أثار طرح قانون "حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة" ترحيبًا واسعًا من السياسيين، الذي أكدوا ل"الوادي"أنه يضمن حقوق المواطن والمجتمع والدولة من جرائم الفساد لقدرته علي الفصل بين المصالح الخاصة والعامة لكبار المسئولين، مطالبين بإيضاح تفصيلات بنود مواد القانون، بينما اعتبر البعض أن توقيت طرحه غير موفق، ومن الأولي طرحه من أعضاء البرلمان الجديد وليست الحكومة الإنتقالية الحالية، تجنبًا لإحتمالية إلغائه من الحكومة الجديدة، فيما استنكر البعض من طرحه في الفترة الحالية بإعتباره قانون غير مُلح للمرحلة والأولى طرح ما يتعلق بالدستور والإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والشيوخ. كما أكدوا جميعًا علي أن "حسن النية" لم يرق لمرتبة مشروع قانون إنما هو مُقترح من مجلس الوزراء في محاولة لنفي التهم عنهم بأنهم حكومة الإيدي المرتعشة، ولا علاقة بين القانونين ف"حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة" يتعلق بالذمة المالية للمسئول، أما "حسن النية" يتعلق بعدم العقاب عند إتخاذ قرار بحسن النية. جيد لمنع الفساد والوقوع في الأخطاء الدكتور أحمد جمال الدين موسي، رئيس حزب مصر ووزير التربية والتعليم الأسبق، رحب بإعلان قانون حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، الذي أصدره المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية، قائلاً: "تفعيل هذا القانون أمر جيد لمصلحة المجتمع لما يتسم به من شفافية تمنع التداخل لقدرته علي منع الفساد والوقوع في الأخطاء". وأوضح موسي، عبر تصريحات خاصة ل"الوادي"، أن القانون كان مُثار من سياسيين ووزراء منذ سنوات وقبل ثورة 25 يناير ولم يؤخذ بشأنه أي قرارات، مطالبًا بوضع قواعد واضحة وشفافة تحدد مسئوليات الوزير أو المحافظ بالحدود التي لا يتم الخلط بين العمل الخاص والوظيفة العامة، والفصل في التداخل بين المال العام والمال الخاص، وإعلام المسئول حدود تصرفاته، متمثلاً ببعض المواقف التي قد يتعرض لها المسئولين من تقديم جهة ما "هدية" له فهل يقبلها أم لا، فالبعض لا يمكن أن يقبلها من وحي ضميره ومبادئه في حين قد يقبلها آخرين وقد لا يستطيع البعض الآخر القدرة علي التصرف. وأشار وزير التربية والتعليم الأسبق، إلي بعض رجال الأعمال الذين تولوا مناصب حكومية ووزاية أثناء فترة تولي الدكتور أحمد نظيف، رئاسة الوزراء، وكان لديهم أعمالهم التجارية والخاصة بالسوق وحصلوا على وظائف إدارية في في إطار تخصص أعمالهم، مما دعا عدد من السياسيين وعلي رأسهم الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى، بذل مجهود كبير لإثارة هذا القانون أثناء ثورة يناير. وقال رئيس حزب مصر، إن قانون "حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة" منفصل تمامًا عن قانون "حسن النية"، موضحًا بأن القانون الأول ينص علي إحاطة حق المجتمع وتحصينه من وقوع أي فساد، أما القانون الثاني مقترح ليحصن قرارات الوزراء وخشية من معاقبتهم إذا ما أتخذوا إجراءات قد يراها البعض سلبية، مطالبًا بتوضيح جميع النصوص والقواعد للمواد المقترحة بالقوانين الجديدة. غير مُلح في الفترة الحالية من جانبه، أوضح الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة وعضو المكتب السياسي بحزب مصر ووزير الصحة الأسبق، أن قانون حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، مُطبق في جميع دول العالم المتقدمة، للفصل بين تولي رجل أعمال متخصص بمجال ما في منصب إداري لوظيفة تنفيذية بنفس مجال تخصصه لمنع أي تعارض بين مهنته ومنصبه الجديد. وطالب حاتم، عبر تصريحات خاصة ل"الوادي"، أن يتم وضع تفصيلات أكثر للقانون، لأن طرحه يحتوي علي بنود عامة غير مُفصلة، ليوضح للجميع كيفية قدرته بعدم تعارض المصالح الخاصة والعامة. واستنكر وزير الصحة الأسبق، طرح هذا القانون في المرحلة الإنتقالية الحالية التي تشهدها البلاد، معتبرًا أن القانون ليس من المطالب المُلحة في تطبيقها والأفضل أن يطرح بعد الإنتهاء من صياغة الدستور الجديد والإستفتاء عليه