أشاد علماء الأزهر بخطبة الجمعة التي ألقاها العالم السعودي الشيخ الجليل محمد بن عبدالرحمن العريفي بمسجد "البواردي" بالرياض والتي جاءت تحت عنوان "فضائل مصر وأهل مصر". أكد العلماء ان خطبة العريفي مثال يحتذي في كيفية النهوض بالدعوة الاسلامية التي تدعو للتآلف بين المسلمين وادخال السرور علي نفوسهم وابراز الفضائل والشمائل لأهل الفضل. قال العلماء ان هذه الخطبة كشفت أئمة ودعاة مصر الذين يوظفون دعوتهم العصرية لخدمة أغراضهم الخاصة اما لمنفعة سياسية أو مادية أو معنوية.. وطالبوا ان تستعين المساجد بدعاة من الدول المجاورة للنهوض بالدعوة في مصر مثلما فعلت السيدة اجلال الحصري الشهيرة بياسمين الخيام. يؤكد الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنه ليس في مصر داعية الا اذا كان يوظف دعوته لخدمة اغراضه الخاصة ولهذا فلا نجد احدا ينبري في الدعوة اذا صدق عليه اسم داعية الا اذا كان يبغي من دعوته تلك اما منفعة سياسية أو مادية أو معنوية وهذا صادق علي كل الدعاة في مصر بلا استثناء وانا مسئول عن كل حرف في هذا الكلام واستطيع اثباته بأدلة دامغة لا يختلف عليها أحد فلم نجد منذ العهد السابق وغيره حتي يومنا هذا احدا من داخل هذا المجتمع يدعو الناس بصدق إلي نبذ الخلاف والشقاق ونبذ الفرقة والدعوة إلي رأب الصدع بين أبناء هذا البلد ومخاطبة الناس وفق الواقع المرير الذي يعيشونه ولهذا فقد ظهرت وبرزت وأثرت كلمات الشيخ العريفي في كل أرجاء مصر التي ربما كان منها من علم هذا الشيخ فنون الدعوة إلي الله. فهذا الشيخ الجليل الذي لفت نظر المتعالين وأنصاف المثقفين ورعاع المجتمع إلي حقيقة مصر التي تناسوها في وقت من الأوقات ليصيروا كالدواب التي ينهش القوي فيها الضعيف والتي يريد البعض فيها ان يجعلها أكثر الدول تخلفا في العالم وهي صاحبة الحضارات الأولي في الشرق والغرب وهي التي علمت العالم العلم والتي كانت حضارتها نموذجا رائعا مازال الناس في شرق الدنيا وغربها ينبهرون بباني هذه الحضارات فقد كان هؤلاء المتناحرون أشبه بالكلاب التي تنبح بمقنص وبدون مقنص حينما وجدنا البعض يأخذ جانب المعاندة حتي فيما هو ظاهر الصلاح متناسيا أن مصر ليست حقا له وحده وانما هي حق العالم بأسره وذلك لأنه خرج منها علماء تتلمذ عليهم أهل الشرق والغرب فلماذا ينتظر دعاتنا بعد ما خطب الشيخ العريفي ليذكرهم بحقيقة مصر الا ان تستورد مصر دعاة من البلاد المجاورة ليخطبوا في مساجدها كما فعلت السيدة اجلال الحصري. وماذا ينتظر هؤلاء الدعاة بعد ذلك إلي ان يأتي اليهم أناس من بلاد مجاورة ليعلموهم كيف تكون الدعوة إلي الله سبحانه وتعالي. أضاف د. إدريس: لقد شعر الجميع بقزامة دور الدعاة في مصر بعد ان سمعوا خطبة الشيخ العريفي ولم يستطع احد دعاة هذا البلد ان يساميه في أسلوبه وموضوعيته ودقة عرضه لتاريخ مصر وحضارتها وما نسمع من هؤلاء الدعاة في هذا البلد علي أكواد المنابر الا تشنجات يناصرون لها فصيلا أو يسيئون إلي فصيل آخر وليس هذا هو منهج الدعوة إلي الله سبحانه وتعالي. فشكر الله لهذا الشيخ الجليل علي ما سرده في خطبته الجامعة من مأثر مصر وتاريخها العريق وثوبها الناصع وجزاه الله عما قدم خير الجزاء. مقاصد الدعوة يقول د. أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر جزي الله سبحانه وتعالي الداعية الفاقه المستنير الذي يحقق مقاصد الدعوة الاسلامية واخلاقيات الاسلام من اعطاء كل ذي حق حقه وعدم نمط الناس والدعوة للتآلف بين المسلمين لأن من مقاصد الدعوة الحقة الراشدة ادخال السرور علي المسلم وابراز الفضائل الشمائل لأهل الفضل ولا يفعل هذا إلا أهل الفضل. أضاف د. كريمة ان هذه الخطبة الطيبة هي كاشفة وليست منشئة لفضائل مصر المذكورة صراحة في التوراة والانجيل والقرآن والتي بوب أصحاب الصحاح الحديثة ابوابا في فضائل وشمائل مصر.. فالنفوس الكبيرة تذكر بالأمور الكبيرة.. فالشيخ العريفي من أصحاب العقول الكبيرة والمدارج الفسيحة والنفوس الأصيلة صدق بالحق مواساة لاخوانه واكراما لجيرانه وتنويها علي مآثر كاد بعض الغلواء أن يطمسوها هدا او حسدا وبضدها تتميز الاشياء. أشار د. كريمة إلي