وزارة الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا.. اليوم الجمعة    تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة.. عيار 21 ب3080    الفسفور.. أسعار الجمبري اليوم الجمعة3-5-2024 في محافظة قنا    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تجدد غارتها على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين.. ما القصة؟    تموين الغربية يضبط 2000 لتر سولار بمحطة وقود لبيعها بالسوق السوداء بالسنطة    جنازة مهيبة لطالب لقى مصرعه غرقًا بالمنوفية (صور)    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان نجوم دراما رمضان 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلعت رميح يكتب : 100 نصيحة للرئيس مرسي
نشر في الوادي يوم 08 - 04 - 2013

لا شك أن النصح أصعب في التعبير عنه من النقد. فالنقد يتوقف جهده ودوره على البحث عن الأخطاء، وربما تصيدها، ولا يحتاج إلى جهد وإعمال الفكر والرؤية والخبرة، بينما النصح يجمع بين الفكر والرؤية والخبرة والرغبة في المساندة والإصلاح و التطوير لا للهدم. فضلًا عن أنه يتطلب إدراك المصلحة والتقيد بها، وإدراك مساوئ النفس الإنسانية و جرأتها على الحق وتقييدها لصالح الأعمال.
وواقع الحال، أن رئيس مصر الدكتور محمد مرسي، قد وصل إلى كرسي الرئاسة في ظروف شديدة الخصوصية وفي وضع الخطر على الكرسي والمنصب والدور والمستقبل، وأن النقد والتقييم يتطلبان إدراكاً حقيقيًا للظروف واللحظة، ومراجعة للسوابق التاريخية في الدول الأخرى التي عاشت مثل تلك الحالة أو الوضعية الصعبة، وإذا وصلنا حد النصح، فنحن نعبر إلى آفاق تتطلب إنضاج الخبرة وتحديث التجارب والمقولات الإنسانية. هنا، لا يمثل التعامل مع الرئيس مرسي نقداً أو دعماً لقضية حزبية، بل قضية تتعلق بأداء رئيس، بتجربة تاريخية سيترتب عليها آثار شديدة التأثير على مصير وطن وإذ تلك التجربة.. في مصر، فالأمر يتخطى التأثير إلى مصير أمة. وإذا أدركنا جيدًا الدور الاستراتيجى لمصر، فنحن نتحدث عن تغييرات ذات طابع دولي.
نجاح الحكم في مصر.. لا يحقق مصلحة مصر ونهضتها فقط، بل بداية تغيير حقيقي لأمة، طال سباتها. بعض الناس لا يرى إلا ما في نفسه.. ورأسه.. ومصلحته، وبعض الناس لا يرى إلا غضبه.. وربما إعجابه بتجارب دول أخرى.. وفكرها وبعض الناس لا يرى سبيلا إلا التأييد لكل ما يقوم به الرئيس في مواجهة النقد والهجوم على كل ما يقوم به.
النصح هو المنهج الغائب. وهذه محاولة أن نقدم نصحًا أمينًا، إلى الرئيس في تلك المرحلة العصيبة.
دعونا الآن نذهب.. إلى 100 نصيحة للرئيس:
1- سيادة الرئيس: تنبه دوما إلى أن الحكم لا يستقيم إلا بالعدل.. وأن العدل لا يستقيم بتحقيق الحرية وتداول السلطة بين النخب - وحدها- بل بتحقيق العدل الاجتماعي، والعدل الاجتماعي يشمل توزيع الدخل بين الناس بالعدل والانتقال إلى توزيع الثروة في ربوع المجتمع وبين المواطنين بالعدل، نادى المصريون بتوزيع الدخل بالعدل عبر تحديد الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ويسألون : متى يتحقق؟!.
المصريون لم يطلبوا حتى الآن، توزيع الثروة.. فهل تخطو الدولة نحو تحقيق توزيع الدخل؟!
