منذ ثلاثة أعوام تقريبًا، كان حديث الرأى العام الاقتصادى عن عدم مقاومة الجنيه المصرى لطغيان الدولار الأمريكى مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وتوقف الإنتاج وعدم تدفق النقد الأجنبى لسنوات إلى مصر، خاصة بعد تعويم العملة المحلية الذى أدى إلى الإطاحة بقيمتها. ومع الاستقرار السياسى والأمنى، وما ترتب عليهما من انتعاشة اقتصادية، وخطة الإدارة المصرية من أجل تعظيم الاستفادة من الموارد، واستحداث أخرى لم تكن موجودة بالماضى، مثل اكتشافات الغاز الجديدة وتقليل الطلب على الدولار، انعكست الآية، وبدأت العملة المحلية فى مرحلة جديدة فى طريقها للإطاحة بالدولار أرضًا خلال السنوات القليلة المقبلة. توقع اقتصاديون، بأن 2020 هو عام الإنتاج الحقيقى وجنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية التى تمت خلال السنوات الخمس الماضية، وأن الجنيه المصرى سيواصل الصعود أمام الدولار الأمريكى، مؤكدين أن الاعتماد على الدولار الأمريكى لن يكون بالشكل الذى كنا عليه فى الماضى، وهناك توقعات تشير إلى انخفاض الطلب عليه لأكثر من 20فى المائة خلال الفترة المقبلة. الخبير الاقتصادى رشاد عبده، أكد أن الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعًا للجنيه المصرى فى ظل تحسن موارد البلاد من العملة الصعبة، وضعف الطلب على الدولار، رغم توافره بالأسواق بعد تراجع حجم الطلب عليه من قبل المستوردين بسبب تفضيل المواطنين شراء المنتج المحلى على المستورد، بالإضافة إلى تحسن موارد البلاد من العملة الصعبة. وأشار إلى أن إيرادات الدولة الدولارية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بعد تحسن قطاع السياحة، والذى شهد ارتفاعات بنحو 45فى المائة خلال أول ثلاثة أشهر من العام المالى الحالى؛ ليصل إلى 3.9 مليار دولار، كما سجلت إيرادات قناة السويس ارتفاعات بنحو 3.6فى المائة فى يناير الماضى؛ لتسجل 468 مليون دولار، وواصلت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الأجنبية زيادتها، لتبلغ نحو 16.8 مليار دولار بنهاية أبريل الماضى. وأشاد «عبده» بقرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة بعد أن ارتفعت لأرقام قياسية عقب تحرير سعر الصرف مؤخرًا، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون له تأثير قوى فى تقييد الدولار الأمريكى أمام صعود الجنيه المصرى، بالإضافة إلى ما سيترتب على ذلك تراجعًا للتضخم الشهرى والسنوى مؤخرًا، ما يدعم وبقوة أيضًا الاتجاه لخفض الفائدة مجددًا. وكانت لجنة السياسة النقدية، قد قررت خفض الفائدة على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية الأسبوع الماضى بنحو 100 نقطة أساس إلى 13.25فى المائة و 14.25فى المائة و 13.75فى المائة على الترتيب، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنحو 100 نقطة أساس إلى 13.75فى المائة، ما يعنى محو 550 نقطة أساس من أصل 700 نقطة أساس رفعها «المركزى» لأسعار الفائدة منذ تعويم الجنيه فى 2016، ويعد هذا القرار هو الثانى على التوالى بعد خفض شهر أغسطس الماضى. من جانبه، قال الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومستشار صندوق النقد الدولى السابق، إن انخفاض قيمة الدولار الأمريكى، أمام الجنيه المصرى، لم يكن ليحدث لولا إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة المصرية. وأكد أن تراجع الدولار الأمريكى لم يكن وليد الصدفة، وليس تراجعًا وهميًا، مشيرًا إلى أنه وفقًا للقواعد الاقتصادية المتعارف عليها فإن تفاعل قوى العرض والطلب هى التى تحدد ارتفاع وانخفاض سعر الدولار فى مصر، مشيرًا إلى أن المعروض من الدولار أصبح متاحًا أكثر مما كان والطلب على الدولار شهد توفير 3 مليارات دولار كنا ندفعها لاستيراد الغاز من الخارج. وأوضح أن خفض أسعار الفائدة له مزايا اقتصادية قوية على الاقتصاد المصرى والموازنة العامة، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد توسعًا فى حجم استثمارات الشركات التى كانت ترجئ توسعاتها التى تعتمد على الاقتراض نتيجة الفائدة المرتفعة، لذلك سنشهد توسعات جديدة للشركات والمصانع ودخول استثمارات جديدة للسوق المحلية.