سفير مصر ببوروندي يشارك في افتتاح مكتبة ألسن بني سويف    الريال السعودي يتراجع بالبنك الأهلي اليوم الثلاثاء    بلح البحر ب300 جنيه.. أسعار السمك في أسواق الإسكندرية اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024    قمة «مصر للأفضل» تمنح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة جائزة الإنجاز المؤسسي    ارتفاع جماعى لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    هل تنخفض أسعار الحديد الفترة المقبلة؟.. خبير اقتصادي يجيب    وزارة الإسكان: جولات تفقدية بمشروعات التطوير بمدن القاهرة الجديدة والعبور والسادات    هالة السعيد: 4,5 مليار جنيه استثمارات عامة موجهة لمحافظة المنيا بعام 2023-2024    وزير البترول يشهد عقد الجمعية التأسيسية لشركة مناجم ذهب أبومروات    7 شهداء إثر قصف مسيرة إسرائيلية لسيارة شرطة في دير البلح وسط غزة    ضباط إسرائيليون يهاجمون رئيس الأركان بسبب تعثر الحرب على غزة    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    بسبب الحرب الأوكرانية.. واشنطن تفرض عقوبات على شخص و4 كيانات إيرانية    الأمم المتحدة تعلن خروج مستشفيات رفح من الخدمة    نائب المستشار الألماني يدافع عن تغيير المسار في السياسة بشأن أوكرانيا    "حلم الأهلاوية".. موعد حفل مشروع القرن والخطيب يدعو هؤلاء    ربيعة: جاهزون لمباراتي بوركينا وغينيا بيساو.. وننتظر دعم الجمهور    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    هانز فليك يضحي من أجل حسم صفقة الماتادور لصالح برشلونة    أخبار الأهلي: كولر يفاجئ نجم الأهلي ويرفض عودته    لا تتعرضوا للشمس.. الأرصاد: الحرارة 40 درجة على القاهرة لمدة 48 ساعة    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بمنطقة المنيب    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بمنطقة العياط    صالون مقامات يستضيف المايسترو عماد عاشور بقصر بشتاك    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024.. أخبار سعيدة ل«الحمل» ومكاسب مالية ل«الجدي»    بعد انتشار إعلانات تروِّج ذبح الأضاحي بإفريقيا.. الإفتاء: أداء الشعيرة مرتبط بالقدرة والاستطاعة    بالفيديو.. عضو "الفتوى الإلكترونية" توضح افضل أنواع الحج    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية بمركز شباب الهيش بالإسماعيلية    طريقة عمل الزلابية، خطوات بسيطة وسريعة والنتيجة مضمونة    وزارة الصحة تكشف فوائد الحصول على فيتامين د    هل يمكن لمجلس النواب رفض تشكيل الحكومة الجديدة؟.. الدستور يجيب    رأفت الهجان وإعدام ميت الأبرز.. محطات فنية في مشوار محمود عبدالعزيز    القاهرة الإخبارية: إصابة فلسطينى برصاص الاحتلال بمدينة قلقيلية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    لطلاب الثانوية العامة 2024.. المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية    أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. «الأزهر للفتوى» يوضح    نشرة مرور "الفجر ".. انتظام حركة السيارات بالقاهرة والجيزة    بالأسماء.. مصرع طالب وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بقنا    بدء فرز الأصوات فى الانتخابات العامة الهندية    تفشي نوع جديد من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عصام صاصا الأكثر استماعًا على أنغامي طوال شهر مايو.. ما القصة؟    التعليم توجه تحذيرًا هامًا لطلاب الثانوية العامة.. لن يتم الحصول على أي درجات بعد هذا الأمر    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يوضح    زوجى ماله حرام وعاوزة اطلق.. ورد صادم من أمين الفتوى    "في حد باع أرقامنا".. عمرو أديب معلقاً على رسائل شراء العقارات عبر الهاتف    أمير هشام: جنش يرغب في العودة للزمالك والأبيض لا يفكر في الأمر    4 يوليو المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلا غنائيُا في الإسكندرية    قصواء الخلالي: الدكتور مصطفى مدبولي قدم خدمات جليلة.. وكان يجب الاكتفاء بهذا    الأرصاد تعلن عن موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد في هذا الموعد    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    وكيل مديرية الصحة بالقليوبية يترأس اجتماع رؤساء أقسام الرعايات المركزة    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    التشيك توفد 100 جندي للمشاركة في تدريبات الناتو الدولية    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذاكرة التاريخ وحتى لا ننسى الذين اختاروا الثورة والذين وقفوا مع النظام

تستعيد الثورة وهجها فى ذكراها الثانية، وتخرج كطائر العنقاء، الذى تقول الأسطورة اليونانية: إنه يخرج من النيران، أكثر قوة، وكلما ازدادت النيران اشتعالًا ازداد قوة وبأسًا.
الميادين تنبض من جديد، والشعب يعبر عن إرادته، ويعلن أن الثورة ستبقى مستمرة، لأن شيئًا من أهدافها لم يتحقق، ولأن الذين استشهدوا على الأسفلت البارد، فى ال 18 يومًا التى أعادت اكتشاف كنوز الشخصية المصرية، أو فى محمد محمود بنسختيها الأولى والثانية، وفى مذبحة بورسعيد وغيرها.. جميعهم أوصوا بالثورة، وكانت كلماتهم الأخيرة: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».
يقول الذين يريدون للثورة أن تخبو: إن ما حدث يكفى.. لكن الذين ضحوا بالدم، والذين قدموا نور العيون، مهرًا لمصر، يرفضون هذه المقولة، ويؤكدون أن الثورة لم تقم لإسقاط مبارك، ومن ثم استبدال نظامه بنظام يستخدم نفس الآليات، بلا تغيير، اللهم إلا أنه يضيف عبارة: بما لا يخالف شرع الله، بعد كل قرار يراه الثوار ديكتاتوريّا وضد الثورة.
هذا الملف، يكشف المعالم على طريق الصواب والحق والحرية، يوم خرج المصريون فى لحظة فارقة، بكل طوائفهم وانتماءاتهم السياسية ومرجعياتهم الفكرية والدينية، لإسقاط نظام تعبوا من بطشه وقسوته، ويرصد أيام الثورة ال 18 بكل ما فيها من دم ودموع، ومن شهد ومرارة، ونجاحات وإحباطات.