2- لقد حقق عبدالناصر حالة من العدالة الاجتماعية.. ولم يحقق الحرية.. والديمقراطية.. وجاء السادات ليحدث ما وصف بانقلاب هرم الدخول بين الناس، وأكمل مبارك حالة «اللخبطة»، وزادها بتأثيرات الفساد، فماذا عن «منهج» و«رؤية» الحكم الراهن؟.
3- وفي اللخبطة الراهنة تجري أسئلة فائقة الأهمية حول الاقتصاد المصري. جاء عبدالناصر بالاقتصاد المركزي أو المخطط أو الاقتصاد الاشتراكي أو القطاع العام.. وجاء السادات باقتصاد يعتمد على دور للقطاع الخاص، وحوّل مبارك الاقتصاد إلى حالة «السداح مداح»، فأي نمط من الاقتصاد ستأخذ به مصر بعد الثورة؟
4- توجهات الاقتصاد بالغة الأهمية، ليس فقط لأبعادها الاجتماعية، ولكن أيضًا، لأن الاقتصاد الإنتاجي في الصناعة والزراعة، عاش مضطهدًا في مصر خلال حكمي السادات ومبارك - والأخير خاصة - ولذا يبدو إن التوجه نحو مشروعات إنتاجية في الزراعة والاقتصاد هو جوهر التغيير. أن بعضًا من الدول، يمكن أن يبنى "اقتصاد" على الخدمات والقطاع الخاص.. لكن بلداً بهذا الحجم والكثافة السكانية، وتحوطه المطامع والأزمات لا بديل له عن اقتصاد ينتج حاجة السكان أو أغلب حاجات السكان، ما رأيك يا دكتور مرسي؟!
5- السيد الرئيس اعلم أن الشعب الذي تحكمه الآن، ليس هو الشعب الذي كان يحكمه من وصل للحكم من قبلك، فشعب مصر الآن، استبد به سوء الحال، وصار يقارن بين حياته وتلك التي تعيشها الشعوب الأخرى. أنت تحكم «على الهواء» إذ مضى زمن كان فيه الحاكم يبهر شعبه بما يقول ويفعل، حتى إن قال ما لا قيمة له.
الآن، في مصر شعب مختلف!
6- اعلم أن الحرية ليست أداة تلهي للنخب أو حالة تعبير عن أفكارهم وآرائهم ومصالحهم «فقط»، وأن الحرية هي طريقة مواجهة الفساد، بأكثر مما يستطيع القانون مواجهتها.. إذ الحرية هي أداة كشف الفساد، وأداة ضغط الرأي العام على المفسدين.. والمتكاسلين، وهي عنوان أولي لعمل المحاكم وأجهزة تحقيق العدل.
7- كان المأمول، سيادة الرئيس، أن تبدأ حكمك بإعلام الناس بما وجدت في الصندوق الأسود، حتى تقول في نهاية حكمك أو فترة ولايتك الرئاسية ماذا أنجزت، بل كنا نريد للشعب أن يعرف ماذا وجدت، حتى يعرف الناس منك، وأنت الذي اختارك الشعب حقيقة الأوضاع.
8- معرفة الناس، هي الأصل. ولو عرف الناس ما وجدت عليه البلاد، بأرقام وإحصائيات ومعلومات ووقائع لخففوا مطالبهم، ولكانوا معك في تحمل المسئولية. الانفراد بالرؤية والقرار والمعرفة، هو أمر لا يمكن أن يحقق الحكم المتوازن في مرحلة ما بعد الثورات والاضطرابات. والوقت لا يفوت، الناس تريد أن تعرف ما وجدت في القصور.. والبنوك.. وحال الاقتصاد.. والاتفاقات السرية.. والوثائق والمستندات.. ألست الآن في موقع قائد الثورة؟!
9- السيد الرئيس، أشكرك على صبرك، فأنت تعلم أن الصراع الجاري الآن في مصر، بكل تفجراته هو طبيعي ولا أقول إنه أمر متوقع فقط، صبرك عنوان فهم وإدراك. ولاشك أنك تعلم أن المجتمع تعرض لوضعية شديدة القسوة، ولسنوات طوال، وأن جهاز الدولة في مصر تعرض لحالة صادمة من الفساد والاختراق، وأن كل ذلك تفجر في لحظة دون إعداد مسبق لتلك الثورة.
