نظم مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان (الأديرة القبطية.. النقوش الأثرية)، وذلك في مستهل موسمه الثقافي الجديد تحدث فيها كل من الدكتور يوحنا نسيم يوسف كبير باحثين بمركز الدراسات المسيحية المبكرة في الجامعة الكاثوليكية بأستراليا، والدكتور عاطف نجيب مدير عام متحف آثار أسوان. وألقى الدكتور يوحنا نسيم - في بداية الندوة - نظرة عامة على تطور الكتابة القبطية على النقوش وتنوع الكتابات التي عثر عليها في الأديرة المختلفة ما بين كتابات تخليدية، تعليمية أو جنائزية بالإضافة إلى المواد المختلفة التى استعملت للكتابة كالفخار الشقافات الخشب أو اللوحات الجدارية. وتناولت المحاضرة عرضا سريعا للهجات القبطية المختلفة كاللهجة الصعيدية والبحيرية ، وشرح الباحث الأصل السرياني لكلمة دير والمعاني العديدة التي تحملها هذه الكلمة فقد تستخدم بمعنى بلده أو مقابر أو بمعناها الأشهر مسكن للرهبان والراهبات ، حيث كان أول ذكر لها في القرن 12 الميلادي. وتعرض الباحث لمدينة الإسكندرية ومحيطها التي ازدهرت الحياة الديرية بها، فقد ذكرت بعض المصادر أن عدد الأديرة أو التجمعات الرهبانية وصلت إلى 300 دير، وإن لم يكن الرقم دقيقا فإنه على الأقل يؤكد كثرة الأديرة بالمدينة ومحيطها. وتناول الباحث عددا من تلك الأديرة بدءا من دير مار مينا وهو أحد أهم الأديرة التي وجدت بالقرب من مدينة الإسكندرية ؛ فقد بني في القرن الخامس الميلادي وهدم في القرن التاسع وقد أعيد اكتشافه صدفة في القرن العشرين الميلادي. كما تناولت المحاضرة منطقة كيليا (القلالي) القريبة من النوبارية، التي اكتشفت في عام 1964 ؛ وهي ثاني أقدم تجمع رهباني في العالم حيث بدأت الحياة الرهبانية فيها في منتصف القرن الرابع الميلادي ووصل عدد رهبانها إلى 600 راهب. وانتقل الباحث إلى الحديث عن منطقة وادي النطرون التي أنشأت الحياة الرهبانية فيها على يد القديس مكاريوس الكبير ، وتعرض للعديد من الأديرة القبطية في تلك المنطقة كدير أبومقار ، دير الأنبا بيشوي ، دير السريان ، دير البراموس والتي عثر بها على العديد من النقوش التي كتبت بلغات مختلفة كالقبطية ، اليونانية ، السريانية والعربية. وشهدت ندوة (الأديرة القبطية..النقوش الأثرية) محاضرة بعنوان (الكتابات الجدارية في مواقع الآثار القبطية بالنوبة وصعيد مصر) ألقاها الدكتور عاطف نجيب الذي تناول الآثار المسيحية التي عثر عليها في مقابر البجوات بالوادى الجديد؛ وهي جبانة مسيحية يرجع تاريخها إلى القرن الثاني حتى السابع الميلادي، تحتوى على 263 هيكلا زخرت بمناظر مختلفة من التوراة بالإضافة للمناظر المسيحية. وقد عثر في العشرات من تلك المقابر على الكثير من الكتابات المختلفة كاليوناني ، القبطي والعربي، وتناول الباحث أمثلة من مزار السلام وهو من أهم العناصر الأثرية الموجودة بمنطقة البجوات. وانتقل الباحث إلى الحديث عن مثال آخر وهو دير القديس أقلاديوس بإسنا ثم دير الأنبا متاؤس الفاخوري ، الذي عثر به على أحد أهم اللوحات التي تحمل رسوما لأنبياء من العهد القديم كتب بجانب كل منهم اسمه. كما تحدث الباحث عن أحد النصوص التي عثر عليها بدير الأنبا متاؤس الفاخوري والتي كتبت باليونانية والقبطية الصعيدية ما يعنى أن الفنان الذي قام بتلك الرسومات هو راهب من دير الأنبا شنودة بأخميم..وتعرض الحديث كذلك عن تمثال وجد بمنشوبية (مكان صغير لتجمع الرهبان) غرب إسنا به نص يذكر أسماء قديسي الوجه البحري والقبلي بدءا من الأنبا أرميا بسقارة إلى أبيدوس. ثم تناولت المحاضرة النقوش التي عثر عليها بمملكة النوبة المسيحية التي تحولت إلى الإسلام عام 1324 م ، وبدء الحديث بإعطاء أمثلة من دير قبة الهوى بأسوان والتي من أهمها النص الذي يحمل اسم البطريرك يعقوب الذي عاش بالقرن التاسع الميلادي ، وتطرق الباحث إلى أمثلة لكتابات من دير الأنبا هدرا بأسوان الذي عثر به على كتابات تنوعت لغتها ما بين يونانية، نوبية وعربية. وتحدث خلال الندوة أحمد منصور نائب مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية حيث قدم عرضا لاهتمام المركز بمجال توثيق النقوش والكتابات القديمة بمختلف أنواعها ، وركز العرض على نشاط المركز في توثيق ودراسة النقوش والكتابات القبطية في مصر.