ان بعض الدخلاء عي الدعوة ومنهم بنو بلدتنا وجنسيتنا ويتكلمون بلساننا يشوهون البلد الذي ولدوا علي ثراه وانتفعوا من خيراته فمنهم من يصفها بأنها بلد الفراعنة وكأن الفرعونية سبة أو مذلة وما جري أنها حقبة من حقبات التاريخ كالجاهلية قبل الاسلام في بلاد العرب والقرون الوسطي في غيرها. ومنهم من يأتي إلي أوصاف خاصة لأوضاع خاصة فلا يلتفت إلي الايجابيات والتي ذكر بعضها الداعية النابه الشيخ العريفي ويعرج غيره علي بعض سلبيات لأوضاع خاصة فيصفها بأنها دار الفاسقين وبعضهم يتبجح في جماعات العنف المسلح بأنها دار حرب وجاهلية كما جاء الفكر القبطي وما تعتنقه الجامعات التكفيرية التدميرية التي تستحل الدماء والأموال والأعراض. والذين أيضا يحاربون المرجعية الكبري للإسلام علي أرض مصر وهي الأزهر الشريف خيانة لمصر وعمالها لغيرها بتسفيه علوم الأزهر وتكفير العلماء والسعي الحثيث لتهوين شأن الأزهر وجعل جدار بين دعاته وعلمائه وما بين الناس وهذا حاصل في خوارج الزمان أصحاب المذهبية والحزبية الذين لا يكفون عن ذم الأزهر وانتقاصه والسعي لاضعافه. حقا هناك فرق بين الأصيل والدخيل والنفيس والخسيس والجيد والرديء.. لقد كشفت الخطبة العصماء للداعية عن معدن أصيل وفهم واع لمن يؤلف ويجيب ويذكر الفضل لأهل الفضل بينما نحن نسب بعضنا بالكفر وندعو لاثارة الفتن. نقول لهذا الشيخ الجليل "لا يعرف الفضل إلا ذووه".. طبت وطابت أقوالك طبت وطاب مسعاك ومآذن الأزهر فيض من مآذن الحرمين الشريفين. فجزاك الله والاشقاء في بلاد الحرمين خير الجزاء. ونقول للمتطاولين علي مصر المنتقصين لها: أين حمرة الخجل؟ قواعد الإسلام يقول الدكتور طه حبيشي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: لقد تجاوبت مصر بمشاعرها مع هذه الأصوات التي خرجت من الجزيرة العربية تتحدث عن صلة مصر بصاحب الدعوة عليه الصلاة والسلام. ومع هذا التجاوب استيقظ في نفسي شعور يطرح مسألة غفلنا جميعا عنها وهي تخضع لقاعدة عامة يضمها الاسلام ضمن قواعد شرعية.. وهذه القاعدة العامة هي الأمور بمقاصدها.. ولو حاولنا أن نطبق هذه القاعدة الكلية علي مناهج الدعوة الاسلامية لقلنا ان الدعوة الاسلامية بمقاصدها تدور كلها علي محور واحد وهو رد الكافة إلي دينهم الذي يجمعهم ولا يفرقهم ويؤلف بينهم ولا يشتت مشاعرهم. وهذه القاعدة الكلية لا ترتبط بحدود ولا بقوميات ولا بانتماء لبلد اسلامي دون بلد فكلنا لآدم وآدم من تراب. ومع ذلك كما يوضح د. حبيشي فان هذه الاصوات من شبه جزيرة العرب وضعتنا امام التضامن لمصر التي تربعت القمة في علاقتها بالنبي وعلاقتها بالعرب في جزيرة العرب علي العموم فعلاقة مصر بشعوب الجزيرة العربية جاءت من طريقين الأول النسب والثاني المصاهرة والنسب في أن هاجر المصرية أنجبت اسماعيل النبي وأبو العرب وجد النبي محمد. ومن ناحية المصاهرة تمثلت في أن النبي قد أنجب من مريم أو "مارية المصرية"- أي القبطية" وانجبت للنبي إبراهيم بن محمد صلي الله عليه وسلم. ولقد أدرك النبي نفسه هذه العلاقة المزدوجة التي ربطت بين شعوب الجزيرة العربية والمواطنين في مصر فأخبر بنور النبوة أن مصر ستنفتح امام الاسلام ويفتح المصريون للاسلام ذراعيهم فيحتضنون الاسلام حتي تختلط بينهم وبين الاسلام الانفاس فقال النبي لافتا النظر ومحذرا "انكم ستفتح عليكم مصر فاذا حدث ذلك فاستوصوا بأهلها خيرا فان جنودها سيكونون عونا لكم" وأشار إلي العلاقة المزدوجة يعلل بها هذه الوصية "ان لنا فيها نسبا وصهرا". ايقظت هذه الاصوات مشاعرنا ولكنها إلي الآن لم تصل مناهجنا فمازالت المناهج في بعض مناحيها تخطيء الطريق إلي اهدافها فبدلا من ان تعمل للاسلام اخذت تعمل للمصالح الشخصية وهذا خطأ شديد يبعثر الوحدة ويقلق الارتباط بين أفراد الأمة ويجعل القرآن لغير مساره فلابد من أن يقودنا إلي الجنة نجده يدفع في قفا البعض حتي يكبهم علي وجوههم في النار. يؤكد د. حبيشي ان الامر مازال تحت السيطرة فنحن نستطيع ونحن في دنيا التكليف ان نجمع ما تبعثر وان نوصل ما انحرف وان نصلح من المناهج ما قد اعوج ويبقي لهذه الاصوات التي خرجت من جزيرة العرب فضل السابق في هذه الدعوة.