10- الآن، تنبه إلى أن هناك من يدفعك دفعًا لكي تكون ديكتاتورًا. ثق أن الديمقراطية والحرية.. أقوى في سلطانها من الديكتاتورية.
11- هذا الذي يجري ضدك من استفزازات ذات طابع شخصي ونفسي، هو رد على تأكيداتك بأن ليس لك حقوق وإنما عليك واجبات، ومحاولة لإخراجك عن تلك القاعدة، تحلى بالقدرة على الثبات على «المبدأ» حتى إن غيرت بعضًا من المواقف.
12- ولا شك أنك تدرك أن «النخبه» بطبيعة تكوينها ما بعد الحكم الديكتاتوري، تميل إلى خلط المصالح الشخصية بسفور مع ما تراه من أفكار وما تطلقه من أقوال، والحل دوما هو في الحوار الواسع مع الشعب.. لا في إلقاء الخطابات «الرسمية» جداً على الشعب. الفارق كبير.. بل هو ضخم.
13- والحل هو في تحقيق الإنجازات المجتمعية. النخب تجد في تعبيرها عن الرأي.. تحقيقا لمصالحها «وأكل عيشها» غير أن المواطنين لا يأكلون حرية ولا ديمقراطية.. ولا يدخل جيوبهم أي من مبادئها.. شيء .. الديمقراطية تقاس عن المواطنين بما أنجزت على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي.
14- بل دعني أقل، إن أخطر ما يهم البسطاء من الديمقراطية والحرية، هو أن يجري التعامل معهم بكرامة ووفقًا للقانون في أقسام الشرطة، وألا يضطروا إلى طلب الوساطات ولا دفع الرشاوي، هذا هو ميعار الغالبية في الحكم على الحرية والديمقراطية.
15- الحرية والديمقراطية التي لا تلغي الواسطة في تولي الوظائف وتنهي المحسوبية، تصبح غطاءً رقيقًا أنيقًا لحماية الفساد والتستر عليه.
16- هل طموحنا زيادة في أن تحدث الشعب بوضوح وصراحة في هذا الشأن؟! هل تفرض أنت جدول أعمال الشعب.. على النخب التي تكسب تحقيق مصالحها عبر كثرة الضجيج حول الحرية؟
17- هنا، فلتأذن لي في طلب محدد: أن تتحدث إلى الناس وتقول بوضوح للجميع.. أطالبكم بالتقدم بشكاوى ووقائع محددة عن تعيينات بالواسطة أو بدفع رشاو، وأن منهج الحكم الجديد، يتصدى لكل من يرتكب تلك الجرائم.
18 - ومع طلبى هذا لك، فإنى أنصح بأن تتنبه إلى أن هناك ضرورات وظروفاً موضوعية تمثل عوامل دفع لتضخيم دور الرئاسة في اتخاذ القرار، فهناك أنت السلطة الوحيدة المنتخبة، وأن البلاد تعيش حالة من الفوضى، بما يدفع بالمسئول إلى توسيع مساحات قراراته، وأن الناس لا تزال تنظر للرئيس كما كانت تنظر له من قبل. ذلك إرث تاريخي يتطلب الحذر.
19 - هنا تتبدى مهارات القيادة، في كيف توجه وتحاور وتطرح رؤى وأفكاراً.. كثيرة وقرارات أقل.
20- وهنا تتبدى مهارات القيادة، في القدرة على المبادرة، وتحريك الرأي العام وجعله أداة ضغط للحكم على كل من يرفض تحقيق مصالح المجتمع، بلماجية من يسبق الحشد ومن يصنع التعبئة.
21 - تعرف أخي الرئيس، أن أهم ضرورات الديمقراطية «الصحيحة» أن الشعب أداة ضغط حاضرة فعالة طوال الوقت، راجع ما يفعل أوباما مثلاً هو يضغط بالشعب طوال الوقت بخطاباته ومؤتمراته الصحفية ومن خلال الاحتكاك المباشر بالناس.
