لا بد من ربط التعليم والبحث العلمى كقاطرتين لتحقيق الأمن القومى بمفهومه التنموى الشامل الانتقال لجيل الجامعات الثالث وتطوير الخطاب الدينى والثقافى أهم أولوياتى منذ وصوله لمنصب رئيس الجامعة والجدال يشتعل حول شخصيته وتصريحاته التى أثارت الكثيرين بشأن اليهود والأقباط والخطاب الدينى. بعيدًا عن كل هذه المهاترات حاصرت «الصباح» د. الخشت للتعرف على ما هو أهم من كل ثرثرات الفيس بوك. وكان السؤال الأهم إلى أين تمضى جامعة القاهرة العريقة، والرجل بكل وضوح قال إن هدفه الأول انتقال الجامعة إلى عصر جامعة الجيل الثالث وفق استراتيجية متكاملة تربط التعليم بوسائل الإنتاج والبحث العلمى.. وإلى نص الحوار: * ما رؤيتك لتطوير جامعة القاهرة ؟ - جامعة القاهرة ينبغى أن تنتقل لعصر جامعات الجيل الثالث. تلك التى تضع ضمن أهدافها أن تجرى بحثًا علميًا من أجل البحث العلمى ذاته بما يدر نفعًا كبيرًا على التنمية، جامعة القاهرة دائمًا تمر بمراحل من أجل التطوير على مدار تاريخها، وهناك خطة استراتيجية للجامعة سيتم العمل عليها لمواصلة ما بدأه رؤساء الجامعات فى السنوات الماضية، الفكر والعمل هما قاطرة الأمم فى التقدم، وخطتى تعتمد على التجارب الدولية التى تعمل بها الجامعات الكبرى فى العالم مثل هارفارد وكامبريدج، تلك الجامعات تربط أبحاثها بمتغيرات سوق العمل، وهدف الجامعة فى السنوات المقبلة تخريج رواد أعمال وعلماء على كفاءة عالية وطلاب يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، والاعتماد على البحث العلمى وخلق قيمة إضافية للمجتمع. كما أن هناك لجنة من ممثلى الجامعة لمتابعة التطوير وما تنفذه الجامعة خلال الفترة المقبلة، وهناك 50 ملفًا داعمًا لعمليات التطوير لجامعة القاهرة، وكان من ضمن الرؤية التى قدمتها للجنة اختيار القيادات الجامعية أثناء ترشحى لرئاسة الجامعة. * ما المقصود بعصر جامعات الجيل الثالث ؟ - جامعة الجيل الأول تهدف فقط إلى التعليم ودورها هو الدفاع عن الحقيقة، والتدريس فيها بدون تخصصات دقيقة وتنتج موظفين، والتوجه فيها محلى، وتتكون من كليات، والإدارة فيها تقوم على عمليات إدارية بسيطة. أما جامعة الجيل الثانى، فتهدف إلى التعليم مع البحث العلمى، ودورها اكتشاف الطبيعة، والتدريس فيها وفق التخصصات الدقيقة، وتنتج موظفين وعلماء، والتوجه فيها إقليمى، وتتكون من كليات، والإدارة فيها بيروقراطية. أما جامعة الجيل الثالث، فتهدف إلى الجمع بين التعليم والبحث العلمى، ودورها إنتاج قيمة مُضافة للاقتصاد، والتدريس فيها يقوم على التخصصات البينية، وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، والتدريب على المشروعات الإنتاجية الصغيرة، وتنتج موظفين وعلماء ورواد أعمال، والتوجه فيها عالمى، وتتكون من كليات ومعاهد بحثية، والإدارة فيها تقوم على حوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق العالمية وأخلاقيات الأعمال. * وأين يقع البحث العلمى فى هذا السياق ؟ - كل ما ذكر سابقًا لا يمكن تحقيقه بتطوير النظم التعليمية والبحثية فقط، بل لا بد من ربط التعليم بالبحث العلمى كقاطرتين لتحقيق الأمن القومى بمفهومه التنموى الشامل، وباعتباره تنمية علمية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، وتنمية للموارد والقوى، وتنمية للدولة والمجتمع والثقافة، وتنمية للعلاقات الخارجية والسياسة الداخلية، ومن هنا يبرز الدور الريادى والمسئولية القومية لجامعة القاهرة، لأن مفهوم الأمن القومى لم يعد مقصورًا على حماية الأرض من التهديدات الخارجية، فمع تطور مفهوم قدرة الدولة اتسع مفهوم الأمن القومى ليشمل القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية معتقداتها وقيمها وأراضيها ومصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من