السادة قادة الفكر والثقافة والصحافة والإعلام السيدات والسادة الحضور .. إنه لمن دَواعى سُرورى أن أجتمع معكم اليوم لنتحدث سوياً عن مصر المستقبل .. مصر التى نَطمح جميعاً فى أن نُعيد إحياء دورها التاريخى فى الريادة وفى أن تكون لاعباً فاعلاً إقليميا ودوليا وفى أن تُلبى إحتياجات أبنائها فى الحياة الكريمة الحرة الآمنة كحق أصيل لشعب قام بثورتين ودفع ثمناً غالياً من دماء أبنائه الشهداء والمصابين وتحمل كثيراً خلال سنوات طويلة .. وما زال يواجه جبالا من التحديات. وإذا كنا نتحدث عن مصر المستقبل .. فالسؤال الطبيعى الذى يطرح نفسه .. ماهى رؤيتنا لهذا المستقبل؟ وهنا أتحدث عن رؤية قيادة .. ورؤية حكومة .. وأيضاً رؤية شعب .. أى أننا نتحدث عن رؤية وطن .. فلنتشارك جميعاً فى صياغة هذه الرؤية لما فيه صالح هذا الوطن. تساءلت : لماذا نحتاج لصياغة رؤية لمصر؟ نحتاج للرؤية وبدونها نفقد البوصلة، حتى تكون بمثابة خارطة طريق تعظيم الإستفادة من إمكانات مصر .. فالرؤية الواضحة والتخطيط السليم أساس تقدم الدول، فثروات مصر وإمكاناتها لم تكتشف بعد. إن وجود الرؤية الواضحة يؤدى أولاً إلى إيجاد بارقة أمل تجمع الشعب المصرى وتجعله مقتنعاً بتحمل الصعاب كما تسهم فى التخطيط للمستقبل وتصحيح المسار إضافة إلى التعرف على إمكانات مصر الحقيقية وقدراتها التنافسية مع تحديد أدوار الكيانات الفاعلة فى عملية التنمية وتمكين كل الأطراف من المشاركة والمتابعة والمراقبة والمحاسبة كما أن وجود الرؤية يرسخ لإتجاه محدد طويل المدى ومستمر بغض النظر عن أى تغيرات فى الحكومات. إن وجود إطار عام متكامل للرؤية أمر لابد منه، فعملية التنمية عملية متكاملة يتشابك فيها الإقتصاد مع العدالة الإجتماعية ويتقاطع مع النظام السياسى والأمن القومى وكفاءة المؤسسات وأطرها الإدارية والقانونية .. وغيره وسوف تتحدثون كثيراً خلال الأيام القادمة عن كل ما يتعلق بالإقتصاد والعدالة الإجتماعية وسياسات الإستثمار والسياسات المالية والنقدية والسياسات القطاعية ولكن دعونا لا ننسى الرؤية ولا يغيب عنا الإطار المتكامل لها .. إن رؤيتنا للوطن واضحة، وهى لماذا لا يكون خلال السنوات القادمة من أكبر 30 إقتصاداً فى العالم وضمن أكبر 30 دولة فى مستوى التنافسية ومن أكبر 30 دولة على مستوى رضا المواطنين هذه هى الرؤية العامة وهيكلها الرئيسى يجب أن تكون برنامجا واضحا، يرتبط فيه التخطيط بالتنمية .. فما هى محاورها؟ سأتحدث هنا عن المحاور الأخرى المتكاملة مع الإقتصاد والعدالة الإجتماعية لعلمى أن جلسات المؤتمر ستضطلع بدرجة أكبر بالنواحى الإقتصادية الإجتماعية. أولاً: بالنسبة للسياسة الداخلية رؤيتنا هى إقامة نظام سياسى ديمقراطى سليم مبنى على: التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة. الفصل بين السلطات. دمج كل فئات وتيارات المجتمع طالما آمنت بمصريتها، ووطنيتها. إحترام مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة والمساواة وسيادة القانون. مدنية الدولة وعدم الزج بالدين فى السياسة. دعم اللامركزية وتمكين المجتمع المحلى من صنع وتنفيذ القرار. تقوية دور المؤسسات والمجتمع المدنى. إثراء العمل الأهلى. ثانياً: بالنسبة للأمن القومى والإستقرار السياسى رؤيتنا أن تكون مصر ذات سيادة وهيبة، وأن يعود الأمن والإستقرار للشارع المصرى، وأن نقضى على الإرهاب ونتصدى لمحاولات إختراق الأمن القومى المصرى مع تفعيل إجراءات العدالة الإنتقالية. وحتى يتحقق ذلك لابد من: تطوير قدرات الجهاز الأمنى وتطوير أدائه. ترسيخ الإنتقال بمفهوم الأمن من أمن النظام إلى أمن المواطن والمجتمع والدولة. التوسع فى برامج التدريب فى المجالات الأمنية وبناء القدرات. توفير الإمكانيات المادية والتشريعية لرجال الأمن. الترابط بين أجهزة الأمن والدفاع والحماية المدنية ثالثا: بالنسبة للسياسة الخارجية رؤيتنا هى أن تستعيد مصر ريادتها ودورها الإقليمى والدولى مع إحترام سيادة الدولة المصرية