ب«تكريم 300 من الرواد».. «عمومية أطباء القاهرة» تعتمد ميزانية 2023 (تفاصيل)    تفاصيل جولة السيسي في الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية (فيديو)    وزير التعليم العالي يتفقد الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.. صور    ممثلو وحدة الدعم الفني بالإسكان يتابعون موقف مشروعات المنصورة الجديدة    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم السبت    توريد 27717 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    بني عبيد في الدقهلية تنضم لحملة "خليها تعفن"    توريد 189271 ألف طن قمح للشون والصوامع بالشرقية    حصيلة جديدة لشهداء وجرحى غزة بعد 204 أيام على الحرب    الاحتلال يقصف منشآت تابعة ل"حزب الله" جنوبى لبنان    مستشار الرئيس الفلسطيني: نحن أمام كارثة ومأساة متفاقمة تزداد يوما بعد آخر    كلوب: «سلوت» سيدرب أفضل نادي في العالم    ظهور عمر مرموش| موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت.. المعلق والقنوات الناقلة    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    لخلافات مالية.. عاطل يقتل تاجر خردة في الدقهلية    بعد مقتل طفل شبرا.. ما هي العقوبة القانونية التي تنتظر القاتل والمحرض؟    خبير: دخول عالم الويب دارك خطير بنسبة تصل إلى 100%    «الداخلية»: القبض على 7 متهمين في حملات مكافحة المخدرات بالقاهرة    ضبط صاحب شركة حاول غسل 35 مليون جنيه حصيلة اتجار بالآثار والنقد الأجنبى    خططت لاغتيال أحمد موسى.. المؤبد والمشدد 15 و5 سنوات لخلية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    حملات مكثفة لضبط الأسواق وضبط مرتكبي التلاعب بأسعار الخبز    بعد تصدرها التريند حول انفصالها من أحمد السقا .. مها الصغير تكشف سبب الشائعات (القصة الكاملة)    وزيرة التضامن من الإسكندرية للفيلم القصير : فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    عمرو دياب يشعل أجواء حفله بالبحرين    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 جولة مرورية على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة منظومة صرف الألبان    طلب إحاطة لوزير الصحة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    دار الإفتاء: 6 أنواع لحسن الخلق في الإسلام    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    محافظ أسيوط يتابع استعدادات مديرية الشباب والرياضة للفعاليات والأنشطة الصيفية    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    «الزراعة» تنفي انتشار بطيخ مسرطن بمختلف أسواق الجمهورية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصباح» تنشر شهادات حية عن وقائع «التحرش» بالمتظاهرات في ميادين الثورة
نشر في الصباح يوم 06 - 02 - 2013

الشيخ أحمد كريمة: سبى النساء في المعارك كان بضوابط شرعية.. وجورجيت قلليني: ما حدث وسيلة لكسر التيار المدني
ريهام: مزقوا ملابسي في لحظات..
تيسير: عشرات الأيادي اخترقت ملابسي وتركوني والدماء تنزف..
ماريان: كانوا يضحكون بينما أواجه الموت..
يمنى: كانوا مصرّين على اغتصابي

تنفرد «الصباح» بنشر شهادات عدد من الفتيات اللاتى وقعن ضحايا للتحرش والاغتصاب فى ميدان التحرير.. وفى السطور التالية تروى 4 فتيات من الضحايا، تفاصيل ما حدث معهن، وقد تجاوز فى بعض الحالات التحرش إلى الاغتصاب الكامل، بعدما سقطن فى دائرة الحصار التى فرضها عدد من الشباب فى الميدان حولهن، وراحوا ينتهكون أجسادهن دون رحمة إلى أن سقطن جميعا بعدما فقدن الوعى وأشياء أخرى.

