الحرس الثوري يلاحق أحفاد "مرشد الثورة الإسلامية" بتهمة تحريض المعارضة حسين مصطفي:أسوأ نظام ديكتاتوري في تاريخ العالم.. ونعيمة وزهرا: لا يجوز فرض الحجاب على النساء
في الوقت الذي تتوالى فيه التصريحات من إيران مبشّرة بأن ثورة 25 يناير، في مصر ستكون بداية لنموذج شبيه للثورة الإيرانية، وآخرها ما أعلنه قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، أن "مصر ستكون إيران جديدة شئتم أم أبيتم".. تشهد الجمهورية الإسلامية من الداخل تصاعد في موجة الانتقادات التي تلاحق مشروع ولاية الفقيه، الذي أسسه الخوميني، ليمنح المرشد الأعلى صلاحيات غير محدودة في الدين والدنيا، وتجعله إماماً معصوماً لا يجوز مخالفته أو الخروج عليه، فكانت أبرز الانتقادات مؤخراً قد جاءت هذه المرة من قبل أحفاد الخميني المؤسس، حسين مصطفى الخميني، ونعيمة وشقيقتها زهرا إشراقي، الذين رأوا في "ولاية الفقيه" وقوانين فرض الحجاب على النساء ما يعوق الحريّات بل أنهم أعلنوا صراحة عن رفضهم للمشروع الإيراني بأكمله.
حسين مصطفى الخميني
لم يفلت حسين مصطفى، وهو حفيد الخميني، وناشط ومعارض سياسي بارز، من الملاحقة السياسية في إيران باعتباره معارضاً ومعادياً للجمهورية الإسلامية، حيث كانت مواقفه المعارضة للسلطة في إيران قد ظهرت منذ بداية الثورة الإسلامية.
وكان حسين أحد أبرز المؤيدين لنظام "أبو الحسن بني الصدر" أوّل رئيس جمهورية في إيران بعد الثورة، وكان الخميني قد أصدر أوامر بإقالته، واتهمه بالفشل في إدارة البلاد، بعد أن اعترض عليه بني الصدر بسبب إعدامه للمعارضين، ومن ينتمون للنظام السابق، فخرج حسين خميني مدافعاً عن "بني الصدر"، وانتقد بشدة كل القيادات الإيرانية الموجودة آنذاك، وقال بلهجة شديدة "أسمع وقع الديكتاتورية يقترب من إيران على وقع نعال رجال الدين"، وكانت هذه الكلمات سبباً في إقصاءه عن الحياة السياسية تماماً.
وعندما كثرت الأقاويل حول فترة غيابه، التي لم تكن معلومة للعامة، قال البعض أنه كان مشغولاً في دراسة العلوم الدينية، وقال آخرون أنه أدمن المخدرات، لذا تم إقصاءه، إلا أنه كان موجوداً قيد الإقامة الجبرية في "قم"، ولم يظهر إلا بعد الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 .
الحقيقة أنه لم يكن معارضاً فقط للحكم الإسلامي بعد قيام الثورة، لكنه عارض وجوده من الأساس، ويذكر الكاتب البريطاني كريستوفر هيتشنز في مجلة "فانيتي فير" الأمريكية، إذ كان مراسلاً في "قم" آنذاك، أن حسين خميني تقدم باقتراح ل"رضا شاه بهلوي" يطلب فيه الاتحاد معه لمواجهة الجمهورية الإسلامية، التي يقودها الخميني.
وظلت علاقته متوترة بالقائمين على النظام في إيران، لاسيما بعد وفاة عمه أحمد الذي كان يوافقه في الرأي في أواخر حياته، فكانا مقتنعان بضرورة التصدي لسياسات الطبقة الحاكمة، فوجها انتقادات لاذعة لكلاً من رفسنجاني وخامنئي اللذان خافا من نفوذ أحمد الخميني، وقيل أنهما كانا وراء اغتياله، حتى لا يكون خلفاً لوالده، واعترف مدير الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات، الذي كان متهماً في ملف سلسلة الاغتيالات السياسية بأن المخابرات كانت وراء اغتياله.
وذكر موقع "سراي سياست" أن الأمر ازداد صعوبة عندما تقدم حسين مصطفى خميني صفوف الإصلاحيين "المعارضة"، حتى أصبح يُصرح بأن "ولاية الفقيه" حكماً ديكتاتورياً، وأنه أسوأ نظام ديكتاتوري في تاريخ العالم.
الأغرب من ذلك أنه طالب بضرورة فصل الدين عن السياسة، وقال "إن هذا الأمر على قمة أولوياته ومطالبه"، كما أعرب عن رغبته في تغيير المجتمع الإيراني وثقافته، مطالباً بمزيد من الحريّات للشعب الإيراني، الذي يعيش أسوأ عصوره، مؤكداً على أن "ولاية الفقيه" لا أساس لها في الشيعة الإمامية.
كما شن حسين خميني هجوماً عنيفاً على العقوبات المشددة التي يفرضها القائمون على النظام ضد المعارضة، وانتقد أيضاً الأحكام الشرعية مثل "الرجم" و"الجلد" للزناة، واعتبر أن تطبيق هذه الأحكام موكلة للأئمة المعصومين، وليس للبشر العاديين، دخل في تطبيقها".
