استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي، أستاذ مساعد بجامعة الملك سعود، وبدأ العريفي حديثه بالثناء على مصر وأهلها وشيوخها وعلمائها، وخص بالذِّكر علماء الأزهر الشريف، وأياديهم البيضاء على العالم العربي والإسلامي كله، قائلاً: إن الذي حفظني القرآن مصري، وإمام المسجد الذي أصلي فيه مصري، بل الذين أشرفوا على رسالتي للماجستير والدكتوراه مصريون، مُضيفًا: إنَّ نهضة الدول العربية قامت على أكتاف المصريين؛ فهم عصب التنمية في كل نواحي الحياة؛ في المستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع، فمصر صاحبة فضلٍ كبير على الجميع، ونحن مدينون لمصر وعلمائها بالفضل، ولا ينكر فضل مصر إلا جاحد. وقال العريفي: إنَّ هناك بعض القوى الإقليمية التي يسيل لعابها على مصر؛ لأنهم يعرفون جيدا مكانتها وتاريخها وحضارتها، فمصر في كفة، وباقي الأمة في كفة أخرى؛ لذلك يلجئون إلى كل الحيل والوسائل لعرقلة تقدمها ونهضتها؛ لأنهم يدركون أنَّه بتقدم مصر تتقدَّم الأمة، وهذا لا يروق للقوى المتربصة. وأشاد الطيب بخطبة الشيخ العريفي وقال: أنها كلمة إنصاف لشعب أصيل أبي، وإنها جمعت قلوب الناس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على أسمى المعاني التي نشأ عليها المصريون طوال تاريخهم. وقال الطيب: إن مصر عبر تاريخها الطويل مرت عليها ظروف ومحن، ومع ذلك فقد استطاع الشعب المصري التغلب عليها بفضل وحدته وقوة إرادته، وما حباه الله من إمكانيات بشرية وثروات طبيعية هائلة لا توجد في كثير من دول العالم، ومن الطبيعي أن تحدث بعض الاضطرابات عقب الثورات، وعلى الرغم مما نعانيه الآن فخسائر مصر قليلة مقارنة بمثيلاتها من الدول الأخرى. وشدَّد الطيب على أنَّ أعداء الأمة يخافون من وحدتها، ولذلك يبذلون كلَّ غالٍ ونفيس لمنع وعرقلة أي محاولة في هذا الصدد، حتى ينعموا بنهب خيراتها وثرواتها وعقول أبنائها، مما يوجب على أبناء الأمة أن يفطنوا إلى ذلك.
وأضاف الطيب: أنَّ كل مقومات النجاح والنهوض متوفرة لدى أمتنا؛ فلغتنا واحدة، وحضارتنا واحدة، وتاريخنا واحد، وجنسنا واحد، وقوميتنا واحدة وجغرافيتنا واحدة، مشيرًا إلى أنه بالرغم من كل تلك المقومات الهائلة لم نستطع أنْ نتوحَّد على غرار دول الاتحاد الأوروبي التي نجحت في تكوين وحدة اقتصادية هائلة، على الرغم من اختلافها في اللغة والدين والعرق والجغرافيا، والصِّراعات المريرة فيما بينها، وكل هذا لم يُشكِّل حائلاً أمام وحدتهم وتجمعهم على هدف واحد.
ودعا فضيلته د. العريفي والوفد المرافق له للحضور والمشاركة في المؤتمر القادم الذي سوف يعقد في رحاب الأزهر الشريف تحت عنوان: "أهل السنة والجماعة"؛ لجمع شمل العلماء على كلمة سواء؛ لأننا إذا لم نصنع سلامًا بين علماء الأمة فلن نستطيع أنْ نوصل رسالة الإسلام السمحة إلى الشعوب، وحتى يكونوا على بيِّنة من خطورة الأفكار المتشددة باسم الدين؛ مما يؤدي إلى الشقاق والنزاع بين أفراد الأمة. وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده العريفي عقب لقائه بفضيلة الإمام الأكبر وجه رسالة إلى المستثمرين في جميع دول العالم وخص بذلك الدول العربية الغنية، ألا يُفوِّتوا الفرصة المتاحة لهم للاستثمار الآن في مصر، فمصر قوة اقتصادية واعدة، بما تمتلكه من ثروات وخبرات وإمكانيات بشرية هائلة.
وأضاف: أن التاريخ يؤكد على وحدة نسيج الشعب المصري بكل طوائفه، فلم تشهد مصر عبر تاريخها أي صراع طائفي أو مذهبي أو عقدي، فأقباط مصر ومسلموها يعيشون في مودة وتراحم لا نظير له في أي دولة من دول العالم، وهذا تأكيد على وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أوصيكم بأقباط مصر خيرًا؛ فإن لكم فيهم نسبًا وصهرًا)). كما وجه رسالة إلى علماء الأمة بأن يتوحَّدوا في القول والفعل؛ فالحرص على جمع الكلمة والبعد عن الخلاف من أهم أولويات الشريعة الإسلامية الغرَّاء، قائلاً: إنه اتفق مع فضيلة الإمام الأكبر أن تشهد الفترة القادمة نشاطًا كبيرًا لجمع كلمة الدعاة والمذاهب الإسلامية بأساليب جديدة؛ حتى لا نشهد صراعًا مذهبيًّا كما يخطط له الأعداء لتفريق أبناء الأمة.