أستاذ سميات: توزيع المحصول على السوق المحلى بعد رفض تصديره يهدد الصحة العامة الاتحاد الأوروبى يمنع دخول مليون طن زيتون بسبب ال«كلوروبيرفوس» مسئول ب«الزراعة»: عدم الالتزام بفترة الأمان وتوصيات الاستخدام تسببت فى وجود متبقيات للمبيد كارثة جديدة تهدد زراعة الزيتون فى مصر، حيث كشف عدد كبير من منتجى الزيتون عن قيام مزارعين باستخدام مبيدات محظورة لرش المحصول، ما تسبب فى رفض بعض الدول لشحنات الزيتون، لاكتشاف وجود متبقيات للمبيدات بها، وتمثل مزارع الزيتون أهمية كبيرة اقتصاديًا، إذ تنتشر زراعته فى العديد من المناطق، يأتى على رأسها منطقة وادى النطرون بمحافظة البحيرة، وسيناء، ومطروح. وأكد خبراء ومزارعون، أن بعض أصحاب المزارع والفلاحين فى «وادى النطرون»، و«سيوة»، ومدينتى «العريش» و«الشيخ زويد» بشمال سيناء، وقعوا فى أزمة هذا العام بسبب عدم جودة محصول الزيتون، بسبب استخدام المبيدات دون الالتزام بالتوصيات الخاصة بها، علاوة على عدم الالتزام بفترة الأمان. ووفقًا لأحد مزارعى الزيتون فى وادى النطرون، وهو مهندس زراعى يدعى «محمود البحراوى»، فإن المزارعين استخدموا مبيدًا يمنع استخدامه قبل الحصاد بمدة تقل عن 21 يومًا، لافتًا إلى أن أى محصول لا يمكن أن يتحمل انتظار الجنى كل هذه المدة فور النضج، لذا لا يفضل استخدامه إلا قبل بدء جنى المحصول بنحو شهر على الأقل. وفى دراسة رسمية نشرتها جامعة بنى سويف، فإن المساحات المنزرعة فى مصر بالزيتون تصل لنحو 228 ألف فدان، وتمثل المساحة المثمرة منها حوالى 166 ألف فدان، بمتوسط إنتاجية 4.213 طن للفدان بإنتاجية بلغت نحو 699 ألف طن من الثمار خلال العامين الماضيين، خاصة أن 80 فى المائة من هذه الكمية تستخدم لإنتاج زيتون المائدة، و20 فى المائة يستخدم لإنتاج الزيت، وخلال 2015 وصل الإنتاج العالمى من زيت الزيتون لنحو 2.45 مليون طن، وتصل حصة مصر لنحو 0.86فى المائة من الإنتاج العالمى لزيت الزيتون. وأوضح محمد عبدالمجيد، رئيس لجنة مبيدات مكافحة آفات النباتات بوزارة الزراعة، أن عدم الالتزام بالتوصيات المدونة على عبوات المبيدات أثناء استخدام تلك المبيدات، تسبب فى وجود متبقيات مبيدات فى ثمار الحاصلات البستانية، تجعل تناولها مضرًا بالصحة العامة، كما تحرمها من ميزة التصدير إلى الخارج. وأكد «عبدالمجيد»، أن اللجنة تلقت شكاوى من مزارعى زيتون يؤكدون فيها خسارتهم ميزة تصدير محصولهم، بسبب وجود متبقيات لمادة ال «كلور وبيرفوس»، والمعروفة باسم مبيد «دورس بان»، وهو مبيد فسفورى عضوى، موضحًا أن المادة الفعالة فى المبيدات الفوسفورية يتم التعامل بها لمكافحة آفات النباتات، مثل: دودة أوراق الزيتون، أو دودة الثمار، وذبابة الزيتون، خاصة فى المزارع التى فاجأتها ذبابة الزيتون أثناء الحصاد. وقال إن معظم المزارعين يستخدمون المبيدات دون الالتزام بالتعليمات المدونة على العبوات، وأهمها: فترة الأمان ما قبل الحصاد المتعارف عليها علميًا باسم «PHI»، وهى الفترة التى تفصل ما بين المعاملة بالمبيد وحصاد المحصول، وتختلف هذه الفترة باختلاف المحصول، سواء الخضروات أو الفواكه. وشدد على ضرورة تواصل جميع مزارعى الحاصلات البستانية مع مديريات الزراعة فى جميع بالمحافظات، لطلب التوصيات الحديثة، والتى يصدر بها كتاب سنوى بالمبيدات المسجلة، خلال المواسم المختلفة ولكل محصول، كما توضح فترات الأمان، والفترات التى لا يجب استخدام مبيد بعينه، والبدائل الآمنة المتوافرة سوقيًا، والمسجلة رسميًا فى وزارة الزراعة. وأعرب «عبدالمجيد» عن استعداد اللجنة، لتنظيم دورات تدريبية لكبار المزارعين، وتجار المبيدات، الذين يتولون بدورهم تعميم التوصيات الآمنة باستخدام المبيدات، خلال مواسم الزراعة، والأطوار الثلاثة (النمو الخضرى، التزهير والعقد، تحجيم الثمار حتى الحصاد)، على مدار العام بالنسبة للمحاصيل