ورغم كل هذه الأوضاع القاسية إلا أنه في اعتقادي أن أخطر التحديات التي تواجه مصر وشعبها حالياً غياب الأحلام .. أو بمعنى أصح إجهاض الحلم إن جاز لنا هذا التعبير .. حيث نتفنن بدرجة امتياز في وأد الفكرة في مهدها وهذه بالمناسبة أكثر التحديات خطورة أمام المجتمعات التي تنشد البناء والتنمية . وحتى لا يكون الكلام على عواهنه وفي المطلق سأتطرق لنموذج لهذه الحالة .. فمنذ أيام لاحظت حملة غير مبررة تنتقد ظهور الوزيرة النشطة د. سحر نصر ، وزيرة التعاون الدولي ، التي لا يختلف أثنان على اخلاصها المشهود له وتحركاتها النشطة لعرض برنامجها وخططها وأجندتها الحكومية .. لتقديم الصورة المضيئة لمصر التي تليق بها على كافة المحافل الدولية لجذب ثقة العالم في برامجنا الاقتصادية مما يؤدي في النهاية إلى إصلاح ما أفسدته العهود البائدة .
ونسى هؤلاء المنتقدون والمشككون ، أو بالأحرى تناسوا ، أن هذه الجهود أثمرت عن عودة مصر إلى درجة كبيرة للمكانة الجديرة بها بين باقي الدول وهو الهدف الذي تسعى الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي لتحقيقه من خلال ظهورها المتكرر في وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي عرضها للهجوم أكثر من مرة ، وربما يكون الأمر منصفًا أو إيجابيًا إذا كشف المهاجمون عن السلبيات التي سببتها الوزيرة بسبب هذا الظهور المتكرر، خاصة وأن كنا نؤمن أنه لا أحد فوق النقد أو الحساب أو العقاب إذا تطلب الأمر، وهو ما ننشده أو نسعى لتحقيقه حتى نستطيع أن نقول إن "مصر" تسير في الطريق الصحيح وتنفض عنها غبارًا لازمها سنوات طويلة.
كما تغافل أعداء النجاح عن عمد ، أو ربما عن جهل ، عن أن أهم ركائز النجاح أن تعمل وتعلن عن عملك حتى يعمل الآخرون مثلك .. لكن العيب كل العيب أن تدعي أنك عملت في حين أنك لم تعمل .. كما فاتتهم أبجديات فنون الإدارة التي تقول "تكلم حتى أراك" .
وعلى العكس نحن نطالب بضرورة تحدث المسئولين بشفافية أمام الشعب، والكشف عن الأهداف التي دفعت الحكومة أو الرئيس إلى اتخاذ قرار بعينه، وتأثير ذلك على مستقبل المصريين على المدى البعيد والقريب معًا، ونهاجم المسئولين أيضًا إذا لم يفعلوا ذلك في أي قضية تتعلق بمصير "الدولة"، وهو أمر طبيعي وعدم الضغط لتحقيقه تخاذل مقيت، ولكن كيف نهاجم من يحقق ما نطلبه، ويستجيب لرغبات المصريين في كشف الحقائق؟!
فالمنصب الذي تشغله الوزيرة يتعلق بمعاهدات واتفاقيات دولية ، وهو أمر مثير للجدل دائمًا، ويتسبب في لغط مستمر ، ولابد من توفير الشفافيه لإنهاء هذا الجدل واللغط ، وغلق الباب أمام المزايدين على موقف الدولة ومسئولية، و قرض صندوق النقد الدولي أكبر دليل على ذلك، وجميعنا يعلم كم الجدل الكبير الذي سببه القرض، ومسألة القروض تحديدًا تحتاج إلى شفافية مطلقة، وهو أبسط حق من حقوق المصريين .
كما أن اختصاصات الوزارة تتعلق بإعداد اتفاقيات ومبادلة وجدولة الديون مع الحكومات الأجنبية، إضافة إلى إدارة علاقات الدولة مع المنظمات وهيئات ومؤسسات التعاون الاقتصادي والتمويل الدولي والإقليمي وضمان الاستثمار والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة في مجال التعاون الاقتصادي، والتي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى إعداد اتفاقيات التعويضات مع حكومات الدول الأجنبية واستيفاء إجراءات التصديق عليها، ومتابعة تنفيذها والبت في كافة المشاكل المتعلقة بها، كل هذه الملفات الحساسة لايجب أن تدار في الخفاء، ولكن على مرأى ومسمع من الجميع ..ان كنا نعتبر الشعب شريك في اتخاذ القرارات.