الخامس والعشرون من يناير، ذكرى تستعاد أم ثورة مستمرة.. هذا سؤال يرتهن بما ستقوله ميادين الحق والحرية والتحرير، فى كل محافظات مصر، وبما سيفعله النظام الحاكم، من أجل الاستجابة لمطالب الثورة.. فهل سينحاز النظام الذى جاءت به الثورة لمطالبها فيصبح منها أم سينحاز لعشيرته فلا يهدأ الوطن؟
الساعات القليلة المقبلة قد تحمل الإجابة، وما من شك فى أن الميادين قادرة على صناعة الدهشة مجددًا، وأن النظام الراهن، لايزال يستطيع أن يستعيد الثقة فى أنه مع الميادين ومنها، لو أراد.. وعسى أن يحفظ الله مصر فى كل الحالات.
والدة الشهيد مصطفى الصاوى: «ابنى راح ومصر لسه على حالها»
«مصطفى قال لى أنا رايح استشهد علشان البلد ينصلح حالها»، هكذا بدأت والدة «مصطفى الصاوى» حديثها، وقد فقدت ابنها فى أحداث «جمعة الغضب» يوم 28 يناير 2011، قائلة: «مصطفى» قتل بالرصاص الحى، أثناء وجوده أعلى كوبرى قصر النيل فى جمعة الغضب، حيث تم إطلاق ما يقرب من خمسين رصاصة من الرصاص الحى على جسده، وأصيب فى جميع أجزاء جسمه، مما أدى إلى وفاته قبل أن يصل إلى المستشفى.
فى منطقة «الحيتية»، حيث مسقط رأس الشهيد، التقينا أفراد عائلته، وقبل أن نطرق باب المنزل، لاحظنا وجود طفل فى الحادية عشرة من عمره.. سألناه عن اسمه، وعرفنا أنه مروان الشقيق الأصغر للشهيد، وقد استقبلنا قائلا: «أنا أخو الشهيد مصطفى، أنا فخور بيه وعارف أنه فى الجنة، صحيح هو وحشنى لكن أنا فرحان أنه ضحى بحياته عشان مصر تكون أحسن ، وهو أكيد مرتاح دلوقتى»، مروان شقيق الشهيد تحدث عن يوم جمعة الغضب قائلا: «كنت أنا وشباب كتير من الحيتية فى الشارع وعرفنا أن فيه مظاهرات خرجنا للشارع وشاركنا فيها وفجأة لاقيت كل الناس تصرخ ويقولوا فيه شاب مات مننا، ولما سألت على اسمه ما ردوش على، وشفت أمى بتبكى وعرفت أنه أخويا لأنه قبلنى، وهو ماشى، وقال لى: أنا رايح استشهد».
فى داخل منزل الشهيد، الذى مازالت أنفاسه، تملأ كل أرجائه، تزين صورته الجدارن، وكأنها كما تقول والدته: تذكر ورعه وتقواه وحفظه لآيات كتاب الله.
عامان مرا على استشهاد «مصطفى»، لكن والدته جعلت من غرفته مقرا لوجودها الدائم ليلا ونهارا، تحتضن ملابسه وهى تحدثنا، قائلة:«ابنى كان عارف أنه هايموت شهيد، كنت لما أساله وهو صغير نفسك تطلع إيه يا مصطفى كان يقول لى نفسى أروح الجنة ».
وتستطرد: فى يوم الأربعاء الذى سبق جمعة الغضب، تحدث مصطفى مع أصدقاء له من تونس، وقد كان يتابع الثورة هناك ثم علم بوفاة شباب من السويس، وقال مصر سوف تحدث بها ثورة وسوف استشهد حتى تصبح بلدا لها قيمة، وتضيف، أثناء حديثه مع شباب تونس الذين أكدوا له أن مصر لا تقل عن تونس وأن شبابها رجال، خرج إلى الشارع وجمع شباب المنطقة واشترى كمامات وزجاجات خل ووزعها عليهم، وقال «أكيد اللى حصل فى تونس ها يحصل فى مصر يوم الجمعة ولازم نكون مستعدين ».
وتواصل حديثها قائلة، ظل مصطفى طوال يوم الخميس فى غرفته يقرأ القرآن ويصلى، وسمعته يطلب الشهادة إلى أن طلع فجر الجمعة وخرج بملابسه التى ظل بها طوال الليل دون أن أراه وكنت أعتقد أنه مازال نائما، وقمت بإعداد طعام الإفطار، الذى اعتاد عليه، وحينما لم أجده فى غرفته، خرجت أسأل عنه أصدقاءه الذين اختفوا جميعا، ولاحظت أن المنطقة كلها ارتدت السواد، والجميع يحاول تجنبى، وحينما سألت عما يحدث أخبرونى بأن هناك إصابات لشباب مصريين كثيرين فى التحرير، وحاولت أن أمشى إلى هناك مع الجميع، إلا أننى لاحظت أننى الوحيدة التى يقومون بإرجاعها، مؤكدين أن هناك خطرا على السيدات، مما اضطرنى للذهاب إلى منزل ابنتى القريب، وأخبرتها بما حدث، فقالت لى: أكيد المصابين فيهم حد من إخواتى؛ لأن إيهاب ابنى أيضا كان معه فى التحرير.
وتضيف الأم المكلومة: سمعت همسات بين النساء، وشاهدت نظرات عطف على لم اعتدها، الأمر الذى جعلنى أشك وفجأة تأكدت أن هناك شابا قد مات وهرولت إلى مستشفى العجوزة، وشعرت هناك أن المتوفى فى مستشفى الزمالك هو ابنى، فلم أتمالك نفسى، وتركت ابنتى تذهب وهناك قالوا لها إن المتوفى اسمه مصطفى الصاوى، وكان معهم كارنيه الجامعة وبطاقته الشخصية، إلا أنها لم تصدق إلا حينما شاهدته بنفسها، وقد اختفت ملامحه بسبب الدماء بعد أن تم إطلاق أكثر من خمسين رصاصة على جسده.
شقيق الشهيد
تقول الأم المكلومة: إيهاب ابنى أصيب أيضا فى نفس اليوم فى ذراعه، حيث أطلقوا عليه الرصاص فى يده، ومازال ذراعه مشلولا لا يستطيع تحريكه مطلقا
..بعد مرور عامين على استشهاد مصطفى لا تزال والدة الشهيد، تشعر أن شيئا لم يتغير فى البلد، وتقول: «ابنى دفع حياته وقدمها لبلده على طبق من ذهب لكن للأسف البلد زى ما هى وحياة ابنى والشباب اللى زيه راحت بدون مقابل لأن البلد لسه على حالها .. راح نظام وجاء نظام تانى زيه بالضبط، وما فيش فرق بين الاثنين، لكنى مش زعلانة لأن ابنى قدم حياته لهدف كبير، وعندى أمل أنه فى يوم ما البلد تكون أفضل، زى ما كان بيحلم ابنى ودمه مش هايروح هدر، وأكتر حاجة مريحانى أن ابنى والشهداء نظفوا البلد من الحرامية وإن دلوقتى بقت الأصوات بترتفع وما بقاش حد يخاف يقول الحق، وأكيد بكره أحسن من النهاردة».