الضحايا الأربعة أصبحن مكلومات فى شرف بلادهن، بعدما تعرضن لوقائع أشبه بالأهوال.. بعضهن لا يزلن فى حالة صدمة ولا يعرفن كيف يتلمسن خطاهن فى الطريق إلى نسيان ما حدث.. فيما جاءت شهادتهن لتدين نظاما بأكمله وقد أجمعن فى نهايتها على ترديد جملة واحدة «حاسة انى ماحكيتش الواقع زى ما حصل بالظبط، ومهما قولت مش ممكن أقدر أوصف الموقف زى ما حصل فعلا».

1 ماريان ماهر: بدأ كل منهم يعبث بجسدي وعندما حاولت التراجع جرّدوني من ملابسي تماماً
حاول بعض الشباب حمايتي فنالوا نصيبهم من الإصابات بالأسلحة البيضاء، كانوا يضحكون بينما أواجه الموت.
2 سناء أحمد: يحددون فتاة بعينها ويقيمون حلقات متكررة حولها وعند انعزالها تماما يجذبونها إلى شارع جانبي وعندها تبدأ الكارثة مارسوا معي كل أشكال التحرش وفى كل مناطق جسدي دخلت في حالة هيستيرية من البكاء والرعشة وهم يضحكون ويدفع كل منهم الآخر ليأخذ مكانه بالقرب من جسدي ما أنقذني هو سقوطي على الأرض في حالة إغماء شديد فتدخل بعض الشباب لحمايتي.
3 تيسير محمود: كل ما أتذكره هو عشرات الأيادي وهي تخترق ملابسي وتمسك بكل منطقة بجسدي بكل وحشية، استخدموا «مطاوي» لاستكمال تمزيق ملابسي وهو ما أصابني بجروح في قدمي وظهري وبطني.. تركوني فقط عندما امتلأت ملابسي وجسدي بالدماء.
4 ريهام جلال: صممت والدتي على النزول للميدان لتحميني، ورغم ذلك وقع المحظور كان الشباب يحموننا كدروع بشرية، ولكن في لحظة إطلاق قنابل الغاز تفرق الجميع وبدأ ماراثون التحرش، أعمارهم من 15 إلى 25 سنة.. وكانوا مصرّين على تمزيق ملابسنا، يتم التحرش بمجموعات من الفتيات في وقت واحد وإحدى المجموعات كانت تضم 10 فتيات خرجن جميعاً بلا ملابس تقريباً.
5 يُمنى: في لحظة وجدنا أنفسنا محاصرين بين قوات الأمن من جانب، والمتحرشين من جانب آخر حاول شاب إنقاذنا فخنقوه بالكوفية التي كان يرتديها، بعد أن تحرشوا بنا.. مجموعة من المتحرشين سرقوا محافظنا وتليفوناتنا وهربوا وتركونا فريسة لمجموعة جديدة، من كثرة عددهم لم أستطع التمييز بين من يُحاول أن ينقذني ومن يحاول أن ينتهكني، كانوا يصرخون في المارة «دي على بطنها» قنبلة حتى يخافوا ولا ينقذني أحد بعد أن أنقذتني سيدة ومجموعة رجال، وأدخلوني محلاً استمر المتحرشون في التجمهر بتصميم على استعادتي واغتصابي.
6 شاهد عيان: وقعت سيدة في حالة إغماء على كوبري قصر النيل بسبب قنابل الغاز فتجمع عليها مجموعة كبيرة من الشباب واغتصبوها.

