرتدين من قبائل البحرين فاستجاب المثنى وقاتل المرتدين مع العلاء لم يكتف المثنى بقتال المرتدين، بل انطلق شمالا فضرب الفرس ومن معهم من المرتدين وسيطر على أهم المدن فى البحرين، ثم تقدم إلى شمال الخليج العربى حتى مصب نهر الفرات ودجلة... فإذا بالقيادة فى المدينة.. تستفسر عن صاحب البطولات الذى لم تسند له قيادة.. فكان الرد أنه المثنى بن حارثة الفارس المغوار من بنى شيبان وفى الإسلام.
لم يكتف المثنى بذلك بل ذهب إلى المدينة المنورة يستأذن أبا بكر القائد العام للمسلمين ليقاتل الفرس فقد هون أمرهم عند المسلمين وأطمع أبا بكر فيهم، وكان هذا بداية العمل ضد الفرس فأمر أبو بكر المثنى بالبدء فكان المثنى بن حارثة أول قائد إسلامى جرَّأ العرب والمسلمين فى مهاجمة الفرس تمهيد لفتح العراق..
المثنى وخالد بن الوليد
ذاعت انتصارات المثنى على أرض العراق وفى أثناء القتال طلب المثنى مددًا، فأمره خالد بن الوليد على أن يتولى خالد القيادة، فلما وصل خالد إلى العراق، ودخل المثنى تحت إمرته، وأرسل خالد إلى هرمز إما الإسلام أو الجزية أو القتال فبدأ القتال بين الفرس والمسلمين شارك فيها المثنى وبنو شيبان وانهزم الفرس وطاردهم المسلمون ومعهم المثنى حتى الليل وقد غنموا من الفرس غنائم كثيرة وكان للفارس ألف درهم بخلاف السلاح ولم يفرح المثنى بالمال قدر سعادته بالنصر المؤزر فاصاب الله الفرس بشر هزيمة لحقت بهم وكانت هذه المعركة تسمى بذات السلاسل. وبعد الهزيمة اجتمع الفرس.. وجاءوا بدد آخر، وكان المثنى فى جولة استطلاعية مع أخيه المعنى بن حارثة الشيبانى فلاحظ تجمع الفرس عند نهر الثنى فرجع إلى قائده خالد وأبلغه بذلك. وبدأ القتال شديدًا وانتصر المسلمون فى موقعه الثنى وزادت الغنائم. ظل خالد بن الوليد يستعين بالمثنى بن حارثة فى كل موقع ومكان ويستخلفه على المدن والمواضع التى تم فتحها إذا غاب خالد عنها. وفى فتح الحيرة وصل خالد إليها هو وجنده فلم يلقوا أحدًا لأن أهل الحيرة تحصنوا داخل حصون. وبدأ الحصار وكان من نصيب المثنى بن حارثة حصار قصر عمر ابن بقلية وكان فيه عمرو بن عبد المسيح، وقام المثنى بدعوه المحاصرة بين الإسلام فإن أجابوا قبل منهم وإلا الإجلاء أو القتال فلم أحس المحاصرون داخل الحصن قوة المسلمين استسلموا وصالحوا المسلمين على جزية مقدراها مائة وتسعون ألف درهم وكتب بذلك عهد.
المثنى قائد للجند
جمع هرقل جندًا كثيفًا فى الشمال مستغلا انشغال المسلمين مع الفرس طمعا فى هزيمة المسلمين.. على حدود الشام. فأمر أبو بكر الصديق حالدًا ان يأخذ نصف الجند من جبهة الفرس إلى جبهة الروم مخلفًا وراءه المثنى قائدًا على النصف الباقى وكان شرط أبى بكر أن يترك خالد مع المثنى نصف الجيش وأراد خالد أن يأخذ معه الصحابة ويترك للمثنى من لم يكن له صحبة مع رسول الله فأبى المثنى إلا إنفاذ أمر أبى بكر فكان له ما أراد. وأصبح المثنى قائدًا مرة ثانية لجند الله على جبهة بلاد الفرس وما أن علم كسرى بتحرك خالد حتى حشد آلاف الجنود بقيادة قائد محنك وكتب للمثنى يهدد ويتوعد، فأجابه المثنى بعقل وفطنه ودار قتال شديد انهزم الفرس فيهلا وفروا حتى مشارف المدائن عاصمة الفرس وكتب إلى أبى بكر يطلب العون ولكن أبا بكر أبطأ عليه المرض فرجع المثنى إلى أدنى الطرق من ناحيته البادية واستخلف على العراق بشير بن الخصاصية، وذهب إلى المدينة يقنع أبا بكر فوجده على فراش المرض وقد شارف على الموت واستقبله أبو بكر واستمع إليه ثم طلب عمر فجاءه وأوصاه إن مت فلا تمسين حتى تندب الناس مع المثنى ولا تشغلنكم مصيبة عن ذلك. مات أبو بكر وندب عمر مع المثنى الناس إلى قتال الفرس فخطب المثنى فى الناس فخرج الناس معه وعجل المثنى بالعودة إلى جنده والتقى المسلمون والفرس عند موضع قرب الكوفة ودار قتال شديد بعد التحام الجيشين وانهزم الفرس وأسر قائدهم جابان وفر الباقون وغنم المسلمون غنائم كثيرة واستمرت انتصارات على يد المثنى تحت قيادة القائد العام أبو عبيدة ابن مسعود. ولما انهزم الفرس يوم النمارق أسند رستم القائد العام للفرس إلى نِْرس قيادة مقاطعة كسكر وهى عدة قرى منها واسط ليحمى بلاده من المسلمين وفى نقس الوقت قال أبو عبيد نفس الرأى أن يتبع المسلمون الفرس تحت قيادة المثنى فهجم المثنى هجومًا شديدًا يسانده أبو عبيدة وكان القتال فى السناطيه وانهزم نرس وهرب وسيطر المسلمون على أرضه وثمره وعسكره، فضرب أبو عبيده ومعه المثنى المعسكر فكثرت الغنائم، وجاء الجنود الفرس والدهاقين.. الأراضى والعجم.. مستسلمين.. وترك أبو عبيد بن مسعود المثنى قائدًا.