وعلى خلفية مواقفه تلك، وجهت الحكومة الإيرانية لحسين مصطفى اتهاماً بأنه يحرك صفوف المعارضة في إيران، ويُحرّض الشعب للخروج عن النظام الإسلامي والنظام الحاكم.
نعيمة إشراقي
على الرغم من أن الخميني فرض الحجاب على النساء، بعد نجاح الثورة 1979، ولم يلتفت إلى أصوات الليبراليين، وكل المعارضين لقرار فرض الحجاب، إلا أنه لم يتخيل حينئذٍ أن حفيدته ستكون أولى المعارضات، لقانون فرض الحجاب على النساء في إيران فيما بعد.
إلا أن نعيمة إشراقي ابنة صديقة مصطفوي، الابنة الكبرى للخميني، أعلنتها صراحة بأنها ضد فرض الحجاب، وأنها لم يفرض عليها ارتداء الحجاب، وقالت أن لبس السواد يقلل من جمال المرأة.
وكان موقع راديو "فردا"، قد ذكر أن نعيمة قالت "نعم الحجاب أمر شرعي، ولابد من الالتزام به، لكن فرضه أمر غير شرعي على الإطلاق، فهو حرية شخصية، وبالتالي لا يجوز لأحد أن يفرض شيئاً على الآخرين".
وتذكر نعيمة أنها كانت ترتدي "الجيب والبلوزة" في حياة جدها، ولم يعترض على طريقة لبسها على الإطلاق، كما قالت أنها كانت ترتدي ثياباً عصرية أثناء إقامتها في باريس، وأن هذا لم يقلل من حجابها.
كما انتقدت فرض الحكومة الإيرانية الآن لبس "الشادور" الأسود (وهو عبارة عن عباءة سوداء، يتم ارتداءها فوق الملابس، تغطي الجسد كله من الرأس وحتى القدمين)، والحجاب التقليدي، إذ تقوم الشرطة باعتقال المخالفات، وغير الملتزمات بهذا الزي، وقالت أن "الشادور غير عملي، ولا يناسب المرأة العصرية على الإطلاق، وأن لبس السواد يقلل من جمال المرأة، ويكفي أن تستر المرأة جسدها، بغض النظر عن نوع اللبس أو لونه".
وتضيف "كنت أتمنى ألّا يفرض علينا الحجاب، ولكنهم كانوا يعتقدون أن هذا الأمر سيؤدي إلى حفظ الأمن في المجتمع، فعملية المنع، والتشديد جعلت الأمور التي كانت تحدث في الشوارع علناً، تمارس في الخفاء، فثقافة المنع والفصل بين الشباب والفتيات، جعلت نسبة التحرش والممارسات الخاطئة ضد الفتيات في إيران أكثر من مدن أوربا".
وأكدت أن "الشادور" ما هو إلا عادة، تتوارثها الأجيال في إيران، وأنها ترتديه لأنه مفروض عليهن في إيران، لكنها لا تحبه على الإطلاق.
زهرا إشراقي
هي شقيقة نعيمة إشراقي، وهي ناشطة سياسية، تعمل في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وهي زوجة محمد رضا خاتمي عضو اللجنة المركزية لجبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية، وهو شقيق الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.
عملت زهرا لفترة مستشارة الشؤون الاجتماعية للشباب، كما أنها تعمل لدى العديد من المنظمات غير الحكومية المهتمة بقضايا المرأة "جمعية أنصار المرأة الإيرانية"، وتُعد واحدة من أشهر المدونين الإيرانيين، إذ أنها تنتمي إلى التيار الإصلاحي المعارض الذي يقوده مير حسين موسوي الذي يُعد رمز الثورة الإيرانية الخضراء التي تفجّرت في أعقاب الانتخابات الرئاسية في 2009 ، إذ اتهمت المعارضة الرئيس أحمدي نجاد والمرشد الأعلى للثورة بتزويرها.
وعلى الرغم من تأسيس جدها لنظرية "ولاية الفقيه"، والذي يقوم بدوره المرشد إلا أنها أحد أبرز الرموز الثورية في إيران، والتي يتهمها أنصار المرشد الأعلى علي خامنئي بأنها من أعداء الولي الفقيه.
ووفقاً لتقرير موقع "جرس" الإيراني المعارض فإنه قد تم اعتقالها هي وزوجها في التظاهرات التي شهدتها طهران في 2010 .
ويقول موقع "أفكار نيوز" أنها وجهت انتقادات لاذعة ل"نجاد" عبر حسابها الشخصي على "فيس بوك" بسبب اعتقاله للمعارضة، كما وجهت له اتهام بالضلوع في الهبوط التاريخي لسعر العملة الإيرانية أمام الدولار، إذ قالت أن "هناك خلل في السياسة العامة للدولة مما أضر بالاقتصاد، فلولا السياسات المتخبطة للدولة لما وصل الاقتصاد إلى هذه الحالة من التضخم، حتى أصبح المواطن عاجزاً عن شراء احتياجاته رغم كوننا دولة نفطية، وكأننا في حرب باردة".
من ناحية أخرى، فإن زهرا إشراقي تُعد من أبرز المدافعات عن حقوق المرأة، وتُطالب بالمساواة بينها وبين الرجل، رغم أن جدها هو أوّل من فرض قيوداً كبيرة على المرأة.