وعن احتفالها بذكرى استشهاد ابنها تقول أم مصطفى: ابنى معايا على طول، وكل أسبوع ازوره فى قبره، ويوم 18 يناير الماضى، كنت أشعر بروحه ترفرف حولى، أنا مش محتاجة يوم واحد عشان احتفل بذكراه».
أبوإسماعيل: الخروج على حاكم ظالم واجب شرعى
الشباب الذين تظاهروا ضد النظام على حق، وليس فى موقفهم ما يعارض الشرع، وهم مثابون بإذن الله.
إن النظام أتعب الشعب، وأذل البلاد والعباد، لذلك فإن الخروج لإسقاطه واجب على القادرين، من أبناء مصر، التى تريد الآن أن تسجل تاريخا جديدا، وتعبر عن إرادتها الحرة المستقلة وتضرب الأمثال.
أنا مع الثورة قلبا وقالبا، ومشارك فى الميدان إلى جانب الثوار، ومطلبى لا يختلف عن مطلب الشباب، فإن قالوا إسقاط النظام، فلابد أن أقف إلى جوارهم، وأهتف كما يهتفون.
إنى أرى الحرية قريبة، وأحسب أن الغضب الذى يملأ الصدور، على نظام أذل المصريين، لن ينتهى إلا إذا سقط النظام.
لم يعد الشعب المصرى يخشى الرصاص والقنابل المسيلة للدموع، وكلما سقط شهيد ازداد إصرارنا على المضى قدما فى الطريق حتى النهاية، والله معنا لأننا على حق.
الجهاديون: إسلامية إسلامية
ناصبوا النظام العداء لمدة تزيد عن 40 عاما، ولجأوا إلى تصفية خصومهم من رموز النظام السابق، بدعوى تطبيق شرع الله وتحقيق دولة الخلافة الإسلامية.
فروا هاربين الى خارج البلاد للجهاد إلى بلاد فتحت لهم أبوابها وعلى رأسها افغانستان، حتى جاءت الثورة وتولى رئيس منحهم الأمان فعادوا يحلمون بالدولة الإسلامية.
يقول الشيخ محمد ابوالغربية والذى قضى 15 عاما من عمره فى أيرلندا بعد الجهاد فى أفغانستان، وهربًا من حكم نظام مبارك عليه بالسجن المشدد: كنت أتوقع الثورة وأعرف انها آتية لا محالة، وأنها ستعيد بلادنا الى الإسلام، وستطيح بنظام ظالم وفاسد ظل متشبثا بالسلطة لخدمة شهواته وكان قد طغى فى الأرض.
ويوضح أنه عندما اندلعت ثورة 25 يناير تظاهر فى اليوم الأول هو وأسرته بالكامل والجالية المصرية والعربية فى أيرلندا أمام السفارة المصرية وهتفوا «يسقط النظام» ورددوا مطالبهم بالعودة الى مصر بعد زوال مبارك واعوانه، فهم احق ببلادهم من غيرهم، مضيفًا أنه «ورغم اعتقالى فور وصولى مطار القاهرة ومكوثى فى سجن طره لمدة 4 أشهر، ذقت فيها مرارة الحرمان من الحرية، الا اننى دعمت مرسى والإخوان لأنهم جماعة إسلامية».
ويقول الشيخ محمد أبوسمرة القيادى بتنظيم الجهاد والذى حارب فى العراق وإيران لمدة طويلة: إن ثورة 25 يناير قامت قبل موعدها بعشرات السنوات حيث انهم كانوا ثوارا ضد فساد مبارك ورجاله وحاولوا تقديم دماءهم فداء للوطن وللدين، وانه يؤكد ان ثورة يناير ما هى الا ثورة اسلامية.. لتعيد البلاد الى رشدها، ورغم انهم تركوا العمل المسلح الا انهم الآن يحاولون الجهاد ضد العلمانيين واعداء الدين.
ويضيف عصام عبدالجيد المقاتل المصرى فى تنظيم القاعدة والذى جاهد مع بن لادن والظواهرى أعواما طوال: كل الإسلاميين دفعوا ثمن الثورة من عمرهم فى المعتقلات لأنهم قالوا كلمة الحق فى وجه سلطان جائر، وان نظام مبارك سقط منذ القدم حيث رأى العالم كله كيف يعادى الدين، وكيف صنع سياسة الإرهاب كى لا يثور الشعب مطالبا بحقه.
فى ذاكرة التاريخ وحتى لا ننسى
الذين اختاروا الثورة والذين وقفوا مع النظام
إنها ساعة الحقيقة، ولحظة زهوق الباطل، وظهور الحق، يوم أن خرج الشعب يهتف بإسقاط النظام.
عندئذٍ كان لكل موقف، وفيما وقف سياسيون ورجال دين فى صف الثوار، وقف آخرون ضدهم، وبينما راهن البعض على الشعب المصرى، وربط مصيره بمصير «الورد اللى فتح فى جناين مصر»، وقف آخرون إلى جانب النظام، يلعنون الثوار، ويمزقون لحمهم بسكاكين حادة.
المفارقة.. أن بعض الذين لعنوا الثورة، عادوا بعد أن نجحت وارتدوا أقنعة الثوار، وهاجموا الثوار الحقيقيين، والمفارقة أيضا، أن ثوارا حقيقيين، كانوا مع الثورة منذ اللحظة الأولى، والصيحة الأولى «عيش حرية عدالة اجتماعية».. أصبحوا فى مرمى نيران الذين ركبوا الثورة، وأصبحوا متهمين بأنهم فلول يريدون «تخريب البلد».
هذه تصريحات أطلقت فى غضون الثورة، وقبلها بأيام، وبعد أن انطلقت نذكر بها لأن التاريخ لا ينسى، التاريخ الذى يريد البعض طمسه هربا من مواقفهم المخزية، ويريد آخرون أن يسجلوه بأحرف من نور فى سجل تاريخهم.
الشيخ محمد حسان: المتظاهرون «ينعرون» بلا فائدة
المظاهرات لن تكون منهج تغيير، ولم تكن يوما منهج تغيير، وهى سلوك المتظاهرين أشبه ما يكون بسلوك جحا، الذى كان يقف على نهر، ومعه ساقية، تسحب المياه من النهر ثم تردها إليه، فسأله الناس: لماذا تسحب المياه وتردها؟.. فأجاب: يكفينى نعيرها، وهكذا هؤلاء الذين يزعمون بأن المظاهرات ستصنع تغييرا.. إنهم «ينعرون».