عندما صبر المسلمون
فلما رجع الفرس منهزمين فاختاروا بهمن جاذوبة فوجه جاذوبة ومعه الفيلة ليواجه المسلمين والقضاء عليهم.. الفرس على جانب الفرات وعلى الجانب الآخر المسلمون أخذت الحماسة أبو عبيد وأمر الجند بعبور الفرات والمثنى وبعض الجند يقول لا نعبر ونتركهم يعبرون فلم يعرهم أبو عبيد اهتماما عبر الجيش الإسلامى إلى الجانب الآخر فرأت الخيول الفيلة وجلاجلها ففرت فلم يثبت إلا القليل فرشق الفرس المسلمين بالنبل، فقتلوا من المسلمين خلقيًا كثيرًا، والتحم الجيشان واشتد الأمر وضاقت الأرض بما رحبت ونزل أبو عبيد وأصحابه وساروا إلى الفرس يقاتلوهن فقطعوا سيور الفيلة وقلبوا الصناديق ومن فيها من الفرس، ووثب أبو عبيد على الفيل الأبيض الذى يقود الفيلة ضرب خرطومه بالسيف فتقدم الفيل وضرب أبو عبيد برجله الضخمة ونظر أصحاب أبى عبيد بن مسعود فوجدوه تحت الفيل فأخذ اللواء الأمير بعده وحمل المسلمون على الفيل حتى قتلوه، ونتابع على حمل اللواء سبعة من المسلمين كلهم من ثقيف، وينظر المثنى إلى الموقف وهو يزيد الموقف تعقيدًا واتضحت هزيمة المسلمين واستشهاد عدد كبير وتشتت أمر المسلمين حتى أمسك المثنى بالراية ونادى فى المسلمين وأصلح الجسر فعبروا الناس وكان آخر من عبر هو المثنى وهو جريح وتاه بعضهم فى الصحراء من الهزيمة وأرسل المثنى إلى عمر بن الخطاب بخبر الهزيمة وتجاوز المسلمون الهزيمة ومضوا إلى لم الشمل على يد المثنى بن حارثة من هزيمة إلى نصر. لما ذهب الناس إلى المدينة وبقى المثنى فى عدد قليل أرسل إلى عمر بن يطلب المدد فاستجاب له عمر وأمره بإمدادات ولقى عمر متاعب كثيرة فى ذلك، ولما علم الفرس بالمدد القادم إلى المثنى فأعد رستم والفيزران قائدا للفرس حيثا ضحما، وجعلا عليه القائد مهران ومثلما حدث مع أبى عبيد حدث مع المثنى خيروه بأن يعبر النهر أو يعبروا هم فقال المثنى أعبروا أنتم، وكان المثنى وأصحابه فى رمضان فوقف فى جنده وأمرهم أن يفطروا.. وإذا بالمثنى يسمع ضجيجًا وهناك من مر يوم الجسر يريد أن يهجم على الفرس، فألزمه الصف.. واصطف الفرس ثلاثة صفوف كل صف من قبل وجنودهم أما فيلهم.. واتفقوا على أنه سيكبر ثلاث تكبيرات للاستعداد والثانية للتمام، والثالثة للهجوم. وهجم المثنى على مهران قائلة الفرس فكسر قلب ميمنته وكان فى الجيش غلام عربى نصرانى وهو الذى قتل مهران وفى هذه المعركة استشهد أناس وجرح آخرون من المسلمين فى هذا القتال. عند ان استشهاد المثنى بجراحه فى السنة الرابعة عشرة من الهجرة وأنتصار المثنى وجيش المسلمين التى غسلت خسائر يوم الجسر.. فاجتمع الفرس لرد هزيمتهم وبلغ ذلك المثنى.
فكتب بذلك لعمر بن الخطاب وطلب منه مددًا عظيمًا وانشغل عمر عن المثنى، حتى خرج عمر يريد قيادة المسلمين بنفسه فى القادسية ولكن أهل رأى الرأى منعوه من ذلك، وفى الوقت الذى يرسل عمر بن الخطاب المدد بقيادة سعد بن أبى وقاص كان المثنى يسلم الروح إلى بارئها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.