المكان: ميدان التحرير.. الزمان: 25 يناير 2013.. فتاة فى منتصف العشرينات من العمر، نزلت إلى الميدان بصحبة خطيبها، للاحتفال بالعيد الثانى لثورة يناير، دخلا الميدان من كوبرى قصر النيل، وبمجرد وصولهما، طاردتهما قنابل الغاز، حيث بدأ الجميع يجرى هنا وهناك، حالات كر وفر، ووجوه غير مألوفة بالميدان، فحاولا الخروج سريعا، لكنهما لم يتمكنا، التف حولهما عدد من الشباب، يجذبون من يده خطيبته بكل قوة، وعندما قاومهم، دفعوه أرضا وانهالوا عليه بالضرب إلى أن فقد وعيه، كل هذا والفتاة مازالت بين أيديهم، فى حالة بكاء هيستيرى، أخذوا يتناوبون جذبها، إلى أن تمزقت ملابسها تماما على مدخل شارع محمد محمود، عندما أصبحت عارية إلا من بعض ما لايستر عورتها، استطاع عدد من الشباب إنقاذها وهى فى حالة إغماء وإجهاد شديد، ستروها ببعض ملابسهم، وتمكنوا من الوصول لخطيبها، وأخرجاهما من الميدان، بينما الضحيتان.. الفتاة وخطيبها لا يصدقان ما حدث لهما.

ما سبق ليس مشهدا من خيال، بل واقع شهد الميدان أكثر منه، وفى السطور التالية تنفرد «الصباح» بنشر شهادات عدد من الفتيات ضحايا التحرش والاغتصاب فى الميدان، على لسانهن بينما فضلن ألا تنشر أسماؤهن الحقيقية، وقد أصبحن مكلومات فى شرف بلادهن وبعضهن لا يزلن فى حالة صدمة ولا يعرفن كيف يتلمسن خطاهن فى الطريق إلى نسيان ما حدث.. بينما أجمعن فى نهاية شهادتهن على ترديد جملة واحدة: «حاسة إنى ماحكتش الحالة زى ما حصلت بالظبط، ومهما قولت مش ممكن هقدر أوصف الموقف زى ما حدث بالفعل».

«ماريان ماهر» إحدى ضحايا التحرش والاغتصاب فى الميدان تروى شهادتها قائلة: «نزلت فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، للاحتفال بالثورة، ولم أكن أدرى أن هذا العام الحالى يختلف عن السابق، فبمجرد دخولى الميدان وفى أقل من دقيقة الواحدة، شعرت بشىء ما غريب فى وجوه المحيطين، فمن المعتاد أن أرى فى مثل هذه الظروف والأحداث الجارية، لافتات، ثوار، مناضلين، وأهالى شهداء ورجال تلتف حول النساء لحمايتهن كما كان الوضع أيام الثورة، وأثناء الاحتفال بالعيد الأول لها، ولكن فى هذا اليوم كان بعض الرجال أيضا يلتفون حول النساء، ولكن بدا أن ذلك لأسباب أخرى، اتضحت لى عندما بدأ يعبث كل منهم بجسدى للحظات ويختفى، وتضيف، وقفت أمام شارع محمد محمود قليلا، ثم قررت أن أعود للخلف مرة أخرى، وأثناء عودتى وجدت فتيات يجرين قادمات من الاتجاه المعاكس، ويجرى خلفهن شباب يحاولون الإمساك بهن، استطاع بعضهن الإفلات، ولم تستطع أخريات»، و تضيف: «شعرت بأننى رجعت لعصر الكفار، كل واحد بيمسك جزء فى جسمى، وكأنى جارية، وعندما حاول بعض الشباب أن يتدخلوا، نالوا جزاءهم من ضرب بالأيدى والأسلحة البيضاء، وقال أحدهم وهو يمزق ملابسى دول بنات كافرات متبرجات، حلال لرجال المسلمين، قالها ثم مزق ملابسى تماما.