22 - ليسوا على صواب، من يقولون إن الناس تذهب للصناديق مرة واحدة كل عدة سنوات، فالديمقراطية لا يحتشد فيها الجمهور على طريقة متابعة مباريات كرة القدم، وهذا شرط نجاح الرئيس.. ذى الموهبة القيادية، هو يشرك الجمهور دوما ويضغط به كلما كانت هناك حاجة.
23 - هنا أتوقف لأقول لك شيئًا مباشرًا، ألا ترى أن انتخابات المحليات أشد أهمية في تغيير قاعدة صناعة القرار في هذا البلد؟.
24 - دعني أسأل، هنا أيضًا حول التوصيف الذي يقدم لك، بشأن طبيعة الأزمة التي تعيشها البلاد. لا يكفي الكلام العام، بأنها أزمة اقتصادية أمنية سياسية.. وأن البلاد مستهدفة..إلخ
25 - في التوصيف سيادة الرئيس: فالأمر الأول أن طبيعة الأزمة مركبة، هي حالة انتقال «في الممارسة» من الحكم الشمولي إلى الديمقراطية، والأمر الثاني أنها حالة انتقال من فساد غمر أغلب القطاعات إلى مرحلة تجرى فيها محاولات لوقف الفساد، هنا يبدو الشطط فيه قدر من الطبيعية وتبدو حالة الصعوبة التي يصدر بها أي قرار حالة طبيعية للتخلص من التقاليد الفسادية التي سيطرت على القرارات في الزمن السابق. الحالة الأولى تتطلب سعة الصدر وكثرة الحوار، وتعظيم فكرة توجيه النشاط، وفتح مجالات مخططة للحركة الشعبية، إذ كما يقال إن التخطيط المسبق وتوجيه السيول إلى مخرات صناعية، يقي المجتمعات من الفيضان، والحالة الثانية تتطلب سرعة إصدار لوائح محددة لصناعة القرار.
26 - هنا تبدو النصيحة الواجبة، هي امتلاك القدرة الواعية على اجتذاب الشرفاء والأكفاء الذين جرى إبعادهم من صناعة القرار، وتحميلهم مسئوليات حقيقية قبل التفكير في انتداب آخرين يحتاجون إلى وقت للتعرف على مواقعهم الجديدة.
27 - القصد هنا، أنت تدرك أن لكل مؤسسة ذاكرة - كما لكل مبنى ومجتمع وكل شيء على البسيطة له ذاكرة تاريخية - والقادم الجديد لابد أن يعرف أبعاد الذاكرة السابقة، هذا لا يتأتى في المؤسسات إلا من خلال إنسان كان جزءا من دورة العمل السابقة.
28 - والمعنى واضح، على ما أتصور ابدأوا أولًا بإعادة الشرفاء الذين جرى استبعادهم سابقا، قبل أن تأتوا بالجدد.
29 - ويا حبذا .. لوجمعت كل من اضطهدوا في المواقع الإدارية.. من كشفوا الفساد وتصدوا له فنكل بهم، والتقيت بهم مثل هذا الاجتماع وإعادة هؤلاء يحقق ما لا يتصور من وضع العمل.. فورًا.
30 - سيادة الرئيس: الوضع العربى شديد الخطر، وليس مؤلمًا للضمير فقط، مثل هذه الحالة تتطلب مرونة التكتيك لا تصلبه، وشدة الوضوح للأهداف البعيدة.
31 - والسؤال الأول الذى يجابه صانع القرار، هو بمن أبدأ؟ هل بذاك الذى يحمل أجندة تجعله يحاول الاقتراب أكثر، بينما هو خصم عنيد في المستقبل؛ أم أبدأ بمن يحمل رؤية بعيدة النظر سليمة الطوية وإن دفعته ظروفه إلى بعض التكتيكات السلبية؟
32 - ليس كل من يدعي دعم التجربة المصرية صادقا، وليس كل من انزلق في مجابهة معها مغرضًا.. الحذر.. الحذر.
