مما لا شك أن الهجوم الإرهابي على صحيفة شارلي إيبدو، قد أثار الحزن في العالم، متسائلين هل رسام الكاريكاتير من حقه أن يوظف في رسومه ما يحلو له، وله الحرية المطلقة في رسم أي شئ حتى وإن كان يسئ للأديان ومعتقدات الأشخاص والذات الإلهية أيضاً؟ أم أن هناك قيود يجب أن توضع لهؤلاء الرسامين كي لا يحدث من ورائها مشكلة أو فتنة كما حدث في شارلي إيبدو؟ وهنا توجهنا بسؤال بعض رسامي الكاريكاتير لمعرفة آرائهم في هذا الشأن. فقال الفنان جمعة فرحات رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير أنه يستنكر العملية الإرهابية التي حدثت لصحفيي جريدة شالي إيبدو، مضيفاً أن من حق أي رسام كاريكاتير التعبير عما يريده بحرية كاملة وليست مطلقة، فلا يوجد حرية مطلقة في أي دولة في العالم، فالدولة والمجتمع ورؤساء تحرير الجرائد من يضعون خطوط حمراء وقواعد من المفترض أن يتبعها الصحفي أو رسام الكاريكاتير. وتابع موضحاً مثالاً على ذلك أن صلاح جاهين في الخمسينات كان يرسم كاريكاتيراً تحت عنوان "نادي العراه"، الآن لا نستطيع إعادة نشره لأن المجتمع يرفض ذلك، كما أن تلك الدول التي تدعو بالحرية المطلقة قد تفرض قيود أيضاً فنجد أن هناك قانوناً يمنع الكتابة أو الرسم بطريقة ساخرة عن الهولوكوست، وبعدها يقومون برسم صور مسيئة للرسول لاستفزاز مشاعر المسلمين. وأشار إلى أن استخدام التجاهل لمن يقوم بنشر رسوم مسيئة للإسلام والأديان السماوية، هو الشئ الأفضل، لأن الدين لا يحتاج من يدافع عنه، والأفكار التي قدموها في رسومهم سطحية مستهلكة ليس لها قيمة. ومن جانبه قال هاني شمس رسام الكاريكاتير بأخبار اليوم أنه يرفض ما حدث من هجوم على مجلة تشارلي أبدو، ممن يطلقون على أنفسهم "مسلمين"، بل هم جماعات متطرفة قاموا باستغلال الدين مستخدمين شعار بنصرة والدفاع عن الرسول ، رغم ما تقوم به المجلة من الرسم الساخر للأديان منذ سنوات، ولكنهم تحركوا وقاموا بهذا الفعل المشين لأنهم رسموا أبو بكر البغدادي أمير داعش في التعبير عن الإرهاب. وأشار في تصريح ل"الوادي" أنه يرفض أيضاً ما قامت به المجلة لأن لا يوجد حرية مطلقة في الكاريكاتير، إنما يجب وضع ضوابط وقواعد حتى لا نتعرض لحياة الناس الشخصية، أو معتقدات من الممكن أن تحدث فتنة ومشكلات بين الشعوب والدول، ومن المعروف أن الدول الأجنبية لا يوجد بها منغلق للحريات بل تستخدم كل ما هو يبيح حرية الرأي في الأديان والمعتقدات، مضيفاً أن هذه الأزمة التي حدثت جعلت من يرتكبون الإرهاب مثل "نتنياهو" يقف ضد الإرهاب، فهؤلاء الجماعات المتطرفة أعطت "سكينة" لهؤلاء لمهاجمة الدين الإسلامي. ومن جهته قال الفنان ابراهيم حنيطر رسام الكاريكاتير الكبير أن هناك مشكلة بين الشرق والغرب وهي أن طبيعة العقلية مختلفة بين الأثنين، فنرى أن في أوروبا بعد أن قضوا على هيمنة الكنيسة، أصبحت المقدسات في متناول الجميع بدون أي تحفظ، فبدأوا يسخروا من الأديان كافة والذات الإلهية أيضاً، كنوع من الطرافة ، لكن هنا فطبيعة تفكير المجتمع الشرقي مختلف فله تحفظات عديدة عند مهاجمة أي نبي، والمسلمين لديهم حساسية في هذا الشأن. وأوضح حنيطر ل"الوادي" أنه يرفض كل ما حدث من الجانبين، فمن خلال ما حدث من هجوم على شارلي إيبدو، انبرى الكثير من رسامي الكاريكاتير في جميع أنحاء العالم لمهاجمة الإسلام، ولذلك على الدول العربية ورجال الدين ورسامي الكاريكاتير أن يتعاونوا معاً ويتكاتفوا للفصل بين ما يفعله الجهلاء المتأسلمين وبين الدين الإسلامي ورسوله الذين يدعون للحب والتسامح والرحمة، مشيراً إلى أن رسام الكاريكاتير يستطيع أن يدافع عما يقوم به الجهلاء الذين يدافعون عن الدين الإسلامي بشكل سئ همجي عن طريق ما يرسمه فالرسام أيضاً داعية إسلامي يقوم بمحاربة انهيار القيم، والتطرف والرشوة في لوحاته الكاريكاتيرية.