رئيس مستثمرى العاشر من رمضان: تطبيق الاتفاقية يكتب شهادة وفاة للصناعة المصرية رجال الأعمال يفاجئون بغزو «سلع أنقرة» للسوق.. و5 مليارات جنيه خسائر سنوية متوقعة «أتقدم بالشكر إلى تركيا على تقديم تسهيلات ائتمانية لمصر بقيمة مليار دولار بشروط ميسرة، واتفقنا على العمل سويًا من أجل جذب المزيد من الاستثمارات التركية لتصل إلى 5 مليارات دولار، ويسرنى أن أعلن أننى شهدت مع أخى رئيس الوزراء التركى توقيع 27 اتفاقية ثنائية فى كل المجالات»، تلك الكلمات قالها الرئيس المعزول محمد مرسى، خلال استقباله رجب أردوغان رئيس الوزراء التركى، بالقاهرة فى 18 نوفمبر 2012، إلا أن معظم تلك الاتفاقيات اتسمت ب«السرية». من بين الاتفاقيات غير المعلنة، اتفاقية للتجارة الحرة وقع عليها «مرسى»، لتدخل جميع الواردات القادمة من تركيا، دون أى جمارك إلى مصر فى عام 2017، وهذا ما فعلته حكومة شريف إسماعيل، حيث أكدت مصادر حكومية رفيعة المستوى، أنه تم البدء فى تطبيق الاتفاقية منذ شهرين، لذلك أغرقت المنتجات التركية الأسواق المصرية، خاصة المنسوجات والملابس والمنتجات الغذائية والسلع الهندسية، بأسعار أقل من تكلفة المنتج المصرى بشكل مريب، رغم حالة الركود الشديدة التى يعانى منها الصناع المصريون فى تسويق منتجاتهم. وأوضح المصدر أن الاتفاقية تنص على إعفاء الصادرات التركية الواردة إلى مصر من كل الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل فور دخول الاتفاق حيز النفاذ، وتهدف إلى زيادة فرص نفاذ الصادرات التركية من السلع والمنتجات الصناعية إلى السوق المصرى، بنية ظاهرها تفعيل التبادل التجارى بين البلدين، وباطنها القضاء على الصناعة المصرية وضرب المنتج المحلى لتظل مصر حبيسة فى خانة الاستيراد، مشيرًا إلى أن خسائر مصر بسبب تطبيق الاتفاقية قد تتجاوز 5 مليارات جنيه، تتمثل فى خسائر المصانع المصرية وقتل منتجاتها داخل السوق. فيما رفض سعيد عبد الله، رئيس قطاع الاتفاقيات الخارجية بوزارة التجارة والصناعة، الادلاء بأى تصريحات تخص تلك الاتفاقية أو البدء فى تطبيقها. الاتفاقية الكارثية باتت تهدد رجال الأعمال المصريين، بسبب دخول المنتجات التركية إلى السوق المصرى دون جمارك، دون سابق إنذار، حيث اعتبر المستثمرون ما حدث ب«الصدمة» غير المتوقعة، خاصة أن الاتفاقية تؤدى لانهيار الصناعة المصرية فى أغلب القطاعات. سمير عارف رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، طالب الحكومة المصرية بحماية الصناعة المحلية من الغزو غير المبرر للواردات التركية، التى أصبحت بحكم اتفاقية «مرسى» معفاة نهائيًا من الجمارك، مشددًا على أن استمرار تنفيذ هذه الاتفاقية سيكون بمثابة كتابة شهادة وفاة للمنتجات المصرية وغلق لمصانعها. وأوضح «عارف» أن الحكومة يجب أن تنتبه لخطورة تلك الاتفاقية، لأنها تعد بداية لتنفيذ المخطط الإخوانى لغزو السوق المصرى بالمنتجات التركية على حساب المنتج المحلى، لافتًا إلى أن تركيا استحدثت قانونًا جديدًا يضمن المستثمر عند شرائه لمستلزمات الإنتاج من معدات وماكينات للمصانع، بهدف تشجع الصناعة التركية، بما يتيح لرجال الأعمال الأتراك غزو السوق المحلى بمنتجات ذات أسعار مخفضة، لا تصل إلى سعر تكلفة المنتج المصرى، مما يضرب الأخير فى مقتل. وتابع: «مثل هذه الاتفاقيات لم يحصل المستثمرون فى مصر على أخبار مسبقة قبلها، والحكومة المصرية تطبق نصوص اتفاقيات قد لا يفهم البعض أثارها السلبية والمدمرة على الاقتصاد المصرى، وحاليًا توجد حملة إعلانية شرسة للمنتجات التركية فى السوق المصرى، قد تقضى على ما تبقى من أمل فى ثقة المصريين بمنتجات بلادهم». وتشمل الصادرات التركية لمصر سلعًا كثيرة، منها حديد التسليح والأسمنت، والكيماويات، والمنسوجات، والسيارات، والسلع الكهربائية، بينما تشمل الواردات التركية من مصر سلع مثل السماد، والرمال، والكيماويات، والملابس الجاهزة، والملح، والبولى إثلين. وحسب دراسة اقتصادية للمعهد المصرى للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن عام 2012 كان الأفضل فى التبادل التجارى بين البلدين، حيث بلغ 5.02 مليار دولار، ومن ثم شهد تراجعًا خلال الأعوام التالية ليصل إلى 4.3 مليار دولار فى عام 2015، بانخفاض وصل إلى 0.67 مليار دولار. فيما سجل الميزان التجارى عجزًا لمصر بنحو 38.7 مليار دولار، نهاية السنة المالية 2015/2016 طبقًا لبيانات البنك المركزى، حيث بلغت الصادرات المصرية حوالى 18.7 مليار دولار، مقابل 57.4 مليار دولار تقريبًا حجم الواردات خلال الفترة. فى حين أكد مجدى عبدالعزيز رئيس مصلحة الجمارك، أن مصر تفقد أكثر من 12 مليار جنيه سنويًا بسبب الإعفاءات الممنوحة لواردات الدول التى دخلت معها مصر اتفاقيات تجارية حرة، رغم أنه من المفترض أن تنعكس هذه الإعفاءات على تخفيض الأسعار للمستهلكين، ولكن هذا لم يحدث لأن المستورد يعتبر هذا التخفيض حقًا مكتسبًا له.