بعض الذين يخرجون إلى المظاهرات، يمشون فيها خمس ساعات متصلة، ولا يصلون الظهر، فكيف يسألون الله التغيير، دون أن يؤدوا فرض الله؟.
برهامى: مصر ليست تونس.. والفتوى ألا تخرج
«لا أرى جدوى فى الخروج ولا يرى المشايخ جميعا ذلك، وقد تشاورنا واتفقنا على عدم الخروج فى 25 يناير، فربما تخرج وتهلك نفسك أو أولادك فلا تدرى ماذا يقع؟».
الغضب إذا وقع ربما يؤدى إلى فساد عظيم، ما لم يكن القائمون عليه ملتزمين بالشرع، وهم بالفعل ليسوا ملتزمين بالشرع ونحن لا نرضى بأى مظلمة لأى أحد.
«الناس كلها بتقول ثورة تونس نجحت وبن على هرب لكن ثورة تونس، لم تنجح بعد، فالنجاح هو أن يوجد نظام إسلامى فى الحقيقة أو على الأقل نظام أقل قهرا وظلما للناس، لكن هناك ظلت الحكومة كما هى، ثم إنى أجزم ومعظم المشايخ بأن الأوضاع مختلفة عن تونس، فمصر ليست كتونس».
«لابد أن نراعى مصالح العباد والبلاد ولابد أن ننظر لعواقب الأمر ولنا رؤية شاملة فى الإصلاح والدعوة وهى ترى عدم المشاركة فى مظاهرات 25 يناير».
العريان: نقف ضد الحزب الذى أفسد الحياة
«قررنا المشاركة فى وقفة أمام دار القضاء، العالى مع رموز القوى السياسية، كما قررنا ألا نمنع أحدا، من شباب الإخوان يريد المشاركة، كل فى مكانه فى محافظته للتعبير عن الغضب من السياسات القائمة، مع الالتزام بضوابط الإخوان، المعروفة من عدم التجريح فى الشخصيات والهيئات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وعدم إثارة الشغب والفوضى».
«من حق الشباب التعبير عن غضبهم ولا يمكن لقيادة الإخوان المسلمين ألا تشارك الجميع فى هذا التعبير الشعبى الذى نتمنى أن يخرج فى صورة جيدة وصورة راقية معبرة عن آمال المصريين».
«نتمنى أن تقف الشرطة على الحياد ولا تمنع المشاركين فى أى وقفات وتحافظ على أمنهم وعلى كرامتهم لأننا نريد أن نحول احتفالنا بعيد الشرطة إلى عيد حقيقى وإذا كانت الشرطة المصرية وقفت فى 25 يناير ضد الاحتلال الإنجليزى فمن واجب الشرطة المصرية أن تقف أمام احتكار السلطة وأمام سياسات الحزب الذى أفسد الحياة السياسية».
صباحى: نحتاج نفسا طويلا حتى يتحقق التغيير الشامل
«يوم 25 يناير ليس البداية فقبله نضال طويل للشعب المصرى نحتاج لنفس طويل من أجل تغيير شامل، يحتاجه الشعب المصرى وهو قادر عليه.. من حق المصريين أن يطالبوا بالعدل والكرامة والحرية وبتغيير النظام سلميا، المظاهرات تعبر عن إرادة شعب أراد الحياة وبإذن الله سوف يستجيب القدر».
تحية لكل مصرى غيور على مصر يحب مصر ويرغب فى التغيير وفى أن يأخد حقه فى الثروة والسلطة وفى الوطن.
«25 يناير يوم تاريخى فى مسيرة كفاح الشعب من أجل حياة يستحقها بإذن الله، وسيثبت الشعب المصرى فى كل مكان، وفى كل المحافظات والأحياء إنه جدير بالكرامة التى غابت، ويستحق أن يستردها».
الأسوانى: نظام مبارك أخرج أسوأ ما فينا
إن «ما حدث فى تونس، قابل للتكرار فى مصر، لكن ليس بالضرورة بنفس الطريقة، لا أتمنى أن تخوض مصر الشوط حتى النهاية كما حدث بتونس، إذ أن الثورة ليست المطلب، وإنما هو التغيير».
«المسئولون فى مصر مفزوعون من الذى حدث بتونس، فالانتفاضة التونسية، جاءت فى وقت ظنت فيه الحكومة المصرية أنها أتمت ما أرادت من تزوير الانتخابات، وتكميم الأفواه، لتربك حساباتها، وعلى حكومتنا أن تعرف أن الحلول الأمنية لن تحمى النظام للأبد، خصوصا إذا كان النظام فاشلا متخبط الأداء.
«هناك قطاع عريض من الناس يؤمنون بفكرة إصلاح الهرم المصرى من الأسفل، بإصلاح الذات، والناس قبل تغيير النظام ولكنها فكرة سلفية، إلا أنه لا يوجد تغيير فى العالم، إلا بدفع ثمن الحرية».
«إن السبب فى فساد المواطن والوطن هو النظام الذى يخرج أسوأ ما فى الناس.. لذلك فالتغيير قد يكون أقرب مما نتخيل».
البرادعى: حان وقت التغيير
«مصر تقف عند مفترق طرق خطير، والرغبة فى التغيير يجب أن تحترم، وعلى النظام المصرى ألا يستخدم العنف فى المظاهرات».
مستعد لقيادة المرحلة الانتقالية، فى مصر، إذا طلب منى ذلك، وحسنى مبارك خدم لمدة ثلاثين عاما، وقد حان وقت تخليه عن السلطة وعليه الإعلان صراحة أنه لن يترشح للرئاسة ثانية، حتى يهدأ الناس الذين خرجوا احتجاجا على بقائه طوال هذه المدة.
شفيق: الاعتصام فى التحرير يعطل عجلة الإنتاج
«تخيل الأقمار الصناعية، وهى تنقل شكل المتصارعين فى الميدان وهم يقومون بقذف الطوب على بعضهم البعض وشكل الميدان والمتاريس التى تحيط به، فهل هذا المنظر يمثل مصريتنا»؟
نحتاج إلى دفعة أخلاقية، وأن يعلم الجيل الأكبر الجيل الذى يليه كيف نختلف، ففى بيوتنا عندما نختلف مع آبائنا لا نضربهم «بالقلمس.
نحتاج إلى أن نراجع أنفسنا ونعرف كيف نغضب وكيف نختلف، وإنى لا أغضب ممن ينادون من الغرب برحيل مبارك الآن، فليقولوا كما يقولوا ولكن العبرة، بمن يقول لفظا الآن ممن هنا داخل مصر.