التهديدات الخارجية والداخلية، الأمن القومى يتجاوز مفهوم الحماية بمعناها الواسع، إلى مفهوم التنمية الشاملة وبناء الدولة القوية،، فالتحدى القومى أصبح بناء إنسان مصرى جديد وكوادر وطنية فنية مدربة لتحقيق التنمية وتأسيس دولة حديثة بواسطة استحداث مناهج جديدة قائمة على أسس النمو فى تصميم المشاريع البحثية، والتميز فى أداء الباحثين والطلاب، والتطور فى النظام الإدارى، والبحث فى قضايا الدولة، وتشخيص الاحتياجات». الأهم من هذا كله تغيير طريقة التفكير عند الطالب، وبناء شخصية مسئولة واعية، من أجل نهضة حقيقية، فمؤسسات التعليم من الحضانة إلى الجامعة، ليست مجرد مؤسسات لنقل المعارف إلى أبنائنا، بل مؤسسات وطنية نهضوية يقع العبء الأكبر عليها فى بناء شخصية المواطن بوصفه جوهر الدولة، وأساس الأمن القومى، لا بوصفه إرهابيًا يكفر كل من حوله ويستحل دمه. * وما الأطر التى ستعتمد عليها ؟ - لابد أن نضع فى اعتبارنا أن المؤسسات تتقدم بأفرادها وليس بشخص واحد، السماء تتسع لنجوم كثيرة، وكل العمداء بالجامعة والوكلاء والأساتذة نجوم الجامعة، وأى تقدم لابد أن يكون عن تخطيط وجهد، أولى أولويات جامعة القاهرة تجديد الخطاب الدينى فى الفترة المقبلة، مع العلم أنه أصبح مسئولية المجتمع كله، أيضا لابد أن نهتم ونلتفت إلى تغيير الخطاب الثقافى، لابد من وجود العقلية التى تصنع الفكر، وهى أيضًا التى تصنع أفكارًا دينية متقدمة، الجامعة لديها رؤية لتغيير فكرة الحفظ والتلقين فى المناهج إلى الاعتماد إلى الفهم، وهى رؤية جامعة القاهرة المقبلة للوصول إلى جامعة ذكية ومتابعة عمليات التطوير فى العالم. أيضًا من أهم الملفات فى الفترة المقبلة تشكيل لجنة لإدارة أملاك الجامعة برئاسة أحد رؤساء الجامعة السابقين، والاهتمام بها كونها أحد الموارد القوية للجامعة، التقديرات المبدئية للبنوك أكدت أن الجامعة عليها من الالتزامات 8 مليارات ونصف مليار جنيه، وهى التزامات مستقبلية وفقًا للخطة الاستراتيجية السابقة للجامعة، وتتعلق بإنشاء الفرع الدولى للجامعة بمدينة الشيخ زايد، وهناك برامج مهنية مقدمة للمجلس الأعلى للجامعات وفقًا لخطة تطوير التعليم المفتوح. * وما المشكلات التى توليها اهتمامك خلال الفترة المقبلة ؟ - مصر تعانى من مركزية شديدة، وهذه الفكرة قاتلة، ولابد من استقلال الجامعة من كل النواحى، هناك نقص بأعداد أعضاء هيئة التدريس بالكليات داخل الجامعة مقارنة بأعداد الطلاب، وسيتم العمل على حل هذه الإشكالية، أيضًا الجهاز الإدارى بالجامعة سيكون أول اهتمامات التطوير خلال الفترة المقبلة، وسأكون حريصًا على القضاء على أى معوقات به، من خلال الاعتماد على نظام حوكمة دقيق ماليًا وإداريًا، وهناك إنجازات تم إنجازها أثناء وجودى فى منصب نائب رئيس الجامعة، مثل إنجاز 883 عملية صيانة، كما أن عدد الأبحاث المنشورة فى الجامعة كبير، لكنه ليس كافيًا، لذلك دائمًا أطالب بربط البحث بالتنمية الاقتصادية، بل إن الجامعة خلال الفترة المقبلة ستعمل على إنشاء مركز حضانات الباحثين، للعمل على تطوير عملية البحث العلمى، وربط العملية البحثية بالتنمية وتوفير الموارد المالية للجامعة، كما ستتجه الجامعة إلى زيادة كليات الاعتماد والحصول على الجودة من خلال المؤسسات المعتمدة الدولية، وتطوير القطاعات النوعية، وتفعيل كلية الدراسات العليا للتربية لنقل الخبرات فى صنع المناهج، وتطوير نظم الامتحانات من خلال طرق متعددة، مثل نظام «بابل شيت»، وهو جزء من الامتحانات الموضوعية، وأن هناك بعض الكليات يوجد به العديد من التخصصات والتوجهات، وسيتم العمل على تطوير تلك التخصصات لمواكبة سوق العمل، وكذلك العمل على البرامج المتضخمة التى تهدر طاقة الأساتذة والعمل على تطويرها أيضًا.