وحرية قرارها وتعظيم مصالحها فى تعامل رصين مع حركة العولمة ومتغيراتها، وبما لا يتناقض مع ديننا وسياستنا. وتُبنى هذه الرؤية على ثوابت محددة هى : الإنفتاح على كل دول العالم وأقاليمه ومد الجسور مع كل الكيانات مع تحقيق التوازن فى هذه العلاقات. إقامة العلاقات الإقتصادية الدولية على مبادئ التعاون والتنمية والشراكة والتكافؤ وتبادل المصالح. تحقيق السلام فى الشرق الأوسط. إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. الحفاظ على حقوق مصر المائية. الإستفادة من القوى الناعمة المصرية. رابعاً: بالنسبة للاقتصاد والعدالة لدينا رؤية واضحة وهى ضرورة قيام نظام تنموى يختلف عما سبق من نماذج أفرزت معدلاً مرتفعاً من النمو مصحوباً بتزايد الفقر والبطالة وتراجع الخدمات وتدهور مستوى المعيشة. إن النظام الجديد – يقوم على تشجيع آليات السوق الحرة المُنضبطة والتنافسية – ويحقق: التنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية أى نموذج نمو مُستدام يحتوى الجميع دون إقصاء. وحتى يتحقق ذلك لا بد من: إستغلال كل الموارد الإقتصادية والبشرية. التخطيط للتنمية. تشجيع الإستثمار وخلق بيئة أعمال جاذبة. السادة الحضور ... إن منهج النمو الذى يحتوى الجميع .. لا يتحقق إلا: ➢ بسيادة السلام الإجتماعى الذى يحمى الطبقة المتوسطة. ➢ بتضييق الفوارق الشاسعة بين دخول الأفراد. ➢ بعلاج حقيقى لمشكلة العشوائيات والمناطق المهمشة والقرى النائية والمدن المحرومة. ➢ بالحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من خلال التوازن بين أولويات التنمية والحفاظ على الثروات من أجل المستقبل. إن عناصر الرؤية الإقتصادية، تقوم على: ➢ إستقرار أوضاع الإقتصاد الكلى بحيث يتم السيطرة على نسب عجز الموازنة العامة والدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى وفقاً لمعدلات آمنة وبحيث يتم إستهداف التضخم عند مستويات تحافظ على إستقرار الأسعار. ➢ مع تحقيق معدلات نمو تتصاعد تدريجياً لتصل إلى مستوياتها السابقة ( 7- 8%) على أن تخلق فرص عمل تخفض معدلات البطالة الحالية والفقر، وتضاعف من معدلات الإنتاجية. ➢ إن ربط الأجر بالانتاج هو السبيل للنمو، وتوازن الحقوق والواجبات. ➢ من عناصر الرؤية الإقتصادية أيضاً الإرتفاع بنصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع. ➢ مع تعظيم القيمة المضافة وزيادة درجة تنافسية الإقتصاد المصرى دوليا. ➢ إن جهود الحكومة لمكافحة الفقر تأتى من خلال عدة محاور: ✓ محور التشغيل حيث (المشروعات القومية الكبرى – المشروعات متناهية الصغر والصغيرة – الباعة الجائلون الذين نستهدف تحويلهم إلى تجار صغار). ✓ محور علاج مشكلة العشوائيات عن طريق وجود (قاعدة بيانات – إنشاء وحدات سكنية – وهناك وزارة التطوير الحضرى – مشروعات صغيرة). ✓ محور الضمان الإجتماعى عن طريق (توحيد قاعدة البيانات – الإستهداف – زيادة عدد الأسر المستحقة للمعاش الضمانى – التوسع فى التأمين الصحى ). ✓ محور التنمية البشرية (برامج موجهة فى التعليم والصحة والتدريب الفنى للمناطق الأكثر فقراً + إستخدام أموال الوقف والزكاة للتكافل الاجتماعى). ✓ الإهتمام بأطفال الشوارع، ورعايتهم تحقيق العدالة الإجتماعية، أى إيجاد مجتمع عادل: ✓ يتميز بالمساواة فى الحقوق والفرص الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. ✓ مجتمع قادر على كفالة حق المواطنين فى المشاركة فى ضوء معايير الكفاءة والإنجاز وسيادة القاون والقضاء على المحسوبية والواسطة. ✓ مجتمع يتيح فرص الحراك المجتمعى المبنى على القدرات والكفاءة، ويوفر آليات الحماية من المخاطر، ويساند شرائح المجتمع الهشة والفئات الأولى بالرعاية. أما بشأن التنمية البشرية تستهدف رؤيتنا للتنمية الإقتصادية والعدالة الإجتماعية - فى نهاية المطاف - الإنسان المصرى .. فهو الهدف والغاية من أية إستراتيجيات وخطط وبرامج كُلية وقطاعية .. نريد أن نرى مواطناً ذا شخصية متكاملة .. مواطناً معتزاً بنفسه ومستنيراً ومبدعاً ومسئولاً وقابلاً للتعددية يحترم الإختلاف وفخوراً بتاريخ بلاده، وشغوفاً ببناء مستقبلها وقادرا على التعامل تنافسياً مع الكيانات الإقليمية والعالمية. ويتحقق ذلك من خلال منظومة : التعليم والثقافة - التدريب - الصحة فبشأن التعليم والثقافة: ✓ نستهدف أن يكون التعليم بجودة عالية متاحاً للجميع دون تمييز فى إطار نظام مؤسسى وكفء وعادل، ومرن كما نستهدف القضاء على الأمية . ✓ ويستلزم ذلك إعادة هيكلة وصياغة نظام التعليم قبل الجامعى ومراجعة المناهج وتحديثها وتمكين الطلاب من مهارات اللغات ومهارات الرياضيات والعلوم وتكنولوجيا المعلومات وإدماج الطلاب فى الأنشطة الثقافية والرياضية وتعزيز دورهم فى خدمة المجمتع. ✓ يستلزم ذلك أيضاً الإرتقاء بمؤسسات التعليم العالى وتطوير نظام تقييم الإمتحانات وتطوير المناهج وأساليب التدريس بما يتفق مع معايير الجودة والإعتماد. ✓ ويتزامن مع ذلك الإهتمام بالمدرسين وأعضاء هيئة التدريس من حيث التطوير المستمر ومن حيث أوضاعهم المادية. إن الحكومة تضع التعليم الفنى على أجندة أولوياتها، وتؤمن بأن التعليم الفنى والتدريب المهنى هو طوق النجاة للهروب من البطالة: ✓ الهدف هو الإرتقاء بالتعليم الفنى ما قبل الجامعى من خلال: − مناهج متطورة متوافقة مع المعايير الدولية − ورش ومعامل محدثة بالمدارس الفنية − التدريب العملى بالمنشآت الإقتصادية − مؤسسات تدريب مرتبطة بالصناعات الإستراتيجية − كيان مؤسسى ينسق مبادرات وجهود التدريب الفنى المتعددة − مشاركة القطاع الخاص فى تكاليف التدريب حسب إحتياجاته. − التفكير فى إنشاء وزارة مستقلة للتعليم الفنى والتدريب المهنى. أما بشأن الصحة: ✓ الهدف هو تمتع المواطن بحياة، خالية من الأمراض البدنية والنفسية، من خلال: − تطوير الطب الوقائى ورفع الوعى الصحى − إقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المواطنين − تطوير التعليم الطبى المستمر − الإرتقاء بمهنة التمريض − تطوير صناعة الدواء المحلى − تطوير البحث الطبى بالتعاون مع المؤسسات العالمية − نشر الوعى بأهمية الرياضة سادساً: بالنسبة للتنمية العمرانية حتى يجنى الجميع ثمار النمو والتنمية، ولا تستأثر أقاليم دون غيرها بثمار النمو .. تأتى أهمية إستغلال المساحات والموارد الشاسعة التى تتمتع بها مصر، وذلك من خلال خريطة عمرانية تتمير بالآتى: الديناميكية والترابط. دمج المعمار التاريخى والمعاصر. تعظيم الإستفادة من ثلاثية الطاقة والمياه والأرض. أن تكون هذه الخريطة قادرة على مضاعفة مساحة العمران. إعادة توزيع التنمية والسكان لتعظيم إستخدام الموارد، وإحلال وتطوير العشوائيات، ورفع جودة الحياة. سابعاً: بشأن الإصلاح المؤسسى إن الإصلاح المؤسسى يعد شرطاً ضروريا لنجاح كل المحاور السابقة، حيث يتم من خلال ثلاث ركائر .. هى : التحول التدريجى إلى نظام الإدارة اللامركزية، النهوض بآداء الجهاز الإدارى من خلال (تقليص عدد الوزارات- إعادة هيكلة الوزارات – تزويدها بالشباب – تطبيق مفاهيم الحكومة الإلكترونية – إصلاح منظومتى الضرائب والجمارك - ...). كما يتأسس الإصلاح المؤسسى على ضرورة مكافحة الفساد من خلال حزمة إجراءات إصلاح مؤسسى وتشريعى ومالى وتوعية مجتمعية ومشاركة مع المواطنين. وختاماً ... هذه هى ملامح رؤيتنا لمصر المستقبل، ولصورة الوطن .. هى ملامح واضحة نترجمها فى صورة خطط وبرامج حسب الأولويات القصيرة والحالة وحسب أولويات المدى المتوسط والمدى الطويل .. وفى ذات الوقت نحن نحتاج لمشاركة الجميع فى هذه الرؤية وفى رسم صورة مصر المستقبل .. وما أرجوه أن تخرج جلسات هذا المؤتمر وما سوف يدور فيها من مناقشات بآراء وأفكار تُنقح من هذه الرؤى وتضيف إليها إنطلاقاُ من أن الضمان الحقيقى لصياغة رؤية للوطن ووضعها موضع التنفيذ هو أن يشارك كل أبناء الوطن فيها ويؤمنون بها. حمى الله مصر وشعبها وجيشها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،