ظهرت النكتة والطرفة منذ العصر الفرعوني فكان الفراعنة اول من استخدموا الفكاهة فكانت جزءاً اصيلاً من مكونات الشخصية المصرية التي مازالت حتي الآن موجودة بداخله، فعبروا عن اوضاع حياتهم المختلفة باستخدام النكتة و الكاريكاتير والرسوم الساخرة التي كانت متنفساً للفنان المصري كي يعبر عن سوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي كانت تمر بها البلاد في العصور المختلفة بشكل مكتوب علي الأحجار أو أوراق البردي .. وهنا سنوضح عشرة مشاهد لاستخدام الفراعنة لأسلوب الفكاهة والكاريكاتير في العصور المختلفة . المشهد الأول : يقول الدكتور محمد إبراهيم بكر رئيس هيئة الآثار المصرية الأسبق في تصريحات ل"الوادي" انه في نهاية عصر الدولة الحديثة عام 1100 قبل الميلاد اشتدت الأزمات في الدولة وأصبح العمال تحت ضغط شديد من قبل الملوك مما أدي إلي قيامهم بالسخرية من كل الأوضاع التي توجد حولهم، وهنا نجد منظراً يوضح سخرية العمال من هذا الوضع فيصور قطاً ثميناً يرعي مجموعة من الأوز ، وكذلك ثعلباً يقوم برعي قطيع من الأوز ويعزف علي الناي وهنا توضح المناظر بأن القط أو الثعلب هو " العدو الطاغي " وقطيع الأوز " المجتمع المصري " . المشهد الثاني : أضاف الدكتور ابراهيم منظراً اخر يدل علي السخرية فيصور فرقة موسيقية أعضائها من الحيوانات والقائم بالغناء حمار.. مما يعطي صورة ساخرة أن المغني هو أنكر الأصوات معلقاً أن رسامي تلك اللوحات كانوا من البسطاء والعمال الذين لم يجدوا شئ يعبروا من خلاله عن معاناتهم غير الكاريكاتير. المشهد الثالث : يقول الدكتور عبد الحليم نور الدين عالم المصريات واستاذ اللغة المصرية القديمة إن المصريين القدماء أول من استخدموا الفكاهة والرسم الهزلي فهناك منظراً لبعض القردة التي تعزف الموسيقي ، وكذلك منظراً أخر لفأر سمين يرتدي الغالي من الثياب، ويجلس على كرسي متين ، بينما يقوم على خدمته قط هزيل يقدم له شرابا، يتناوله الفأر عن طريق مصاصة لكي لا يرهق نفسه بحمل الكأس بيديه.! المشهد الرابع: ويقول الدكتور زاهر حواس في مقال له بجريدة الشرق الأوسط أن هناك منظراً يعود إلى عصر الاضمحلال الثالث، ويصور مجموعة من الفئران القوية الفتية وقد كونت جيشا يهاجم حصنا منيعا للقطط؛ يرميها بالسهام ويحطم الحصن بالدروع والبلط، بل إنهم أحضروا سلما للصعود عليه ودخول الحصن وذلك تحت قيادة زعيمهم المغوار، وهو فأر كبير يركب عربة حربية يجرها كلبان! بينما القطط داخل الحصن مذعورة لا تعرف كيف تصد هجوم هذا الجيش. المعنى بالطبع واضح، فإن مصر القوية الفتية عندما تضعف يطمع فيها العدو الجبان وتستأسد عليها الجرذان؛ وتنقلب الأوضاع؛ فيصير العزيز ذليلا والوضيع جريئا بوضاعته. لم يكن هذا الكاريكاتير فقط معبرا عن وضع وحدث بعينه، وإنما كان شارحا لأوضاع تتكرر عبر الزمان؛ وبذلك يمكن وصف العمل بالشمولية وتجاوز حدود الزمان والمكان. المشهد الخامس: وكذلك اوضح حواس أيضاً الحوار المتبادل بين اثنين من النحاتين وقد صوِّرا وهما يقومان بنحت تمثالين؛ أحدهما من الخشب، والآخر من الحجر، وذلك على جدران إحدى مقابر النبلاء بالجيزة التي تعود إلى عصر الأسرة الخامسة (2200 قبل الميلاد)؛ أما النحات الذي ينحت الحجر فيقول: «كلت يدي ومضت أيام طويلة وأنا أعمل في هذا التمثال، ويبدو أنني لن أنتهي منه أبدا»؛ فيجيبه زميله ساخرا - بينما يضع اللمسات النهائية على تمثال من الخشب: «اشتغل اشتغل، ولا تكن غبيا فليس الحجر كالخشب». وبينما كانت النكتة المكتوبة قليلة أو حتى نادرة؛ كانت المصورة على العكس من ذلك شائعة، وأكثر وأقوى تعبيرا في مجتمع معظمه لم يكن يكتب أو يقرأ. المشهد السادس : قال زاهي حواس في مقاله ان الفنان الفرعوني أراد السخرية من أحوال الطبقة المعدمة من المجتمع صور راعيا شديد النحافة بصورة مبالغ فيها؛ حتى ليكاد يقترب شكله إلى الهيكل العظمى إن لم يكن أشد نحافة؛ وقد صور هذا الراعي المسكين وهو يجر بقرة ثمينة بصورة مبالغ فيها أيضا؛ وقد امتلأ ضرعها باللبن حتى ليكاد يلامس الأرض. وبالطبع، المعنى واضح وجلي، فهذا الراعي البائس رغم كونه يرعى مثل هذه البقرة الثمينة التي لا يملكها، فإنه يكاد لا يجد قوت يومه أو يسد رمقه! وربما كانت هذه بشائر ثورة عارمة ورسائل مستترة على أن هناك خطأ ما لا بد من علاجه.