تسترجع ماريان تفاصيل الموقف، بينما دموعها بدأت تزرف، وتقول: «حسيت ساعتها إن البلد دى وحشة أوى، أو إنى بعمل حاجة غلط فى حياتى، وإنى فعلا بنت مش كويسة علشان جيت مكان زى ده، وكان المعتدون على بيضحكوا ويهزروا ولا كأنهم بيعملوا حاجة غلط، وبعدها ماقدرتش أدافع عن نفسى، ووقعت على الأرض، وماحستش بنفسى خالص غير لما فوقت بعد كده، وأنا فى سيارة الإسعاف وملابسى شبه ممزقة تماما»، وعلمت بعدها أن عددا كبيرا من الشباب تدخلوا لإنقاذى واستطاعوا حملى إلى سيارة الإسعاف، وأنا فى حالة إعياء شديدة وخرجت وقتها من الميدان وأنا لا أريد العودة إليه مرة أخرى.

لم يكن ميدان التحرير هو المكان الوحيد للتحرش أو الاغتصاب، فهناك أماكن أخرى أصبحت مكانا لهتك العرض، فى ظل وجود أى تجمعات، ومظاهرات، حيث لابد أن يتبع ذلك وجود متحرشين، ففى محيط قصر الاتحادية، ورغم عدم وجود أى ملامح لظاهرة التحرش بالشوارع المحيطة بالميدان نفسه، إلا أنه فى المسيرة التى انطلقت من ميدان النور بالعباسية، متجهة إلى ميدان الاتحادية، الأسبوع الماضى تعرضت «سناء أحمد»، الناشطة السياسية، إلى التحرش الوحشى من قبل بعض الشباب، وتروى شهادتها عن الواقعة قائلة: «أشكالهم كانت غريبة جدا، يرتدون بناطيل يرفعون جزءا كبيرا منها لأعلى، ويتمتمون بكلام غير مفهوم، ويشاورون على بعض الفتيات دون غيرهن، وأخذوا يقيمون حلقات تلى بعضها حلقة تلو الأخرى إلى أن انعزلت تماما عن المسيرة، جذبونى بعد ذلك إلى أحد الشوارع الجانبية، المتفرعة من شارع الميرغنى، وهم يمارسون معى جميع أشكال التحرش، فى كل منطقة بجسدى، ودخلت فى حالة هيستيريا من البكاء والرعشة المستمرة، وهم يضحكون، ويدفع كلٌ منهم الآخر ليدخل هو بجوارى، وبعد أن حاولوا تمزيق ملابسى فى اللحظات الأخيرة، انتبه إلى ذلك بعض الشباب وتدخلوا فى الوقت المناسب، بعد أن وقعت على الأرض فى حالة إغماء شديد، ونقلنى أهالى المنطقة وساعدونى على الإفاقة، على أحد المقاهى القريبة، وغادرت الميدان فور إفاقتى.

وتروى «تيسير محمود»، فتاة أخرى، ما حدث معها فى ميدان التحرير، حيث تم الاعتداء عليها بشارع محمد محمود، قائلة: «نزلت وهتفت، وفى لحظات الدنيا انقلبت ووجدت ناس بتجرى فى كل حتة، لدرجة إنى ماكنتش قادرة أحدد هل أجرى يمينا أم شمالا، كل ما كنت أتذكره هو عشرات الأيادى من الشباب التى تخترق ملابسى، وتمسك بمناطق فى جسدى بكل وحشية لدرجة أنهم استخدموا سلاحا أبيض «مطواه» لاستكمال تمزيق ملابسى، ما أصابنى بجروح فى قدمى وظهرى وبطنى، وعندما وجدوا أثار دماء كثيرة على ملابسى، تركونى، بينما كان بعضهم يدعى أنه يحاول إنقاذى مرددا آيات قرآنية، وبعض الأذكار، رغم أنهم كانوا مع المعتدين منذ البداية، لدرجة جعلتنى لا أستطيع التمييز بين من يتدخل لإنقاذى ومن يتدخل لينال نصيبه منى.