33 - الحذر المقصود.. هو الحذر الاستراتيجي.. وهو يحتاج إلى صبر استراتيجي.. الحذر الاستراتيجي يمنع الانزلاق في مواقف قد تضر على المستوى البعيد..والصبر الاستراتيجي يتطلب تلميحات إيجابية لمن هو مخطئ اليوم.
34 - دعنى أشر هنا إلى الحذر في طبيعة العلاقات مع الحكومة العراقية الراهنة. لا تنس أبدًا أنها حكومة احتلال، وأنها موفدة من أطراف لا تحب الخير لمصر.. أبداً.
35 - وأن أشير إلى الحذر من طبيعة العلاقات مع إيران. لا تنس أبدًا دور إيران في العراق.. ولا دورها في سوريا.. لا تنس هذا أبدًا، وألا تكون قد انزلقت من التكتيك إلى الخطأ الاستراتيجي.
36 - بل دعنى أشر إلى أن «ميراثا» سلبيا طغى على العلاقات العربية - العربية وأنتج حالة خطرة فعليًا.
37 - ينبغي التنبه إلى أن البعض صار يرى حماية في التعامل مع الأجنبي، وأن البعض قد استوطن في عقله أن الأجنبي أقل خطرا عليه من العربي!
38 - الأمر يتطلب السير بخطة محددة وكلي أمل أن تتحول زيارتك للسودان إلى بداية حقيقية.. وجديدة كليًا. من السودان يمكن الانطلاق إلى خط بداية استراتيجي جديد لصياغة أمن قومي عربي على كل المستويات.
39 - والأمل، أن تكون هناك علاقات مصرية ليبية ذات مستوى رفيع، تقوم على أسس لا تنفصم عراها.
40 - احذر يا دكتور مرسي.. مما تخطط له إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق العربي.
41 - أقول له ما أتصور: هناك خطة لتحويل لبنان وسوريا والعراق والأردن إلى ساحة حرب واحدة، تشعل كل منها الأخرى كلما خمدت نيرانها.
42 - ألا ترى معي أبعاد مخطط التفكيك، كل الدراسات الغربية تتحدث عن ذلك وتصنع حدودًا للدول الجديدة وأسماءً لها، ماذا أنت فاعل؟ هل لذلك خطة ولو حتى في ملامحها الأولية؟.
43 - هم خططوا - وهذا معلن - لتفكيك باكستان وأفغانستان ودول الخليج والشرق العربي ومصر وليبيا والجزائر والمغرب، أليس هذا أساسًا تبنى عليه خطط المواجهة؟!
44 - هكذا فعلوا في أندونسيا والسودان.
45 - وأخذوا قرارًا في الكونجرس الأمريكي بتقسيم العراق إلى ثلاث دول!
46 - والتنفيذ جارٍ في كل الدول تقريبًا.
47 - الآن، أقول لك، إن مقولة إن حرب أكتوبر آخر الحروب، لم تكن تعني إلا أن الحروب انتقلت من النطاق الخارجي عبر قوتهم العسكرية.. إلى حروب في داخل الدول بأيدي أبنائها، إذن، فكيف نتصرف من الآن؟!.
48 - البعض قد يقول لك إن مثل هذه الأمور مستبعدة، وإننا الآن في مرحلة إطفاء الحرائق داخل البيت. لكنى أنصح بالمواجهة في النطاق الخارجي بنفس درجة الاهتمام والتركيز لمواجهة ما يجري في الداخل.
49 - قد يقولون لك، ثبت موقفك في الداخل أولًا، وأنصح بأنه لا تثبيت في بيت تحيطه الحرائق من كل جانب.
50 - هؤلاء يعملون بما يقال تهكمًا «ما دام بعيد عن بيتى وأنا مالى»، فالمنطقة واحدة في خطط الخصوم، لا في تكوينتها الحضارية وتاريخها وجغرافيتها فقط.
51 - الأمر لا يتعلق بفلسطين فقط، ولا السودان وليبيا فقط أيضًا، فأمن مصر كما تعلم يبدأ من آخر الحدود السورية «وما بعدها داخل تركيا» ويمتد إلى السودان والصومال وباب المندب والخليج العربي.
