نحتاج لفك الالتباس بين ما تقره رسالة دكتوراه أشرف عليها بنفسه وبين رأيه المعلن ما قدمناه كان نقلًا حرفيًا من الرسالة التى أشرفت عليها دون تغيير كلمة عندما تناولت «الصباح» موضوع جزيرة تيران، التزمت الحياد تمامًا ولم تنزلق إلى تشنجات القائلين بمصرية الجزيرة أو سعوديتها، ولجأت للبحث عن الحقيقة -بدافع وطنى بحت- بين أوراق الباحثين، بعد أن تضاربت الأدلة، وعُميّت النتائج. ولم نعرض الحقائق التى توصلنا إليها بغرض الإثارة أو غيرها، وراعينا، من خلال سياقنا للأحداث، أن يكون التناول بمنتهى الأمانة والموضوعية دون حذف أو تهويل، نقلنا ما تقوله سطور رسائل دكتوراه حول القضية بمنتهى الشفافية، لم نقصد توجيه أى إساءة لأحد أو التقليل من شأن أحد، وربما يكون لدى دكتور مفيد شهاب، خبير القانون الدولى وعضو اللجنة المصرية التى تولت تسوية قضية الجزيرتين مع الجانب السعودى، من الأدلة والبراهين على أن الجزر سعودية، فالرجل قامة قانونية كبيرة ويعلم ما لا نعلمه، لكن إيمانًا منا بسعة أُفقه، نحتاج لفك التباس ما تقره رسالة دكتوراه، أشرف عليها بنفسه، تخالف رأيه المعلن وتقول بأن تيران مصرية. قدّمنا ما حوته رسائل دكتوراه من معلومات عن تيران وصنافير، لنلتمس طريق الصواب، وخاصة أن الخطابات التى يستشهد بها البعض بأحقية السعودية فى الجزيرتين يقابلها مخاطبات بين مستشار الرأى بوزارة الخارجية وبين المخابرات العامة، والبحرية، ووزارة الدفاع، تؤكد حق مصر فى جزيرة تيران، ولذلك قدمنا كل تلك الحقائق لاستجلاء الحقيقة، وفقط. لكن الدكتور مفيد شهاب أدلى بتصريحات فى بعض المواقع الإخبارية يرد على ما نشر فى «الصباح» ونحن نؤكد أننا فقط نشرنا معلومات موثقة تستند إلى رسائل علمية. والثابت أن المعلومات التى تكررت، عبر أقلام الباحثين، تقول إن جزيرتى تيران وصنافير ليستا مصريتين أو سعوديتين، ولم يُبد أحد من كلا الجانبين اهتمامًا بهاتين الجزيرتين لفترة طويلة، الى أن التفتت لهما مصر بعد استيلاء إسرائيل على «أم الرشراش»، وطلبت من وزارة الخارجية آنذاك تتبع وضع الجزيرتين. فى ضوء هذه المعلومات تتبعنا الخيوط، وسعينا للحصول على مكاتبات الدكتور وحيد رأفت مستشار الرأى بوزارة الخارجية آنذاك، لكن شاءت الأقدار أن تكون هناك صعوبة فى الوصول إليها، فنهجنا نهجًا آخر فى البحث وهو الاستناد إلى رسائل الماجستير والدكتوراه التى ناقشت نفس الموضوع، وبعد الاطلاع على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه الموجودة فى مركز دراسات القانون الدولى الذى يرأسه د. مفيد شهاب، وعناء ساعات أمضيتها ما بين دار الكتب والوثائق برملة بولاق وبين مركز الدراسات القانونية، لم يبخل القدر علىّ، فوجدت ضالتى فى رسالتى دكتوراه، إحداهما تتطرق بمنتهى الوضوح، إلى وضع الجزيرة وكونها مصرية من خلال استنتاجات الباحث التى ضمنها بحثه، ورسالة أخرى، جاء بين سطورها نفس المعنى، أن الدكتور شهاب أشرف عليها بنفسه، لتضعنا أمام حيرة من أمرنا، فالرجل أقر أمام المصريين بسعودية الجزر، فكيف لدراسة بحثية أشرف على كل كلمة تحويها تلك الرسالة تقول بمصرية تيران؟!..هنا كان لابد أن نفتش عن الحقيقة. وردًا على ما صرح به الدكتور مفيد شهاب، بشأن التقرير الذى نشرته «الصباح» عن وضع جزيرتى تيران وصنافير من كونهما مصريتين، نكرر نشر سطور من الدراسة التى قام بها الطالب فكرى أحمد سنجر سنة 1978، والتى منحه عليها دكتور شهاب درجة الدكتوراه، عن أوضاع المضايق والخلجان، حيث أكد الطالب، فى رسالته، من خلال تناوله لوضع المضايق والخلجان وتطرقه لمضيق تيران واستخلاصه من خلال البحث والدراسة، أن الجزيرة مصرية وتخضع لسيطرة مصر وتقع فى الإقليم المصرى وهذا ما أنكره دكتور مفيد قائلاً: «ما تناوله الطالب خلال دراسته هو المضايق، وما أكده على كونه مصريًا هو مضيق تيران ولم يذكر الجزيرة»، وهنا ننقل أن الطالب، الذى أشرف على رسالته، أكد أن الجزيرة مصرية بل قال نصًا: «من خلال ما توصلنا إليه من دراسة أن جزيرة تيران مصرية وتقع فى الإقليم المصرى». ففى الصفحة رقم ( 716) من الرسالة ذكر الباحث حرفيًا: «وطالما توصلنا الى أن مياه خليج العقبة مياه تاريخية عربية داخلية فتكون مياه المضيق تبعًا لها مياهًا تاريخية داخلية لا يسرى عليها حق المرور البرىء.. وقد توصلنا فى بحثنا هذا إلى أن جزيرة تيران جزيرة مصرية، وأن الممر الوحيد الصالح للملاحة هو ممر الانتربرايس بين جزيرة تيران وساحل سيناء المصرى، وهو أقل من 3 أميال بحرية، أى أن مياه المضيق تقع ضمن المياه التاريخية الداخلية للإقليم المصرى، هذا من ناحية. ثانيا: أن النظام القانونى للمياه التاريخية يطبق سواء على الخلجان أو المضايق أو الممرات أو أى اشكال أخرى فى الطبيعة يتوافر فيها أى أشكال أخرى فى الطبيعة يتوافر فيها شروط نظرية المياه التاريخية...إلى آخر الصفحة». هذا ما ذكره الباحث فى دراسته بالحرف الواحد، نقدمه إليك يا دكتور مفيد لتتأكد أن ما قدمناه كان نقلًا حرفيًا من الرسالة، التى أشرفت عليها، دون تغيير لكلمة، بغرض تقديم الحقيقة ولا شىء غيرها. مانشرته «الصباح» أثار ردود فعل واسعة وسط القوى السياسية وقرر المحامى والسياسى البارز خالد على الذى أقام دعوى قضائية ضد الحكومة بسبب اتفاقية ترسيم الحدود، الاستعانة بما كشفته «الصباح» فى الموضوع لإثبات أن الجزيرتين مصريتان، بينما حاز الموضوع على اهتمام عدد كبير من الكتاب والصحفيين وعلى رأسهم الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل وعدد كبير من رموز السياسة والاعلام.