إصرار المتحرشين على اغتصاب الضحية

«ريهام جلال»، إحدى الفتيات اللاتى تعرضن للتحرش والاغتصاب فى الميدان، تروى ما حدث لها قائلة، لم تكن والدتى راضية عن نزولى منذ البداية، لذلك صممت على أن تنزل معى، على أمل أن ذلك سيحمينى، وبالفعل نزلنا معا، فى المسيرة النسائية التى تضم شيوخا من الأزهر، وبعض الشخصيات العامة المعروفة مثل عزة بلبع ونور الهدى زكى، وغيرهم من المشاهير، وكالعادة تطوع عدد من الشباب لحماية هذه المسيرة، بأن يلتفوا حولها مشكلين دروعا بشرية، ولكن بمجرد دخول الميدان بدأ التجمهر والصراع على موضع لقدم واحد، وفى لحظة بدأ إطلاق قنابل الغاز، اختفى الشيوخ تماما، وبدأ ماراثون التحرش الوحشى، ولا أحد كان يعلم من يتحرش بمن، كل ما رأيته وقتها هو تدافع وتفرق جميع من كانوا فى المسيرة، خصوصا الرجال، الذين اختفوا تماما، ولم يبق سوى السيدات وسط المتحرشين، وضعهم كان أشبه بالغرقى وسط بحر مظلم، صراخ وبكاء متوالٍ، وحولنا شباب، أكره أن أطلق عليهم «شباب»، فقد كانوا فى حالة غير طبيعية بعضهم يعرف زملاءه جيدا، وينادون أنفسهم بأسمائهم، وآخرون لا يعرفون بعضهم، وجميعهم تتراوح أعمارهم بين 15 و 25 سنة، لكنهم كانوا مصرين على أن يحرضوا بعضهم البعض على تمزيق الملابس، فلم يكن التحرش وقتها مثل الذى تعرفه كل فتاة أو تعرضت له فى الأوقات العادية بالشوارع، بل كان هناك إصرار على تجريد الفتيات والنساء من ملابسهن، وبينما هم كذلك كانوا يضحكون ويتندرون، حيث لم تكن حالات التحرش فردية، بل الفتيات كن يتعرضن لموجات التحرش وهن فى مجموعات تصل إلى 10 فتيات يتم التحرش بهن فى وقت واحد.