إن العالم يستخف الآن بقيمنا وأخلاقنا، لذلك فلابد أن نرجع إلى أصولنا، فهناك دول قامت منذ 200 سنة، «تعيب علينا» ونحن أصحاب 7000 ألف سنة.
نتمنى أن نسير فى إجراءات تجعل الناس تتفهم أن الاعتصام فى التحرير يعطل العمل العام ويعطل الدولة، فلا أرى أن جلوسهم فى التحرير سيأتى بالجديد.. كل ما هناك أنها تكلف الدولة المزيد من المال ولكنهم إذا أرادوا أن يستمروا فى الاعتصام فليستمروا.
أبوالفتوح: الإخوان لا يريدون السلطة.. وتحية للثوار
أقدر وأثمن وأعتز بالجهد العظيم الذى بذله شباب مصر من أجل مواجهة الفساد والاستبداد وهذا الجهد الذى لا يجوز إلا أن ينسب لشباب مصر الذى أراد الكارهون لمصر أن يصوروه ضعيفا لا يفكر فى مصالح الوطن.
أثبت الشباب المصرى بكل طوائفه الفكرية، بهذا النضال ضد الفساد والاستبداد، أنه شعب عظيم.
أيها الشباب أثمن وأقدر وأعتبر هذا الجهد الذى يحاول البعض أن ينسبه لغيركم.. وأنتم فى القلب، منكم شباب «الإخوان المسلمون» والحركات الإسلامية الذين شاركوا معكم فى هذا الجهد العظيم.. أدعو هذا الشباب إلى تشكيل لجان شعبية لحماية الثورة وحماية التغيير من أجل الحرية والعدالة وكرامة الإنسان ومن الأجهزة التى عذبت المصريين.
أدعوا الله أن يوفق الجميع أن تحافظوا على وطنكم وأن تعلموا أن النظام مازال يضرب على وتر أن الحركة الإسلامية والإخوان المسلمين يريدون أن يستغلوا هذا العمل الجميل من أجل الوصول إلى السلطة، فأعلن وقد أعلنت مرارا وتكرارا أنه ليس من أجندة «الإخوان المسلمون» الوصول للحكم بأى شكل من الأشكال بما فيها الطريق الديمقراطى.
منذ نشأة جماعة الإخوان قبل 28 عاما وهدفها ليس الحكم، وليس الإخوان طرفا فى المنافسة على السلطة فالجماعة ناضلت وتناضل وضحت بدماء أبنائها ودخلت المعتقلات من أجل أن يكون الجالس على كرسى السلطة ممثلا بإرادة شعبية حقيقية.
محمد بديع: الإخوان يرفضون المشاركة
فى 23 يناير قال المرشد العام: إن جماعة الإخوان لن تشارك فى مظاهرات 25 يناير، ونحن نرفض التظاهرات كوسيلة للتغيير.
أما فى 29 يناير فقال: أطالب النظام المصرى وقبل أن يرحل بإلغاء حالة الطوارئ باعتبار أنها غير مجدية وحل مجلسى الشعب والشورى المزورين وتشكيل حكومة ائتلافية تتولى انتخابات حرة نزيهة يشرف عليها القضاء المصرى الشامخ الذى أبطل المجلس بزكثر من 500 حكم قضائى.
«على مبارك أن يفعل ذلك ثم يرحل، كما أن تعيين مدير المخابرات المصرية عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية وأحمد شفيق رئيسا جديدا للحكومة عبارة عن محاولة لتمديد عمر النظام وعسكرته من جديد.
عليه أن يفعل ما يطالب به شعبه ثم يرحل وإلا فنحن سنبقى فى الشارع مع كل فئات الشعب وسنواصل التظاهر.
إن أمريكا تدعم النظام المصرى وتتخلى عن الشعب، لكن إذا كانت تحرص على مصالحها فعليها مساندة الشعب المصرى، فالنظام سقط فى تونس والنظام المصرى يحتضر والاستبداد سيزول من كل الدول العربية لأن عهد الشعوب بدأ وانتهى عهد الديكتاتورية، على الجيش الدفاع عن نظام ديمقراطى نزيه وغير فاسد المؤسسة العسكرية حصانة للشعب المصرى والأمة العربية.
عمرو موسى: أحترم إرادة الشعب
هناك مشاورات جادة تجرى الآن لبحث الأوضاع، وأنا أحترم رأى الناس ورأى الشباب بكلمة إصلاح، هناك انفجار كبير فى مصر يخلف الفراغ والفوضى، والشعب المصرى لن يسمح بأى تلاعب بحاضره ومستقبله، وأن الجماهير رحبت بالقوات المسلحة لحماية البلاد، و«الوضع مقلق».
التغيير قد يحدث من الداخل، وليس ضروريا أن يكون بسقوط النظام، لكنه لابد أن يحدث بصورة ما، حتى لا تتأزم الأوضاع أكثر، ويصبح احتواء الموقف مستحيلا.
أول مسرح للثورة.. «الفن فى سبيل الوطن»
وسط حالة من الإحباط الثورى وفى محاولة لجذب عدد أكبر من الثوار والمعتصمين لميدان التحرير، أنشأت مجموعة من شباب الفنانين والمخرجين أول مسرح فى ميدان التحرير، لجذب المتظاهرين وإثارة حماستهم، بعد قرار الرئاسة السابقة بحظر التجوال فى ميادين الثورة بالقاهرة والمحافظات، قبل أن تجبرها إرادة المتظاهرين على التنحى.
قبل أيام من تنحى النظام السابق، قرر متظاهرو التحرير الاعتصام بميدان التحرير، وبعد موقعة الجمل التى حدثت يوم الأربعاء 2 فبراير، كان معتصمو التحرير فى حاجة للدعم والحماسة لمواصلة الاعتصام، بعد أن فقد بعضهم الأمل فى رحيل النظام، فتفتق ذهن شباب الثورة عن انشاء مسرح ثورة وسط الميدان لإذاعة الأغانى الحماسية التى ألهبت بالفعل حماسة المعتصمين.
المخرج الشاب أحمد رجب، أحد المشاركين فى انشاء أول مسرح فى ميدان التحرير قال: «فى اليوم التالى لموقعة الجمل دأبت مع مجموعة من أصدقائى المخرجين والشباب المعتصمين على إقناع باقى معتصمى الميدان بمهاتفة أصدقائهم وأقاربهم للتوافد على الميدان والاعتصام والتظاهر، والاحتجاج على قرار رئيس الجمهورية بحظر التجوال، الذى كان محددا له السابعة مساءً، إلا أننا لاحظنا يوم جمعة الصمود 4 فبراير انصراف الثوار فى ميعاد حظر التجوال بسبب حالة الإحباط التى دبت فى الميدان، فقررنا إنشاء المسرح ليكون هو الجاذب الأكبر للثوار، خاصة وأن الميدان كان زاخرا بالمواهب الفنية فى مختلف المجالات، فاتفقت مع مجموعة من أصدقائى على رأسهم مخرج السينما أحمد الهوارى، وناصر عبدالمنعم وعمرو القاضى والفنان أحمد عيد والممثل أحمد حبشى، والمخرج أحمد السيد، على إنشاء المسرح، وبالفعل بدأنا فى جمع أموال من الفنانين لشراء بعض المعدات والسماعات، وشيدنا مسرحنا يوم السبت 5 فبراير 2011».
