مظهرنا وما نراه من حولنا ما هو إلا إنعكاس لما بداخلنا؛ لذا لا يجب علينا التأفف من موسيقى المهرجانات أو أفلام آل السبكي أو واجهات المحلات اللميع المضاءة بالكهارب أسفل العمارات المعروفة إصطلاحاً في وسط القاهرة ب"العمارات البلجيكي".. كما لا يجب على البعض -كثر أو قل هذا البعض- إبداء الإستياء من باب الشفقة أو الإستعلاء على عشوائية وقبح التخطيط والمعمار في شبرا الخيمة أو الشرابية أو أطراف القاهرة؛ لأن منطقتك السكنية التي تقترب من أطراف العاصمة أو هي فعلاً على أطراف العاصمة ليست إلا فعل عشوائي محض طبقا لأبجديات التخطيط العمراني، الذي يدرسه طلاب كليات الهندسة والتخطيط العمراني.. مظهرنا وما نراه من حولنا ما هو إلا إنعكاس لما بداخلنا. القسم الفني في هذا الموقع سيحاول أن يشتغل ويهتم بهذا المدعو "داخلنا"؛ عسى أن ينعكس شيئ من الجمال على مظهر وحول وحياة العاملين فيه والمستخدمين له. في البداية أنا بشكل شخصي غير مشغول أو بالأحرى هائب من تعريف المدعو "داخلنا" هذا، لكن عندي محاولات لا تتوقف تقريباً لمعرفته أو فهمه وتطويره وأنسنته -إن صح هذا التعبير- أو الإرتقاء به إلى حالة بدائية مهجورة لا تخلو من شعورٍ ملازم بالعجز والجهل، وشعور مُحبب بالدهشة الإكتشاف والملل من الإستقرار على حال، ومما لا شك فيه أن التجارب الحياتية مع بني جنسي تفيدني في ذلك كثيراً، لكنني أصدقكم القول أن الفن لا يفيد فقط في فهم وإستيعاب وهدهدة تلك التجارب الحياتية بل يفيد أكثر وأكثر من تلك التجارب في عملية الإرتقاء إلى تلك الحالة البدائية المهجورة، وحتى أكثر وأكثر وأكثر -بالنسبة لي- في التواصل مع المطلق؛ فالفن طريقي إلى الله.. في هذا القسم الفني سنتعامل مع الفن من هذا المنطق وهذا المفهوم. إذا ما ذُكرت كلمة الفن التشكيلي أمامك؛ قد يتسرب إلى ذهنك صورة لشخص أشعث لا يستحم كعيسوي في فيلم "يا رب ولد"، أو صورة لثري مخبول من وجهة نظرك -مش تعبان في الفلوس- يدخن السيجار ويأخذ رشفة من كأس كونياك فاخر، وهو يوقع شيك بكذا مليون دولار ثمناً للوحة أشتراها من إحدى صالات المزادات، أو صورة لعكٍ لوني -من وجهة نظرك أيضاً- على قماش دمور أو توال، وتقول في سرك "أنا مينفعش ألبس الألوان دي على بعض".. صدقني هذا النوع من الفن تقريباً هو عكس كل ما قد يجئ في ذهنك من تصوراتٍ عنه. طيب في الأول دعني أخبرك أن مصطلح "الفن التشكيلي" يذكرني تماماً بمصطلح "الدولة المدنية"؛ لم أبلعه في البداية؛ فقمت بعمل Search على جوجل، حتى وجدت مدونة للأستاذة نِهاد أحمد إن لم أكن مخطئاً بعنوان "الفن التشكيلي"؛ كتبت فيها ما نصه " فنون تشكيلية :هو مصطلح مصري ملفق مبني على مراحل إستشراقيه في التاريخ المصري.. أي أنه مصطلح زائف لا أساس له من الصحه؛ فليس هناك لغة شكل كما يقال بل أن الشكل يكون نتيجه للمفهوم كما حدث من تطور فيما بعد في التجربه الغربيه وصولا للفن المفاهيمي".. بغض النظر يا عزيزي عن إستعيابنا لكل ما جاء في هذا التعريف؛ فهذا الكلام طمأنني على أن مجسات الإحساس بالأشياء عندي لا تزال سليمة.. حلو هذا الكلام.. طيب ماذا نسمي هذا النوع من الفنون؟! بعد تفكير الصراحة قليل وجدت أن المسألة بسيطة؛ فعندما ندردش أنا وأنت سوياً عن النحت نُسميه نحت، عن التصوير بالزيت نُسميه التصوير بالزيت، عن العمارة نُسميها عمارة، وهكذا.. ويمكن وضع هذه القبيلة الفنية كلها تحت يافطة واحدة هي " الفنون المرئية"، والتي يمكننا إقتباس تعريفها من صاحبة نفس المدونة " فنون مرئية/ بصرية: مجموعة الفنون التي تهتم أساساً بإنتاج أعمال فنية تحتاج لتذوقها إلى الرؤية البصرية المحسوسة على اختلاف الوسائط المُستخدمة في إنتاجها".. يعني ببساطة تحتاج إلى عين في الرأس، وعين أخرى في القلب. بعد هذا المدخل دعنا نبدأ إستخدام عيني الرأس والقلب في نفس الموعد في الإسبوع القادم؛ لإكتشاف عالم التصوير بالزيت سواء في مصر أو العالم، حتى نشبع منه ويرضى عنا، وبالطبع لا مانع في أن نبدأ التسخين من الآن بهذه اللوحة: عزيزي الذي أحاوره لا يوجد في التصوير بالزيت مجال لشرحٍ أو تفهيم؛ فكلٍ يأخذ من العمل الفني إذا كان فعلاً كذلك على حسب سعته الروحية والوجودية. اللوحة للفنانة "جاليا بوبوڤا-Galya Popov" وهي: فنانة روسية معاصرة، ولدت سنة 1978 في موسكو، وتخرجت من أكاديمية الفن بها سنة 1998 كلية المسرح قسم ديكور، ثم تخرجت من كلية تصميم الحُلي بجامعة موسكو سنة 2005، عملت فنانة تصميم أغلفة الكتب، وبرعت في هذا المجال، أقامت العديد من المعارض للوحاتها في عدة دول في العالم كان آخرها عام 2012 في الدنمارك.. تباع مجموعاتها الفنية في عدة دول مثل روسيا وأمريكا وصربيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا وهولندا.