صراع على انتهاك الشرف

لم تكن هذه الشهادات لكل المنتهكات فى الميدان،حيث بادرت بعض المؤسسات إلى بحث ودراسة الموضوع، ولجأت إلى جمع شهادات من بعض الحالات الأخرى، فقد رصدت «مؤسسة نظرة للدراسات النسوية» عددا من حالات الاغتصاب والتحرش الجنسى بالميادين، ومنها حالة الفتاة «يمنى» التى روت ما تعرضت له قائلة: كنت مع إحدى صديقاتى، فى ميدان التحرير، بالقرب من قصر العينى، وتعاملت قوات الشرطة بإطلاق الغاز فى نفس الوقت الذى تواجدت فيه مع المتظاهرين، فى شارع سيمون بوليفار، وكنت أنا وصديقتى عادة لا نتحرك فى أوقات الضرب من أماكننا بل نقف ونقول «ثابت» «ثابت»، ولكننا مع تدفق الفارين من الغاز، بدأنا فى الجرى، وفى لحظة ما وجدنا أنفسنا بين قوات الأمن من جانب، والمتحرشين من جانب آخر، حيث هجم علينا مجموعة من الشباب ظهروا فجأة، وبدأوا يمزقون ملابسنا، إلى أن شاهدنا أحد أصدقائنا، فاقترب منا لإنقاذنا، لكنه لم يفلح فى نجدتنا، حيث هجموا عليه وأمسكوا به، وخنقوه بالكوفيه التى كان يرتديها، وأثناء ذلك كله كنا نحاول المقاومة لكن أيدى المجرمين مزقت الملابس التى نرتديها، وسرقوا منا المحافظ وأجهزة المحمول، وقتها كانت صديقتى ملقاة على الأرض، وكذلك الصديق الذى حاول إنقاذنا، ثم هرب المهاجمون عندما اقتربت مجموعات أخرى نحوهم، بعدها بدأنا فى الجرى والفرار من الجميع عائدين إلى ميدان التحرير، لكن وجدنا أنفسنا وسط أعداد أخرى كبيرة من المتحرشين المهاجمين، وعند مدخل شارع «محمد محمود» انفصلت عن صديقتى التى غابت عن عينى وسط الحشود، وأخذت الجموع تدفعنى وأنا أحاول المقاومة ولا أستطيع التمييز بين من يحاول أن ينقذنى أو يحاول أن ينتهكنى.
فى لحظات قليلة تمزقت ملابسى تماما فى زحام المهاجمين الذين أمسكوا بكل جزء فى جسمى بلا استثناء، فأخذت أصرخ وأحاول الوصول إلى الحائط، وكنت أرى على الناحية الثانية شبابا يقفون على شىء مرتفع وينظرون ويضحكون، وشبابا آخرىن وهم المتحرشون يرددون بعض الكلمات الجارحة التى يندى لها الجبين، وأخذت أبعد المهاجمين وجلست على الأرض التى كانت مشبعة بالمياه حتى أحمى أجزاء جسدى الحساسة، وكانت هناك سيارة تقترب ببطء وسط زحام الناس، وكادت تدهسنى لدرجة أن العجلات داست على شعرى وأنا ملقاة على الأرض، قبل أن تتراجع السيارة للخلف، ويحاول من بالسيارة أن يدخلونى فيها، لكنهم لم ينجحوا سوى فى إدخال رأسى فقط من الشباك، بسبب الجذب الذى يقوم به المغتصبون، ووضعونى فوق «كبّوت» السيارة، وكان هناك أربعة يثبتوننى على الكبوت بينما يشارك الجميع فى انتهاكى، تحركت السيارة ونحن على هذا النحو فى محاولة للخروج وسط المتجمهرين، وكلما اقترب الناس كان من فى السيارة يصرخون فى وجههم «دى على بطنها قنبلة»، حتى يخاف المارة منى ولا يحاولون إنقاذى، إلى أن وصلت السيارة إلى عابدين حيث اقتربت فجأة سيدة ومعها رجال يحملون «شوم» وبدأوا فى محاولة إبعاد المتجمهرين، وألقوا فوقى ملاءة وجلبابا لكنى لم أستطع تحريك جسمى أو إبعاد الذين مازالوا يمسكون بي، إلى أن استطاعت السيدة ومن معها أن يمسكوا بى، وحاولوا إدخالى «محل صغير» كان بابه مغلقا، حيث أخذوا يدقون على الأبواب وينادون على صاحب المحل إلى أن استجاب أخيرا، وفتح الباب، دخلنا وهناك استطعت أخيرا ارتداء الملاءة والجلباب، لكن المتجمهرين ظلوا يحاصرون باب المحل ليستعيدونى مرة أخرى، ليواصلوا انتهاكى، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

اغتصاب كامل

محمد عطية، سائق إحدى سيارات الإسعاف، وشاهد عيان على إحدى حالات التحرش التى حدثت أخيرا، على كوبرى قصر النيل، يروى شهادته ل«الصباح» قائلا: بعض المارة استنجدوا بى لإنقاذ سيدة فى حالة إغماء على كوبرى قصر النيل، على أثر تعرضها لاستنشاق كميات كبيرة من الغاز، وبمجرد أن سقطت انهال عليها عدد من الشباب بحجة إفاقتها، إلا أنهم فى الحقيقة كانوا يتحرشون بها، بل وصل الأمر إلى اغتصابها كليا، إلى أن تمكنت الإسعاف من إنقاذها ونقلها إلى مستشفى المنيرة فى حالة إعياء شديد.

ظاهرة سياسية وليست اجتماعية

علماء الدين والاجتماع فى تحليلهم للظاهرة الجديدة لم يتعاملوا معها كظاهرة أخلاقية حيث أجمعوا على أنها تتجاوز الظاهرة الاجتماعية لتصبح ظاهرة سياسية وأسلوبا لقهر المعارضين.