وعقد البرلمان الجديد ليخرج منه لأهمية تطبيقه وتفعيله في المرحلة القادمة وليس تلك المرحلة الإنتقالية. واقترح حاتم، علي الحكومة الحالية بأن تركز جهودها وطرح قوانينها فيما يخص المطالب المُلحة كالتي تخص الدستور والإنتخابات الرئاسية والبرلمانية ومجلس الشيوخ، أما القوانين الإستثنائية من الأفضل عدم التطرق إليها وترك الحكومة الجديدة لتطرحها بما يتناسب مع المرحلة القادمة. وعن قانون حسن النية، قال رئيس لجنة الصحة وعضو المكتب السياسي بحزب مصر، أنه قانون يجعل المسئولين تستطيع أن تأخذ القرار بدون خوف من نتائجه السلبية أو الإيجابية طالما تم إتخاذه بحسن نية وليس بإتفاق جنائي. وأكد حاتم، أن قانون حسن النية تم عرضه علي الرأي العام بطريقة خاطئة ومغلوطة، مستنكرًا طرحه في الفترة الحالية، مطالبًا بأن يتم طرحه من مجلس النواب القادم. وفسر حاتم، أن السبب الرئيسي وراء طرح "حسن النية" في الفترة الإنتقالية الحالية هو منحهم القدرة علي إتخاذ القرار بجرأة اكثر، بعد إتهام بعض السياسيين ووسائل الإعلام الحكومة الحالية بالضعيفة وصاحبة الإيادي المُرتعشة. وانهي حاتم تصريحاته قائلاً :"يجب علي الحكومة الحالية أن تعكف علي تجهيز قوانين ودراسات مطلوب خروجها في المرحلة الحالية، لأن ما قد يخرجوا به من قوانين إستباقية قد يتم إلغائها بعد 6 أشهر من البرلمان الجديد. خطوة هامة علي طريق الإصلاح التشريعي والقانوني بينما علق المستشار خالد القاضي، نائب رئيس محكمة إستئناف القاهرة، علي قانون حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، قائلاً: "لاشك أن هذا القانون يعد خطوة مهمة علي طريق الإصلاح التشريعي والقانوني، وهو بهذا يسد ثغرة مهمة من ثغرات الفساد الإداري الذي كان يستشري في أجهزة الدولة وهو بالأصل واجب أخلاقي لدي أي مسئول بأن يمتنع تواعيًة وإختيارًا من التداخل في أي تعاملات تجارية لها شبه منفعة لذاته أو لأحد من ذاويه أو حتي العاملين معه". وأكد القاضي، أن هذه الخطوة التشريعية كاشفة وليست مُنشئة لأن القوانين السارية قبل هذا التشريع كانت تحظر لأي مسئول هذا التداخل والتعارض حتي يؤدي واجبه الوظيفي بحيدة وتجرد. وتسائل نائب رئيس محكمة إستئناف القاهرة، قائلاً :"كيف سيتم تنفيذ مثل هذا القانون؟"، موضحًا أن النصوص التشريعية غالبًا ما تكون نموذجية في صياغتها ولكن تقف عقبات التنفيذ والإفصاح والشفافية عقب كأّود في مسيرة تطبيق وتنفيذ مثل هذه النصوص. واقترح القاضي، إعداد قاعدة بيانات عن طريق الأجهزة الرقابية بالمرشحين لتولي المناصب والمسئوليات والقيادات، بحيث يكون واضحًا أمام غرفة صناعة القرار ، موضحا أن النصوص لا تحمي وحدها الدولة من الفساد، إنما آليات التطبيق هي التي تكفل إستمرار ومنع الإنتهاكات والخروقات الجسيمة. وعن قانون حسن النية، هل لازال مطروحًا للرئاسة أم تم إلغائه كمصالحة شعب، قال القاضي، لا يوجد قانون بل كان مُقترحًا من مجلس الوزراء بتشكيل لجنة من وزراء العدل والعدالة الإنتقالية والتضامن الإجتماعي لمناقشته، ولم يرقي لمرتبة مشروع قانون، مؤكدًا أنه لا صلة ربط بين قانون حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة وقانون حسن النية. سد الثغرات القانونية لهروب المسئولين من العقاب فيما قال الدكتور عبدالله المغازي، أستاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق، معلقا على قانون حظر التعارض، إن الأصل أن يكون لدينا قانون لمنع تعارض المصالح بين مصلحة المسؤلين ومصالح الدولة وعقاب من ينتفع بعقوبات مغلظة. وأكد المغازي، أن الأهم من القانون الجدية فى التطبيق وسد الثغرات القانونية لهروب المسئولين من العقاب. وأوضح أستاذ القانون الدستوري، أن قانون "حسن النية" مخالف تمامًا لصريح الدستور والقانون، ويسهل الطعن عليه بعدم الدستورية. وشدد المغازي، علي عدم وجود صلة ربط بين قانوني " حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، وحسن النية"، موضحًا أن القانون الأول يتعلق بالذمة المالية للمسئول، أما الثانى يتعلق بعدم العقاب عند إتخاذ قرار بحسن النية.