52 - دعنا نتوقف هنا، فحرب وغزو واحتلال أفغانستان والعراق هى آخر نمط من حروب الاحتلال الكلاسيكية.
53 - والحروب القادمة ستكون غير مباشرة في أساليبها وطرقها.
54 - الشبكة المعلوماتية وأزرار التليفزيون.. صارت أخطر وسائل الحروب فعبرها يجري إشعال الحروب والفتن.
55 - وفيروسات الكمبيوتر والأقمار الصناعية صارت قادرة على شل الحياة في أى دولة، بدءاً من الإنارة.. وحتى سير السيارات إلى المفاعلات النووية.
56 - المعنى هنا، أن العلم والتطبيقات التكنولوجية والإلكترونية صارت إحدى ضرورات بقاء المجتمعات والحفاظ على أمنها الاجتماعي.
57 - راقب الخارج جيداً.
58 - لا حياة لنظام سياسي أو دولة أو مجتمع، دون متابعة ما يجرى علي الصعيد الدولي.
59 - التوازنات الدولية والأزمات الجارية، تنعكس في سياسات محددة على الدول من الوزن المتوسط والصغير.
60 - بل إن أزمات الدول الكبرى في داخلها تنعكس في سياسات وقرارات واعتداءات على الدول الأخرى.
61 - ألم تكن حرب العراق وغزوه واحتلاله أحد أساليب الولايات المتحدة لحل أزمتها الاقتصادية؟!
62 - لا تتابعوا السياسات الخارجية للدول الكبرى فقط، بل تابعوا بدقة ما يجري في داخلها.
63 - لنأخذ ما يجري في الصين، ألا يلاحظ المتابعون أنها تخطط لكي تكون هي مركز العالم الجديد؟!
64 - والأمر كذلك بالنسبة لأمريكا، ألا يلاحظ المتابعون أنها تدير أزمة تراجعها من خلال حكم أوباما؟ أليس هناك فرضية التحول إلى حالة عدوانية مدمرة في مرحلة قادمة؟.
65 - أليس أمر ألمانيا وطموحاتها بات ذات تأثير كبير على السياسة الدولية؟.
66 - أليس «القمع» البوتينى للامتدادات الغربية - فكريًا وسياسيًا - داخل بلاده جزءًا من رؤية استراتيجية لدور روسيا الجاري والقادم دوليًا، وهل مر على المتابعين مرور الكرام تغيير روسيِا لعقيدتها القتالية وحديثها لأول مرة عن استخدام السلاح النووي دفاعًا عن مواطنيها في الخارج.
67 - ويجب إدراك طبيعة التحول الدولى من رسم السياسات الدولية سعيًا وراء النفط في مرحلة سابقة، إلى سعي وراء الغاز في المرحلة الحالية.
68 - السعي خلف النفط يوجب السيطرة على البحار.. وخلف الغاز يتطلب السيطرة على اليابسة!
69 - اعلم سيادة الرئيس أن ظهور حاكم إسلامي في مصر، أمر ينظر إليه بعيون الخوف كل راسم لاستراتيجيات في الشرق أو الغرب.
70 - هم لا يعنيهم في الخارج إن كان الحاكم من الإخوان أو السلفيين.. من حزب النور أو حزب الوسط أو البناء والتنمية.
71 - هم يخافون «فكرة وحالة» عودة الإسلام إلى الحكم.
72 - هم يرون أن عودة الإسلام لن تكون فردية في دولة هنا أو هناك، بل ستكون عودة أمة.
73 - تذكر أن محمد علي، لم يحمل راية الإسلام.. لكنهم حاربوه حتى أسقطوا تجربته.
74 - وأن عبد الناصر، لم يحمل راية الإسلام.. لكنهم حاربوه حتى أسقطوا تجربته.
75 - فما بالك وأنت ترفع راية الإسلام؟!
76 - إذن فأنت تبدأ تجربة هى بحد ذاتها تخيفهم، ولذلك قد تجدهم في لحظة ما يقفون كلهم ضدك، هل تُعد لمثل هذا اليوم؟
77- تذكر دوما أن القرار الدولي.. أن تكون مصر ضعيفة.