وأضاف: «فى السهرات اليومية كان لرامى عصام، حضور قوى وسط المعتصمين، من خلال ارتجاله لكلمات وألحان أغانيه فى الميدان زاد من شعبيته وسط المتظاهرين، حيث كان يبدأ العرض وينتهى به لجذب المتظاهرين والمعتصمين والاحتجاج على قرار حظر التجوال، للرد على النظام».
شهد مسرح الثورة العديد من الفقرات الفنية، حيث وقفت عليه الفنانة عزة بلبع، كما أذاع اللواء محسن الفنجرى أول بيان للمجلس العسكرى، مانحا له السبق قبل الفضائيات ووسائل الإعلام.
ويضيف «رجب»: «حقق المسرح هدفه فى جذب المتظاهرين، وقدم العديد من المواهب الفنية ولم يكن حكرا على فصيل سياسى بعينه مثلما كانت إذاعة الإخوان وقتها».
وانطلق مسرح الثورة من التحرير لمحافظة السويس «أم الشهيد الأول فى ثورة 25 يناير»، وتحت شعار الثورة مستمرة، وجاب جميع محافظات مصر تحت اسم «قوافل الثورة الثقافية» لتوعية المواطن البسيط، وضمت القوافل رموزا ثقافية وسياسية هامة بينها الكاتب علاء الأسوانى والكاتب الصحفى عبدالحليم قنديل».
وأكد «رجب» أن الذكرى الثانية للثورة ستشهد مشاركة فريق مسرح الثورة من خلال عرض مسرحية حقوقية توعوية بنفس منهج محو الأمية لتوعية المواطن البسيط فى القرى الأكثر فقرا، وتوضح مخاطر التأثير عليه وحشده لحساب تيار سياسى لا يعترف بحقوقه كمواطن، وتأتى هذه المسرحية تحت شعار «الجهاد فى سبيل الوطن».
إيفا أنطون طبيبة المستشفى الميدانى:
الميدان لم يعرف المسلم من القبطى.. قبل أن «يفرقونا»
لم يكن يعرف الميدان المسلم من القبطى، كان يعرف الثوار، ويستقبلهم مهما كانت انتماءاتهم ومرجعياتهم الدينية والسياسية وطبقاتهم الاجتماعية والثقافية، قبل أن تدخل إلى قاموس المفردات المصرية، عبارة مسلم وقبطى، التى أراد البعض استخدامها لشق الصف وتفريقنا.. بهذه العبارة بدأت الدكتورة إيفا أنطون مديرة المستشفى الميدانى، الذى أقيم بميدان التحرير، خلال أيام الثورة.
تقول: عندما علمت بأن المستشفى الميدانى الموجود، بميدان التحرير والمسئول عن إسعاف المصابين من شباب الثوار فى الميدان، تعرض للتخريب وتحطيم المحتويات، دعوت زملائى الأطباء والصيادلة، ومنهم مسلمون ومسيحيون، للتطوع بالمستشفى الميدانى الذى أقيم تحت رعاية كنيسة «قصر الدوبارة» الملاصقة لميدان التحرير.
وتضيف: «كانت قوات الأمن تتعمد ضرب المستشفى بقنابل الغاز، وكان الأطباء يتساقطون اختناقا، لكن الإرادة كانت أصلب من الغاز، وكنا نشعر جميعا بأننا نسترد مصر ممن ظلموا شعبها، وسحبوها إلى مستنقعات آسنة لا تليق بها».
وتتذكر الدكتورة إيفا عددا من المشاهد الأليمة التى شهدتها أيام الثورة ال 18، حيث تقول: إحدى الطبيبات أصيبت بتشنجات حادة، وسقطت أرضا وهى تصرخ بهستيرية فزعا من هول مشاهد الدماء التى لم يتحملها جهازها العصبى، ومن المشاهد المؤلمة للغاية، أن المستشفى استقبل طفلا فى العاشرة، دخل المستشفى والدماء تنزف من رأسه كالشلال، وكان أخوه المراهق يحمله بين يديه، فيما هو يلفظ أنفاسه.
وتتابع: «باءت كل محاولات إسعاف هذا البرىء بالفشل، وفاضت روحه بعد دقائق قليلة، فخر أخوه على ركبتيه، وأخذ يهتف: «أنا اللى قتلته.. أنا اللى جبته معايا الميدان».
وتتحدث عن أجواء العمل بين الأطباء بالمستشفى قائلة: «كنا أطباء فقط، بعضنا من خريجى جامعة الأزهر، وبعضنا ملتحون، اتباعا للسنة، وبعضنا أقباط، وكذلك كان مصابو الثورة، فجميعهم فى النهاية حالات طبية تحتاج للعلاج، فقد تآلفت القلوب واجتمعت على هدف واحد».
ويقول آندرو جمال، الذى عمل مسعفا متطوعا بالمستشفى: إن المستشفى كان صورة رائعة فى ملحمة كفاح، كنا لا ننام بالأيام، نتسابق على تقديم العلاج، وكان المستشفى يتلقى كميات هائلة من التبرعات من قبل الشعب المصرى، موضحا: «كنا نعلن عبر فيس بوك عن نقص دواء ما، فما هى إلا ساعة حتى يتوفر من المتبرعين بكميات أكثر من الحاجة.. فالشعب أراد إسقاط النظام، ووقف فى ظهر الميدان داعما له».
ويضيف أن حالات الاختناق والإصابات بالخرطوش كانت أبرز المشاهد، وكان الثوار يأتون إلى المستشفى، يعانون من حالات اختناق، والسوائل تخرج من أفواهم، وكثيرا ما استشهد ثوار على يدى، لكن رغم بطش الأمن وعنفه، كانت الإرادة عصية على الكسر.
على السيد.. متهم المخدرات زميل الرئيس ب «وادى النطرون»:
حطمت باب زنزانة مرسى بمساعدة مجموعة
من «العرب»
العريان أخذ يقبل الأرض.. ومرسى اتصل ب «الجزيرة» وسيارات دفع رباعى نقلت «المشايخ»
حين كنت اقتُحم العنبران رقما «2» و«3» لتحرير السجناء، الذين كنا نسميهم ب «المشايخ»، لم أكن أتخيل أنى سأحرر الرجل، الذى سيصبح رئيس مصر، الدكتور محمد مرسى.