يقول الشيخ أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة: «قال النبى صلى عليه وسلم إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام»، وقال الله سبحانه وتعالى «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة».. وهذه النصوص وما يماثلها دلت على حرمة الإنسان على الإنسان وحفظ الأعراض واجب فى الشريعة من جهة الحاكم والمحكومين، فالحاكم مسئول عن توفير الأمن وصيانة أعراض المجتمع لأن حماية العرض لا تقل عن حماية الدم والمال، أما المحكومون فلابد أن يفقهوا أن الأعراض لا فرق بينها ولا تمايز فعرض المسلمة كغير المسلمة سواء بسواء والتحرش الجنسى يعد مقدمة من مقدمات الفاحشة.

ويضيف الشيخ أحمد كريمة: لقد حذر الله تعالى من تجاوز الحدود بقوله «تلك حدود الله فلا تعتدوها» وحرم الله الزنى علينا فى مقولته «ولا تقربوا الزنى» فهذه التصرفات لا تليق بمجتمع فيه الدين أيا كان نوعه إسلاميا أو مسيحيا، والتعلل بنسائهم حلال لنا «كان فى الماضى أثناء الحروب فى حالات سبى النساء فى المعارك بضوابط شرعية، ومن قال ذلك فهو يتعامى ويتغابى على الشرع المطهر، ويجب إنزال عقوبات رادعة لأن الإنسان لو فقد الحفاظ على عرضه فى هذا المجتمع، فعلى الدنيا السلامة، وعليه فيعاقب المتسبب والمباشر».

ومن جانبها ترى جورجيت قللينى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: «إن ما حدث من تعدٍ وتحرش فى الأحداث الأخيرة هو وسيلة وليس غاية، بهدف كسر التيار المدنى، مؤكدة أن المقصود هو شق صف المتظاهرين، بعد أن أصبح بنيانه قويا، يصعب التصدى له، حيث حاولوا من قبل التفرقة بين الأقباط والمسلمين فى عدة معارك، وعندما لم تفلح هذه الوسيلة، لجأوا إلى تفرقة من نوع آخر، وهو تفرقة الرجال والسيدات، وبما أن النساء هن الأضعف، فقرروا ضربهم فى أعز ما يمتلكن، وفى أكثر الأشياء التى من شأنها أن تخيف أى زب أو أخ ، فيمنعوا بناتهم من النزول خشية أن يحدث لهن ما يحدث لباقى البنات، ومن يفعل ذلك هم أصحاب المصلحة فى عدم النزول، والذين لا يريدون أن ينزل الشعب ليعارضهم مهما حدث».

وتضيف قللينى: «هذا فى تصورى مجرد انتقام، فالاعتداء والعنف كان بآلات حادة، ما يؤكد وجود نزعة انتقامية، ولم تكن شهوة كما اعتدنا من قبل فى حالات التحرش المختلفة، ومن المفروض أن يفتح باب التحقيق فى هذا الفعل، وأن تتقدم جميع الفتيات ببلاغات رسمية لإثبات حقهن المسلوب».

فيما تقول عبلة إبراهيم، رئيس قطاع إدارة الأسرة والمرأة والطفولة بجامعة الدول العربية سابقا: «أشك تماما فيما حدث، وأعتقد أن هذا لا يمكن أن يحدث من مصريين، ولكن هذا نتاج ما زرعه النظام السابق، حيث عمد تقسيم قوى الشعب إلى قبائل، فهناك الكثيرون من أصحاب المصالح الذين لهم غرض فيما يحدث من فوضى، أولهم بقايا نظام مبارك، كذلك الإخوان الذين يريدون تشويه ثوار التحرير، فهم نسخة مصغرة من نظام مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.