أخي مصاب بالصرع وأختي عيانة بمرض هشاشة عظام وعضمها كل شوية بيتكسر.. وبقعد أعيط عليها وهي بتصرخ وتعيط أمي كانت بتتخانق مع أبويا وتقوله لازم نمشي من هنا ولادنا بيموتوا.. فرد: انا لاقي أأكلكم علشان أدور على أوضة تلمنا بعيدا عن الموت إحنا بنشتغل برضه علشان نساعد أبوية وبنديله كل الفلوس.. وبزعل منه لما بيشرب شيشة بفلوسنا بس معلش هو غصب عنه يتحرك «محمود»، 7 سنوات، بخفة متسلقا برج «الضغط العالي»، يلمح بطرف عينه قرينه الذي لا يتجاوزه في العمر، والذي يسابقه على تسلق البرج، يزيد من سرعته قليلا، مخاطرا بالسقوط في لحظة، ليموت بسرعة بسبب السقوط من على البرج بدلا من الموت ببطء بتأثير كهرباء الضغط العالي. "محمود" طفل في عمر الزهور نشأ في عزبة الهجانة، أحد أحياء القاهرة العشوائية، وهي منطقة تختلف عن سائر المناطق العشوائية، حيث يعيش آلاف الأهالي تحت أسلاك الضغط العالي، مما جعلهم عرضة للحوادث بسبب خطورة أسلاك الضغط العالي والتي تتسبب أحيانا في حرق منازلهم. يقول محمود: "عندي 7 أخوات وأبي على باب الله ودايماً يتخانق مع أمي بسبب الفلوس، أخويا الكبير محمد عيان بالصرع، وأختى عيانة بمرض اسمه هشاشة عظام، وعضمها كل شوية بيتكسر، بقعد أعيط عليها وهي بتصرخ وتعيط، وبادعيلها ربنا يشفيها هي وأخويا". يضيف محمود: "كنت باسمع أمي بتتخانق مع أبويا وتقوله لازم نمشي من هنا ولادنا بيموتوا قصاد عنينا، وأنت قاعد تتفرج عليهم وأبويا يقولها هو انا لاقي أأكلكم علشان أدور على أوضة صغيرة تلمنا بعيد عن الموت اللى احنا عايشين فيه ده". وعن لهوه ولعبه يقول محمود: " لعبتنا الوحيدة، هي (أبراج الضغط العالي) انا وأصحابي، بنحب نلعب عليهل ونشوف مين اللي هايطلع فوق أعلى واللي بيكسب بيبقى هو"البطل". وعندما سألناه لماذا يلعب على هذه الأبراج الخطيرة، رد قائلا: "طب نلعب بإيه يعني والبرج ده فوق بيتنا على طول، هو صحيح حرق بيت الحاجة محاسن، وموت عم مصطفى الحداد وهو بيشتغل اتكهرب ومات في ساعتها، وغيره كتير أوى ربنا يرحمهم". وعن طموحه وأحلامه قال لنا: "أنا نفسى أطلع ظابط علشان أمسك الإرهابيين اللى بيموتوا الظباط بس يا خسارة أبويا طلعني انا واخواتي من المدرسة، أصلها بعيدة أوي عننا وكل واحد مننا عايزله 100 جنيه في الشهر علشان يروح المدرسة ويرجع بيته". وأضاف: احنا بنشتغل برضه علشان نساعده، اخويا العيان بيشتغل فى ورشة ميكانيكي، وأنا ببيع مناديل وأختى بتمسح عربيات وكده يعنى، وكل الفلوس اللى بناخدها بنديها لأبويا علشان يأكلنا.. أنا بزعل منه لما بيشرب شيشة بالفلوس بتاعتنا بس معلش هو غصب عنه على طول متضايق من قلة الفلوس، يارب يلاقي حد يشغله ده مانزلش شغل بقاله شهور". وفي نهاية لقائنا معه ابتسم لنا ابتسامة بريئة ، وتركنا ليلعب مع أقرانه فوق برج الضغط العالي لإصراره الشديد على أن يظل هو "البطل".