إنها الأقدار، التى شاءت أن يكون «على السيد»، المحكوم عليه بالمؤبد، فى قضية مخدرات، «محرر الرئيس»، من محبسه، خلف قضبان سجن وادى النطرون، عند الكيلو 97 على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى.
يروى على السيد ما يسميه «ساعة الجنون» قائلًا: بدأ الأمر بالنسبة للمساجين، بتلقى أنباء عبر الهواتف المحمولة، التى كان البعض هربها من الحراس، تفيد بأن «البلد ثارت»، والشعب يريد إسقاط نظام مبارك، مضيفًا: «كنا نتمنى سقوطه وكانت قلوبنا مع الناس ضد النظام الظالم».
يوم 28 يناير، سمعنا صوت إطلاق نيران، ونحن داخل الزنازين، وظل إطلاق النيران مستمرًا طوال الليل، وفى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، سمعنا صوت انفجار، بعدها بقليل سمعنا صوتا قويا يقترب، حتى حسبنا أنه داخل ساحة السجن، وعلمنا فيما بعد أنه «لودر» استخدم لتحطيم أسوار السجن، ناحية الطريق الصحراوى.
ويقول: بعد هدم السور وجدنا مجموعة من الأفراد بملابس ملكية ولهجتهم بدوية، وربما «فلسطينية» لا أعرف على وجه الدقة، وتم فتح الزنازين وهم يطلقون الرصاص فى الهواء، لأسباب غير مفهومة، وخارج العنابر لم نجد أحدًا من إدارة السجن وكان الضباط هربوا.
ويتابع: «أقول إنها كانت ساعة رعب وجنون؛ لأن المساجين بدأوا يتصرفون بحماقة، فهناك من اهتم بتصفية الحسابات القديمة بينه وبين زملائه، والبعض الآخر انشغل بسرقة السلاح من المخازن، وهناك آخرون حاولوا إيقاف السيارات من أمام السجن لتوصيلهم إلى أقرب نقطة سكنية، بينما فضلت ومجموعة من زملائى تحرير باقى السجناء، وبالفعل ذهبنا إلى العنبرين رقم «2» و«3»، وكنا نطلق عليهما عنبرى «المشايخ»، وكانوا معتقلين سياسيًا، ومعظمهم ينتمون لجماعة الإخوان، ولتنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية وغيرهما.
ويضيف: «كنا نعرف أن «المشايخ» ملتزمون دينيًا، ولا يحتكون بالمسجونين جنائيًا، وليست لديهم خبرة فى الهرب، وإذا بقوا فى سجونهم مائة عام، لن يشعر بهم أحد، لأن الضباط هربوا.
ويقول: «ذهبت ومعى مجموعة من زملائى، وبعض المدنيين أصحاب اللهجة البدوية، وقمنا بتكسير الباب عليهم وكان عددهم يقارب المائة شخص، والغريب أن أعصابهم كانت هادئة للغاية وكأنهم يعلمون أنهم سيخرجون، وبعد أن خرجوا سجد الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، على الأرض وهلل الباقون مرددين هتافات «الله اكبر ولله الحمد»، وطلبوا منى إرشادهم إلى بوابة الخروج، إلا أن شخصًا بدويًا، تولى مهمة إرشادهم.. ولاحظت أن الرجل، يعرف السجن كما يحفظ ظهر يديه، أو كأنه «مولود داخل السجن».
ويوضح أن المجموعة التى هربت ومنها الرئيس مرسى، تجمعت مع مجموعة أخرى من المدنيين، وسرنا معًا، وكان عددها نحو 150 فردًا، وكانت ساحة السجن فارغة تماما من المسجونين، وفور خروجنا من بوابات السجن، أخرج أحد البدو هاتفًا محمولًا، كبير الحجم، عرفت فيما بعد أنه من الهواتف المتصلة بالأقمار الصناعية، وأعطاه للرئيس مرسى وكنت واقفا بجواره، فأخذ يتحدث إلى قناة الجزيرة، ويبلغهم بأسماء المجموعة التى معه من الإخوان.
ويقول: بعد انتهاء المكالمة، تشاور «المشايخ» فيما بينهم، عما إذا كان الأفضل الذهاب إلى بيوتهم أم مكتب الإرشاد، لكنهم قرروا فى النهاية، التوجه إلى ميدان التحرير، للاحتماء بالثوار، حيث لا يستطيع أمن الدولة أن يلقى القبض عليهم هناك.
وبعد نحو ساعة، جاءت سيارات الدفع الرباعى، واستقلها «المشايخ» فى اتجاه مدينة السادات فيما أظن، وهو ذات الاتجاه الذى سلكناه، بعد خروجنا أيضًا.
ويختتم روايته قائلًا: بعد أن أصبح «الشيخ محمد مرسى» رئيسًا، فكرت أن أتوجه إليه لأسأله أن يصدر عفوًا رئاسيًا علىّ؛ لأنى دخلت السجن ظلمًا على خلفية قضية مخدرات، تم تلفيقها لى من قبل مجموعة من أصدقاء السوء، الذين حاولوا إغوائى لطريق الحرام وعندما رفضت وهددتهم بإبلاغ الشرطة قاموا بوضع كمية من مخدر الحشيش داخل شنطة سيارتى، وحكم علىّ بالسجن المؤبد، ولن يشعر بموقفى إلا الرئيس الذى ظلم مثلى، ولعله يتذكر أنى فتحت له باب الحرية، ولولا أنا وغيرى من السجناء، فكرنا فيه وفيمن معه من المشايخ، لماتوا جوعا وعطشا، لأن البلد كان «مفلوتة ومافيش حد بيفكر فى حد».
مارى دانيال: مينا المسافر للسماء رفض الانضمام لأحزاب وانحاز للشعب
«لو لم يرحل جيفارا الثورة المصرية لكان الآن رافعًا لافتة الثورة مستمرة فى ميدان التحرير»، هكذا بدأت مارى شقيقة مينا دنيال حديثها عن شقيقها الذى لقى مصرعه خلال أحداث ماسبيرو، مؤكدة أنه بدأ نشاطه السياسى عام 2009، حيث خرج فى مسيرة من الكاتدرائية، ورغم أن عمره فى ذلك الوقت كان صغيرا إلا أن تلك كانت بداية التعارف على النشطاء السياسيين، وبدأ بعدها فى المشاركة فى الوقفات الاحتجاجية ضد نظام مبارك، دون الانضمام لأى حركة، وقرر أن يكون فى الشارع وسط الناس، ورفض الانضمام لأى حزب قبل أو بعد الثورة، وقرر المشاركة فى جميع الوقفات والمسيرات والاحتجاجات.