الحولية. وأشار مزارعون فى وادى النطرون، إلى أن المعاملة خلال فترات حصاد الزيتون بالمبيدات الفسفورية التى تحتوى على مادة ال«كلور وبيرفوس»، حرمتهم هذا العام من تصدير نحو مليون طن زيتون من محصول 2016، وذلك بسبب وجود متبقيات لمادة ال «كلوروبيرفوس» فى نسيج الزيتون وزيوته. فيما قال الحاج محمد فرج، رئيس اتحاد الفلاحين والمنتجين الزراعيين، إن مصر تستورد نحو 97 فى المائة من استهلاكها للزيت، ما يؤكد ضرورة العمل على الاهتمام بزراعة الزيتون، خاصة فيما يتعلق بأزمة المبيدات والأسمدة، والعمل على تفعيل منظومة الحجر الزراعى، لافتًا إلى أن معظم مزارعى الزيتون يهدفون من زراعتهم للزيتون استخدامه فى التخليل وليس الزيت. وشدد المهندس محمود فوزى، رئيس الإدارة المركزية للبساتين، على ضرورة متابعة الإدارة المركزية لمكافحة الآفات لاستخدام المبيدات الآمنة فى الأوقات المناسبة، لحماية الإنتاج من متبقيات المبيدات التى تحرمه من التصدير، بالإضافة إلى تنشيط تأسيس جمعيات نوعية لمزارعى الزيتون. وأشار «فوزى» إلى ضرورة توسع وزارة الزراعة من خلال معهد بحوث البساتين، فى إقامة مشاتل آمنة لإنتاج أصناف موثقة من أشجار الزيتون، علاوة على التواصل مع المجلس العالمى للزيتون، والاتحاد الدولى للزيتون، لاعتماد مصر «دولة ذات إنتاج نظيف صالح للتصدير»، وإعادة النظر فى الخريطة السمادية لتحديد المقننات اللازمة والمطلوبة من الأسمدة الآزوتية، والمركبة، والاتجاه إلى التسميد العضوى. وأضاف عبد الله الحمامى، خبير زراعة الزيتون، أنه تم تطبيق طرق الزراعة النظيفة فى العديد من مزارع الزيتون فى «وادى النطرون» و«سيوة» و«سرابيوم»، لأنها أقل تكلفة من الزراعة الكيمياوية، مشيرًا إلى عدم وجود ثقافة الزراعة النظيفة لدى المزارعين وهو ما يوقع البعض فى أزمات التصدير للخارج، ووجود متبقيات للمبيدات والأسمدة فى المحصول. وكشف سميح عبد القادر منصور، أستاذ المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومى للبحوث، ورئيس اللجنة الوطنية للسميات بأكاديمية البحث العملى، أن هناك بعض المزارعين يستخدمون مبيد ال«كلوروبيرفوس» دون الالتزام بالجرعات المناسبة، أو فترة الأمان المدونة على العبوات المسجلة بوزارة الزراعة، ما يسبب وجود نسب من متبقيات المبيدات فى المحصول. وأشار «عبد القادر»، إلى أن كل دولة لها نسب من بقايا كل مبيد فى المنتجات الزراعية المختلفة، ومواصفات استيراد معينة، وأن التحاليل المعملية الخاصة بالشحنات المصدرة للخارج من الطبيعى أن تكشف زيادة نسبة هذه المبيدات عن الحد المسموح به، وبالتالى يتم منعها، لافتًا إلى أن الخاسر الوحيد فى هذه الحالة هو المصدر، وأيضًا الدولة التى تخسر «الدولار». وأوضح «عبد القادر»، أن المزارعين لا يلتزمون بفترات الأمان من آخر رشة للمبيد لوقت جنى المحصول، مشيرًا إلى أن خطورة ذلك تتمثل فى توزيع الزيتون المرفوض استقباله من دول الاتحاد الأوروبى، فى السوق المحلى المصرى، ما يمثل خطرًا على الصحة العامة، وفقًا لدرجتى التعرض والتركيز للمبيد، علاوة على أن تركيز وتكرارية التعرض لهذا المبيد من قبل المواطنين، من الممكن أن يتسبب فى السمية المزمنة والحادة. وقال الحاج محمد ضامن أمين اتحاد الفلاحين فى شمال سيناء، إن مزارعى الزيتون يلتزمون بالتوصيات وأكثر لإنتاج محصول خالٍ من أى متبقيات وصالح للتصدير، مؤكدًا أنه من مصلحة المزارع تصدير محصوله للخارج لوجود فارق بين السعر المحلى والعالمى، وأن هناك مجموعات من المزارعين تقوم بالتصدير لكن بكميات قليلة. وأكد ل«الصباح»، أن المزارعين يستخدمون مادة تدعى «ديلو مول» وهى مادة مغذية لمحصول الزيتون لكنها لا تؤثر على جودة المنتج أو إمكانية تصديره للخارج، موضحًا أنه تم زراعة نحو 100 ألف شتلة زيتون هذا العام عن طريق اتحاد الفلاحين بالتعاون مع جامعة الدول العربية.