ربما لا تصلح كلمة "فيلم" وصفًا دقيقًا للفيديو المسيء إلى الرسول الكريم الذي أثار موجة واسعة من الغضب، فكان من الواضح أن الفيلم تم تصويرة بطريقة ركيكة بعيدة عن مستوى صناع السينما الأمريكيين ولا ترتقي إلى اسم "عمل فني". كان من الواضح من صناع تلك الأفلام المهينة لكل من الرسول محمد (ص) والسيد المسيح، أنها صُنعت بتمويل وتأييد رموز التيار الصهيوني الغربي الذي ينتهج طريق إهانة الأنبياء للطعن في العقائد والأديان الأخرى لأغراض سياسية، ولم يرصد تاريخ السينما العالمية أي فيلم سينمائي أو وثائقي ينتقد الشخصيات الدينية اليهودية. كان أول الأفلام السينمائية الروائية تعرُّضًا لشخص النبي الكريم هو فيلم "الرسالة"، الذي قدمه المخرج السوري الأصل مصطفى العقاد في نسختين مختلفيتن عام 1977 باللغتين العربية والإنجليزية. ورغم أن الفيلم لا يُظهِر النبي محمدًا (ص) لا صوتًا ولا صورة ولا ظلا، كما جاء في مقدمة الفيلم، فإن الفيلم ظل لسنوات طويلة ممنوعًا من العرض في عدد من البلدان الإسلامية، من بينها السعودية ومصر، بسبب تجسيده عددًا من شخصيات الصحابة وأل بيت النبي. كما تَعرّضت عشرات من الأفلام التسجيلية لشخصية النبي وحياته، من بينها ما قدم الإسلام ونبيه بشكل إيجابي مثل الفيلم الوثائقي "محمد: رسالة نبي" الذي أنتجته شبكة "بي بي إس" الأمريكية عام 2002 وعرضته على عدة حلقات. وفيلم الرسم المتحركة "محمد آخر الأنبياء" الذي أنتجته مجموعة "فاين" الإعلامية الأمريكية عام 2004. إلا أن أفلامًا أخرى حاولت تشويه صورة الإسلام والنبي مستغلة أحداث 11 سبتمبر، منها الفيلم التسجيلي "الهوس" الذي أخرجه الأمريكي واين كوبنج واعتمد فيه بشكل أساسي على مقتطفات من الفضائيات العربية ليظهر ما سماه "خطر الإسلام الراديكالي على الحضارة الغربية". وهو نفس النهج الذي سار عليه النائب اليميني الهولندي جيرت فيلدرز في الفيلم التسجيلي "فتنة" عام 2008 الذي كتب له السيناريو وأخرجته الأمريكية سكارليت بيمبرنيل، وهو يقرن القرآن الكريم بالإرهاب! وغير بعيد عن "فتنة" جاء الفيلم الروائي القصير "الاستسلام" عام 2004 الذي كتبت له السيناريو النائبة الهولندية إبان هيرسي وأخرجه ثيو فان جوخ، ويظهر الفيلم ما يعتبره سوء معاملة النساء في الإسلام، ويعرض لسيدة مسلمة تظهر على ظهرها آثار التعذيب والضرب كأنها آيات من القرآن الكريم. وقد انتشر على نطاق واسع في أوروبا بعد أن قام شاب مغربي مهاجر باغتيال مخرجه، وزادت السلطات الهولندية من حراستها على هيرسي على منذ ذلك الوقت. وآخر الأفلام التي تتعرض لسيرة وحياة الرسول الكريم هو الفيلم الإيراني الجديد "محمد" للمخرج ماجد مجيدي. وهو الفيلم الذي يخطط مخرجه لعرضه في ثلاثة أجزاء منفصلة كأضخم إنتاج سينمائي إيراني حتى الآن. ومن المتوقع أن يثير الفيلم جدلًا واسعًا في العالم الإسلامي خصوصًا في ظل تزايد الشائعات حول نية ماجيدي استخدام ممثل لتجسيد دور النبي الكريم. وان الأزهر قد أصدر بيانًا في شهر أبريل الماضي يناشد فيه ماجيدي وكل المبدعين بالتوقف عن تصوير الفيلم "كي تبقى الصورة النقية الخالصة للنبي الكريم كما هي في أذهان المسلمين" حسب البيان. والى جانب شخصية الرسول الكريم، تعرضت شخصية السيد المسيح (عليه السلام) للإساءة في عدد من الأفلام، بالتشكيك وبالتجريح وبالسخرية. ويمكن رجع هذه الموجة من الأفلام المسيئة إلى فترة السبعينات، ففي عام 1979 منعت السلطات البريطانية عرض فيلم قصير بعنوان "visions of ecstacy" بسبب مشهد للقديسة تيريزا تتحسس جسد المسيح على الصليب! وشهد العام نفسه عرض فيلم كوميدي بعنوان "حياة برايان" "life of brian" يقوم على فكرة خيالية وهي وجود طفل آخر يُدعَى برايان وُلد قرب المسيح تمامًا، مما يجعل البعض يتصور أنه "المخلص" المنتظر. وفي عام 1985، صَدَمَ المخرج الفرنسي جان لوك جودارد الجمهور بفيم بعنوان "مباركة يا مريم" "hail mary"، هو تناول عصري لقصة السيد المسيح، يقدم الأسرة المقدسة كعائلة تعمل في محطة وقود! ودفعت جراءة الفيلم البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى مهاجمته. وفي عام 1988 أثار المخرج الأمريكي المعروف مارتن سكورسيزي موجة من الجدل بفيلمه "الإغواء الاخير للمسيح" "the last temptation of Chris"، إذ اعترضت مجموعة من الشخصيات الدينية المسيحية البارزة على مضمون الفيلم حتى قبل عرضه وهددت بحملة مقاطعة لدور السينما التي تعرضه. وجاء الاعتراض الأساسي لهذه المجموعات على الفيلم لاعتماد سكورسيزي على نص روائي للكاتب نسيقوس كازانتناكيس لا على الكتاب، فيقدم الفيلم شخصية يسوع الناصري، لا كشخص مقدس بل كإنسان عادي يواجه كثيرا من الإغراءات، وصولًا إلى الإغواء الأخير وهو على الصليب. أما فيلم "العقيدة" للمخرج الأمريكي كيفن سميث الذي أنتج عام 1999، فهو أكثر إثارة للجدل، فقد تلقى المخرج خطابات كراهية تصل إلى أكثر من 30 ألف خطاب وفقًا لتقديره، وتلقى تهديدين بالقتل، بسبب مضمون الفيلم الكوميدي الذي يسخر من العقيدة الكاثوليكية ومن مفرداتها بما فيها السيد المسيح، بل تصل السخرية إلى الذات الإلهية في بعض المشاهد! ورغم أن فيلم "آلام السيد المسيح" الذي أخرجه النجم الأمريكي ميل جيبسون عام 2004، لا يسيء إلى شخص السيد المسيح، فإنه لم يخلُ من الجدل، فهاجمته مجموعات يهودية حتى قبل بدء عرضه في الولاياتالمتحدة معتبرة أن الفيلم يحمّل المجتمع اليهودي مسؤولية صلب المسيح. كما اعتبر عدد من النقاد أن مشاهد الفيلم التي ترصد آخر 12 ساعة من حياة المسيح جاءت عنيفة للغاية وركزت على مشاهد التعذيب والجَلد والدماء بشكل زائد على الح