لم يلتفت المسئولون فى وزارة الآثار إلى توالى حوادث السرقات داخل المتاحف أو فى المخازن الأثرية، وذلك بعد تكرارها على مستوى محافظات الجمهورية بعد أحداث ثورة يناير، ولم ينتبهوا أيضا إلى أنهم السبب الحقيقى لتشجيع تلك السرقات، بعد تأكد متخصصى سرقة الآثار فى أنهم لم ولن يتم كشفهم، وذلك لانعدام النظم الأمنية الصحيحة فى المناطق الأثرية وانسحاب الشرطة بعد الثورة، وكذلك شرطة السياحة والآثار التى لم تهتم أيضا بالبحث الحقيقى وراء من هم المسلحون الملثمون الذين يظهرون من آن إلى آخر لسرقة آثار مصر النادرة. كل هذه الأسباب التى نبعت من استهتار وفساد المسئولين بوزارة الآثار، الذين لم يهتموا بتطوير حقيقى للنظم الأمنية بهذه المنطقة الحيوية، بل قاموا بشراء كاميرات مراقبة بمبلغ ثلاثين مليون جنيه، ومع ذلك كانت تلك الكاميرات معطلة أثناء سرقة مخازن آثار الهرم. وأكدت المستندات التى حصلت عليها " الصباح " أن مهندس الإلكترونيات بمنطقة آثار الهرم طارق رضوان قد أعد تقريرا فنيا يثبت فيه عدم وجود رؤية أثناء الليل وبالتالى لن يكون لهذه الكاميرات أى دور أمنى لانعدام الرؤية بالمنطقة، وكذلك انخفاض نسبة المواصفات القياسية لأجهزة المونيتور والتى لا تتلائم مع النظم الإلكترونية الحديثة. وقام رضوان بتقديم طلب إلى إدارة المشروعات بالوزارة يطالب فيه بتأجيل عمل اللجنة لعمل الاختبارات اللازمة، ومع ذلك لم ينظر إلى هذه التقارير. وقد حاول مرة أخرى المهندس طارق رضوان توضيح عدم أهميه تلك الكاميرات من خلال محضر الاستلام الابتدائى للجنة المشكلة بقرار من الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار آنذاك رقم 33 بتاريخ 10/1/2008 ، حيث نص محضر اللجنة على موافقة الدكتور زاهى حواس على تشكيلها بناء على الصلاحيات التى خولها له القانون واللوائح المنظمة بصفته أمينا عاما. وقد ورد بمحضر اللجنة أنه تلاحظ للسيد المهندس عضو اللجنة المختصة باستلام أعمال التأمين الإلكترونى بأن نظام المراقبة التلفزيونية يحتاج لتغيير الكشافات، ولذلك لزيادة مدى الرؤية، ومع ذلك لم يهتم مسئولو المشروع بتلك الخطابات، و لذلك قدم رضوان خطابا إلى عاطف أبو الدهب رئيس لجنة الاستلام الابتدائى فى 5/6/2008 أى بعد مضى ستة أشهر على المحضر المحرر فى 10/1/2008 السالف ذكره، قال فيه بأنه "نحيط سيادتكم علما بأن مجلس الدفاع الوطنى قام بتوريد عدد اثنين كشاف ( ) موديل ( ) و مدى الرؤية طبقا للكتالوج 370 متر، وأن هذا المدى هو المناسب لتأمين الأسوار ليلا. ثم خاطب رضوان رئيس قطاع المشرعات والإدارة الهندسية بوزارة الآثار آنذاك اللواء على هلال بثلاث خطابات على مدار عام 2009 ولكن رئيس القطاع لم يستجب على الاطلاق، ومع ذلك رفضت لجنة الاستلام المشكلة من العاملين بوزارة الآثار استلام تلك الكاميرات. وأوضحت اللجنة أسبابها فى خطاب إلى رئيس قطاع المشروعات، وضمت اللجنة المهندس كمال وحيد مدير عام منطقة الهرم والمهندس نيفين محمد مصطفى مدير أعمال هندسة آثار الهرم والمهندس الكهربائى محمود حلمى حسانين ومهندس الإلكترونيات طارق رضوان عبد الجواد، ولكن رئيس قطاع المشروعات اللواء على هلال أمر بتسليم تلك الكاميرات إلى المنطقة الأثرية بالهرم بتوقيع شخصى منه باعتماد التسليم. وتبين أن القائمين على المشروع قد استعانوا بمهندس آخر وهو السيد المهندس / محمود محمد حجازى، حيث تم عقد لجنة التسليم النهائى فى 4/5/2009 بناء على قرار الدكتور زاهى حواس بصفته الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار رقم 998 بتاريخ 1/4/2009 حيث وقع الحاضرون بأنهم حضروا دون مناقشة أى شىء، بينما تم استخراج شهادة إدارية من ستة ممن شملهم القرار سالف البيان ودون تدوين أى تاريخ بها. وتلاحظ عدم توقيع العضو الثالث المهندسة هانم سيد صالح، مدير عام الإلكترونية بقطاع المشروعات، مما يفقد الشهادة قانونيتها لكون السيدة هانم هى المسئولة فنياً طبقاً لتخصصها المبين قرين اسمها. وفى شهادة إدارية أخرى خاصة بنفس الموضوع تم تشكيل لجنة من أربعة مسئولين بمنطقة آثار الهرم رفضوا التوقيع جميعاً، ولكن رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار اللواء على هلال قام بالتوقيع على استلام تلك الكاميرات، ورغم ذلك لم يتم البت في هذا الموضوع على الرغم من أهميته فى حماية المنطقة الأثرية. وكانت تأشيرة الدكتور زاهى حواس بالموافقة على ما ورد بمذكرة المهندس / محمود حلمى بمثابة إنهاء لمعركة استمرت ما يقرب من عامين طرفاها بعض المهندسين الفنيين بمنطقة آثار الهرم وبعض الضباط المتقاعدين والذين ينتسبون لمجلس الدفاع الوطنى، والذين أصروا على تركيب منظومة كاميرات تكلفت ثلاثين مليون جنيه أصبحت هى والعدم سواء، ولم يكن لها أى دور فى حادث السرقة الشهير بمنطقة المخازن الأثريه بالهرم و الذى أدى إلى اقتحام 15 مسلح المخازن الأثرية الخاصة بهيئة الآثار بالمنطقة الأثرية بالهرم وكلية الآثار، واستولوا على مجموعة من التماثيل الأثرية النادرة من سبعة مخازن بعد تحطيمها، وكذلك قيامهم بالاعتداء على الخفراء التابعين لوزارة الآثار وأفراد الشرطة، وقاموا بتحميل الآثار على سيارات نقل وهربوا بعدها من طريقى الفيوم والأسكندرية. وقد أكدت لجنة معاينة الحادث التابعة لوزارة الآثار بأن المخازن السبعة بها مجموعة أثرية نادرة تم استخراجها على مدار مائتى سنة، ولقيمتها الأثرية تم وضعها فى هذه المخازن تمهيدا لنقلها للمتحف المصرى الكبير، وأنه ليس لهذه الآثار نظير فى العالم. وحتى الآن لم تسفر الجهود الأمنية سواء من مباحث مديرية أمن الجيزة أو من مباحث شرطة السياحة والآثار عن أية نتائج، لحل لغز هذا السطو المسلح على الآثار.