78 - وتذكر أن مصر تبقى ضعيفة.. إلا إذا تغير الموقف العربي.. والحال العربي.
79 - وأن الغرب والشرقه يمكن أن يجتمعا.. باعتبار ظهور أمتنا يمثل بالنسبة لهم خطرًا استراتيجيًا على دولهم.. ونفوذهم الاستعماري.. وعلى التوازنات الدولية التي سيدخل عليها تعديل هو الأول من نوعه منذ بداية الحقبة الاستعمارية.
80 - روسيا ترى خطرًا بالغًا وداهما إذا تحولت دول الساتانات الخمس «طاجيكستان - تركمانستان - كازاخستان - أذربيجان - قرغيزستان» إلى جزء من قوة الأمة الإسلامية تحت أية صيغة.
81 - وأوروبا، لا تريد أي شكل من التوحد لدولنا، فهي دول جوار لها.
82 - وكل ذلك يصب ضغطًا على مصر.. ومصر بالدرجة الأولى.
83 - سيادة الرئيس: الكل يدرك أن حكمًا إسلاميا في مصر، يعنى تحركًا في إفريقيا، لإنهاء عقود الاحتلال الحضاري الفرنسي هناك.
84 - والكل يعلم، أن مثل هذا الحكم في مصر... هو سند للسودان وإخراج لها من المأزق الذي وضعت فيه.
85 - والكل يخشى، من دور مصري في الصومال.
86 - فهل نحن على إدراك.. بما سيواجهنا لنتحسب له ونضع له خططاً؟
78 - الآن سيادة الرئيس.. اذهب إلى حال الإعلام، هو في أزمة، هو في خطر. ممارسات كثيرة فيه صارت خطرًا، لكن الحل يحتاج إلى إدراكات أخرى غير تلك التي تعاملت بها النظم السابقة.
88 - حرية الإعلام شرط لحكم في عالم اليوم.
89 - ومواجهة أخطاء ومخاطر الانفلات الإعلامي.. يحتاج إلى قمة الصبر، لا إلى قوة القرارات.
90 - لا تستمع إلى من ضاق أفقهم.. وقل صبرهم.. وزاد حماسهم ضد حرية الإعلام.
91 - يبدو الخطأ الظاهر أن الإعلام هو المخطئ.. غير أن الحركة الإسلامية إذ لم تهتم بالإعلام هي مخطئة أيضًا، وربما بقدر أعلى!
92 - لا يتغير الإعلام.. إلا بوجود نمط آخر من الإعلام.. صدقني.. بعضهم لا يعرف من الإعلام إلا ما تراه.
93 - بعضهم قد لا يقصد الأذى.. لكنه لم يترب إلا على ما يفعل الآن. وبعضهم يتصور أنه يقوم بمهمة وطنية بما يفعل!
94 - وبعضهم قد يتغير سلوكه الإعلامي.. حال وضع القواعد والمواثيق.. وتستقر أحوال البلاد.
95 - لكن الأخطر أن يقال لك إن أفضل الإعلاميين هم من يمدحوك فاحذر.
96 - وأن يجري شعور داخل البعض، بأن لحظة القوة آتية، وساعتها يمكن تكبيل الإعلام.
97 - أنت الأحوج إلى حرية الإعلام فمعركتك الداخلية طويلة جدا، ومعركتك في الخارج تجعلك في حاجة إلى إعلام مستقل لا يحسب عليك.
98 - فالمجتمعات لم تعد تدار بإعلام الدول ولا قدراتها فقط بل بقدرات ودور المجتمع ذاته..
99 - والعلاقات الدولية، لم تعد تدار بأجهزة الدول فقط، بل بإشراك كل القوى السياسية، وفق استراتيجية محددة.
100 - أخيرًا، أدعو المولى أن يوفقك ويحفظك وأن يلهمك الصواب واحذر ممن يواليك بقدر ما تحذر ممن يعاديك.. وادرس كل تجارب من سبقك فتاريخهم مليء بالعبر والدورس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.