وأضافت إن سبب رفضه الانضمام لأى فصيل سياسى يرجع إلى أن الانضمام لأحزاب سياسية «يحجم روح الثورة بداخله، ويجعله يضع أهداف الحزب أو الكيان فى نصب عينيه، ويجعله يقدم أهداف الحزب على الثورة، وهو ما رفضه، لأنه كان يشارك فيما يراه حق، فمثلا لو خرجت 6 أبريل فى مسيرة تطالب بحقوق المصريين فإنه يشارك فيها، ولم يكن لديه مانع من المشاركة فى تظاهرات إخوانية إذا ما اتفقت مع أهدافه التى تنطوى نصرة الحق».
تتذكر الأخت الكبرى لمينا، والتى كان يناديها ب«ماما» باعتبارها مربيته ومن تولت رعايته فى القاهرة، قائلة: «قبل نزول مينا لمظاهرات ماسبير حضر إلى منزلى بحى الزيتون، وقبل مغادرة المنزل ظل واقفا أمام المصعد ينظر إلىّ، وقتها رفضت إغلاق باب الشقة قبل توديعه، وتلك كانت المرة الأخيرة التى رأيت فيها مينا، قبل أن يسافر إلى السماء- على حد تعبيرها- بعد استشهاده»، مضيفة: «اتصلت به عندما علمت بالاشتباكات وإطلاق الرصاص على المتظاهرين ولكنه رد عليها وطمأنها».
وأكدت «مارى» أنها قررت المشاركة فى تظاهرات اليوم للمطالبة بتنفيذ مطالب الشعب المصرى التى مات لأجلها شقيقها، وهى العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والتى لم تتحقق حتى الآن، مضيفة: «لن نتنازل عن حقوق الشهداء الضائعة، فحتى الآن لم نحصل على قصاص عادل حتى الآن، وهذا ما يجعل الثورة مستمرة، فالنظام لم يسقط، ولكن تم استبداله بنظام آخر، لذلك لم يحقق هذا النظام الذى جاء بعد الثورة أى من مطالب الثورة ولم يحقق مطالب أهالى الشهداء، ولو كان مينا موجودا بيننا حتى الآن لنزل للميدان رافعا لافتة الثورة مستمرة وسننتصر».
مصابو الثورة مازالوا ب«قصر العينى»
خلع المفصل وتمزق فقرات الظهر ب15 ألفًا والشلل ب100
عامان.. أكثر من 700 يوم مروا على ثورة 25 يناير 2011، راح ضحيتها أكثر من 840 شهيدا، و11 ألف مصاب، لم يتخيل أحد أن بعد هذه الفترة، مازال هناك 5 مصابين يسكنون أسرة قصر العينى، ما زالت أوسدة تلك الاسرة تمتص الامهم نهاراً، وتجفف دموعهم ليلاً، منهم من تعافى وخرج منذ فترة وجيزة، ومنهم ما يزال هناك إلى يومنا هذا، حالات مختلفة، شلل رباعى، شلل نصفى، تهتك فى الأنسجة، خلع فى الكتف، نقل للمفصل، وغيرها من الحالات المؤلمة.
أسامه صبحى
شاب لم يتجاوز عمره العقد الثانى، طالب بالصف الثالث الثانوى الصناعى، خرج من بيته يوم 28 يناير، بمحافظة كفر الشيخ، وسط عدد من أصدقائه المقربين، أمام مبنى المحافظة، يتظاهر ويبدى رأيه المعترض على كل ما حوله، لكنه لم يكن يدرى أنه خرج على قدميه ليعود دونهما، فقد اصيب بطلق نارى قاطع للحبل الشوكى، أفقده الإحساس تماما بالجزء الأسفل من جسده، وأثناء جر أصدقائه له على الأرض، لإخراجه من محيط المنطقة، اصيب بخلع فى الكتف، أجرى عددا من العمليات أولها كان عملية لاستخراج الرصاصة من ظهره، ثم عملية لإعادة الكتف المخلوع مكانه، قررت بعدها الدولة إعطاءه مبلغ 100 ألف جنيه تعويض له عن رجليه، لم يستلم منهم إلى الان سوى 15 ألف جنيه فقط، وباقى المبلغ لم يتسلم اسامة شيكاته إلى الان، لا يطلب أسامة أكثر من تأهيله بالعلاج الطبيعى المناسب لحالته، كى يستطيع استكمال حياته.
السيد الجعفرى
31 سنة، دبلوم صناعى، نحيل الجسد، صعيدى الأصل، يعمل ملاحظ عمال بشركة إيمبيك للمواد البترولية، تم إصابته مرتين، الأولى يوم 28 يناير المعروف بجمعة الغضب، اصيب بطلق نارى فى البطن، وخلع فى المفصل، والإصابة الثانية كانت فى أحداث محمد محمود، وكانت «كسر مضاعف فى المفصل»، وال 5 فقرات الأخيرة من الظهر، نتج عنه تهتك الأنسجة الواصلة بين جسده ورجله، مما جعله يدخل غرفة العمليات 12مرة، وفى انتظار عملية كبيرة لتثبيت المفصل، لكنه ينتظر الدكتور لإجراء تلك العملية، حيث عبر قائلاً «مش لاقيين دكتور يثبت المفصل، جسمى اختفت منه الأنسجة، والدكاترة خايفين يعملوا العملية» فى الوقت ذاته حصل الجعفرى على تعويض 15 ألف جنيه، كمقابل لإصابته.
ويستكمل الجعفرى حديثه عن تعرضه للضرب على يد ضابط شرطة يوم 27 سبتمبر الماضى، داخل مستشفى قصر العينى، وأثناء تواجده بقسم الطوارئ، نشب خلاف بينه وبين أحد الضباط، وتعدى الأخير عليه بالضرب، الأمر الذى زاد من خطورة إصابته، وصعوبة التعامل معها.
لم تكن حالتا الجعفرى وأسامة، هما الحالتين الوحيدتين التى قبعت تحت سقف قصر العينى، فغيرهما اخرون، وفى حالات حرجة، مثل «صابرين» أول مصابة سيدة بمدينة الإسكندرية، التى مازالت إلى اليوم فى غيبوبة، بعد أن عجز الأطباء عن غلق بطنها، بعد تآكل جميع أنسجة طبقات البطن، وغيرها من الحالات التى لم تشعر بمرور الأيام عليها داخل مستشفى قصر العينى، ولم يدركوا مرور عامين على الثورة إلى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.